أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - رزوق دق بابنا















المزيد.....

رزوق دق بابنا


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2803 - 2009 / 10 / 18 - 17:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قال معلمنا ببداية درس اليوم بأننا عرجنا على قيمتي الخير والشر بدرسنا السابق وسننتقل لنناقش قيم أخرى ، فما كان مني إلا أني طلبت الإذن بالكلام ، وميزة معلمنا أنه منفتح جدا ، ويقبل الاعتراض برحابة صدر ، كذا يحاول دائما أن يشركنا بموضوعات نقاشه لأنه يرى بعمله ذلك يكون قد شحذ الهمم ونشط العقول لتسبر أغوار الأفكار ومعانيها .
فقلت التالي ؛ معلمي المبجل ، لاحظت أنك تعطي أسماء لدروسك ، وهذا ما لم نألفه من غيرك ، فما السر بذلك والغاية منه ؟ كذا ما معنى عناوين دروسك ، وهل لها علاقة بالدروس ؟
فقال ؛ سهل جدا ، واعتقدت أن أحدكم سيسأل ذلك السؤال منذ درسنا الثاني ، إن لم يكن من الدرس الأول ، ولكن جاء السؤال متأخرا نوعا ما ، ولا ضير بذلك لأنك سألت أخيرا ، ولكن سيكون الخلل كله إن لم تسألوا ، لأنه معناه أما فشلي بتوصيل فكرتي لكم ، أو أني لم أستطع تنشيط همة البحث والتقصي لديكم لأني لم أثر حب التعلم والإطلاع ، أو أنكم طلاب كسالى تأخذون ما تسمعونه عنى بصحته ودقته أو خطأه دون تمحيصٍ منكم أو إعمالٍ لعقلكم .
عناوين دروسي المبسطة هذه لها علاقة بنص القراءة لطلاب الصف الأول الابتدائي ، فكان دار دور ، نار نور ، ثم قدري ربانا ، وأخيرا نوري قزاز ، وهذه رزوق دق بابنا ، كل هذه الجمل جاءت بالقراءة تلك ، وباستعارتي لها قصدت معاني ظاهرة و باطنه ، فظاهر الكلام يبدوا أنه بعيد عن الموضوع ليدعوكم للتفكير بما غايتي من ذاك العنوان ، ولكن بباطنه ترى أن العنوان كان بصلب الموضوع فيما لو تمعنت قليلا .
فعدت وسألت طيب بمعرفتي السابقة وجدت جملة نوري بزاز ، فلم غيرت كلمة بزاز لتصبح نوري قزاز ؟
قال ؛ كما تعلم أن بزاز تعني الشخص الذي يتعامل بالقماش والملابس من بيع وشراء وخياطة وما شاكلته ، بينما قزاز تعني الحياء أو إباء فعل الشيء ، وقصدت منها الذي يتقزز من فعل المعاصي خاصة بدرسي ذاك ، فهل وضح المعنى لديك ؟
أجبته بنعم وشكرته لطول باله علي .
ثم عاد معلمنا وتدارك أمره وطلب منا الترحيب بطالب جديد معنا ، وطلب منه تقديم نفسه ، وكان تقديما حلوا وسريعا ، فلاحظت أنه هو نفسه صديقي الذي يطرح علي الكثير من الأسئلة ، وهو الآن داخل الفصل ، ربما حب الإطلاع لديه جعله ينتظم معنا ، فرحبنا به .
وهنا سأل معلمنا أن كان لدينا سؤال أو مجموعة أسئلة أخرى قبل بدأه بدرسه الجديد ، فكان أن سأل الطالب الجديد التالي ، حيث قال ؛ لدي سؤال حول الدرس الماضي ، فقال معلمنا ؛ مرحى بك وبسؤالك ، قل ، ما هو ؟
فقال الطالب الجديد ؛ أليست هي حكمة إلهية أن تكون قيم الخير وقيم الشر لدى البشر نسبية ! بمعنى ما يراه زيد خيرا ربما يراه عمرو شرا نظرا لاختلاف الزمان والمكان والعقائد والمنافع ! ولنتساءل ما هي الحكمة الإلهية من وراء جعل مفاهيم قيم الخير وقيم الشر نسبية لدى البشر ؟
فأجاب معلمنا وقال ؛ نعم هي حكمة من حكم الخالق هذا الاختلاف ، وهو ضرورة من ضرورات الحياة ، فليس من المناسب والمحق أن نكون برؤية واحدة لنصل لنتيجة واحدة ، ربما تفاجئون بذلك ، ولكن هي كذلك ، فبالاختلاف تكون هناك ضرورة أكبر لمحاولة توحيد الرؤى ، وهذه تعني البحث والتقصي ، وأداتنا في كل ذلك هو ما توصلنا إليه من علوم في كل شيء ، والذي يتحكم بالمعطيات ليخرج لنا النتائج هو العقل ، والحكمة هي بإحكام العقل ، وللعقل عدة أساليب للتوصل إلى النتائج التي يبتغيها أو يرتضيها ، كذا قد توصله لنتائج يرفضها ، وطبعا هذا موضوع آخر يحتاج لدرس خاص لنتحدث عنه ، أقصد العقل ، وعن أساليبه .
ولكن كما ترون فبالاختلاف تكونت ضرورة حتمية لتنشيط العقل ، وهذه حكمة إلهية من حكم عديدة ، فالخالق يريد منا أن نعرفه بعقولنا ، وليس فقط أن نسلم بما عرفناه عن آبائنا ، وقصة النبي إبراهيم وحواراته مع نفسه حول من هو الخالق ، وتقلبه بالأمثلة المستخدمة ، كالقمر و الشمس ، ووصوله لنتيجة التوحيد ، وبأن الخالق لا يمكن أن يكون كالقمر والشمس ، بل ليس كمثله شيء ، لهي تدريب ومثال عملي لنا لإعمال العقل ، وهي خير قدوة لنا للذي يريد الإقتداء بالكيفية التي نناقش فيها أنفسنا أو غيرنا ، ألا تتفقون معي !؟
فما كان من أكثرنا إلا أحناءِ رؤوسنا قليلا علامة على التوافق والرضا .
فعاد ليقول ؛ لنأخذ مثلا آخر على قيمة أخلاقية ، والخيار كما تعرفون دوما عني فهو لكم أنتم ، فكان أن أردنا التحدث عن الخداع .
فقال ؛ هذه قيمة وفعل نشترك به مع بعض الحيوانات وليس كلها ، كذا بعض النباتات ، وحتى لا نتوسع كثيرا فدعونا فقط نتحدث عن بعض الحيوانات التي تمارس الخداع ، ثم ننحو نحو الإنسان لنراه بم يتفق بالفعل مع تلك الحيوانات .
حيث قال ؛ كما نعرف بآدابنا العربية أن الثعلب أو كما نسميه أبن آوى ، مشهور جدا بالخداع والحيل ، وبقصص كليلة ودمنة الكثير من الحكايات التي تصور ذلك .
ولكنه كحيوان يستخدم طرقه تلك للإيقاع بفريسته ، أي أنه مدفوع بغريزة الجوع ، وببحثه عن طرا ئده يجد نفسه محتاجا لبعض التحايل حتى تقع فريسته بشركه ، وهو ليس الوحيد بذلك ، فالأسود تقوم به أيضا ، بل والدلافين بالبحر ، وغيرها كثير .
أذن نجد أنها عملية ممارسة في المملكة الحيوانية ، وكما قلنا أن الكثيرين يعيدون الإنسان لمملكة الحيوان ، وبالتالي فهذه القيمة هي من القيم التي نشترك فيها معهم .
ولكن بمجتمع متحضر عصري وجب أن تحركه قيم بناءة حتى تنموا الحضارة ، لأن القيم الهدامة تنحوا بالمجتمع نحو الانهيار ، والحضارة نحو الضمور .
هنا كان اعتراض من أحدنا ليطرح سؤالاً ، فأعطاه معلمنا الوقت لذلك ، حيث قال زميلنا ، أ وَ يوجد قيم بناءة وقيم هدامة ؟!
فأجاب معلمنا ؛ نعم ، ويعتمد ذلك على ما تؤديه تلك القيمة حين استخدامها ، وهي كذلك نسبية حسب وجهة الرائي ، فما تراه أنت هداما قد يكون بناءا عند غيرك ، ولأعطي مثلا لكم ، لنأخذ قيمة التحايل والخداع بالحرب ، فالذي ينتصر بتلك الحرب باستخدام الحيلة يعتبر نفسه ذكيا وماهرا ، وأن قيمة الخداع هي قيمة بناءة لأنها حققت له غايته ، وهي الانتصار بالحرب وحماية مجتمعه وحضارته من الانهيار والدمار ، بينما الخاسر يجد أنه خسر بالحيلة والخداع ، وليس بالوقوف على المبادئ التي يؤمن هو بها ، وبالنتيجة قيمة الخداع والتحايل عنده هي قيمة هدامة لأنها أدت لانهيار دولته .
لأعطي مثل من تأريخنا ، ألا نعتبر كلنا تقريبا أن سقوط بغداد على يد المغول كان كارثة ، وأن هولاكو قام بفعل تحايل به على آخر خليفة عباسي بقتله وعائلته بعد أن أعطاه الأمان له ولمدينة بغداد ، بل أو لم يستبيح بغداد لمدة أربع أيام ، يفعل جنوده ما يحلوا لهم دون رقيب أو حسيب ، أ وَ لسنا جميعا نتفق أن تحايله كان قيمة هدامة أنهت دولة بكاملها !
ولكن لو نظرنا من جهة هولاكو وجنوده ، فهو يعتبر من المحاربين الأشداء جدا ، بل ومن جهة كثير من باحثي التأريخ يعتبرونه من عباقرة القادة العسكريين ، وأن فتوحاته شملت أكثر من نصف العالم المعروف في حينه ، وأن ما قام به من غزو واحتلال عندهم هي فتوحات ، وخدع الحرب تلك كانت ضرورية حتى يتم فتح الدول تلك .
طيب وبعصرنا الحديث ، أ وَ لم يخدع صدام حين أعطي له الضوء الأخضر بدخول الكويت ، وما تبعها من أحداث ليومنا هذا ، فمن وجهة نظر صدام هي خدعة وقع بها ، ومن جهة من خدعوه هي قيمة عليا لأنهم استطاعوا تحقيق مصالح عليا بناءة بوجهة نظرهم لمجتمعهم ، ولكنها هدامة من وجهة نظر صدام .
انتهى درس اليوم .
محمد الحداد
18 . 10 . 2009





#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوري قزاز
- مقالات علمية بسيطة ج1
- قدري ربانا
- نار نور
- دار دور
- التوريث والتأبين
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية


المزيد.....




- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
- مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ ...
- اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - رزوق دق بابنا