أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - نظارات جدتي














المزيد.....

نظارات جدتي


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 02:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأنا درسنا لهذا اليوم بأن أعتذر معلمنا لطول فترة غيابه بسبب مرضه الكلوي ، عافاكم الله جميعا ، وقال بعد اعتذاره وسلامه علينا وأمنياته لنا جميعا بالخير والمنة : أكيد أنكم بسبب طول الغياب قد أدى ذلك لنسيان ما كنا نبحث فيه ، وهو منظومة القيم الأخلاقية .
فهز أكثرنا رأسه معترضا على تهمة النسيان ، ومؤكدين بأننا طلاب نجباء لا ننسى ما نتعلمه ، خصوصا لو كنا نحب ما نتعلم ، ويؤثر فينا .
فعاد ليقول : ولكن من ظواهر تأثير التعلم في الإنسان أن يؤدي لتغيير المنهج والأسلوب ، بل وحتى طريقة التفكير ، لذا فحتى بأيام مرضي الطويلة ، فهي لا تعني أني لم أتابعكم ، أو أرى خطاكم ، أو نمط تفكيركم ، و يؤسفني القول بأني لم ألحظ تغييرا يذكر على ما لاحظت وسجلت سابقا ، وقد يكون حصل بما لم ألحظه ، ولكن خيرا ، حيث سأعمل تجربة لن أقول ميعادها وأرى بعدها النتائج .
فأومأنا برؤوسنا بالموافقة ، وكلنا أمل بحسن الخاتمة ، ورضا معلمنا عنا ، فعاد ليقول : تذكرت قصة كانت بكتب القراءة العربية عند أحد المراحل الابتدائية ، تتحدث عن جدة طيبة ، بدأت يومها بيوم ما بالبحث عن نظاراتها ، وساعدها حفيدها وحفيدتها بالبحث ، تحت الأسرة ، وفي رفوف الكتب ، وتحت طاولة الطعام ، وفي خزانة الملابس ، حتى داخل الحمام ، ولا أثر لنظاراتها .
وعند عودتهما للجدة للاستفسار أكثر عن آخر مكان وزمان تذكر أنها استعملت بها نظاراتها ، وجدوا أن النظارات فوق رأسها ، فقد كانت النظارات هناك دائما ومن البداية ، ولكن الجدة نسيت ذلك ، فضحكوا الثلاثة على ما حدث .
واستطرد معلمنا قائلا : الجدة تبحث عن نظاراتها لترى بهما ، أي لتبصر ، فكم منا بحاجة لنظارات ليرى ما حوله ! وليدرك ما يحدث !!
وهل كلنا نحتاج لنظارات كجدتنا لتساعدنا على الرؤية ، وهل ما نراه هو ما نبصره ؟
أي هل البصر كالبصيرة !؟ أم هناك اختلاف ؟
فكثير منا حاد النظر ولكن هل كلنا بعيدي النظر أم قصيري ؟
فحادثة مباراة كرة قدم بين فريقين تؤدي لأزمة عارمة لا نعرف مدى نهايتها ، أحد طرفيها يشعر بالغبن والطعن بالكرامة ، والطرف الآخر لا يبالي حتى بما يشعر الأول ، بل ويتجاهله حتى يثيره أكثر ، فهل تصرف الطرفين يشير إلى بصيرة نافذة لديهما ؟ أم إلى قصر بالنظر ؟
وهل حين يموت المئات يوميا إرهابا كما في العراق ، أو حصارا كما في غزة ، أو خلافا كما في السودان ، أو جوعا كما في دارفور ، أو اقتتالا كما في الصومال ، هل كل هؤلاء يحتاجون لنظارات كنظارات جدتي ، أم لديهم النظارات ولكن نسوها على رؤوسهم كما فعلت جدتي ، أم لا تنفع معهم أي نظارات !!!
المشكلة أخوتي ليست بالبصر ، المشكلة بالبصيرة ، فكل الأمثلة أعلاه وغيرها كثير لو درتم حول العالم ، كل هذه المشاكل تمتاز بقصر بالرؤية للمشكلة ، وبتعصب وجاهلية حديثة ، تتلون بلون الدين ، ولكن هذا الدين هو ليس نفسه بكل تلك الأمثلة ، فكل له دينه حتى وإن حمل الجميع نفس اسم الدين ، وهو الإسلام .
ففي العراق يقولون أن الخلاف هو بين الشيعة والسنة ، بينما هو خلاف بين من رضي بما حدث بعد 2003 ويسميه تحرير ، وبين من لم يرضى بما حدث ويسميه احتلال ، وبذا ممكن أن يدخل ضمن صنف التحرير الأول شيعة وسنة ومسيح وصابئة وشبك ، عرب وكرد وتركمان ، كذا ممكن أن يكونوا ضمن صنف الاحتلال الثاني نفس التشكيلة الاثنية ، وهذا معناه دليل آخر على أن الخلاف هو سياسي وليس ديني ، ولكن لا يريد الصنف الثاني والذي حضن ضمن من حضن أفرادا من القاعدة ، لا يريد هذا الصنف إلا تكفير كل من دخل ضمن الصنف الأول على أساس ديني حسب تفسيره للنص الديني وفق فقه شيوخه الأصولية الفكر والمنحى .
ولكن حال الصومال لهو حال أسوأ ، لأنه لا يحمل التنوع الأثني الديني العراقي ، فالكل مسلمون ، والكل سنة ، ولكن الاقتتال على أشده بينهم ، بل وترون أصدقاء الأمس هم أعداء اليوم ، وأعداء الأمس هم حلفاء اليوم ، خلطة عجيبة جدا .
لنترك المثالين أعلاه ولنذهب لغزة ، فهناك اقتتال فلسطيني داخلي ، نسوا عدوهم المشترك ومشروعهم وهدفهم لأهداف مرحلية آنية زائلة ، تستنزف قواهم ، وتقوي شوكة عدوهم .
فما كان منا إلا الصمت المطبق ، ولم يبت أي منا ببنت شفة .
فاستطرد قائلا : طيب لو طبقنا منظومة القيم الأخلاقية ، فأي منها تنطبق هنا ؟
هل يوجد صدق أم خداع ؟
هل يوجد عدل أم مساواة ؟
هل يوجد حق أم باطل ؟
وأخيرا هل توجد قيم خيرة ؟ أم كلها تحمل قيم شريرة ؟!!



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين العقلاء في مصر والجزائر ؟
- مِيزان قبّان
- مقالات علمية بسيطة ج 2
- رزوق دق بابنا
- نوري قزاز
- مقالات علمية بسيطة ج1
- قدري ربانا
- نار نور
- دار دور
- التوريث والتأبين
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2


المزيد.....




- -الأقصر ولكن الأفضل-.. الرئيس الأوكراني يعلق على اجتماعه مع ...
- مصر.. فتاة ترفع الأذان داخل مسجد أثري يشعل  نقاشا دينيا
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUE EL-JANAH ...
- برازيليون يحولون نبات يستخدم في الاحتفالات الدينية إلى علاج ...
- TOYOUR EL-JANAH KIDES TV .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- الحسيني والقسام في مواجهة تسريب العقارات لليهود قبل النكبة
- مجانية.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات الان
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقمار الصناعية مجانًا ...
- ترامب ينشر صورة -مثيرة للجدل- بزي بابا الفاتيكان
- ترامب ينشر صورة له بلباس بابا الفاتيكان بعد -مزحة- أنه يرغب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - نظارات جدتي