أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض الأسدي - تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل الثامنوالأخير:















المزيد.....



تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل الثامنوالأخير:


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 19:56
المحور: الادب والفن
    


الشيصبان(*)

خطاطات مكتوبة بماء الزعفران، تفوح منها رائحة سمك قديم، كتبت في عصر ما قبل التنقيط – على الأرجح- على جلد الغزلان او الأحجار او الاحقاف؛ نقطها ناسخ مجهول في الكوفة بعد ذلك. ربما كنا نحن المهتمين الأوائل بما جرى من أكثر الناس ولعا ولوعة في رصد ما حدث؛ رغم ذلك فإنها لم تكن صفة أصيلة فينا؛ لكنها الرغبة في التمحيص والتدقيق؛ وهنا مكمن الحيرة التي تحولت إلى لغز عذبنا حلّه طوال قرون عديدة: نحن من نصنع الألغاز التاريخية ونصدرها للأمصار والبلدان والثغور؛ لكننا الآن عاجزون عن تفسيرها!؟ بضاعتكم كسدت في سوق المعرفة وعادت إليكم بائرة كما صرح الإخوة كودوين إلى (التايم) مؤخرا. ليس لأننا ننسى أو ذاكرتنا ضعيفة أو ثمة خلل ما في عقولنا؛ بل لأن اللغز يأخذ مدى اكبر من كونه دعابة فكرية أولى مصنوعة للتسلية بلوك الكلام.. فكم جلسنا نتداول الحل تلو الحل طوال الليل في لغز واحد: ليالي مفعمة بالتجريب الذهني بلغت ألف وسبعمائة ونيف من عام الجرذ الهارب؛ ليالي في إثر أخرى ونهارات وردية مغبرة هي ليل اخر: ربما ألف عام أو يزيد لحل لغز واحد وفي المكان نفسه دائما: ذلك الذي يظهر بست أصابع في النهار وبثلاث في الليل وحينما ينام لا إصبع له، وله عين كبيرة واحدة ولون جلده أخضر؟
- الشيصبان!
- لا.
كانت خطاطات قديمة متساقطة بفعل حركة غامضة للأرض في لحظة من كشف عيني حقيقي؛ هي من أكثر الأشياء إثارة وغموضا بالنسبة لنا(صور الإخوة القدماء مقتطعة من جريدة إنكليزية معلقة على الحائط) لعلها تحلّ بعض الألغاز القديمة التي تداولناها ونسينا حلها. بيد أنها في النهاية كونت لغزا واحدا يصعب حلّه. أما ما جرى فقد أوغل الرعب من جديد في نفوسنا من خلال سلسة المحيرات المتواصلة: الغيمة المتصاعدة كغبار أرضي مشع تصاعدت في وقت فتحنا فيه أول خطاطة، هناك؛ الحَيرة في الحِيرة، والنزول من سلم القصر الحجري، والناس نيام، حيث يلقى بالتراب على الرؤوس في وقت واحد؛ وعلى الطرف الآخر من الحدث كانت الخيول الرومية تصهل: ههي هههي هههي هههههه وتشخر بصوت واحد بفعل الجلجلة الطويلة عبر الهضاب والوديان: غبار غبار لا نهاية له؛ وهي تشبه تلك الغيمات المتكونة عن تفجير بناية قديمة من أربع طوابق بديناميت كبير وسط مدينة مكتظة: تصاعدت قليلا بلولبية ظاهرة وسط هياج جماهيري صاخب: هآآآآهآآآآهآآآآهآآآآآآآآآآ!، ثم هدأت بعد عاصفة من التصفيق الحاد حيث لم تصب البنايات القريبة بأذى: برافو نجحت عملية الهدم بواسطة الديناميت اخيرا، وجلس المهندس المتحكم شلومي واضعا مسند الكرسي الهزاز إلى صدره بعد نهاية العملية تماما، ثم لم يلبث قليلا حتى أتخذ جلسة المنجنيق مطلقا قهقهة تشف غامضة وصاح بصوت مكتوم: جوش جوش جوش! ثم صرّ على أسنانه بتلك الطريقة التي تعلمها من مرؤوسيه في الحارات اليديشية البولندية القديمة، وقال في بصوت متواصل هذه المرة: نجحنا اخيرا! هاللويا! هاللويا!( لوحة لجدار وحيد وسط صحراء عاصفة تقبع في ركن شبه مظلم من الغرفة) ولحظتئذ تشققت الأرض عنا: نحن القابعون في الاسفل، مرة واحدة غير معهودة، وفي وهدة مهيبة تشبه خروج النباتات في فيلم بالتصوير البطيء. يالنا من طيطيان أرضيين أغرار لا نجيد شيئا؛ لشلومي كل الحق إذا. هاللويا!. وربما نحتاج إلى مقدار أكبر من التعليم للخروج المصحوب بالغريزة من هذا المكان. وكم كان من الصعب - في البداية على الأقل - الخروج من تلك الشقوق الملحية دفعة واحدة؛ لكننا بدأنا نتململ في اماكننا الفاغرة الافواه قليلا، ثم خرجنا جميعا دون ان يعاوننا احد، وهذه من المحاسن التي حسبت وسجلت لنا- مرحى!- ودون أن يسند أحدنا الآخر: طيور برية حمراء لحمية قابلة للتصلّب السريع، ولا تعرف الهدأة، تصرخ بأصوات متناوبة( صوت ناي نائح بأتي من مكان غامض) كنا كلما حدق احدنا بالآخر نبدو طيورا حجرية سود متحركة لحظة ملامسة الهواء لنا: خطاطيف نهبط إلى الأرض دفعة واحدة ثم نغادر بلا شيء سوى إحداث ما يكفي من الهلع لدى المارة. المهم معرفة نوع الحجر الذي صنعنا منه والحصى التي يحملها الخطاطيف المهاجمة. ولم نخلق أبدا: نحن اصطنعنا على عين كبيرة واحدة وسط مجموعات من الطيور الجارحة الأخر.
- طير أم إنسان؟
- سواء.
- كيف؟
- ألا ترى أننا جميعا في النهاية نطير عاليا؟
ولم تكن الأرض في تلك الساعة الولود العظيمة إلا مجرد عين كبيرة أخرى تجتذب المولودين الجدد - وهو اقرب تصور غير دقيق لما حدث- شيء ما يشبه الفوهة الأرضية في أفضل صورة ممكنة عند ذلك المنخفض السلماني وسط بادية السماوة. ولم نكن متأكدين مما حدث بعد؛ مثلما هو القلق في تصور ما كان بعد ذلك، واختلافنا في تفسير الأحداث والأصوات والصور( صوت مطرب ريفي مغمور يبدأ بمقام حجاز) وبدت العين ذات حواف رامشة مثل سواتر ترابية واطئة، وهي تتحرك ببطء شديد. أما لحظة تكاملها الوجودي، فقد سمعنا جميعا ونحن في الجوف - وهو من الثوابت القليلة بيننا- صرخات ضخمة متواصلة ومتحشرجة( يتحول صوت المطرب إلى ما يشبه النواح الدائم) ومن يظنه الطلق فهو واهم: كان شيئا ما يشبه الغناء البدائي الجماعي في كهوف هزارمرد: عين كبيرة وحيدة لجماعة زرقاء لماعة مثل دائرة متحركة ظهرت في فيلم المومياء الحزينة الذي عرض مؤخرا؛ عين شوقانية فريدة، بدت في اول ظهور لها كبؤرة كونية لا تعرف التوقف وهي تفضي إلى تقلص الكتلة؛ تتسع على أرض داكنة فننطلق قبالتها على بقعة زلقة في محاولة للتثبت والتعلم.
- كرتكم العظيمة مجرد دعبله.
- أين؟
- هنا. فلا تغتروا أيها الشوقانيون بما كنتم وبما ألتم إليه: إنما هي ساعة شوق واحدة تتعلمونها ولا تدركون كنهها.
من يستطع حصر تلك العين لتبيان كينونتها؟ الحركة على الأرض تواصلت حتى خرجنا جميعا تقريبا- دع هذا البلاء كله وهذا الشوق - نقول تقريبا لأننا غير واثقين من عددنا الذي خرجنا به، وربما كان ثمة من لم يستطع الخروج وبقي في الجوف بانتظار حركة أخرى للولادة الحجرية، من يدري؟ المعارف الرحمية في هكذا ولادات لا تشي بشيء غالبا وهذه حدوسنا: من شاء فليستمر معنا، ومن شاء فليغادرنا، ومن شاء فليصمت ألف عام او يزيد من اجل معرفة أعمق لما كان وما سيكون؛ نحن لا نجبر احدا على الجلوس معنا على دكة الشيفرة: شيفرتنا الأثيرة التي تحمل كلّ شيء. نحن شوق كامل للاشيء أيضا؛ وليس مهما أن يكون وراء كلّ هذا العناء الطويل: لا شيء. والجين المورثة هذه؛ وحدة المادة الوراثية تقدم معلومات ضرورية لأنجاز وظيفة واحدة: د.أن.أي على شكل حلزون: قوقعة الأرض الخفية. ومن اجل تغيير ما في الشيفرة لا بد من الحصول على أحياء ذات خواص جديدة، وهذا هو موضوع هندستنا الوراثية المتوقعة (صورة لعالم الأجناس "فشر" وسط تلاميذه تعبث يها فأرة تحت السرير الحديدي) فمن يدري ما الذي يمكن ان نكونه بعد ذلك؟ وماذا ينتظرنا في هكذا أنهيار أرضي؟ وأي تأمل هذا الذي يسحب من ركام متواصل؟ حرقة وجود قديم: بالوعة كبيرة مثل فوهة كونية: ثقب أرضي أسود شافط. ضريبة توحّد دائم نحو اللاشيء. وساعة امسكنا أيادي بعضنا وسرنا في تلك الخطة المرسومة لنا؛ خيل لنا إننا نقترب من حقيقة ما ترطب نفوسنا التواقة والمفعمة بالشوق، لكننا ما أن نصل لباب حتى يفتح منه ألف باب، ومن كلّ باب ألف باب وهكذا ضعنا وسط ركام الصور المندلقة من الأبواب المفتحة بلا نهاية: الحقيقة الوحيدة الباقية بالنسبة لنا: أبحار أرضي دائم وسط أمواج الزرنيخ. اجل رأينا كلّ ما كان لكننا من الصعب ان نخبر بذلك. الآن. كلدان النجوم. الأرض غير الأرض والسماء غير السماء زمانئذ. زماننا. نحن. الخارجون. أيضا. دكة صفا متداخلة مشفرة. ربما. الشمس شمسنا والقمر قمرنا والماء؛ آه الماء لم يكن لنا. آب آب. والأرض سعفة نخل خضراء نمتطيها. زمين زمين الله. هنا وهنا وهنا. فلاة لم تبن لنا بعد. أنفلات على الأرض أنفلات في السماء بعد ألف واربعمائة عام. مرحى. طقطقة حجر في ليل داكن. أضواء تشبه ومضات كهرباء قليلة. القِ حجرك. هل رأيت ماذا يحدث؟ قل: لآه لآه لآه! وسترى. سترتوي من ماء ما يكون وحده. شوقيون، شوقانيون، جوّابون، أرضيون، لا سماء لنا. نحمد ألتوق فينا كلما تأملنا ما يكون. ولما يزل يجلو المرآة. قليلا منه يكفي: صورة شوق البنت الصغيرة التي احترق رأسها بفعل مفخخة. لكننا نواصل الزحف. فليس أمامنا أي خيار آخر، مذ خرجنا من جوف الجدار المقدس هوووو ذاك والأسئلة تصرعنا قبل الموت. هل نموت كالناس الآخرين ونبعث مثلهم ونحاسب حسابهم؟ ومن ذا الذي يثبت أننا سوف نموت كما يموت الآخرون؟ لسنا مثلكم أبدا: إنشاء آخر جديد. وكلّ ما هنالك هو أن المكان هو الذي يجمعنا معا. لكنه زحف نحو لاشيء؛ فقط نحو هاوية لو أردتم الدقية؛ وحتى هذه الأخيرة لا شيء بالنسبة لنا. دائما أشياء تلو أشياء، وتعال واجلس لحسابها. أية لعبة خادعة. يمنح الأطفال الحسابون آلة تعمل باليد، ملونة؛ خادعة أخرى: واحد اثنان ، واحد في واحد، كلّ صائر إلى الواحد، من واحد إلى واحد: احد احد! وكلما توغلنا أكتشفنا أو أُكتشفنا. لعبة ولادة عسيرة. ودم حيض وراءنا كبقع زيت محركات قديمة. لا ظلّ لنا غير هذا الدم لو كنتم تنظرون إلى الجواني. البطن حاملة لقأقأة الجوف الذي هو أكثر صرامة من الظهور: قءقءقءقء! وهذا الأخير لا يعدو ان يكون مجرد مزاح أرضي في بادية السلمان او في منطقة سقوط القبة الألفية القديمة. المكان واحد. وقد يخرج بعدنا من يخرج من اماكم اخر. فنحن الشوقيون غير متأكدين دائما مما كان أو مما سيكون. بيد ان الاهم هو ظهور تلك الخطاطات مع خروجنا مما أضفى نوعا من التثبت فينا.
الخطاطات امامنا. صحيح انها ليست الخطاطات التي هبطت من عل؛ لكنها خطاطات قديمة في هندسة الروح جيء بها من حارات سرية وتدارسناها لفك لغز ظهورنا الثاني على الأرض. ربما هبطت من عل أيضا. لا شيء مؤكدا مادام كل ما يكون صائرا إلى زوال. ومن يدري ما الذي حدث بالضبط: تلك الطيور اللحيمية الغاضبة التي تطلق أصواتا مبهمة وترمق الجوارح العاليات بلا هدف. فكلما رأيناه كان يتعلق بخلقنا نحن اما ما قبل ذلك فعذرا لكم. سجل ذلك في كومبيوترك إن شئت: نريد ملفا جديدا بلا أسم. نحن نكره جميع التسميات القديمة والجديدة. نرسم الخطوط الشمالية والشرقية لنا لحظة التكون: نقطة اللقاء. وجودنا على شاشة كومبيوترية في البداية أفضل لنا ولكم. ومثلنا لا يبحث عن نهايات طبعا.
مثلنا لا تمر ولادته بسهولة؛ كولادة قيصرية من طراز خاص: دم وعويل وتنبؤات وموت احيانا. ولادتنا. جميعا. الأرض حالة يرويها البعض منا ممن كانوا على مقربة من الحدث. نقول الحدث من اجل التقريب فقط. اما هو في تكوينه فليس حدثا من الاحداث الجارية على الارض. ولم يسجل في أية ذاكرة ما. وليس ثمة كلمة مناسبة لما جرى. أسفون. جدا. ربما كنا من سلالات مختلفة ولكل منا قصخونه الخاص: ياسادة ياكرام هذه حكاية سلالة هلال الأخيرة من عام القحط الذي تلا عام الضربة العظمى.كان الهلالي واحدا منا ممن خرجوا بريش أبيض قليل على شكل أهلة مولودة بيومين.
كتب الاولين وكتب الآخرين. ثلة من أولئك وثلة من أولئك. الكتب التي لم تعد على الرفوف العاليات. نحن من عملنا على تبويبها وتنظيمها. برنامجنا البرذوني. شعارنا القديم ذلك الحمار الكبير. هلال المريض بحمى المتوسط يقوم بعرض الأغاني القديمة: ما من امة غرقت في الغناء إلا هلكت. وسيدة تنعر فينا منذ ألف عام؛ كأنها زعيق عربة حرب بعجلات غير مدهنة. الحب نصفه. والنصف الآخر لما يمكن ان يكون. من انت أيها الالعبان هلال لتقل كل ذلك؟
وجلس البكائون لحظة للأستماع ثم عادوا إلى النواح من جديد. كانت الحسينية الوحيدة في قرية بعيدة عن الطريق العام مكتظة بالمؤمنين البكائين وهي تبدو مثل بناء وحيد شبه مقوض او تعرض إلى قصف مدفعي قديم. أبدا لم يكن زلرالا ما كان. وقال القاريء العجوز الذي توشح بالسواد: الدم كان خلاصنا في كل عصر. وما العصر ياسيدنا؟ لاتسألوا عن ذلك واستمعوا. وبدأت حملة من النواح جديدة. ووووووو. وووووو. وبدا في تلك اللحظة كأن هزة شملت قلنديا وبيت حانون والجليل الأعلى وسرّ من رأى وصنعاء حتى ارض المخزن. هناك، في أقصى الغرب: ووووووووووو!
أول مرة كانت الصورة تشمل باب المغاربة ثم تلتها بيوت أهل السوالف. ثم بدأ السكان بالانتشار في اماكن عديدة. بعد الحركة المتماوجة الرمادية الاولى بكى أهل السوالف أيضا. وعدّوا هذا الأمر موجودا في كتبهم السرية أيضا؟ حزام المدينة الشرقي كله يهتز. كنيسة القيامة تشقق. لم يثبت على أية حال سقوط خطاطات من سقفها؛ وربما حدث ذلك واخفي عن الناس أيضا: غيمة سوداء تجتاح سامراء ظهرا. قباب مهدمة والمنارة تترنح. كانت كتب أهل السوالف تتحرك لحالها: يا إله الجنود ماذا فعلت بالجنود؟ شط اليهودية ناشف في بابل. يركض أطفال عراة وسط النهر وعلى الجروف الميتة. لسنا نحن من كنا نركض هناك كان ثمة آخرين يفعلون ذلك. تحتانيون. كما أننا لم نولد أطفالا كما هم الخلق جميعا. نحن ظهرنا، هكذا، فجأة بلا طفولة نعرف كلّ شيء، ونؤول دائما إلى اللاشيء. من مثلنا؟ لا احد يستطيع الإفصاح عن ذلك. وهذا هو سرّ عذاباتنا كلها لو أردتم معرفة ما كان لنا. أمنا: هذه العين التي تدمع بماء لو تسرب لحدث طوفان جديد على الارض.
تفتحت العين في ظهيرة على شجرة سدر وحيدة وسط خلاء موحش على غير انتظار في اغلب التوقعات. اما من كان في الأنتظار فهم قلة قليلة من الجالسين على مقربة من المكان وقد شعثت شعورهم، واصفرت وجوههم وغارت عيونهم، ونحلت أجسادهم، وغاصت في الجوف أفكارهم. تراهم في أقاصي الأرض. هم لا افكار لهم إن أردت الدقية. وفي الجانب الآخر من المكان ثمة أطفال سود يبكون في صحراء لا نهاية لها، وإعلان للمساعدة في هامش احمر سريع: شلومي في خدمتكم. امرأة متلفعة بالسواد تبدو وهي تحاول الكلام لكنها تجهش ببكاء مفاجيء مر. دائما.
- من تكون؟
- أمنا الأخرى لو أردتم التدقيق أيضا.
- ما اسمها؟
- البؤبؤ.
- وهووووو؟
- أكذوبة. نحن اصطنعناها اصطناعا.هل ارتحتم الآن؟
العين ترمش لأول مرة، فيتساقط بضعة أشخاص من الجفن الأسفل ويسيرون على غير هدى ولا مصباح ملا شمس منيرة. من الصعب التعرف على هوية اولئك الأشخاص لأول وهلة، ولذلك لا بد من الرفقة. معا معا. هكذا تلد الام الأبناء في عصر ما بعد الضربة الرجمة الأولى (كرات خيوط سود تلعب بها قطة منزل صغيرة وكركرة اطفال مسموعة من بعيد تدحرج القطة الكرات على عجل فتتشابك الخيوط) وتتمايل شجرة سدر في فضاء خال، كأن قوى خفية ما تحركها ببطء. لا لم تكن عينا تلك التي جحظت لحظة المغادرة، رجاء، هي كلمة من اجل الاقتراب فقط. كونوا معنا. نحن الذين زحفنا على الارض توا. سائرون بلا توقف، عدّاءو مسافات صحراوية طويلة. عابرون غير ماهرين في طرقات مزحومة وغير مرشوشة ولا تبشر بخير. غبارية من طرز ما بعد التلوث الأكبر. شنينيون في مدن سحابية شبه فارهة غير مرئية جيدا، هناك؛ كان يجلس من تبقى من دار العجزة على مقاعد خشبية خضر متباعدة. وكنا نذهب له كي نراه. لم يمت أبدا كان عمره يربو على الألف عام. ورقة الصارخ: عبد القدوس عبد القدوس! ها قد أتينا أخيرا من الرحلة.
وعلى الشاشة بغتة ثمة إعلان بالإنكليزية ومترجم بعربية بحروف صغيرة غير مرئية تماما كالمدن التي ذكرناها عن جهاز مريح جديد لتطويل القضيب. ممكن أست. شلومي يدور كرسيه في مكتبه بالطابق السابع والخمسين وهو يدخن سيكارا ضخما من نوع هافانا وقبالته كأس ويسكي وهو يردد: كلّ ما جرى؛ هو بين هذه الكأس ودخان هذا السيكار، أيها الأبالسة! وبلعوط يقهقه: هه هه هه هه كانت امرأته قبل الضربة تعيره بقصر قضيبه، وهاهو قد وجد حلا في إعلان. مبارك اخيرا. لم يكن ثمة احد يرى بلعوط يتكلم بتلك الطريقة أبدا. لكنه لسان مزولة ما بعد الضربة على أية حال. بلعوط هذا مسجّل عند منشم لكنها أخفت ذلك عنا لأسباب خاصة بها.
- منشم يا أم حدثينا عن العلاقة بينك وبين بلعوط؟
- هل تظنون أنه كان يضاجعني؟ قولوها!
- لا نقصد ذلك.
- ماذا تقصدون إذا؟
- شلومي من أشاع ذلك.
- شلومي! ولدي وسرّي وليقل ما يشاء.
الجالسون على أرصفة الموانئ هناك بانتظار الرزق. ألنوتيه. البارّون بالأم والاب. عشاء الأب سمكة مشوية. دائما. والتلامذة يبكون: فردريكو ينشج بصوت عال على غير العادة. وبلعوط يتشمم. الجائعون دائما؛ لحاهم تستطيل وأعينهم غائرة، والكلمات تموت على شفاههم بسرعة البرق. الممسوسون: الجماعة فطر الأرض - المتقلبون- الذين يدعون فطر الكلب أحيانا، وهم ينبشون السطح الربيعي بعصا وحيدة او بأظفارهم أحيانا. عارفون جدد بالباطن المستور. ويمكن مشاهدتهم في ربيع واحد؛ وهم يجوبون البرّ بحثا عن الفطر من زمن بلعوط الحيزبون.
- لا علاقة لي به.
- مولود مثلنا؟
- لا ادري.
- ألست العارفة بكل شيء؟
- لا. لني من شمّ أولا.
- كاذبة. رأيناك.
- كلنا يعرف بعضنا ويرى.
- بلعوط منا؟؟
- تخاطروا معه لتعرفوا.
- لا يفعل ذلك!
- تعلموا بأنفسكم إذا. تشمموا!
بعد ذلك؛ كانت تبقى على خشبة المسرح الحجري بعد نهاية البروفات لتتعرى وحيدة كما أعلنت من اجل رؤاها، وكان بلعوط يأتي خلسة ليضاجعها وسط صرخات تشبه عواء ذئبة جريحة.
- أم عاهر!
- أم داعر!!
- أم فاجر!!!
فصرخت بعد المضاجعة: لست أما أنا هذيم فقط. هل ارتحتم الآن؟
الجماعة التي ظهرت على سطح المعرفة ذات ليلة اندلسية ماطرة بعين واحدة كأنما النبط لأول دفقة من الماء وسط رمال قديمة؛ الراءون الرواة - بعد ذلك- لما حدث على أرض المسرح هم من نشر الأخبار عن منشم. وفي تلك المدينة التي لا نكاد نعرفها الآن؛ حيث ظهر حوت ميت جرفته المياه عنوة: بدا واحدا من عجائب الدنيا السبع، وخرج الناس لمشاهدته في جموع غفيرة كأنها تستجيب لهاتف جمعي واحد: ظهور الحوت في سني القحط، هو من علائم الساعة. وكما هو بلعوط الأسود السامق الذي حمل لنا كلّ هذا الألم في جيب دشداشته الرمادية البرج المثقوب؛ جاء المدينة من غير بوابتها وانتظر بعيدا قدوم الجماعة: تتطاير شعيرات لحيته البيضاء الطويلة وعيناه مغرورقتان بالدموع كما لم نشاهده من قبل. كان يحسب نفسه في معرفة ما كان أيضا، وأن مضاجعته لمنشم من اجل المعرفة واحدة من ابتكاراته الخاصة؟! جلس وحده على صخرة وحيدة وقد أنحسرت دشداشته وظهرت عورته بالشعر الأسود الكثيف، لم يهذبها منذ عهد السلطان سليم الاول. فظن العابرون وسائقو الشاحنات وقادة الدراجات النارية وعمال البناء الجالسون في الأحواض الحديدية بأنه محض ممسوس طرني آخر. لكنه هو ظن غير ذلك. دائما. طبعا. كانت مضاجعة منشم كلّ ما وجد من اجله في هذا العالم الفسيح وغالبا ما تركب نقطة على حائه.
- بحر النوم على مهبلها لو تعلمون ياأخوتي.
- أيها الدجال!
- مضجعتها ألف ألف عام: علوم أولين وعلوم آخرين لو تعلمون.
- كاذب كاذب!
- لو جربتم لرأيتم ما كنت أرى.
- وما رأيت أيها البلعوط؟
- كلّ الذي أريده.. نشوة مائة مائة عام في لحظة اجتمعت.
- هل تحمل منشم كلّ ذلك المتاع الأرضي ونحن لا تعلم؟
- أيها الساهون.. تف!!
مدينة بحرية طرنه أخرى. خربة. سوداء. زلقة. دخانية. طائح حظها مثل مزلاج باب محطم، ومن بين جميع مدن الأرض يمكن للقادم ان يشاهد الحوت وهو مقعي بدشداشة سوداء ولحية كثة تحت بوابة الاستقبال المبنية من الطابوق الأصفر وقد زينت بصور المصلحين والقادة ومخترعي التداوي بالأعشاب. لاصناعات ولا حرف ولا نقابات بناءين. لا زراعات ولا اخضرار ولا سدود ولا كراية أنهار، لا مقاهي ولا ساحات نظيفة: غبار أصفر دائما يدمع العيون. والنساء يزغردن لكلّ قادم: كلللللوش! وفي ساحة الطيران: يجلسون أمامهم عمال البناء، كلّ يوم ، المياومون: طاروا في الفضاء في لحظة واحدة غريبة، بمممممممممم!، ولم يعد ثمة من يفكر لمَ كان ذلك؟ أبدا. والله. كان الله يرى على أية حال وهو يبكي بكل عيونه المفتحة دائما. وجماعة شوق يرون كلّ شيء أيضا وعيونهم مفتحة دائما. لكن أحدا (ما) هناك ممن فقأت أعينهم الشظايا الحارة الطائرة يتذكر. بس. بس. لو لم يخرج في ذلك اليوم النحس. أخذه الله بنيتي وبنيته؛ الله أم هم؟ بل هم هم. الهم الطويل. لا تجحدي القدر حقه. وما القدر ياخالة ؟ قالت هذيم الكاهنة هووووووووووووووووو!: في ذلك اليوم الحار الأرعن السخامي جاءت جماعة شوق راكضة، ومرقت من هنا، على حين غرة، كسراب متتابع؛ مثل هبة ريح تموزية عابرة في حياة الخلق. لم يسألهم احد عن هويتهم من الحرس المتحشدين عند البوابة الرئيسة، وظنوا أنهم مجرد زائرين فقراء جاؤا مشيا من كربلاء بعد انتهاء زيارة الأربعين. ربي من اين يتسلل هذا الدخان الذي يسد الخياشيم الآن؟ الأجساد تتطاير في الهواء. لا تسأل عن أشياء تبدو لك لأول وهلة تسيء لك، وتعلم التبصبص بالعين فقط؛ الم تلدك عين أرضية أنت الأخر؟ أما أن تستخدم لسانك، فتلك قضية لها عواقبها، أو تصمت ألف عام، وأنت لست ممن يمكنهم مواجهة ذلك. بضع طلقات ببضع دولارات: تعرف ذلك جيدا، ام أنك نسيت قانون الناس هذه الأيام؟ الدولرة والديوثية، وجماعة شوق التي مرت من هنا د.. انجب! وكل خرء! يا هرطيق: يتشكل الدخان على الأسطح الواطئة وواجهات البنايات والسماء البعيدة المرئية كوجوه متداخلة. من الصعب ملاحقة الدخان وأنت ترفع راسك إلى الأعلى مثل ديك مذبوح وسط مسيرة متواصلة مع أخوة صخابين يكثرون النصح حتى في طريقة المشي، والنوم على الظهر والجانبين وعلى البطن: الأخيرة ممنوعة لنها لا تورثك إلا الشبق.. ومن يرغب بأعطاء أسته للسماء؟ وتبدو المدينة خارجة من جوف "شيصبان" ظهر على سطح الأرض توا. لم يكن ثمة احد ينظر الينا على أية حال وتلك نعمة لا نستحقها، وسط غياب زحام العربات والسيارات والمارة تقربيا. روائح كريهة منبعثة من الأسفل دائما. كان يسير في المقدمة حاملا راية كتب عليها بخطوط يصعب معرفتها الآن، وفي الاعلى كان ثمة مثلث مقتطع يتوسط عينا تغمز لنا كلما امعنا النظر اليها. الأخوة البناؤن الاوائل الشرط. أسكت زعطوط. تريد تعرف الجماعة بسرعة. من يقود العام ؟ منهاتن وول ستريت؟ الدوتشي. سفاتج. باره باره. خرء العالق الاصفر النائل الذهبي عيار ثقيل. نحن ممن خرقنا قاعدة الذهب وعومنا الدولار. بالليل والنهار. سبحنا ضدّ التيار. دار ما دار. ارقام البورصة سهم سابكو. مسرعة تركض عينا فيمون اليوناني على القراءات. هآآآآآآآي ربحنا. جميعا. حسنا ثمة رابح فينا في الأقل غامض ولا معنى له مطلقا: الديوث.
سرنا في الشارع التجاري المزدحم صباح عيد نسينا أسمه. وكان العيارون والشطار يسبقوننا بخطوات قليلة. الرابحون القدماء. ارديتهم مزركشة فارسية براقة. وحتى الاخوان الزرق لا يعرفون كلّ شيء. تقريبا. نسّاؤن؛ لكنهم متبجحون.الأعياد في العالم كثيرة مثل الحروب. والحروب مثل الغيوم تنكح بعضها. لكن الغيوم دخان. هذه الأيام. تاريخ علوم الطبيعة. الشمس تختفي خلف سحب رمادية مريضة، تتلوى مثل اجساد نساء ضاجعهن الأسود الديّار توا. هم من قال لي ذلك. إخواني وأخواتي. أنا لم أره قط؛ هكذا قيل لي في لحظة واحدة من لحظات الجلوس ألقسري على كرسي الكهرباء؛ قالوا: كان قضيبه من حديد خازوقيا، يثقب المراة فتموت ثمّ تحيا، ثم تموت، ثم تحيا بعد مدة وقد تبدّل لونها. الأسود الديار من المولودين لكنه لم يسجّل اسمه عند منشم. صحيح إني رأيت كثيرا من اولئك النساء المتحولات، لكنهم لم يسمحوا لي بمضاجعتهن، اولئك الإخوان الزرق المصاحبون لي. يمكن تطويل القضيب باستعمال حيل طبية بسيطة وغير ضارة. المركز القومي للعقم الطائفي يحييكم ويقدم لكم آخر أنباء البرذون.
كان من الصعب أن نرى غير سخام انتشر على واجهات البنايات العاليات. كأن يدا ما عملت كلّ شيء في لحظة واحدة، عابثة مسرعة خربوشية، ثم غادرت على عجل. كنت أبحث عمّن يدلّني من جديد من بينهم عن أولئك الذين اعرفهم هنا؛ فقد سبق لي ان رزت مع إخواني مدنا لا أعرف فيها أحدا. طبعا. أيام المسيرات البرية التقليدية. الجوالة. التحية بثلاث أصابع. معسكرات الملك الشاب. نحن الشباب لنا الخرء. هاي شبيك كلّ شيء عندك ضحك!؟ قابل أنت طرن؟ محلات البهارات مغلقة. لا صرافة بالدولار. بورصة المهزومين. عمال المسطر والحمالون والنشالون والمافونون.عالم طرني: دولره زنباره. وبما إني كنت قد جربت التيه في مدة اخر رأينها معهم، فقد أمسكوا بي مثل طفل صغير. وعلى الرغم من ان المدينة كانت مدينتي إلا إني اكاد لا اعرفها.. كانوا جميعا يعرفون بأنها المدينة التي عشت فيها لكنهم آثروا الحفاظ عليّ. شكرا على أية حال. لكني بعد مدة كرهت ذلك. وحينما حاولت التفلت كانوا يداولونني.. شكرا ثانية.
المداولة بي هي أبشع ما مورس ضدي حتى هذا القرن التافه الجديد. لا تسب الزمان أيها الأخ لأنه آية. لا تفعل ذلك أبدا، إياك والشتيمة، لأنها لا تورثك غير النباح غير المجدي في صحراء بهيمة. صدقني. ها انت تصرخ من جديد. ألم نقل لك أنك لم تتعلم من زمانك؟ الفونسو فردريكو مسكين كان الوحيد تقريبا ممن ادركوا كم نحن محظوظون في هذه العطالة البليدة من السير الجماعي المتواصل بلا هدى ولا دليل. كان أسمه في السابق قبل التعميد جار الله مسكين مغربي وقد أختار هذا الأسم عمن طريق "الاستخارة" من كتاب قديم لمبشر كاثوليكي اختفى في غابات اليابان إبان بداية القرن السابع عشر الميلاي، بعد ان عذب وقتل جميع من علمهم تعاليم الرب الإنسان. والفونسو غير بلعوط عاش في غابات مطيرة ولم يُكتشف قط طوال عقود مريرة من التوحّد والعزلة والخوف. لا احد يعرف على وجه الضبط كيف ظهر بعد ذلك في اوربا، وكيف استطاع الوصول إلى هناك حيث وضع مذكراته عن تحوله من الإسلام إلى المسيحية وولعه الدائم بكفن تورينو. بقي الأمر غامضا منذ ذلك الوقت البعيد، ولم تجد التفسيرات الروحية شيئا حول طيرانه الإسرائي من غابات ناغازاكي إلى لندن قبالة كاتدرائية قديمة ربما تكون كانتنبري. كان الفونسو مسكين واحدا منا، من جماعة شوق، وكان من الصعب تجاهل طريقة انظمامه إلينا على أية حال. هو، بلاسم شالي فردريك من اعترض بقوة، لأنه كان قد فكر في خرق قانون (مور) في السليكا وحدد ان بالإمكان استعمال الحبر الخلوي الازرق بدلا عنه. وكان ثورة كاذبة وغير المنتظرة لأشياء يمكن ان تبتلعنا. مرة واحدة وبلا سابق انذار. قال له الفونسو: أنت من بذرت الموت العام ياسيد. لا احد يعرف على وجه الحق كيف هدأت لحظتئذ بعد ذلك تلك الثورة التي لاتنسى. دريا دريا.
يصعب علينا أن نفعل ذلك في هذه الاوقات بلوم بائس وعتاب مدمر للنفس. لم يعد ذلك ممكنا ايضا. ولم نكن نظن يوما باننا سنكون بهذه الحال، أبدا، لكننا لم نعد نفكر حتى؛ قيض لنا أن نكون - هكذا - في لحظة واحدة، بلا معاناة، وبلا الم، تماما مثلما حدث لأولئك المبشرين الأنكليكان الأوائل الذين رموا في حفرة مياه آسنة لمدة شهر حتى اضطروا إلى تناول الطعام فيها. لسنا مبشرين على أية حال، الآن، فلم يعد للتبشير أي معنى، أو بأي فكرة مدرجا بشكل ما؛ أبدا؛ لكننا مجرد دعاة لما يمكن ان يحدث لنا في الاقل.. ونحن إذ نسوق لكم ذلك هو من اجل الدعابة فقط. ومن اجل زقّ نوع من غرائبنا بينكم ليس إلا؛ فالقضية اوسع من أن تكون كذلك.
تابعونا من فضلكم. اقلب صفحة الكتاب القديم وسترى السيدة زمين قد تحولت إلى حبة بطاطا كبيرة خائسة وليس لها جذر بعد ان أصابها وابل. وعندما سرنا معا على تلك الارض الرملية الحارة الجرداء لم يكن ثمة دليل معنا. وسرنا فرادى في البداية، بيد ان الخوف تملك بعضنا على حين غرة. وحينما تأكد لنا ان ليس ثمة نهاية موعودة وظاهرة لتلك الصحراء المليئة بالرمال المتحركة؛ وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي داهمنا فيها الارتجاف الجماعي قبالة بقعة كبيرة من الرمل المتطاير دون أن تهب ثمة ريح، مما دعا البعض منا إلى التوقف بغتة، والتقليل من حالة الشوق العارمة التي تملكتنا منذ الظهور الاول لنا. شنين ماذا فعلنا. كان الفونسو هو اول من سار بأقدامه العارية ونادانا ان أتبعوا خطواتي ولا تحيدوا عنها. كان الفونسو يجيد عبور جزر الرمال المتحركة وهذا ما عرفناه عنه.
كم كان عددنا؟ غير مهم الآن، لكننا بعد تلك الرحلة لم يتبق منا إلا القليل. مات بعضهم بالرعب، وآخرون بالأيدز، و نال قسم منهم بركات ألفونسو حيث اختفوا على حين غرة وبلا كلمة وداع واحدة. قال ادوارد ديتش: هكذا هو أسمه الحقيقي: نحن نشبه اولئك الذين ولدوا وقضوا في الكهوف دون ان يروا الشمس من المؤمنين الأوائل: دريا وزمين وشمش وماه وشمس وبحر وقمر وافتاب: لا وجود لها في قاموسهم. حدّقوا جيدا في ذلك القرص الملتهب الإحيائي وستكتشفوا نفوسكم من جديد. مثلكم أيها الشوقيون لا يقتنع إلا بما يحرق قبالته. قرّب المكبرة من عين الشمس وسيلسعك الضؤ المركز. يستفاد من ذلك في تفجير الأجرام المهاجمة ايضا. افتاب العظيمة تختفي أخيرا ويهدأ كلّ شيء.
الهروب من هذه الحال بلادة متطامنة. حيونة الصغيرة وقفت قبالة بلدوزر يحاول هدم منزل فسحقها بقوة: كانت على الأرض صورة ملونة تصلح للإعلان وفي أعلى الصورة أسم راشيل كوري. لا يمكن النظر سوى إلى ما يمكن ان يكون ولا احد يتذكر ما كان. جميعا. الفونسو مسح كلّ شيء. ما كان هو الألم، ما كان هو الفضيحة والسقوط في الخطيئة الكبرى. تعلمت منه كيف أستطيع عجن الأتباع بدم الخروف السماوي. لنسِر أيها الأخوة من اجل الكلمة. أنهضوا في صباحكم هذا لتحيوا بالكلمة. لست نبيا جديدا، عصر الرسل قد ولى؛ لكن احدا ما في الأعلى أو في الجوف لا يستطيع منعنا من المواصلة. اكرزوا في برية الهول. وحدكم. ولا ينظر اخ أو اخت إلى ما يفعل الآخر في الخلاء. بولوا وارتاحوا. في الهول لا يعنى بالنسل ولا بالشهوات. تذكروا وانتعشوا. موحش التلفت. متطامن الامام دائما. مشروبات غازية صناعة بيتية مغشوشة. بال الولد في الطست وعلبت الزجاجات بعد ذلك. وشبيه بول الاطفال غير نجس. ربما لا احد منا يدرك الآن ماذا تعني كلمة متطامن لكنها الحال الوحيدة التي قفزت وقتئذ. الوقت الذي أنفقناه في الرحلة المختارة. وحدنا. كنا. في ذلك التيه: وقت اجتمع الخسوف والكسوف في شهر واحد. وكان الرجال والنساء المتشحون باثواب الكتان الهندي الابيض الخشن، السائرون جماعات نحو جبل (شاخ) الغائب عن الخارطة، الموتورون بالخلاصية دائما، الممسوحون، المسكونون بالفرح المبهم واللامبرر؛ جروح أقدامهم ظاهرة مثل نتؤات لحمية. ليس ثمة بداية لهم، ولم يشر ثمة احد إلى ضرورة تلك الرحلة إلى شاخ الكبير، ساروا على حين غرة كأنما يوجد هاتف ما يطوح بهم. معصوبو الأعين بكائون. لاشيء مثلهم.
وتلك هي المرة الوحيدة التي تعلمنا فيها التدوين: كانت سبابة حمراء غاصت عميقا في صدر جندي مفغور بفعل قذيفة هاون. الزوجة تنتظر العودة والام والاصحاب الصخابون الذين لما يلتحقوا بعد في المحرقة. كانت تلك هي المهنة المرافقة على أية حال. مهنة لاتدر إلا الموت؛ اما الخبز فهو الزائر غير المنتظرغالبا. مهنة من ورق الجرائد. ماذا يمكن أن تفعل الجرائد لأصحابها غير وجع الرأس والساقين؟
مهنة بائرة. خطاطة وجود اخرى. خطاطة حياة. خطاطة تذهب بها الريح السوداء في ليلة واحدة. هكذا كما نحن الظاهرين لكم في اول وآخر الزمان. تعلم مهنة تفيدك وتعيش منها ويرضى عنك الرب من خلالها، فيعرفك القاصي والداني من الناس، والزوجة المنتظرة للخبز دائما. تعلم مهنة تدرّ عليك البقاء في عالم لا يعرف غير القسوة المتناهية والتوحش المفرط. مثلك - ياهذا- من الصعب ان يبقى بلا مهنة. أيها العاطل الحروفي.
ولكن، من أنت أيها الغرّ لكي تتعلم الكذب المنظم والأقوال غير الحكيمة التي تنسبها لغيرك او لنفسك، وأنت أنت من رصفها في لحظة غير مدروسة بين مجموعة من الهرّاتين الدائمين؟ أيها الألعبان. دوّن. دوّن. اهرت! كنا مجموعة وما كان ثمة احد غيرك.
ما ان تفتح النافذة الخشب المربعة المطلة على أكداس الجثث الملقاة على رصيف الشارع المحطّم من الشتاء القارص حتى تدرك تماما أن ثمة ما يثير العين الرائية عن بعد؛ يعذبها البعد دائما كلما تأملنا عميقا، يعميها احيانا: ثمة جثة لرجل يرتدي بيلرسوت ملطخ بالدماء يبدو الوحيد المميز عن بعد. مهنة الرؤية التي لا تقبل غير الموت وتدونه على جريد نخل او جلود غزلان او عظام أكتاف أو على الورق الصيني.
أخيرا. حسنا. هو من يمسك على جمرة من اول الزمان إلى آخره ولا يلقيها ولا يموت، وربما يفنى اخيرا بعد فناء الأشياء. وقتئذ يمكن ان تلتقيه اكثر من لقائه في أية مفازة اخرى خبرتها وسلكتها وتعلمت دروبها: دروب ما كان، دروب ما يكون. وتتحسس تفاصيل المكان البعيد على نحو دائم: صورة نصف محترقة معلقة على الحائط لسلطان يركب سيارة مرسيدس ويركض خلفه الخدم والخصيان والعبيد وهو يلوح بيده للجميع من الشباك الصغير. أما المكان القريب فهو ساحتك، وحدك. مهنة الرؤيا والرؤية. سجل الفانين قسرا. صورة في الجانب الآخر للقرصان ذي اللحية السوداء وهو يوقع عقد كارولينا. تغصّ العبرة في حلقومك كلما حاولت ان تستوضح ما يكفي من الغياب المفرط على مدى اكثر من ألف عام. وتصبح الديمومة على الغياب عادة يومية سرّية أيضا.
ربما كان من الصعب معرفة ماذا يجري في الخارج لأول وهلة، هذا اليوم الشتوي البارد، السنطور ما زال يؤدي معزوفاته على آلات تدعى كونية. حيّ يرزق. في مدينة ضبابية. وفي قاعة تحت الأرض. يعلن السنطور دائما عن موسيقاه تخفف من وطأة العالم الآتي. دين جديد بلا لغة. لكنها الحرب على أية حال، وليس ثمة غير تساؤلات حول المكان الذي سنؤول اليه - لا لم تكن تساؤلات حقيقية مما نعرف، هذه كذبة اخرى اخترعتها من اجل رصف حروفي لكم، ولكي أبدو واضحا قليلا: عينان غائرتان، وشعر أشعث، وجسد لم ير الماء منذ أيام. نشارة خشب وذرة صفراء هو الطحين هذه الساعة.
الخبز الخبز.
تشمم رائحة العفونة الكبرى
هنا
ثمة عفونات كثيرة أخر
تشمم رائحة الفناء الشوارعي الجديد
سيان
ان نلجأ للعفونة او الموت
هنا
لم يكن الوضوح يعنيني كثيرا قبل معرفة ما يجري لنا
كان كلّ ما جرى لي محض تجارب لا معنى لها
لكن
الآن
في الاقل
ما يجري لنا جميعا يستفزني، غريب، إلى حدّ عدم معرفة حدود الغرابة نفسها.
يخرج رأسه الأسود المطلي بالقار من وسط الركام ويقهقه بصوت يشبه اجهزة التشويش على الإذاعات المعادية. أعرفه أعرفه منذ وقت لم يسجله مؤرخو الخلفاء. ولم يدون عنه شيئا مهما. ولم يزن ما يكتبون بالذهب في بيت الحكمة
هو
هو!
صاحبنا العتيق
نفسه الذي طالما أعلن عن قائمة الغياب القسري
وأنا من يدون عنه الآن:
خطاطة فضيحة.
حسنا أيها الولد القديم يا من خبرت البرية وتطامنت مع اسرار الخلق الاولى وتعلمت ان تكون واحدا منهم أولئك الجالسين على دكة الصفا منذ 1400 عام؛ أيها اللاعب بالقرب من دكة الصفا، دائما، رقعة الطين المرشوشة بماء الورد، المربعة، ذات الحواف الانزلاقية التي نتعلم فيها الألهيات والطبيعيات والرياضيات والمنطق وعلم الكلام؛ لتعلم أن لا سرّ باتعا، أبدا، وليس ثمة ما يجدي من بحوثك في ركامات القديم. القديم هو أنت، سبقت نوح بمئات السنين ولست بمعجزة. انت شأنك كشأني أنتهينا معا منذ ان ظهر لنا هذا الرائي الجديد، الباحث وسط الجثث، هل تراه الآن؟ ليس جديد هل تعرفه أيضا هآآآآي من انت؟ ماذا تفعل هنا؟ هل أنت منهم؟ أووه، ربما كان عليك ان لا تأتي في وقت مبكر هكذا، يجدك الجنود فيقتلونك.. هل تعرف أصحاب هذه الجثث؟ أيها الجثاث! ماذا تريد ان تعرف من الموت أكثر من هذا؟ مهنتك ومهنتي. طبعا. لكنها ليست واحدة. بصراحة انت تنافسني.. هآآآآآآآآآي!
كلنا نبحث عن شيء واحد. ما هو؟ هل تسأل أيها الغر؟ وماذا يمكنني ان أفعل غير السؤال؟
من أجاب من وقتئذ
خطاطة وثيقة.
لا اسم لي، ولا شهادة ميلاد، تعلمت ان ابحث عن نفسي، لكن الزمن هو الذي بقي يبحث عني من دون الخلق اجمعين. ومن خلل الشباك رأيته يسير على أرض دخانية بمعطفه الخاكي الثقيل الذي طالما أستعمله جنود الحراسات الليلية في الربايا العاليات. هناك. بالقرب من جبل أزمر.
- أنت الشيصبان!
- لا.
- الأعور الديار؟
- لا.
- ادوارد ديتش؟
- لا لا!
كان من الصعب تمييز وجهه عن بعد، ومن المجازفة المناداة له من هذه النافذة الصغيرة:
-هآآآي أنت ماذا تفعل هنا؟
- ......
-هل وجدت شيئا مهما بين اكداس الجثث؟
- ......
- هل أنت لص؟
-....
- لقد جردت هذه الجثث من كلّ ما تحمله.
- طبعا!
- المهووس بتأكيد ذكره!؟
- ....
- القرصان!
كان يبدو واجما نوعا ما وهو يتنقل بين الركام البشري المتعفن منذ عدة أيام حيث تحوم فوقه هليوكوبتر صغيرة مثل جرادة مؤزأزة تتطاول على غير العادة حتى تصبح مثل عصا: عكازة سوداء مطلية بالقار يحركها على غير هدى، وينبش بها الأرض أحيانا بحثا عن فطر سام أو جثث قديمة. من الصعب توقع حركاته وهو يرمق الهليوكوبتر وهي تنحرف نحو الجنوب في وضع قتالي. طنطل. أنت. للطناطل ألاعيبها على أية حال. لكنه في الليل جلس لكل جسد ما تبقى من يوسف.
- أكله؟
- اجل.
- كله؟
- ربما.
أكداس كتب مبعثرة ودفاتر وقلم رصاص مدرسي وصورة طولية باهتة لفوكنر وهو في شبابه مقتطعة من مجلة قديمة؛ كانت الصورة تتحرك كبندول ساعة ورقي على الحائط البلوكي غير المطلي السخامي بفعل المدفأة الرديئة. حكايات سود عن عذابات سود. حكايات جدتي عن العربان الغائبين وسط صحراوات لا نهاية لها. اولئك. وحدهم. عرفوا جزءا مما يجري. لنا. طبعا. غابت منشم في الصحراء من جديد وهي تصرخ: أنا هذيم كاهنتكم العارفة بكلّ شيء أتبعوني تنجون.زززززززز أزيز البداية وأزيز النهاية. لكن أحدا لم ير وهو يسير خلفها في وقت كانت تظن إن المئات أو الآلاف يسيرون في إثر خطواتها. لم تلتفت إلى الوراء أبدا بعد ذلك. غابت أخبارها تماما. ولم أقابل أيا منهم.
كانت في الاصل مخطوطات قديمة تدعى مخطوطات صنعاء؛ وضعت في سقف جامع بني في السنة السادسة الهجرية؛ الواضعون الأولون لها، كانوا يعرفون انها في مأمن من الزمن، ومن العبث البشري، والعيون، والمخالفين المدموغين بالتفرد. ربما أرادوا لها ان تكتشف بعد ذلك في لحظة ما.
1400عاما من النوم وسط قبة مزركشة
1400عاما من الاختفاء بين الأحجار كانت الريح والأمطار أخيرا قد فعلت أفاعيلها كلها. شكرا من كلّ قلبي! وكان لي ثمة قلب نابض طوال هذه الدهور الطويلة. بكيت أخيرا لا حلّ سوى البكاء، أخيرا. وحينما اخرجوا المخطوطات من بين ركام القبة المنهارة كان هو: صاحبنا القديم يقهقه بصوت غريب نشاز؛ هو نفسه صاحبي القرين الذي يأبى أن يفارقني والمرافق لي دائما في مختلف الدهور: اللصيق الصفيق الحي، الحاضر، أيضا، وسط كل محنة تمرّ بي؛ لكنه لم يكن يرتدي معطفه العسكري الثقيل هذه المرة، ولم يحمل سلاحا، وليس له وجه، ابدا، كما بدأ وبدا لي منذ دهور سحيقة. وكانت الغرفة المطلة على ساحة الموت قد تكدست في زاويتها المهملة الكتب والقرآين القديمة والخطاطات المبعثرة، وما يمكن ان يدعى بالمكتوب بماء الزعفران: رائحة القديم ورائحة الجسد ورائحة الدود ورائحة الشارع المدخن بالموت وحده. تشمم: رائحة الغياب والغيب والتغييب والغيبوبة والغيبة والمغيب والمغيَب. وحده من يمنحنا المعرفة دائما. خطاطات جنوب الجزيرة ستون خطاطة. من يمنحنا المهنة، ومن يعلمنا الانخراط في الصنوف والشرائط والنقابات والحركات السرية والنأي بأنفسنا إلى اقاصي الأرض هربا بجلودنا وحدها: إلى أقصى الشمال الافريقي او إلى جبال عُمان. أنت لا تدرك ماذا يعني ان يقف الواحد مبهورا امام مخطوطات تفوح منها رائحة الجسد المدفون الذي لم يتعفن منذ الف عام: نمل تاريخي كبير لم تعرفه كتب الرحلات ولم تذكره بيولوجيا الحشرات يستوطن المكان يقضم بقوة. اكوام من الدود تتسلق الجدران. خطاطات الفناء اليومي، ربما تكون أكثر بلاغا من غيرها، من يدري حقيقة ما كان ومن يمكنه ان يدون ما كان وقتئذ؟ كلّ شيء حفظ في الصدور، وغار إلى جوف الأرض. خرج الدود الأسود والأبيض والأزرق والرماني إلى ساحات المدينة. يتراكض الناس مذعورين أخيرا: من أين جاء؟ من أين جاء؟
ومن وسط الريح والغبار الصباحي، جاء، مقتربا من النافذة. لم أغادر المكان ولم أبرح الزمان الذي خبرت. من أي زمن اتيت؟ ها؟ ومن أية اورطة ولدت؟ أريد أن أعرف الآن.. هل أنت ممن قابلتهم في الخنادق والشقوق الطولية وفي الملاجئ؟ ألا ترى إني اكتب في أرض شنين؟
هه هه هه كتابة! دليل شنين: ما كان وما سيكون. أتظن أنك قادر على ذلك حقيقة؟ كان غيرك اشطر منك: الانشطار النووي للكلمات. الحمض النووي الملازم. أنت ربما كنت حمضا نوويا. هذا صحيح: عادة تاريخية تقترب من النيرفانا. ما بدأ وما ينتهي إليه: ريح تأكل قاع بحار سجّرت فجأة في لحظة واحدة طويلة. لم تعتد الوقوف طويلا هنا: تغادر في البرذون سريعا. كأنما لا تسري عليك السنن. تعلمت الاستفزاز الصباحي. خطاطة موت. مثلك لا يجيد غير حرق الأشياء. ربما كان من الممكن ان لانلتقي أبدا. لكنها المهنة التي تجلب القلق والابحار عميقا. لم يكن بحرا أبدا؛ كان محض خدعة سمجة أخرى أصطنعها لنا أحدهم في ليلة ماطرة. لم يكن مخترعها إسحاق ولا يوسف ولا صدّيق. رحاب وحدها من كانت تردد ذلك أولا، ثم جاء بعدها من جاء ليصرخ بصوت واحد: هههههههههههههههي!
من أنت؟؟
كم أنت؟؟
صاحبك القديم الذي سبق له أن طاردك في القصر، وقابلك في البحر، ونام معك في جدار واحد؛ ما أضعف ذاكرتك أيها المخطوط.
ربما من المفيد ان تعرفنا بنفسك يا سيد:
من أنت بالضبط؟عنتيك أم بغا أم ديتش....؟
لا. لا
من؟؟؟
أكاد أختنق! اكاد أختنق!!
كان يطلق النار من بندقية (مسكت) عتيقة ذات دخان أبيض كثيف غيّب كلّ الأشياء تقريبا، وفي اتجاهات مختلفة، ثم أحرق المخطوطات مع غصن شجرة سدر متيبس باليد الأخرى. لم يكن دخانا عاديا.

ـــــــــــــ
(*) الشيصبان: كائن أسطوري يرد في كتب مستقبل العالم الدينية خاصة



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل السابع:الخروج
- مبولة محمود درويش
- فوبيا هب بياض
- تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل السادس:بغا ويوسف
- تلال القادم/رواية فانتازيا/ الفصل الخامس: احافيرهووووو
- تشظي الدكتاتورية، تطبيقات الشرق الاوسط الجديد
- تلال القادم/رواية فانتازيا الفصل الرابع
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الثالث
- عدميات
- صلاح شلوان:عالم الميناتور في ميسان
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الثاني
- الواقعية القذرة العربية.. آتية؟
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الاول
- مراجعات غير مطمئنة لعالم محمد خضير( محنة الوراق)
- لم يتبقَّ لدى نوح من ينقذه
- بانوراما ليل سعدي الحلي
- عجز مكتسب: قفص حديد امن البصرة
- على ماذا يراهن المالكي في الانتخابات القادمة؟
- زخرف: ملحمة ظهور محمود البريكان مؤخرا
- الأدب السرياني العراقي دليل مضاف على وحدة الثقافة العراقية ا ...


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض الأسدي - تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل الثامنوالأخير: