أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق ألهتنا (3) _ الله عادلا ً .















المزيد.....

نحن نخلق ألهتنا (3) _ الله عادلا ً .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 02:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ الطفولة ودائماً ما كان يثير حيرتى هذا التنوع البشرى الهائل على مدار الزمان والمكان ..ليتبادر فى ذهنى أسئلة كثيرة تلح وتدور حول فكرة العدل الإلهى .
فكلما أشاهد صور وأفلام تصور الجماعات البشرية المختلفة التى تعيش فى أرجاء العالم الرحب الفسيح فى أفريقيا وغابات الأمازون والهند الصينية وغيرها أتعجب من هذا التنوع الثرى فى المعتقدات والديانات .
وعندما أمد عيونى لأستحضر بها التاريخ الإنسانى الحافل بالشعوب القديمة المتعددة الأعراق والثقافات من مغول وتتار وفرس وحضارات متعددة كالفرعونية والبابلية والفينقية والأشورية ..وكل منها لها أطيافها الخاصة من المعتقدات والثقافات والفنون .

وأمد عيونى أكثر لأجد قبائل بدائية تمارس عبادة الأسلاف والطواطم بطقوسها ورقصاتها الفلكلورية .
كما تمر عيونى على مشهد لأطفال يقطفهم الموت على مدار الزمان والمكان ..وتكتمل ملامح الصور بمشهد لأحبائى من المعاقين عقلياً الذين يدخلون للحياة وينصرفون منها بلا معنى .
كل إنسان فى هذه الصور هو مخاض ظرف موضوعى وله قصته الخاصة التى تشكلت بعشرات ومئات المحددات التى شكلت وعيه وثقافته ومعتقداته .

أتسائل ما هو موقف كل هذه الصور والمشاهد من المحاكمة الإلهية المرتقبة .؟

ماهو موقف الأفريقى الذى يعيش فى الأدغال ..المصرى القديم ..البابلى ..الأشورى ..الفينيقى ..المغولى ..المتخلف عقليا ..الطفل الصغير .؟
ماهو موقف الذى عاش قبل أن يعتمد الله نسخته الوحيدة ويرمى باقى النسخ .؟
ماهو موقف من إعتقد وتفانى وأخلص لموروثه ليجد نفسه أمام الله أنه كان وريث لمعتقدات منحرفة وباطلة .؟

هل هؤلاء بحكم وثنيتهم أو معتقداتهم المنحرفة هم فى الجحيم ؟!
لو قلنا هم فى الجحيم فنحن نضع علامة إستفهام كبيرة بحجم العالم فى وجه العدالة الإلهية .!! ..فما هو ذنبهم ؟!
ولو قلنا هم فى الجنة فسنضع علامة إستفهام أكبر أمام عدالة الإله .!!..أيستوى الإيمان بالإنحراف والوثنية .!!
لم يبقى أن يكون هؤلاء البؤساء خارج الحدود !!!

أنطلق لمرحلة أخرى لتزداد الأمور تعقيدا ً وتفرز أسئلة أخرى تطلب إجابة .

فأنا أعلم أن الإختبار العادل هو أن يقع الجميع تحت معطيات واحدة وظروف واحدة فتفرز الجيد من الردئ ..
كأن يمر الجميع أمام أسئلة واحدة من نفس المنهج المقرر وتتاح للجميع فرص متساوية فى التحصيل والإستيعاب ...ولكن أن تكون هناك ألاف المناهج وكل طالب له منهج واحد يعلمه ويغفل عن باقى المناهج الذى لم يسعفه لا الزمان ولا المكان عن معرفتهم ..ثم يفاجأ فى نهاية المطاف عندما يقف أمام الأستاذ بأنه كان يذاكر ويجتهد خارج المنهج المقرر .!!

كما يثير إندهاشى أن العقاب أو الجزاء يكون غير محدود بالنسبة لأحداث محدودة .!!
فعندما نفعل شئ خطأ فى حياتنا فإن حكم العدل والمنطق والعقل والمجتمع يقتص منا على قدر الخطأ الذى مارسناه ولا يعاقبنا ويعذبنا إلى مالانهاية من التاريخ .!!
فما معنى أن تعاقب على أفعال مارستها لمدة معينة من الزمن ولتكن ستون سنه لتجد العقاب يمتد بك إلى المالانهاية !!..لاحظوا كلمة المالانهاية ..يعنى لا يوجد عدد نعرفه من السنين مهما بلغ من الكبر والضخامة يمثل شئ بالنسبة إلى الزمن اللانهائى .!!..يخيل لى أن الإتسان وفقاً لهذه الأسطورة سينسى سبب وجوده فى هذا المكان .

ويثير إستغرابى أيضاً فكرة وجود محاكمة وإله عادل فى قضايا محسومة سلفاً !!
بمعنى أن كل أمور حياتنا من أفعال وأقوال وهمسات هى مدركة ومعلومة لدى الله بل ومدونة أيضاً قبل وقوعها !! ..وأننا لن نستطيع أن نخط أى خطوة فى حياتنا يجهلها الله وإلا تكون مخالفة لعلمه وقدره .!
إذن لماذا هذه الجلبة ؟!!
ولماذا هناك محاكمة طالما الله يدرك جيداً مصير كل إنسان منا قبل أن يولد هل هو من أهل الجنه أم من وقود النار.!!

لو حاول المرء الإستفاضة بالتأمل فى قصة العدل الإلهى سيخرج بعشرات الأسئلة التى تحمل التناقض .

ولكن دعونا نذكر هذه الرؤية ..

العدل صفة إنسانية جميلة تعطى شعور بالأمان والسلام ..يأملها الإنسان على مدار تاريخه .
والحياة هى صراع دائم لا ينتهى بين الإنسان وأخيه الإنسان وبينه وبين الطبيعة ...هذا الصراع لابد فيه من فائز ومهزوم ..وسيحظى الإنسان بالفوز حيناً وسينال الهزيمة والقهر حيناً أخرى .

حاول الإنسان أن يبحث عن حقوقه الضائعة بالإحتكام للأب أو زعيم القبيلة لعله يسترد مايرى أو يتوهم ان له حق مهضوم ..هنا هو يتلمس العدل والإنصاف كقيمة تمنحه الأمن والسلام .

ولكن الحكم الذى تحتكم إليه لن يمنحك دائماً حقوقك سواء أكانت أصيلة أو مزعومة ..فقد يجئ حكم زعيم القبيلة فى غير صالحك ورغماً عن هذا فهو لن يثنيك أنك صاحب حق ..وأن حقك قد تم هضمه من قبل الطغاة وإهمال القاضى , و ستعصرك الخيبة والألم .
من هنا يتم إرفاق صفة العدل بالإله كأمل فى الإنصاف وكرغبة فى رجوع الحقوق المهضومة والإقتصاص من ظالمينا لعبور الحسرة والألم.
ولكى تكتمل الصورة فى أركانها فسنجعل عدل الإله يتفوق من حيث السعة والقدرة عن عدل قاضى القبيلة ..ومن فرط حماسنا سنصل بأن عدل الإله بلا سقف ..اى عدل مطلق وغير محدود .

العدل بلا سقف أفرز لنا التساؤلات والتناقضات التى أشرت لها ..ولكن إنساننا مبدع الفكرة والصفة لم يتطرق بذهنه إلى مثل هكذا إشكاليات ..فكل ما يعنيه أن يشكل الصفة لتهدأ من نفسه المضطربة ويجد بها معبراً نحو درجة من الأمل فى إسترداد حقوقه .

هذا كل ما يهم إنساننا هو أن يطوع الفكرة حتى تبث درجة من الأمان والطمأنينة فى نفسه الملتاعة بأن هناك إله عادل سيمنحه حقوقه الضائعة ويقتص من كل الطغاة والظالمين والفجرة , ولامانع من أن يذقيهم عذاب لانهائى فى محرقته الأبدية .

بقدر ما أعطت هذه الرؤية للإله العادل درجة من الأمان النفسى لإنسان مظلوم ومضطرب لتكون بمثابة المخدر الذى يتعاطاه كلما وجد حقه ضائعاً وعجز عن إسترداده ليرفع عينيه للسماء طالباً من الإله أن ينتقم من ظالميه ...إلا أن هذه الفكرة منحت الظالمين والطغاة حصانة لا يحلمون بها , فهاهم يجدون إنبطاحا ً وإستسلاماً من المظلومين وإتكائهم على الحل الذى سيأتى من العالم اللاورائى من السماء السابعة ..إذن فلتدعهم ينبطحون طالما حقوقهم مازالت فى كروشنا .

الإنسان وراء سعيه لدرجة من الأمان النفسى لن يتورع أن يبدع أى فكرة تبث الطمأنينة فى نفسه الملتاعة ..ولا يهم منطقية هذه الفكرة بقدر ما تمنحه من راحة وأمل وتعبر به دروب الألم .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (6 ) _ أشلاء إنسان .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (5) _ إغتصاب الطفولة .
- نحن نخلق ألهتنا (2) _ الله رحيماً ومنتقماً .
- إنهم يروضون الإنسان كيف يكون منبطحاً .
- نحن نخلق ألهتنا (1) _ الله المقاتل .
- الأخلاق لا تأتى من السماء ..إنها تخرج من الأرض .
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟
- إله راصد ..أم إله نزيه ..أم فكرة مبدعة .
- - رشيد - وموقفه من الإعراب الإلهى .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (4) _ تكريس العنصرية والكراهية .
- الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .
- حاجات غريبة .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
- الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .


المزيد.....




- تركيا تدين بشدة اقتحام بن غفير المسجد الأقصى
- نادي الأسير الفلسطيني: استشهاد المعتقل أحمد سعيد صالح طزازعة ...
- بـ’الطقوس والرقص’.. هكذا استُبيح المسجد الأقصى في ذكرى ’خراب ...
- شاهد.. المستوطنون ينبطحون في الأقصى، والمسلمون يمنعون من الص ...
- السعودية تُدين الاستفزازات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى
- وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير يدعو من المسجد الأقصى إ ...
- أوقاف فلسطين: 27 اقتحاما للأقصى ومنع الأذان 51 مرة بالإبراهي ...
- 27 اقتحاما للأقصى ومنع رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي 51 وقت ...
- “نداء الأقصى” يثمن دور المرجعية الدينية في دعم فلسطين ورفض ا ...
- الأوقاف الإسلامية: -بن غفير يقتحم الأقصى ويصلي فيه-


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق ألهتنا (3) _ الله عادلا ً .