أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - التوريث والتأبين















المزيد.....

التوريث والتأبين


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2758 - 2009 / 9 / 3 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه مقالة كنت قد كتبتها بيوم رأس السنة ، بنهاية عام 2007 وبداية عام 2008 ، وكانت بعد أيام قلائل من اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بناظير بوتو ، وهي تناقش حالة التوريث السياسي بين الأب أو الأم و أبنائهم دون أي مراعاة لأسس الديمقراطية الحقة ، كذا دون أن تكون للوريث أي خبرة سياسية ، بل وحتى أي شرعية تذكر ، كما تناقش حالة التأبين ، أي أن كرسي الحكم هو حالة دائمة مؤبدة لمحتله لا يغادره إلا بموته أو حدوث انقلاب عليه ، و أمثلة ذلك كثيرة في جميع بلداننا ، فمن تزوير لانتخابات رمزية شكلية ، إلى تصويت نواب الشعب وطلبهم من الحاكم باستمراره بالحكم ، إلى أسر حاكمة لا تترك الكرسي حتى وإن انقرض كامل الشعب .
سبب إعادة نشر المقال هو حالة التوريث التي جرت قبل أيام قليلة بين المتوفى عبد العزيز الحكيم وتركه لوصية بأن ابنه عمار يستلم قيادة المجلس الأعلى الإسلامي الشيعي في العراق ، وما يترتب على هكذا توريث من تداعيات على مجمل العملية السياسية الحديثة في العراق .
أترككم مع المقال السابق ، والذي أرى أنه لم يتغير أي شيء بالصورة النمطية لكل أشكال الحكم وطرقه بجميع بلداننا منذ لحظة كتابة المقال قبل سنتين تقريبا وليومنا هذا ، والى أن تغير شعوبنا هذا الحال فإن أي مقال كتب أو يكتب ستكون له استمرارية تشخيصه للواقع باقية ما دامت شعوبنا تمارس مقولة مكانك راوح .
محمد الحداد
02 . 09 . 2009

بالرغم من الألم المحزن المرافق لاغتيال بناظير بوتو قبل أيام قليلة ، وما رافق هذا الاغتيال السياسي من تداعيات سياسية وأمنية خطيرة داخل باكستان ، والتي قد يمتد تأثيرها لتشمل المنطقة الممتدة من أواسط آسيا إلى الشرق الأوسط برمته ، والذي يموج هو أيضا فوق أمواج عالية متلاطمة لا تفتى أن تهدأ لحظات لتثور مرة أخرى .
بالرغم من هذا كله ، ولكن جاءتنا الأخبار بوصية للمغتالة تطلب فيها بتوريث ابنها قيادة الحزب ، حزب الشعب الباكستاني ، وكأن الأحزاب تورث ، وكأن القيادة السياسية لحزب يحمل أفكار وعقيدة ، ويحلم الملايين بوصوله لسدة الحكم من جديد كما حصل بالسابق ، هي عملية توريث شأنها شأن الضيع والأراضي والمجوهرات والأموال .
لطالما دعت بناظير بوتو بالديمقراطية ، ولطالما كان حلمها السيطرة على المؤسسة العسكرية وجعلها تنقاد للشرعية المدنية بالبلاد ، ولكنها ابتعدت هنا جل الابتعاد عن الديمقراطية وممارساتها ، وهذا ما كنا نخشاه من سياسي الشرق عموما ، فالحلم الديمقراطي هو بمعسول الكلام فقط ، وعند أول فعل حقيقي على أرض الواقع ، تتهاوى الأحلام لتصبح حقائق لا تمت بأي صلة بالديمقراطية .
فلدى ثقافة الشرقي عموما روح ديكتاتورية ، ليس فقط بكيفية التعامل مع طوارئ الأحداث ، ولكنه فكر متأصل وجذري بالبنية العقلية والنفسية لسياسي الشرق عموما ، فحالة التوريث السياسي أصبحت حالة طبيعية جدا بكثير من بلاد الشرق ، فمن بلاد الشرق الأدنى إلى آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
نجد أمثلة كثيرة لحالات التوريث السياسي ، ولا أقصد هنا التوريث السلطوي فقط كما حصل في سوريا مثلا ، وكما يراد له أن يحدث بمصر ، والحالتين مختلفتين عن حالات توريث محمد السادس بالمغرب وعبد الله الثاني بالأردن ، لأنهما حالات توريث عرش ملوكي ، وهذا الأمر له سياقات تختلف كليا عمن يدعي الديمقراطية كنظام و أسلوب حكم .
حالات التوريث السياسي حدثت بلبنان بين وليد جنبلاط وأبيه كمال جنبلاط ، بين سعد الحريري وأبيه وليد الحريري ، وبين عائلة الجمّيل أيضا ، وهي تحدث وحدثت بالعراق بين صدام و ابنيه عدي وقصي ، وبين الأخوين الحكيم ، والآن بين عمار الحكيم وأبيه ، وكذلك عند الأكراد ، فهم ليسوا بحالة شاذة عن ثقافة شعوب المنطقة بأكملها ، فحالة التوريث بين مسعود البرزاني وأبيه ملا مصطفى البرزاني .
من هذا كله ومن أمثلة كثيرة غيرها نرى أن الأمل ضعيف في إيجاد أرضية جيدة وخصبة لنشوء و استقرار الديمقراطية بهذه البلاد ، لأن سياسي البلاد أساسا لا يؤمنون بالديمقراطية أصلا ، بل هي عندهم مجرد شعارات ومعسول كلام يستخدمونه للسيطرة على الشعوب .
هذا من ناحية التوريث ، فما شأن التأبيد ، نرى التأبيد حاصل عند جميع الحالات المذكورة أعلاه ، فما أن يصل السياسي بهذه البلاد لسدة الحكم فإنه لا يبرحها حتى يأخذه ملك الموت عنوة عن كرسيه ومجلس حكمه ، فهو لا يتركه لمورثه عن إرادته بل مرغما ، أي انه يمارس فعله الدكتاتوري مع وريثه أيضا .
قد يقول قائل بأن الوريث لا وجود له بسطوع نجم المورث ، وان شعاع نفسه قاصر عن جلب النظر من شعاع مورثه ، قد يكون هذا صحيح أيضا لدرجة ما ، وأحد أسباب عدم السطوع هذا أن الوريث هو نسخة طبق الأصل للمورث ، وان شعاعه هو جزء من شعاع مورثه ، وانه يأخذ السطوع كله بموت مورثه ، لأنه سيطغي على كل شعاعه وطاقته ، أي أنه استمرار للمورث لكن بجسد جديد ، فالروح نفس الروح ، والممارسات نفسها بعد إتباع المنهج ذاته ، بل ربما نفس المفردات ، وكأنه صاحبنا السابق ولكن بجسد أكثر شبابا وأقل خبرة .
من كل هذا نرى أن الفعل السياسي ببلداننا عموما يبقى يراوح مكانه ، وان السياسي لم يدرك لحد الآن أن السياسة علم ، حالها كحال باقي العلوم ، فهي كالطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والرياضيات ، لها أسس وقواعد ، ولها ثوابت ومتغيرات ، ولها نظريات مختلفة ، فهي ليست فعل عشوائي ، وإلا فأنها تؤدي لكوارث يصعب تدارك نتائجها و تصحيحها على مدى قصير ، كما يحدث الآن بالعراق بعد الفعل السياسي غير الناضج والمتخبط لصدام البعث .
السياسة علم ، والعلم لا يورث إلا بما ندر وإلا بمعجزة إلهية ، ونحن هنا لا نتكلم عن معجزات ، بل عن أناس وإرادات . فهل سمع منكم أحد أن طبيبا ورث ابنه الطب لمجرد أنه ابنه بدون دراسة الطب ، وهل أن مدام كوري ورثت علم الكيمياء لأبنائها ، أم هل أن ابن نيوتن كان عالما أيضا ، بل حتى التوريث لا يشمل الفنون والآداب إلا ما ندر ، فهل أنّ ابن المتنبي شاعر أيضا .
ولكن يبدوا أننا بعصر المعجزات الآن ، لأن حالات التوريث السياسي كثيرة ومتعددة ، وأنه ليبدوا لي أن هناك جينات ومورثات بكروموسومات المورثين السياسيين والذين هم بسدة الحكم يتم نقلها للأبناء ليكونوا على شاكلة آبائهم وحرم ذلك على باقي الناس وعامتهم .

محمد الحداد
31 . 12 . 2007





#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية
- الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق - الجزء الثاني
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق
- الطقس الديني وسيلة لغسل الدماغ الجمعي ، الليبرالية - الجزء ا ...
- التترس والدماء الرخيصة
- أحمد السيد عبد السلام الشافعي ...والثور الأبيض


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - التوريث والتأبين