أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - التسول والمتسولون














المزيد.....

التسول والمتسولون


عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2900 - 2010 / 1 / 27 - 16:38
المحور: سيرة ذاتية
    



المتسولون اناس اصحاب مهنة لايحتاجون الى شهادة دراسية ولا الى اجازة او موافقة من جهة حكومية ، بل يدفعهم الى ممارسة المهنة ممارسة المهنة الخسيسة قلة الحياء او انعدامه على الاصح ، والرغبة في الكسب دون تعب او معاناة !
شاهدت في حياتي الطويلة نموذجين من هؤلاء المتسولون ، كان احدهما صبياً او شاباً يقارب السابعة عشرة ، وكان يمتلك جسماً غاية في الجمال ، توجه الى المقهى التي كان الطلبة يتخذونها مكاناً لمراجعة دروسهم قبيل الامتحانات النهائية ، كان ذلك سنة 1949 ، وقف على اريكة في المقهى وعرض هيأته علينا نحن الطلبة ، كان غارق في الجص من رأسه الى اخمص قدميه ، وكانت الدموع تنهمر من عينيه بغزارة وكان اجهاشه في البكاء يستدر الرحمة من اقسى القلوب ، وقال : اخواني كنت قد استلمت يوميتي قبل ساعة من ( الاسطة ) وفي طريقي الى البيت تصدى لي احد النشالين وسرق كل ما في جيبي ، ولو ذهبت الى الدار بلا نقود ستنهال علي والدتي ضرباً بلا رحمة وانا لا اطمع الا بمساعدتي لاسترجاع مبلغ اليومية لا أكثر !
وكنا نحن الطلبة ممتلئين بحسن النية لا يملك أحدنا اكثر من درهمين او ثلاثة ، فتبرع احدنا وأمسك بصينية ليجمع لهذا المسكين ما يعوض به يوميته المسروقة ! وبعد ان جمع اكثر من اليومية المزعومة تمنى لنا جميعاً النجاح ! وبعد حوالي عام من ذلك التاريخ وجدته بنفس الهيأة وبنفس الدموع تنسكب من عينيه وكان الجص يغطي جسمه من شعر رأسه وحتى قدميه وهو يطلب المساعدة لان امه لن ترحمه وقد فقد يوميته !
هذا نموذج ، ونموذج آخر رأيته في شارع الرشيد في السنة نفسها ، وكان رجلاً في الخمسين من عمره مهيب الطلعة يعتمر الملابس العربية ، العباءة والكوفية والعقال وذو لحية مشذبة قبل ساعات ، لقيني في الشارع وكنت اهم بشراء كتاب سمعت به ، فامسك الرجل المهيب بيدي واستدرجني الى زاوية من الشارع وكأن حياءه يمنعه من اظهار حاجته ، قال بصوت ممتلئ وقور : ياولدي انا من اهل الكوت وقد ( انضربت جيب) ولا اريد سوى اجرة السيارة التي تعيدني الى اهلي !
اقتنعت تماماً بقوله لان لحية مهيبة كلحيته لاتحتمل التكذيب ، ومددت يدي الى جيبي ذي الدرهمين ووضعتهن بين يديه وانا اعتذر منه لاني لا أملك سوى هذين الدرهمين ، وقد صرفت موضوع شراء الكتاب واشهد ان الرجل دعا لي بالتوفيق والنجاح !
وبعد حوالي خمس سنوات لقيني ذلك الرجل وفي المكان نفسه من شارع الرشيد فالقى علي التحية بصوته المميز الوقور ، فما كان مني الا ان امسك بيده قبل ان يبادرني وقلت له : انت من اهالي الكوت وقد سرقت نقودك ! نظر الي باستغراب وسحب يده بقوة وافلت مسرعاً وهو لايصدق ان شخصاً مثلي يبادره بما يريد ان يقول !
هذا نموذجان فقط للمتسولين غير ان الافاً جديدة قدر برزت الى الشارع وكل له طريقته في الاستجداء ، رأيت قبل ايام صبياً بعمر الورد يبرز يده للرائح والغادي مدعياً بان كفه قد قطعت في حادث ارهابي ، فما كان مني الا ان منحته ( 250 دينار ) وانا اعتب على المجتمع الذي لايراعي امثاله وقد شاهدني احدهم فبادرني ضاحكاً هل ( قشمرك) هذا الطفل ؟ .





#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجاربي مع الأطباء
- قرية العبارة وأحاديث الجن
- ثورة 14 تموز ثورة الدراويش والزهاد
- سبع العبارة - أبو الدانات
- كنت في ليبيا
- طبيب من بلادي - الدكتور شاكر محمود الجنابي
- شخصيات فولكلورية- ملا نجم يقاطع الحلاقين
- من ذكريات معلم متقاعد 00 ( عدونا الأكبر )
- بداياتي
- التلقيح الاصطناعي في الأبقار
- ذكريات عمرها نصف قرن ( دورة الضباط الاحتياط العاشرة )
- عبد الحسين جليل ..أين أنت الآن ؟
- ذكرياتي عن الشاعرين بدر شاكر السياب وحسين مردان
- قبل الرحيل 00 أو من أحاديث الشيخوخة
- علي بابا كان أبي
- كيف غزا الشاي بيوتنا
- من ذكريات الطفولة -خرنابات وما حولها
- فلنذكر حسنات موتانا
- كيف كنا نكرم ضيوفنا في الثلاثينيات من القرن الماضي
- وجوه وذكريات ..ابن خرنابات ..الشاعر المبدع محمود الريفي


المزيد.....




- +++ هجمات إيران وإسرائيل.. تطورات متلاحقة وتصعيد مستمر+++
- ميرتس يرفض قيام بوتين بدور الوسيط بين إسرائيل وإيران
- ترامب وميرتس يناقشان تطورات الشرق الأوسط وأوكرانيا
- الشرطة الإسرائيلية تقتحم غرف الصحفيين وتصادر معدات أطقم القن ...
- الدفاع الروسية: أسقطنا 51 مسيرة أوكرانية فوق مقاطعة بيلغورود ...
- زاخاروفا تكشف سبيل إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين روسيا وأور ...
- إلى أي مدى سيصبح شتاء أوروبا أكثر قسوة؟.. محاكاة علمية تجيب ...
- هجوم إيراني واسع النطاق على إسرائيل.. إطلاق صفارات الانذار
- فشل انطلاق صاروخ دفاع جوي إسرائيلي في تل أبيب وسقوطه داخل ال ...
- تقرير أممي: خطر الموت جوعا يهدد سكان خمس بؤر حول العالم


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - التسول والمتسولون