أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نارت اسماعيل - فن صناعة الغباء














المزيد.....

فن صناعة الغباء


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تأتي فتاة بمقتبل العمر إلى الطبيب، يجد صعوبة بالغة في فهم شكواها المبهمة، أسئلته تصطدم بالحائط، لا جواب وربما نصف جواب
والدها أو أخوها مشغول بمكالمة بهاتفه النقّال، أو إنه ببساطة غير مكترث ويحلّق في عالمه الخاص منتظرآ إنتهاء المعاينة، أحيانآ يقوم بدور الوسيط والمترجم من العربية إلى العربية بين المريضة والطبيب، فإذا سأل الطبيب مريضته سؤالآ فإنها تتأتئ وتبأبئ بكلمات غير مفهومة فيترجم الرجل للطبيب، فهو يعرف لغتها
يحاول الطبيب أن يفحصها، يعرض على الجدار علامات لقياس درجة إبصارها، لكن الفتاة تتلفت يمينآ وشمالآ وتفرك أصابع يديها ولا تستطيع تمييز العلامات المتجهة إلى اليمين من تلك المتجهة لليسار، يعرض عليها الأرقام أو الأحرف الأجنبية بدون نتيجة
يحاول الطبيب أن يفحصها على الأجهزة ولكنها متوترة مضطربة لا تثبت رأسها ولا نظرها
البلاهة ليست متأصّلة في هذه الفتاة، وليست مقرّرة ومشفّرة في جيناتها الوراثية، ولكنها صفات مكتسبة بالتدريب والتلقين والممارسة اليومية، لو عاشت هذه الفتاة في مكان مختلف وبظروف مختلفة لكان لها شأن آخر
أخرجوها من المدرسة لأنها برأيهم لاتحتاج إلاّ إلى النذر البسيط من العلم، وبنظرهم فإن دورها سيكون مقتصرآ على الزواج والإنجاب والطبخ والغسيل....
الخروج من المنزل بمرافق، التلفزيون مراقب، الهاتف مراقب
إخفضي صوتك، لا ترفعي رأسك، لا تخرجي من البيت
اقفلي النافذة يا غبيّة
إسمعي كلام أخيك، حضّري له العشاء
تلقين يومي من أمها وأبيها وعماتها وخالاتها وجاراتها ومن عمرو خالد ورفاقه في الفضائيات
النتيجة فتاة بلهاء تنتظر عريسآ يرسل صورته مع الخطّابات، باحثآ عن فتاة جميلة بيضاء بلهاء، كلما زادت بلاهتها، زاد مهرها، فالبلاهة كنز لا يفنى
رأسها مطأطئ ونظرها مثبت على نقطة واحدة في الأرض، لا ترد على الأسئلة الموجهة لها، هذه هي صفات الفتاة الخجولة الخلوقة حسنة التربية برأيهم
هذا ما تبحث عنه الخطّابات، فتاة سهلة الانقياد، مطيعة، خانعة، يسهل على زوج المستقبل المعقّد بدوره أن يفرغ فيها كل عقده التي ورثها من بيته وبيئته
إنه أسلوب إنتاج الغباء، فالغباء والبلاهة صناعة وحرفة من أقدم الحرف، نشأت منذ اليوم الذي اكتشف فيه رجل الغاب أن عضلاته أقوى من عضلات نسائه، وتطورت هذه الحرفة عندما وجد نبيّ الرحمة أن سواعد رجاله أنفع له في غزواته من صون حقوق وكرامة نساء الأرض
حرفة تم تطويرها على مدى قرون من الزمن وأثبتت فعاليتها بترسيخ مفاهيم المجتمع الذكوري المتخلف الكسيح
هذه الفتاة لا تعرف أنها بلهاء، لذلك سوف تكرّر في بناتها نفس الأخطاء، وهكذا تصبح الضحية جلادآ
نفس الأسلوب يتّبعه الحكّام، ألا وهو صناعة شعب أبله تسهل السيطرة عليه، كل ما يطلبه لقمة عيش وبعض الكهرباء والماء وقليل من الفرفشة التلفزيونية التافهة
لا معارضة، لا أحزاب، لا انتخابات حرة ونزيهة
لا تعليم متطور منفتح يتماشى مع مستجدات العصر
إعلام موجّه، مواقع انترنت محجوبة ومراقبة
إنه فن صناعة الغباء، فالغباء والبلاهة تاج على رؤوس البلهاء، لا يعرف قيمته إلا الحكّام
إنه فن تم تطويره على مدى قرون من الزمن، وتوارثه الحكّام أبآ عن جد منذ معاوية ويزيد ووليد
خبرات تراكمت على مر السنين، كل حاكم استفاد من أخطاء سلفه، لم يتركوا ثغرة ولا ثقبآ، حتى وصلنا أخيرآ إلى مرحلة الحاكم المطلق الأبدي الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه والذي لا يرحل إلا بواسطة عزرائيل عليه السلام
فإتقان الحرفة وصل درجة الكمال، فعليكم وعلينا السلام



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقوال خالدة لعمرو خالد
- علموا أولادكم احترام المرأة
- البيئة- الإله- المرأة
- رأي شخصي في الختان عند الذكور
- سامحها يا أبو هشام
- عن أي إرهاب يتحدثون؟
- ما هو الحل مع هؤلاء الناس؟
- الحل قادم من الغرب
- إن شاء الله
- تساؤلات فتاة محجبة رغمآ عنها
- مذكرات قلب – الجزء الثاني
- مذكرات قلب
- إنشاء طائفة جديدة
- قصة قبرين
- الخنساء والشهداء الأربعة حقيقة أم خيال؟
- يوم الحساب ودفتر بوزقندة
- يوميات أبو أحمد في الجنة
- أعلنكما زوجآ وزوجة، بامكانك أن تنكحها الآن


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نارت اسماعيل - فن صناعة الغباء