أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - حين يكون الغباء نعمة














المزيد.....

حين يكون الغباء نعمة


عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 07:38
المحور: سيرة ذاتية
    


ابو حسين نزح من جنوب العراق هرباً من ضيم الاقطاع وتوجه مع اولاده الاربعة ليعمل بمعامل الطابوق القريبة من بغداد ، وظل في هذه المهنة المتعبة حوالي عشر سنوات ، بعدها حن الى ممارسة الزراعة وتربية المواشي .
وشاءت المصادفات ان يتوجه بعائلته الكبيرة الى قرية في ( بزايز بهرز ) البعيدة ، ولم تكن القرية تملك شيئاً من مستلزمات الحضارة ، فلا ماء شرب ولاكهرباء ولا حتى ماء سيح يروي الحيوانات ويسقي الزراعة !
كان الملاك الذي حسن لهم القدوم الى هذه القرية يملك مضخة تعمل بالنفط الاسود وهي تعمل اسبوعاً لتتعطل اسبوعين ! والماء الذي يصل اليهم من نهر ديالى صيفاً لايزيد على فضلات المبازل المالحة ومجاري بعقوبة المحملة بالقذارة والجراثيم !
لم تكن تربطنا بهذه العائلة سوى شبه قرابة بعيدة ، وقريتنا ( العبارة ) التي اصبحت ناحية تبعد عن قريتهم بحوالي خمسة وعشرين كيلو متراً او اكثر والطريق الى مكانهم ترابي مليء بالحفر والمطبات ، ولما كانوا بحاجة الى رابطة اجتماعية في المنطقة فقد تهيأت المناسبة .
قرر ابو حسين ان يزوج ولديه حسين وابن عمتهم كريم في ليلة واحدة وهم لايخطبون غريبة ، فولداه تزوجا بنتي عمهم وابن عمتهم دفعوا اليه اختهم وما عليهم سوى اعلان الزواج وتهيئة ذبيحة مناسبة ومقدار من الرز ودعوة بضعة رجال من المنطقة التي تكاد تكون خالية في ذلك الزمان أي قبل حوالي خمس وثلاثين سنة .
استأجر باصاً قديماً لعائلتي لان سيارات الصالون لاتغادر في مثل هذا الطريق . ووصلنا قبيل المغرب ففرشوا لنا بضعة بسط على الارض الترابية ولم نجد لديهم أي مظهر من مظاهر العرس . فلا موسيقى ولا رقص ولا حتى هلاهل النسوة ، والذي يزورهم آنذاك يظن لديهم مجلس فاتحة بدون قارئ قرآن .
حين غابت الشمس اتوا بفانوس نفطي وحيد ، وعلى ضوئه قدموا صواني الطعام المكون مــن الثريد المغطى بالتمن ومن فوقه اللحم ، وبعد ان تناولنا عشاءنا لاحظت ( المعازيب ) وهم ( مخبوصين ) يتلفتون على كل الجهات ويطلبون شخصاً يركب الفرس ليستدعي ( الملا ) سألتهم .. ماحاجتكم الى الملا ؟ قالوا ( يملج النسوان ) قلت : اين مكان الملا ؟ قالوا : بالقرى المجاورة ؟!
سألتهم : اما كان الواجب ان تحضروا الملا في النهار وتنهوا مشكلتكم ومن يضمن وجود ( الملا ) يقبل في التوجه الى داركم في هذا الليل البهيم ؟ قالوا : صحيح يا أبا سلام والله كنا مقصرين ؟!
قلت : لا عليكم انا اعالج لكم المشكلة ، خذوني الى موقع ( العرائس) قال احدهم : وهل تعرف اجراء ( الملجة ) يا أبا سلام ؟ أجبته : اذا كان الملا قد تعلم قراءة القرآن في ستة اشهر ، فانا درست مدة اثني عشر عاما هيا لاتضيعوا الوقت ، وهنا انفرجت اسارير الجميع ووجدوا رحمة الله قد نزلت عليهم من السماء !
كانت العرائس ثلاثة والازواج بعددهن وكل واحدة داخل كوخ طيني بابه مغطاة ببساط او حصير من الخوص ، اخذوني الى الحجرة الاولى قلت : اعطوني اسمها واسم ابيها واسم عريسها ، قالوا : ( فطومة بنت محيسن ) وعريسها هو ( حسين بن علي ) ، واشترطت الا اعيد ( الكليشة ) 12 مرة تيمناً بالائمة الاثني عشر ، واخبرت الجميع بان الله واحد ولا اعيد القول اكثرة من مرة ، لان اعادة ( المحفوظة) لكل عروس هذا العدد مضروباً بعدد ستة سيقضي مني اكثر من ساعة وخير الكلام ما قل ودل .
جئت الاولى وسألتها : يافلانة بنت فلان زوجتك لابن عمك بالمهر المتقدم (60) ديناراً والمتأخر ( 80) ديناراً ان كنـت موافقة قولي نعم انت وكيلي وسمعت هلهولة من قربها ، وعدت الى العريس فسألته هل انت موافق ؟ قال : ( شلون ما اوافق ) قلت : ادخل على عروسك !!
وقمت بالعملية نفسها مع الباقيتين والباقين وادخلت كل عريس على عروسه خلال ربع ساعة فقط ، وحين عودتي من المهمة السريعة وجدت ( حسين ) خارجاً من حجرته الطينية منكساً رأسه والدموع تترقرق في عينيه ، سألته : ماذا بك ياحسين ؟ اجابني متهالكاً : عمي ( مابي فايدة ) ، ( لحمي ميت ) !! وهنا ابتسمت بوجهه قائلاً : لقد اعلمني بذلك قلبي منذ تحركت الى قريتكم فاحضرت لك دواء وان كان غالياً فهو رخيص تجاهك ومددت يدي الى جيب سترتي فاخرجت له حبة ( اسبرين ) ، قلت له : ابلعها وخلال دقائق ستتحول الى حصان ، دفع الحبة الى فمه بسرعة وخلال ثانيتين زف لي البشرى : لقد صار كالحديد واندفع الى عروسه باسماً وخرج من عندي لينادي على امه ان تزغرد لانه قد عبر السد !


وعاد الي ليمسك برأسي مقبلاً ثم اهوى على يدي ومن بعدها الى قدمي لتقبيلها فابعدته قائلاً : ما الذي فعلته لك ؟ قال : انت امام .. انت رحمة ارسلك الله ورسوله ولولاك ماذا كنت سأفعل ؟ صدقني سأسمي ولدي القادم على اسمك ، ولكنه لم يستطع فسماه (علي) لان كل ( حسين ) ينبغي ان يكون ( ابو علي ) وكل ( علي ) هو ( ابو حسين) بلا نقاش ، وعلي الان اب لعدة بني وبنات ولم يسموا واحداً منهم بأسمي فهل اعتب عليهم ؟



#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسول والمتسولون
- تجاربي مع الأطباء
- قرية العبارة وأحاديث الجن
- ثورة 14 تموز ثورة الدراويش والزهاد
- سبع العبارة - أبو الدانات
- كنت في ليبيا
- طبيب من بلادي - الدكتور شاكر محمود الجنابي
- شخصيات فولكلورية- ملا نجم يقاطع الحلاقين
- من ذكريات معلم متقاعد 00 ( عدونا الأكبر )
- بداياتي
- التلقيح الاصطناعي في الأبقار
- ذكريات عمرها نصف قرن ( دورة الضباط الاحتياط العاشرة )
- عبد الحسين جليل ..أين أنت الآن ؟
- ذكرياتي عن الشاعرين بدر شاكر السياب وحسين مردان
- قبل الرحيل 00 أو من أحاديث الشيخوخة
- علي بابا كان أبي
- كيف غزا الشاي بيوتنا
- من ذكريات الطفولة -خرنابات وما حولها
- فلنذكر حسنات موتانا
- كيف كنا نكرم ضيوفنا في الثلاثينيات من القرن الماضي


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - حين يكون الغباء نعمة