علموا أولادكم احترام المرأة

نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2939 - 2010 / 3 / 9 - 20:39
المحور: ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل
    

في مجتمع الغاب تكون الغلبة للعضلات والأنياب والمخالب، القوي يفترس الضعيف
الرجل أقوى من المرأة بعضلاته، لذلك كلما كان المجتمع متخلفآ أكثر، كلما ازداد استعمال العضلات، وكلما كان أقرب لمجتمع الغاب، ، في هذا النوع من المجتمعات تسود اللكمات والقوانين الذكورية، وتصبح المرأة مهمشة ومضطهدة
وبالعكس كلما ارتفع المجتمع في سلم الحضارة، قل استعمال العضلات، وقلت الكدمات حول العيون، وأصبحت المرأة بوضع أفضل وأخذت دورآ أكبر ونالت حقوقآ أكثر
من السهل على الرجل أن يضطهد المرأة، فعضلاته جاهزة، ولكن الصعوبة هي بتهذيب نفسه وتدريبها على احترام المرأة وتقديرها
هل كان الرجل ليستطيع أن يضطهد المرأة لو كانت عضلاتها أكبر من عضلاته؟
أعرف زوجآ وزوجة، المرأة ضخمة وقوية والرجل ضئيل الحجم ولكنه اعتاد على ضربها وإهانتها كل يوم، وهي تحتمل وتصبر إلا أن فاض الكيل في يوم من الأيام، فأمسكت به وانهالت عليه ضربآ يعادل كل الضرب الذي نالته منه في السابق، ومن يومها أصبح مثل الحمل الوديع لا يجرؤ على رفع رأسه أمامها
هل كان الضبع يستطيع أن يفترس الظبية لو كانت أقوى منه؟
ولكن من منكم يريد مجتمعآ كله ضباع وثيران وأفيال؟
ألا تحبون أن تشاهدوا غزلانآ تقفز هنا وهناك؟ بعيونها الساحرة ورشاقتها وخفة ظلها؟
هل كان الخالق مخطئآ بالأصل عندما جعل عضلات الرجل أقوى من عضلات المرأة؟
لا، فسحر المرأة أنها ليست رجلآ، وجمال الغزال أنه ليس فيلآ، كلما ابتعدت المرأة عن صفات الرجال، كلما ازاد سحرها
هل كان نزار قباني لينشد : (زيديني عشقآ زيديني يا أحلى نوبات جنوني ) لو كانت المرأة مثل الرجل؟ هل كان دافنشي ليرسم الموناليزا لإمرأة تشبه أبا صياح؟
كم أكره المرأة المسترجلة بشعر قصير وتدخن الشيشة، وتسعل مثل الرجال، وتنظف أسنانها بعود في المطعم وتصرخ على النادل: جيب نارة لهون يا ولد
ربما بعضكم يفضّلها ضخمة قوية، أما أنا فأحبها رقيقة رشيقة، كلما اكتسبت زوجتي بعض الملليغرامات الإضافية في وزنها أناديها: ياسمينتي، فتقول ( شو قصدك ولا؟ )، فالكلمة تحمل معنيين، يا بدينتي، و وردتي
المرأة خلقت أضعف من الرجل لكي نمتحن بها، كلما كنا متحضّرين أكثر، كلما كنّا أرقّ وأرقى بطريقة تعاملنا معها، فهي الترمومتر الذي يقاس به تطوّر وتحضّر المجتمع، وليس عدد جسوره وشوارعه وعماراته، علينا أن ندخل إلى بيت أحدهم ونرى كيف يعامل زوجته وبناته أو أخواته حتى نحكم على رقيّ هذا المجتمع
لكي يحصل الرجل على رحيق المرأة عليه أن يهتم بها ويساعدها على إكمال تعليمها، ويساعدها بالحصول على وظيفة لتكتسب الخبرة وتحتك بالناس وتطوّر مهاراتها الاجتماعية وتصبح واثقة من نفسها، عندها تصبح زوجة وصديقة معآ
مثلها مثل الوردة يجب أن نرعاها ونغذّيها ونعرّضها للشمس والهواء لكي تصبح يانعة متألقة، وإلا فإنها سوف تذوي وتتموت
أعرف شابآ تزوج من فتاة رائعة الجمال وكانت متخرجة من الجامعة وموظفة، كانت سعيدة ومنطلقة في حياتها، بعد سنوات قليلة إنقلب الرجل على نفسه وصار متديّنآ، جعلها تترك العمل وبعدها ألبسها الحجاب، مع الوقت بدأت تهمل نفسها وتكتسب الوزن، دخل الضجر والشجار إلى حياتهما وصار يغيب عن المنزل مع أصحابه، بعد مدة إنقلب الرجل مرة ثانية وعاد إلى وضعه السابق ولكن زوجته لم تعد تعجبه، فتزوج من واحدة أخرى صغيرة
الزوجة الأولى طلبت الطلاق وبصعوبة حصلت عليه ومن يومها وهي تحاول لملمة شظايا نفسها الممزّقة
علينا نحن كآباء أن نسهّل الأمر على أولادنا بتعليمهم منذ صغرهم كيف يحترموا أمهم وأخواتهم وبقية النساء في محيطهم، الحضارة تحتاج إلى تدريب فهي لاتأتي لوحدها
الحضارة تتطلب من الإنسان عندما يكون في نزهة أن يجمع الفضلات ويضعها في كيس ثم يحمله معه ويضعه في سلة المهملات، بينما كان من الأسهل عليه أن يرمي العظام هنا وهناك
الحضارة تتطلّب من الرجل أن يحترم زوجته ويتفهم مشاعرها ومتطلباتها، بينما الأسهل له أن يستعمل عضلاته ولكماته ليخرسها
إنها مثل السباحة فهي تحتاج إلى تعلّم وتدريب، ولكن بعد أن يتعلمها الإنسان، يصبح يستمتع بالسباحة بمهارة الدولفين، يستمتع بتقديم زوجته أمامه عندما يدخلان إلى البيت أو إلى مكان عام، يستمتع بفتح باب السيارة لها، يستمتع بإظهار الاحترام لها أمام الناس
الحضارة تأتي بالتدريب، لذلك لنعلمها لأولادنا وأهم شيء أن نعلمهم احترام المرأة

#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل