أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - قانون -ولكن-!















المزيد.....

قانون -ولكن-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 14:38
المحور: الصحافة والاعلام
    


ثمَّة مرض يُدْعى "البلاهة القانونية"، ينتشر على وجه الخصوص في كل مجتمع حديث العهد بالحياة الديمقراطية وتقاليدها، كمجتمعنا، ويصيب حتى (أو في المقام الأوَّل) الصحافيين والإعلاميين وسائر أهل الفكر والقلم، فـ "التجربة الحقوقية" التاريخية والعالمية علَّمَتْنا أمراً في منتهى الأهمية، هو أنَّ مَنْ لا يعي حقوقه لا يمكنه أبداً الدفاع عنها، وأنَّ الجاهل بالقانون عدو نفسه، فـ "القانون" وإنْ كان "عادلاً" فإنَّه لا يرحم ضحايا الجهل به.

ومن أعراض مرض "البلاهة القانونية" أنَّ المصاب به يتوهَّم أنَّ القانون يعلو ولا يُعْلى عليه، وأنَّ المتحصِّن به لا خوف عليه، وأنَّ المواطنين كافة سواسية عنده كأسنان المشط، لا فرق بين مواطن ومواطن إلاَّ بمخافته والتزامه واحترامه.

بصفة كوني كاتباً صحافياً، ومؤمناً (حتى الكفر) بأنَّ في الاتِّحاد قوَّة، ولو كان المتِّحِدون من ألسنة وأقلام الصحافة والإعلام، ولو كان اتِّحادهم على شكل "نقابة"، اضطُّرِرتُ إلى أن أقرأ ما تيسَّر لي من "حقوقي القانونية"، أي من حقوقي التي يُقرِّها "القانون"، فهالني ما قرأت، وما فهمت، وكأنَّ هذا الذي قرأت لا يفيد الصحافي إلاَّ في شيء واحد فحسب، هو إحاطته عِلْماً بأنْ لا حقوق "حقيقية" لديه.

مَنْ هو "الصحافي"؟

لقد حاولت أن أعثر على "تعريف (قانوني)" له، أي للصحافي عندنا، فَلَم أعثر إلاَّ على ما أقنعني بأنَّ إجابة سؤال "مَنْ هو اليهودي؟"، وعلى صعوبتها، تظل أسهل، وأسهل كثيراً، من إجابته.

"التعريف"، إذا ما استوفى شروط عِلْميته، فإنَّه "يُثقِّف" عينيكَ، ويوسِّع ويُعمِّق رؤيتهما، فشتَّان ما بين قائلٍ "إذا كان كل الكلاب حيوانات، فهذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّ كل الحيوانات كلاب"، وقائلٍ "كل الحيوانات كلاب؛ لأنَّ كل الكلاب حيوانات"!

"القانون"، الذي ينبغي للصحافي أن يقرأه حتى يعي "حقوقه"، وحتى يتمكَّن، بالتالي، من الدفاع عنها، إنَّما هو، في مجتمعنا، عِلْم وفن أنْ يؤخَذ من الصحافي باليسار ما يعطى له باليمين، فـ "الجُمْلَة القانونية"، التي يتعيَّن فيها "الحق"، إنَّما تتألَّف، دائماً، من نصفين، أحدهما من "نار" والآخر من "ماء"؛ وكلكم تَعْرِفون على خير وجه النتيجة الحتمية المترتِّبة على اجتماع "النار" و"الماء".

إنَّ "ولكن" هي العبارة التي فيها (وفي أشباهها وأخواتها) يكمن "القانون الأعظم" الذي ينبغي للصحافي أن يمتثل له ويخضع، فأنتَ، أيَّها الصحافي، وفي النصف غير البليغ من "الجُمْلَة القانونية"، أو حيث المعنى يفيد "الإثبات"، لكَ الحقُّ في..؛ أمَّا في نصفها البليغ، المُسْتَهَل بعبارة "ولكن"، فيقع "النفي"، فلا يبقى من هذا "الحق" إلاَّ ما لا يُبْقي على الصحافي صحافياً، فيَزْهَد صاحب الحق هذا عن حقِّه؛ لأنَّ في زهده عنه ما يشبه "درهم وقاية"، وما يجعله في مأمن من الشرور الكامنة في صندوق العبارة "ولكن"!

أسياد "اللعبة القانونية"، وأربابها، يخاطبون الصحافي، والصحافي المصاب بمرض "البلاهة القانونية" على وجه الخصوص، قائلين: "إنَّ لكَ الحقَّ في أن تقول..، وفي أن تفعل..؛ ولكن لنا الحق في أن نمنع عنكَ هذا الحق، بالتي هي أحسن (بعبارة "ولكن" مثلاً) أو بالتي هي أسوأ".

"الكُفْر" عندنا ليس كله "دينياً"، فبعضه "سياسي"، أي "كُفْر سياسي"؛ ويُعامَل "الكُفْر السياسي"، من الوجهة القانونية، بما يتَّفِق كل الاتِّفاق مع مبدأ "ناقل الكُفْر كافر"!

عملاً بهذا "المبدأ"، الذي يحتاج إلى أنْ تُسْتَحْدَث له محكمة تشبه "محاكم التفتيش"، ينبغي للصحافي ألاَّ "يسيء" إلى "أخلاق مهنته"، فَيَنْقُل، ولو "تنصيصاً"، أي بين قوسين مزدوجين، بعضاً من أقوال "أعداء"، فـ "الخمر" يُلْعَن حتى حامله وناقله!

وعملاً به، أيضاً، يُعامَل الصحافي "الناقِل"، ولو كان ضدَّ "المنقول"، أو ناقلاً له من أجل تفنيده ودحضه، على أنَّه "مؤلِّف" لهذا المنصَّص من الأقوال والآراء "المعادية"، أو "قائلٌ ضِمْني" بها، وكأنَّ أصحاب هذا "المبدأ" نسوا، أو يتناسوا، أنَّ ما كان ممكناً في "مجتمع (أو دولة) القرية" أصبح متعذراً، وربَّما مستحيلاً، في "القرية العالمية الكبرى".

وإنَّ أشد ما أدهشني وحيَّرني هو ذاك "القيد القومي الذهبي"، فالصحافي، الذي طلَّق "الحرِّية" ثلاثاً، وتزوَّج "غريمتها"، أي "الحرِّية المسؤولة"، ينبغي له ألاَّ يأتي بقول، أو يدلي برأي، أو يقف موقفاً، يمكن أن يتسبَّب بـ "الإساءة" إلى العلاقة مع دولة شقيقة، أو بـ "تعكير صفوها"!

لِنُحْسِن أوَّلاً فَهْم العلاقة بين "الدَّال" و"المدلول" في الكلمات، فإنَّهم يعيثون فساداً في معنى الكلمة، فـ "الدولة الشقيقة" ليست "الشعب الشقيق"، وإنَّما "الحكومة الشقيقة"، أو "نظام الحكم الشقيق".

وأنتَ يكفي أنْ تقرأ هذا "المحظور"، أو "المحرَّم"، وأن تقف على معانيه، حتى تظن (وبعض الظن إثم) أنَّ لسان الصحافي، أو قلمه، هو الذي يعيث فساداً في "العلاقة القومية الأخوية" بين الدول (أي الحكومات) العربية، فلو اختفى الصحافيون والإعلاميون العرب من الوجود لازدهرت "الرُّوح الأُسَرِّية" في العلاقة بين الدول العربية كافة، ولأصبحت "الوحدة القومية العربية" قاب قوسين أو أدنى من دنيا الحقائق الواقعة!

هل أتاكم حديث الإفك؟

إنَّه بعينه هذا الذي يقولون ويزعمون، فالساسة الكبار، أي القابضون بقبضات من حديد على زمام الحكم، هم الذين لا يعيشون إلاَّ في مناخ الأزمة التي تلد أزمة في العلاقة بين دولهم، التي ليس بينها من المصالح المشترَكة، ومن قوَّتها، إلاَّ ما يجعل تلك العلاقة، و"أخويتها"، كورق الشجر في الخريف.

إنَّهم، والحقُّ يقال، لا يختلفون، ولا يتَّفِقون، إلاَّ بما يعود بالضرر الحقيقي والكبير على شعوبهم، وإنْ كان في "ضارة" خلافهم ونزاعهم نافعةً للصحافيين والكتَّاب في سعيهم إلى توسيع الضيِّق من حقِّهم في حرِّية التعبير.

وإلى "الشقيق" من الدول، أضافوا "الصديق"، فتضاءلت الحرِّية الصحافية والإعلامية إذ استطالت قائمة الدول الشقيقة والصديقة!

ثمَّة مبدأ جيِّد تأخذ به صحف ومجلاَّت ومنابر إعلامية أخرى، يتضمَّنه القول التوضيحي الآتي: "إنَّ الآراء المنشورة لا تعبِّر بالضرورة عن وجهة نظر الصحيفة".

وإنَّني لأتمنى على دولنا العربية "الشقيقة" أن تتَّفِق على أنَّ المنشور من آراء "السلطة الرابعة" في كل دولة عربية لا يعبِّر بالضرورة عن وجهة نظر "السلطة التنفيذية"، فلا تأخذ دولة عربية "شقيقتها" بجريرة "السلطة الرابعة" فيها.

وأحسبُ أنَّ مبدأ "الفصل بين السلطات"، وعلى ما يكتنفه من أوهام، يجب أن يشمل "السلطة الرابعة"، فإنَّ "الوزير" لا "الصحافي" هو الذي يتحدَّث رسمياً باسم الدولة والحكومة، وإنَّ على دولنا العربية "الشقيقة" أن تعتاد عادة حسنة هي عادة فَهْم ومعاملة الصحافة على أنَّها "الضَرَّة" لجهة علاقتها بالحكومة.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواقع الأثرية اليهودية.. قائمة تطول!
- حَلٌّ يقوم على -تصغير الضفة وتكبير القطاع-!
- حكومات مرعوبة تَلِدُ إعلاماً مرعوباً!
- -تحرير- السلطة الفلسطينية أوَّلاً!
- صناعة التوريط في قضايا فساد!
- -فالنتياين-.. عيدٌ للتُّجار أم للعشَّاق؟!
- الأمين العام!
- عصبية -الدَّاليْن-!
- مجتمعٌ يُعسِّر الزواج ويُيسِّر الطلاق!
- العدوُّ الإيراني!
- -التوجيهية-.. مظهر خلل كبير في نظامنا التعليمي والتربوي!
- قصَّة نجاح لثريٍّ روسي!
- -ضرائب دولة- أم -دولة ضرائب-؟!
- -الإنسان-.. نظرة من الداخل!
- -شجرة عباس- و-سُلَّم أوباما-!
- هكذا تكلَّم الجنرال باراك!
- -ثقافة الزلازل- عندنا!
- أوباما يَفْتَح -صندوق باندورا-!
- مفاوضات فقدت -الشريك- و-الوسيط- و-المرجعية-!
- سنة على تنصيب أوباما.. نتائج وتوقُّعات!


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - قانون -ولكن-!