أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - طفولة














المزيد.....

طفولة


طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 13:06
المحور: الادب والفن
    


عجن التّراب بالماء، وبنى بركةً. سحب علبة سردين فارغة، وملأها ماءً، كان يسيل في ساقيه، تخرج من حمّام الجار، وسكبه في البركة.
عاد ثانية ليملأ العلبة، ولكن دعسة حمار أفسدتْ عليه لعبته، حين عجنت البركة، وفجّرتْها...
طرطش الماء المصوبن في كل الاتجاهات. بصق على الحمار، وانتظر حتى يمرق صاحبه، ثم بصق عليه دون أن يراه...
رمى علبة السّردين، ومسح أنفه بكمّه...
صرخ الأولاد، فراقبهم، ولكن.. من بعيد…!!
كانوا يلهون بالدّحاحل...
بحث في جيوبه، فلم يجد دحلةً واحدةً، فتّش في طريق ترابيّ، وجمع "بَعْر" الماعز.
كراتٌ عضوية صغيرةٌ، تشبه الدّحاحل.. تقريباً..
ملأ كفّيه، بحث عن زاوية مسطحة. فرش دحاحلة العضوية،
وراح يحاول إصابتها بواحدة احتفظ بها في يده...
انفجرت واحدة في كفّه، لأنّها لم تجفّ بما فيه الكفاية...
لثمت أنفه رائحة روث كريهة. بصق. مسح كفّه بالتّراب .
شرد عن الأولاد الذين اقتربوا، وخرّبوا ملعبه، وداسوا دحاحله،
ومضوا هازئين ساخرين...
حافظ على دموعه في تجويف عينيه الفضّيّ...
لم يبصق لئلا يراه أحدهم..!!
جرجر أشلاءه، وسار يفتَّش عن سبيل. سمع دحرجة كرة...
التفت. الأولاد يتبعونها. قبل أن يشوطها أحدهم حرك قدمه
في الهواء، كأنّه هو الذي يفعلها...
لم يقترب منهم، خشية أن يضربوه، أو يسخروا منه...
غيّر طريقه...
انتصبت حجر أمامه. شاطها كالكرة، لكنها ارتطمت بجذع شجرة،
وارتدّت، وأصابته في ساقه. صرخ من الألم...
التفتت النساء المتجمّعات على "مصطبة" إسمنتية نحوه، ثم عدن
لأحاديثهن، وغمزاتهن على الرجّال المتلهّفين للمرور أمامهن...
جلس على الأرض، وفرك ساقه، وتذكّر أنّه إذا سار عليها تُشفى...
سار، لكنّ الألم أوقفه. قرصه الجوع!!
آخر الزقاق، بعيداً عن آخر بيت، بعد المزبلة، وبجوار شجرة سنديان ضخمة...
هناك غرفة عُمَّرت بسرعة، وسُقفت بصفائح التوتياء..
تلك هي غرفتهم..!!
بالصّدفة، عرّشت عليها شجرة ليف. كلّما هبّت الريح،تصرخ اللّيفات، وتضرب التوتياء، فيضرب والده والدته،
لأنّها تنسى أن تنزعها، حتى لو كانت الطرطقة بسبب ثمار السنديانة المتساقطة، أو تناكح القطط, فالقتلة هي.. هي..
اقترب من غرفتهم وهو يعرج، رأته والدته، ضربته على ظهره،
حتى لا "يتخنزر" ثانيةً. جلس مع إخوته مساءً حول طبق نحاسيّ، فُرش فيه صحن كبير ملئ بالسبانخ مع بعض الأرغفة...
تناول رغيفاً، وقبل أن يباشر معركة الطّعام، سعل فوق الطّبق...
أحجم أحد أخوته عن الطّعام، لأنّه قرف من الرّذاذ المتطاير من فمه...
ضربته والدته على ظهره، حتى يدير وجهه، ويسعل بعيداً عن الطّبق،
وضربت "القرفان" حتى يعود ويأكل كي لا ينام جائعاً...
خلص الطّعام واللّقمة التي بقيت في يده، أكلها جافةً، وهو يراقب الصّحن الكبير المليء بالسبانخ، والذي رَفعته والدته لوالده،
حين يعود آخر اللّيل...
غصّ. ناولته أمّه إبريق الماء. بخّ فيه عندما شرب...
ضربته على ظهره، وتمنّت لو أنّ الرّبّ يفجعها به...
"تدَشّى" مسح بطنه. فرشت والدته أرض الغرفة بالطّرّاحات، وكانت قديمة ورقيقة...
نام بين أخوته. غطّتهم والدته. نام الجميع، عداها...
فقد جلستْ، تتثاءب، وتنتظر زوجها..!!



#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)       Taleb_Ibrahim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية
- سوائل
- أمنيات
- بذرة البشرية
- مساء العدّ
- براعم أم خليل
- مشرّد
- مغزال
- معلومة
- ضفة المدينة
- توفير موعد عابر
- إيجار قناص
- شتيمة مراقبة مغامرة
- نسوة الموضوعي تعزية اعتراف
- مثمر اليدين خوف مداهمة شهيد مفاجأة نهايات
- اليوم الأول في سجن عدرا
- سوطٌ آخر من الذاكرة
- اعتقال بين هلالين
- اللاوطنية تهمة تمس الجميع
- الخطاب الأخوي والواقع التقسيمي


المزيد.....




- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - طفولة