عزيز العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 2928 - 2010 / 2 / 26 - 18:31
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
في الانتخابات البرلمانية السابقة , قالت المرجعية الدينية في النجف الاشرف : " بأنها ستقف على مسافة واحدة من جميع الكيانات " . إلا ان الانحياز لقائمة الائتلاف العراقي الموحد والتي ضمت كل الأطراف الشيعية كان واضحا , والترويج لها من خلال الوكلاء وخطباء الجوامع والحسينيات التي وصلت لأبعد قرية في الوسط والجنوب . وقد استفادت أطراف كثيرة خارجية وداخلية من الفوز ( الطائفي ) الشيعي الأول , وفي المقدمة منها النظام الإيراني الذي يجد في الطائفية الطريق الأضمن و( الشرعي ) لامتداد نفوذه في العراق . وقد ضغط في الفترة الأخيرة على جميع الأطراف الشيعية لغرض إعادة الوحدة للائتلاف الشيعي, ولم يتمكن , ويكمن خوفه في تمرد وفقدان احد الائتلافين , مما يعرض استمرار نفوذه لمخاطر جدية .
ائتلاف " دولة القانون " بزعامة المالكي استطاع أن يميز نفسه عن " الائتلاف الوطني " بزعامة الحكيم الذي استمر محسوبا على المشروع الإيراني , حيث رفعت " دولة القانون" شعار المواطنة على حساب الطائفية , وبغض النظر عن نجاح او فشل تطبيق هذا الشعار , فهي تمتلك بعض القيادات التي ترفض الانصياع للنظام الإيراني , ولها استيعاب معقول لما يجب ان تكون عليه العلاقة مع الأمريكان , وما يريدونه للعراق وباقي المنطقة , ويجدون الدعم والتشجيع من الجانب الأمريكي . هذه الاستقلالية تقلق إيران , ولكنها استقلالية قلقة ومتأرجحة , ولا يستبعد ان تعيد توحدها مع غريمها الائتلاف الوطني , أو الاندفاع أكثر نحو المشروع الأمريكي , إذا فشلت في الحصول على رئاسة الوزراء وضمن لها احد الطرفين الاحتفاظ بهذا المنصب .
المرجعية الدينية في النجف , وعلى رأسها آية الله العظمى السيد علي السيستاني , أدركت أخيرا انه من الصعوبة ان تأتلف جميع القوى الشيعية في ائتلاف سياسي واحد , حتى وان كان تحت ظلال بركاته كما حدث في الانتخابات البرلمانية السابقة . السيد السيستاني المسئول الشرعي الأول عن الائتلافين الشيعيين , وتأتي الفتوى الأخيرة :( في انتخاب الأصلح الذي يخدم العراق ) في حدود هذه المسئولية . والتوجيه الأخير الذي أفاد به مصدر مقرب من المرجعية في النجف لصحيفة " الشرق الأوسط " يوم 20100225 يؤكد ان :" المرجعية مهتمة كثيرا بحث الناس على المشاركة في الانتخابات القادمة , لهذا قررت تعطيل الدراسة في الحوزة الدينية " . وأضاف :" المرجعية أوصت وكلاء وأساتذة وطلبة الحوزة بأن يلتقوا بالناس , وخصوصا في المناطق الريفية التي قد تستغل من قبل بعض الكيانات السياسية " والمقصود بها غير الشيعية . واستنادا لما خبرناه في الانتخابات الأولى , حيث يجري التوجيه عن طريق الوكلاء والخطباء وأساتذة وطلبة الحوزة الذين يلتقون بالناس في المناطق الريفية البعيدة , وينقلون اليهم مثلما يؤكد المرجع الديني المعروف في النجف محمد مهدي الآصفي على ان :" لا يجوز انتخاب كل من له علاقة بالأجهزة الأمنية الصدامية او بحزب البعث , او ( أي شخص يظهر عليه الانحراف الفكري عن الإسلام ) " . وشدد الآصفي على انتخاب ( التدين والكفاءة ) . التدين يعني احد أفراد القائمتين الشيعيتين , وبالتأكيد ليس المقصود المتدين السني او العلماني في أي من القائمتين . والشئ الجيد هو في جعل الكفاءة قياس للشخصية المنتخبة , بعد أن أدركت المرجعية وجود الكثير من الفاسدين الذين لن يردعهم الدين والمذهب عن ممارسة الفساد , وفوز بعضهم في هذه الانتخابات واستمرارهم في الدورة البرلمانية الجديدة سيقوض الأساس الطائفي بالكامل .
التوجيهات الحالية لا تختلف عن توجيهات الانتخابات الأولى , وبدل القائمة الواحدة قائمتين , والمشكلة الاكبر مع العلمانيين والديمقراطيين الذين ترشحوا عبر القائمتين املا في الحصول على المقعد البرلماني من خلال نفوذ المرجعية , وجاء التوجيه واضح لالبس فيه ( التدين والكفاءة ) . الأحزاب الطائفية تمتلك الخبرة الكافية للالتفاف على جمهور باقي الأحزاب , وفي انتخابات مجالس المحافظات قبل عدة اشهر , خلقت أحزاب وتجمعات جديدة , وعلى سبيل المثال تجمع حسينيون . وتمكنت من إقناع الكثيرين من خارج تنظيماتهم , والبعض منهم علمانيين وديمقراطيين من الترشيح في هذه الكيانات , ودفعت عنهم رسوم الترشيح ومقدارها خمسة ملايين دينار , لغرض حرمان باقي الاحزاب من مؤيدي هذه الشخصيات المعروفة . والتوجيهات الحالية لا تختلف عن كيان حسينيون بالتفافها على العلمانيين والديمقراطيين الذين تورطوا في الترشيح عبر القائمتين .
المكتب الاعلامي للشيخ جلال الدين الصغير يقول في توصيف الصغير :" قيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي والمرشح ضمن قائمة الائتلاف الوطني العراقي " دون ان يذكر انه مرشح القائمة في دهوك . وفهم الصغير من الآن انه لا يحصل على أي صوت في دهوك , ولن يكون له مقعد في البرلمان القادم . ومن الأسلم لوائل عبد اللطيف والشريف حسين وعدنان الباججي ومهدي الحافظ والآخرين الذين رشحوا عبر القائمتين الشيعيتين ان يحذو حذو الصغير في معرفة النتائج مقدما , ويبحثون عن طريق يحفظ لهم ماء وجوههم .
#عزيز_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟