أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العزيز محمد المعموري - قصة منشور














المزيد.....

قصة منشور


عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


قصة منشور
ــــــــ
الكاتب والمعلم المتقاعد عبد العزيز محمد المعموري -ناحية العبارة -بعقوبة - محافظة ديالى
لملمت الأوراق الأربع ، وثلاث ورقات كاربون ، مما يستعمل للاستنساخ ودعكتها بكفي بلا انتظام ، وأنا أفكر بسرعة بكيفية بلع مثل هذه الكتلة الكبيرة من الورق ، فقد سمعت أكثر من مرة أن مناضلين أذكياء يلجأ ون إلى ابتلاع منشوراتهم حين يداهمهم رجال الأمن ، تخلصاً من المستمسكات الجرمية ! لكن ما بيدي لايمكن ابتلاعه حتى من قبل بقرة !
اذا ما الحل ؟ كان الاستاذ يشرح سورة ( اذا جاء نصر الله .. ) كان جالساً في منصة في بداية الصف ، وكان شرحه كأنما ينطلق من جهاز تسجيل ، وحين توقف الاستاذ عن شرحه فجأة ، نظرت اليه فتوقفت عن الاستنساخ ، رأيته يقف وعيناه مسمرتان في عيني ، ثم خطا باتجاهي وهو يريد ان يعرف ماذا استنستخ ! قال : ما الذي طويته وماذا كنت تكتب ؟ قلت عفواً استاذي الفاضل لقد كنت مخطئا ، وانا الان على اتم استعداد للانتباه ، واعدك بألا اكررها مرة أخرى !
قال : ارني ما كتبت وانا اعفو عنك ، قلت : ألم اقل اني كنت مخطئا .. لاحظت ان وجه المدرس شاحب قد تحول الى لون الليمون ، وكانت شفتاه ترتعشان ، وكأنما كان هو المداهم بالجرم المشهود !!
احس الطلاب جميعاً بالقضية وان ما كنت اكتبه لم يكن سوى منشوري سري ، مما يدفع بي الى التعذيب الرهيب والتحقيق الذي لاينتهي عمن سلمني المنشور وطلب استنساخه لغرض التوزيع ، وعمن يشاركني العمل السياسي وعن رفاقي الطلاب .. ترك الطلاب كافة مقاعدهم وتجمعوا حولنا انا والمدرس قسم منهم يتشوق للايقاع بي وتسليمي للعدالة ! ومن ضمنهم مراقب الصف .
اما الاكثرية فهم متعاطفون معي ولايريدون لي غير السلامة والخروج من هذا المأزق بالتي هي احسن ، كانوا يتظاهرون بالحياد وفعل الخير ويدفعون المدرس برفق نحو منصته موجهين اللوم نحوي ويلتمسون من استاذنا العفو لاسيما وانه ذو قلب كبير !
قال المدرس : ليرني ماكتب وانا اعفو عنه ، همس باذنه احد رفاقي : انها رسالة غرامية قال المدرس وهل تكتب الرسائل بهذه الصورة وبقلم استنساخ ؟


قلت : سيدي : اسمح لي الى نهاية الحصة وانا اريك ما كتبت اما الطلاب فلا .. وانا اضمر الهرب بما في يدي خلال فرصة الاستراحة ! لقد كان المدرس مصرياً ومن اتباع الاخوان المسلمين ويحقد على كل فكر يساري وقد وافت الفرصة ليضع يده على صيد ثمين .
لقد كنا نحن الطلبة الثوريين لا نرتاح له ونتهمه بالتعاون مع السلطة الرجعية .. والان ما العمل ؟ حين نفذ صبره نادى مراقب الصف قائلاً : اذهب الى المدير وقل له : المدرس يريدك ! وكان المراقب متلهفاً لهذا الطلب فركض نحو الادارة البعيدة عن صفنا ولكن احد رفاقي ركض وراءه وناداه : ارجع المدرس غير رأيه وحين دخل المراقب الى الصف اغلق رفيقي الباب ، واشار الى مجموعة من رفاقنا الى ان يقفوا وراء الباب ليحكموا غلقه فالقضية وصلت الى مرحلة الجد ولاتقبل المساومة والحوار الناعم .
نظر المدرس الى الموقف ، وبذكائه المعهود ادرك خسارته ، وعاد الى كرسيه خلف المنصة والقي برأسه على المنصة متهالكاً وكأنما هو عائد تواً من معركة كبرى وظل صامتاً الى نهاية الحصة وعند الفرصة خرج واهن القوى ..
كان صفنا في الطابق الثاني من بناية المدرسة ، وحين سمعت جرس الفرصة تنفست الصعداء ، وانطلقت الى خلف بناية المدرسة حيث تتشابك الورود والمتسلقات ، والقيت بحملي الثقيل تحت حجارة كبيرة وجعلت احدى شجيرات الورد دلالة حين اعود لالتقاط اوراقي .. غير اني حين عدت بعد ان غادر الطلاب لم اجد سوى الحجارة التي دحرجت قليلاً !
وظللت كلما تذكرت الحادثة اضحك على نفسي مرتين ، مرة لاستنساخ المنشور داخل الصف ومرة لاخفاء منشوري في حديقة المدرسة الخلفية ..
أما مدرسي الفاضل فكان يغمره الحزن كلما تذكر الحادث ولم يهنأ بالصيد الثمين !



#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يكون الغباء نعمة
- التسول والمتسولون
- تجاربي مع الأطباء
- قرية العبارة وأحاديث الجن
- ثورة 14 تموز ثورة الدراويش والزهاد
- سبع العبارة - أبو الدانات
- كنت في ليبيا
- طبيب من بلادي - الدكتور شاكر محمود الجنابي
- شخصيات فولكلورية- ملا نجم يقاطع الحلاقين
- من ذكريات معلم متقاعد 00 ( عدونا الأكبر )
- بداياتي
- التلقيح الاصطناعي في الأبقار
- ذكريات عمرها نصف قرن ( دورة الضباط الاحتياط العاشرة )
- عبد الحسين جليل ..أين أنت الآن ؟
- ذكرياتي عن الشاعرين بدر شاكر السياب وحسين مردان
- قبل الرحيل 00 أو من أحاديث الشيخوخة
- علي بابا كان أبي
- كيف غزا الشاي بيوتنا
- من ذكريات الطفولة -خرنابات وما حولها
- فلنذكر حسنات موتانا


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العزيز محمد المعموري - قصة منشور