أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - ذلك التيس الصغير ...














المزيد.....

ذلك التيس الصغير ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 15:16
المحور: الادب والفن
    


انتفاخته الأمامية ( كرشه ) هو الحجم الأكبر من جسده المتراخي في ممرات حديقة غناء ! أما شعره الأبيض فهو مهووس كدخيلته...وجهه مخرب بآثار الجدري ..ومع ذلك تلوح على فمه بروق ابتسامة لفرح كامد ! فرح صفقة رابحة.
كنت على مصطبة خضراء ، " ولا أزال عليها وعلى ذات السحابة ! " أضع حقيبتي الصغيرة وقد أخرجت منها كتابا أتصفحه قبل إطلالته البهية ! الأشجار هنا مؤتلقة بأشعة الشمس والأزهار تعج بألوان الحياة المختلفة . والظلال الوارفة والطيور على اختلافها مثل مهرجان . كان يوما مشمسا ، واينما تكون الشمس يكون يوم الفرح . عدا ذلك اليوم المنتكس بنصف رجل بالوني !
أغلب الناس تسير بتراخ واضح ومن ضمنهم هذا التيس الذي تعرفت عليه للتو ـ المكان مدغشقر ـ .
كان اسمه معروفا بل شهيرا الى حدود كبيرة ... وان الجريدة إياها أو المنظمة ( تلك ) قد أسهمت بتاريخها العمالي والنقابي بدعم اسهامات هذا التيس ( الكويتب والأوديب ) لكن العجيب والغريب في وضعه المرتبك أنه مرحب به على مستوى الاعلام والنشر وبذات الوقت فهو من أكثر عناصر النقد بذاءة ! فهو شتام الرؤساء في المنظمة ، سليط اللسان ، محارب مشاكس ، روبن هود سياسي .
بعد عناق صداقي واضح ، وترحيبات جمة ، انتقلنا الى مقهى مفتوحة على رحاب الجنينة هذه ، فجلسنا عند طاولة انيقة وطلبنا قهوتين ...رحت اصغي له ، ويبدو أنه بدء يكتب قصيدة النثر لتوه . كانت قصائده ومداخلاته مثيرة للإعجاب هه هه هه . كان جميلا كأديب هههه هههه وكشاعر بشكل أقل بل اقل بكثير ...كرشه كان غريبا على الشِعر لكنه لكنه متناسق في المداخلات المعوية ، ولذا فهو ناجح في تكرشه الأدبي.... وفي شاعريته المتكرشه فاشل تماما... وذلك لأنه لهّام صحون وشريب وسهير وعهّير ! وقلما يتسم الشعر باللذائذية وصحون التشريب والباجه التي يتغزل بها هذا الفيل الصغير ، مع الدولمة والكبة والبرتبلاو ! .
في منعرجات الحديقة ، وهذه الطقوس الشموسية الدافئة ، كانت الوجوه الانثوية خاصة ، تمر في الشارع المحاذي للمقهى، وتكسب الأرجاء روحا عبقريا وأنينا جواهريا . تناول ( التيس ) بالأحاديث السامة من كان سببا في شهرته فأسقطه أرضاً ، ومن كان معجبا به فمسح به الأرض ، ومن نشر له في العدد الأخير من الجريدة النقابية فهمزه ولغزه بل عضّه ولدغه . !
استحال فمه الخالي من الاسنان الى فوهة مدفع أو منجنيق أيام زمان ...أسوار وحرائق وسلالم لمقاتلين يرومون الطلوع الى القلاع ومعهم الفؤوس تحميهم قذائف النار والصراخ والأناشيد الحماسية . انها حرب طروادة .. كان قذائفيا في تحليقاته صاروخيا في تهجماته سمتيا في صريخه وزعيقه ... يالهي أنقذني من هذا اليم !...ظل يتكلم بلا انقطاع ...وسهوت عنه كان يعوي .... كنت افكر بدفء المكان ، كان يتوعد كنت اتطلع الى حمامة. كان يسئ الى اللغة الشاعرية للقاء ، كنت أتذكر( الاغنية المدرسة) : " شوف الورود واتعلم ..ويه الحبايب تعرف تتكلم " .
قلت بعد طول امتعاض :
-لماذا لا تهجر هؤلاء الناس وتتخذ موقفا يساريا أعني أن تقف على يسار حزبك أو منظمتك ؟ أليس هذا أدعى الى الحقيقة ...الطلاق مع هذه الجهة ضرورة ملحة استنادا الى ملاحظاتك الحارقة ..قدم استقالتك حتى تلفت نظر الناس الى تصحيح الحركة اياها اذا كنت تحبها حقا .
-هذا صحيح ...لكني لا اريد ذلك ..اريد أن أستفيد من الحركة كمؤسسة ! كمؤسسة قادرة على تفعيل نشاطات ! ككيان ملموس مادي فاعل أعمل من خلاله .
- أنت وصولي ..
لم أقل هذه الكلمة ...ابتلعتها ..وبدأت في داخلي اهيئ للنهوض من المكان والانتقام بطريقة اخرى ..وأن يكون هذا هو اللقاء الأخير في حياته معي ! لكني سألته سؤآلا موجعا آخر ، وذلك بعد أن حدثته عن سفر مئآت الإلوف من العراقيين الى العراق لمشاهدة أهليهم على الأقل :
-هل سافرت الى العراق ؟
- لا
الأسباب الداعية الى عدم سفر صديقي الفذ هي رغبته بانتظار تحسن الأوضاع الأمنية وأيضا يجب أن يكون ذلك مقرونا (بالنسبة له ) بدعوة صادرة من وزارة الثقافة وحشد من الجماهير مع باقات ورود في المطار وربما سيارات مارسيدس تقله الى فندق خمس نجوم وبرنامج حافل بالأماسي مع عطايا وهبات ! والمهم مصروف الجيب !.
عند انتهاء اللقاء ، كان هو سعيدا به ..أكد على دعوتي الى رستورانت قريب ..لم أُلبِ له الدعوة . ولو لبيتها لما كنت أختلف عنه في أن أكون مع فلان وأنا أكرهه ..أو أن أكون في حزب ما وأنا الوصولي في عضويته ! أو أن أعيش مع أمرأة وأنا لا أُحبها .لقد قررت أن أكون أنا أُحب عندما أُحب ، وأكره عندما أكره ، وأنتمي عندما أنتمي ..
ذهب لوحده في ممرات الجنينة ..يتراخى وقد راحت مؤخرته مثل بستمات ماكينة سيارة تتشاقل وتتعامد بأورام وشحوم من مكورات ومدورات .
قضيت ذلك النهار وحيدا وأنا أتذكر الشاعر القائل " طاولة موحشة ولاصديق موحش " .
لا لذلك التيس . لا وألف لا لتيوس جديدة تتململ .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيّح الله حظ الحزب !
- لو تشكلت حكومة مسيحية في العراق !!!!
- إياك ان تنتخب العمائما ...
- عندما يأتي محمد ...
- ذكرى الشاعر العظيم بيرم التونسي ...
- متى ضاعت النبالة ، إبدأ من لوكراسيوس .
- الستيان حرام فتوى جديدة !!!
- طُز برقمك الانتخابي !!!
- رواية إمرَهْ كرتيس وترجمة ثائر صالح ...
- سايكولوجيا الإلهام ...
- قصيدة مهداة الى الاستاذ أياد جمال الدين
- ماالفرق بين الشندوخة والشعفورة ؟! ...
- بطاقة محبة الى صديق الفقراء ناجي عقراوي ...
- -حضارة الامم تقاس بمقدار تقديرها لجوته - ...
- الدانمارك الاولى في النزاهة فما رأي حكام الأمر بالمعروف ؟ !! ...
- نسبية ميلان كونديرا والتخريب الضروري لبناء الانسان ...
- باقة ورد على تمثال دوستويفسكي ...
- فضاء سافر وحجاب ساتر ...
- الامبرطور العاري وبذلته الجديدة ...
- إنجاب أطفالْ من دون إتصالْ !


المزيد.....




- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - ذلك التيس الصغير ...