|
لَو كانَ البَعثُ دِيناً وَ رَبّاً لَكَفَرتُ بِه
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 16:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد يكون عُنوان المَقال مُستفزاً لِلمَشاعِر ، خاصة مَشاعِر المُتدينين ، وقد يَتساءَل سائل ما ، أن عنواني لا مَعنى لَه ، لأني بالضَرورَة سَأكفُر بأي رَبٍ غَير الواحد الأحد ، وكلام الاثنان صحيح ، ولكني أبغي مِن العنوان أنه حَتى لو صارت للبعث تِلك المَكانة الاعتبارية العليا مَع استحالتها طبعا ، فأني حينها سأكفر به وبرجالاته حتى وإن كانت نهايتي نارا شواء ، وحتى لو قطعوا جسدي قطعا ، فلن أساومهم ولن أخاطبهم ولن أجلس معهم وأفاوضهم ، بل وحتى لو قطعوا لساني كما فعل أتباعهم من فدائي صدام عام 2003 بمعارضيهم يوم قطعوا ألسن ثلاث شبان على قارعة الطريق ، وبعدها قطعوا رؤوسهم ، ورفعوا الرؤوس وهم يرقصون ويهللون لصدام وبحياته ، حتى لو فعلوا معي كل هذا فلن أذعن لهم ما حييت ، بل وحتى بعد مماتي ، فإن نفسي وروحي ستتابعهم حتى داخل جحورهم المظلمة ، فخصامي معهم كبير ، وهو كخصامي مع إبليس ، لن ينتهي حتى بالموت ، لأني سأكون خصمهم اللدود يوم المحكمة الإلهية ، ولن أرضى حتى يَدخل آخر قزم من أقزام البعث جَهنم ، وإن شاء ربي أن أدخل جَهنم أيضا ، فسيستمر خصامي مَعهم هناك ، فهذا الخصام لا نهاية له إلى ما يشاء ربي .
ما يؤسف له حقا هو ليس انحدار البعث وسقوطه الأخلاقي و ألقيمي ، فهو مِن يوم نشأته كان ساقطاً أخلاقياً وفكرياً ، فبتمييزه العنصري ، وإعلائه للعنصر العربي على كافة العناصر ، بل وعدم اعترافه بوجود أناس من قوميات أخر داخل ما يسمى بالوطن العربي ، وإن أعترف فهو يُلحقها بالعرب بصيغة أو أخرى ، أو يَعتبرها درجات أدنى منه ، لا يحق لها الحياة ، وإن أعطاها حق الحياة فإنه سيكون مُقنن وفق خِطة مُحكمة تبغي تعريبهم ، فممنوع عليهم ممارسة طقوسهم التي تمثل قومياتهم و أثنياتهم ، بل ممنوع عليهم حتى التحدث بلغاتهم وبألسنتهم ، وجعل اللسان العربي هو الحاكم والطاغي ، بل وممنوع عليهم حتى الاحتفال بمناسباتهم ، وان تمت فتكون بالخفية ، فالعلنية ممنوعة ، وما أكثر الممنوعات ، بكل هذا وغيره كثير يكون سقوطه الفِكري .
وبانقلاباته العديدة ، وخياناته لرفاق نِضاله ، وسَحله لمخالفيه على الطرقات ، وتعليق الجثث على أعمدة الكهرباء والمشانق بالساحات العامة وأمام أهالي المعدومين ، بل وبأخذ ثمن رصاصات القتل من أهالي المغدور بهم ، وبتحالفهم مع التكفيريين والقاعدة ، و بتفخيخ السيارات والمساجد ، وزرع العبوات بالشوارع لتقتل كل مار ، وبتجنيد العاهرات والساقطات ، بكل هذا وغيره كثير يكون سقوطهم الأخلاقي الرهيب . أعود لأقول ليس ما يؤسف له هو كل هذا وهو ليس قليل ، فبعد طول تجربة مع البعث الخائب ، فأني لن آسف عليه ، ولا على رجالاته ، ولا على فكره ، بل ولن تدمع لي عين عليهم ولا على أيامهم السود .
ولكني أأسف على رجال حسبتهم وحسبهم الشارع العراقي والعربي بل وحتى الرأي العالمي على التيار الليبرالي ، أو لنقل التيار العلماني العراقي ، فأكثرنا تبسم بشرى بهم ، وأكثرنا تأمل بهم خيراً ، وكان باب نجاة لنا مما نتخوف منه من تولد دولة دينية في العراق تشبه إيران .
ولكنهم تحالفوا مع دولة ابن عبد الوهاب ، وقاموا بلقاء ملكهم ، ولا ندري علام أتفق عليه بين البعث الممثل برجلنا ورأس أفعى القاعدة الممثل بملك مملكة البترودولار ، وها هو يظهر يوميا على قناتهم الفضائية المسماة العربية ، يلقي بالخطب ويجري المقابلات ، بل و الأدهى بموافقة ودعم أمريكي من قبل نائب الرئيس جون بايدن خوفا من كبر التأثير الإيراني في العراق ، ما جعلنا نأسف على ذهاب أيام بوش الابن . وها هو نجده قد تحالف مع البعث الآن من جديد ، وأصبح واجهة له باسم المصالحة ، وأصبح مطلوب منا نحن الضحايا أن نمد يدنا أولا تجاه البعث ، بل ونعتذر له ، لأننا وحسب منطقهم المِعوج من أتى بالمحتل ! وليس أبنهم وتربيتهم وأبيهم صدام !!
وغدا مطلوب منا مد اليد والمصالحة ، بل وإعطاء العون للقاعدة لأننا رضينا بالمحتل وما تبعها من حكومات ودستور وبرلمان !!
تصوروا المطلوب من المجني عليه الاعتذار من الجاني على جرائمه !!
بئس الحكم و بئس الحاكم إذن .
محمد الحداد 22 . 02 . 2010
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجدار الناري
-
عِ قَوْلَكْ
-
القاعدة والتكفير وأحمد صبحي منصور
-
نظارات جدتي
-
أين العقلاء في مصر والجزائر ؟
-
مِيزان قبّان
-
مقالات علمية بسيطة ج 2
-
رزوق دق بابنا
-
نوري قزاز
-
مقالات علمية بسيطة ج1
-
قدري ربانا
-
نار نور
-
دار دور
-
التوريث والتأبين
-
المقرحي والأربعاء الدامي
-
الجمهورية الخامسة ج 2
-
الجمهورية الخامسة
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
-
مروة و التمييز العنصري
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
المزيد.....
-
تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد
...
-
وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي
...
-
-رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع
...
-
هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن
...
-
بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
-
صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
-
عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط
...
-
8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|