أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بودريس درهمان - الصلاحية العلمية و العقيدة














المزيد.....

الصلاحية العلمية و العقيدة


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 16:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الصلاحية العلمية مرهونة دائما بمستوى تطور الحضارة العلمية للبلد. لنأخذ على سبيل المثال دول الاتحاد الأوروبي أو بعض دول القارة الأمريكية، احترام مبدأ الصلاحية العلمية في هذه البلدان انطلق منذ نهاية القرن الثامن عشر وقد تم توطيده بشكل نهائي في القرن التاسع عشر أما ألان فنادرا ما نعثر على إجراء إداري أو تدبير قانوني لا يحترم مبدأ الصلاحية العلمية. تطور مبدأ الصلاحية العلمية تم بشكل مذهل.
مع نهاية القرن التاسع عشر استشعر الأوروبيون مكمن الإعاقة التاريخية في هيمنة الدين على الدولة فقاموا بتحويل مستوى المنافسة بينهم من مستوى المنافسة على التمثيلية الدينية ( بروتستانتي/ كاتوليكي/أو غيره) إلى مستوى التمثيلية العلمية بكل ما تتطلبه هذه التمثيلية من تحكم في القيم و القوانين. روافد الحضارة الغربية المعاصرة ليست بالتمام ذات أساس ديني( الحروب الدينية) أو أساس سياسي(الاحتجاجات السياسية)، بل هي ذات أساس علمي، لهذه الأسباب أعتقد أن التسليم بفكرة ضرورة العودة إلى الدين الإسلامي لاستلهام مقومات القوة الحضارية هي فكرة مجانبة للصواب. أصحاب هذه الفكرة سيتخبطون يوميا في قضايا هي خارج التاريخ وخارج مستلزمات الحضارة نفسها.
إذا كانت الغيرة على الدين كمكون تاريخي حضاري تراثي هو الدافع الأساسي إلى استحضار الدين في جميع المناسبات، فمن الممكن كذلك الدفاع عن الدين بواسطة القيم العلمية. لقد استطاع العلماء المسيحيون و اليهود منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى حدود ستينيات القرن العشرين مزج التعاليم الدينية بالقيم العلمية.
تقريبا، بفضل استحواذ المسيحيين على المجالات العلمية جميع العلوم هي مبنينة على أساس ثابت مسيحي واضح. هذا الثابت هو البنية الثلاثية التي تبنين جميع المجالات العلمية و المعرفية. لأقدم النماذج:

 حدد كارل ماركس سنة 1848 مكونات الصراع الاجتماعي في ثلاث طبقات: البورجوازية، البورجوازية الصغرى والطبقة العاملة.

 سنة 1916أكد العالم اللساني السويسري دي سوسير بأن العلامة اللسنية هي ثلاثية البنية: دال ومدلول وموحى إليه.
 في ثلاثينيات القرن العشرين حدد العالم النفساني فرويد بنية الشخصية البشرية في ثلاث مكونات: ألانا، الأنا العلوي والهو.
 سنة 1952 حدد العالم العصبي الأمريكي ماك لين بنية الدماغ البشري العمودية في ثلاثة: دماغ الزواحف، دماغ الثدييات ودماغ الإنسان
 في سنة 1957حدد العالم الكندي بلوم المستوى العقلي المعرفي العلوي في ثلاثة: التحليل، التركيب والتقويم. كما حدد كذلك المستوى العقلي المعرفي السفلي في ثلاثة كذلك:الشرح، الفهم والتطبيق

 قبل سنة 1977 حدد العالم الفرنسي فرانسوا ريشودو أنواع القراءة في ثلاثة: القراءة الشفاهية، القراءة التمتمة والقراءة الذهنية

علماء المجتمعات المسيحية قدموا خدمات جليلة للدين المسيحي لما وطدوا دعائم البنية الثلاثية بداخل أحشاء الفكر العلمي. حققوا هذا على امتداد القرن التاسع عشر إلى حدود ستينيات القرن العشرين. أما ما بعد هذا التاريخ فسيتم تأثيث اللاشعور البنيوي العلمي بالقضايا الوطنية والقضايا الجيوستراتيجية: هكذا فخريطة برودمان العلمية لتحديد باحات الدماغ البشري لسنة1909 هي خريطة وطنية بامتياز لأنها تحتوي تقريبا على نفس عدد الولايات المتحدة الأمريكية: 52باحة. في حين دماغ روجي وولكوت سبيري لسنة 1981هو دماغ كوني يستجيب لمتطلبات الخريطة المعرفية لنظام العولمة.
العلماء المسيحيون استطاعوا تحقيق هذا الإنجاز العلمي الديني بدون اللجوء إلى إرغام تلاميذ المدرسة الابتدائية للجلوس ثلاث ساعات وربع أسبوعيا بداخل قاعات الدرس من اجل تعلم العقيدة. مثل هذا النوع من القرارات تخلى عنه الأوروبيون لأنه غير مجدي و تخلوا عنه بشكل نهائي مع بداية القرن العشرين. يمكن التأكد تاريخيا من هذا، المملكة البلجيكية مثلا حققت هذا التحول التاريخي يوم فاتح جويي 1879حينما استطاعت كل القوى الحداثية فرض قانون عضوي اعتبره الكاتوليكيون بمثابة قانون الشؤم. يمكن تلخيص هذا القانون على الشكل التالي:
1. أولوية المدرسة العمومية
2. تدريس العقيدة يبقى اختياريا
3. الاستقلال الكلي عن السلطات الدينية

بلجيكا حققت هذا التحول التاريخي سنة 1879 وفرنسا التي أحست أنها تأخرت قامت باتخاذ أجراء متطرف يتجلى في ظهير 1905الذي يحرم استعمال حتى أشكال الرموز الدينية في الحياة العامة.
علماء أوروبا المسيحيين حينما كانوا يبنينوا المجالات العلمية على أساس البنية الثلاثية لم يكونوا يدافعوا عن الدين المسيحي بل كانوا فقط يستجيبون للاشعورهم البنيوي الذي أثثته التقاليد والعاداة المستمزجة بالشعائر الدينية المسيحية.
السياسيون والعلماء هم من أنقذوا الدين المسيحي من الاندثار وليس رجال الدين.الملكة البريطانية فيكتوريا وبسبق زمني عن باقي الدول الأوروبية قامت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر بتأسيس جمعية للتقدم العلمي (Association For The Advancement Of Science) هذه الجمعية ساهمت سياسيا في تجميع وتأطير مجالات البحث العلمي وألهمت في ما بعد هذه الفكرة جميع الدول الأوروبية. ألمانيا أنشأت مؤسسة ماكس بلانك التي توازي قوتها العلمية الحالية قوة مجموعة تحالف من الدول. فرنسا بمقتضى المرسوم الرئاسي للجمهورية الفرنسية للرئيس ألبرت لوبرانAlbert Lebrun يوم 19أكتوبر1939أسست المعهد الوطني الفرنسي للبحث العلمي
في الظروف الدولية الحالية، أعتقد أن التسليم بفكرة ضرورة العودة إلى الدين الإسلامي وحده لممارسة الصراع الحضاري هو نوع من النكوص الحضاري الذي سوف لن يخلق إلا الهزائم تلو الهزائم.



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تحرير التنمية الاقتصادية- و -العصافير التي فوق غصن الشجرة-
- سباق المسافات الطويلة
- الإسراف و سوء بناء المنهاج التربوي الوطني
- فدرالية تحت الطلب
- من اجل تنمية الذكاء الوطني
- سباق النعامات و الاحتياط الفدرالي
- حول اقتصاد الجنس بالمغرب
- قضية الصحراء و ربيع الشعوب المغاربية
- كيف يسير العالم؟
- الديمقراطية المغربية من المدرسة السلوكية الى بيداغوجيا الاهد ...
- الحكم الذاتي... الخيار الأوروبي بالقانون
- New World Order النظام العالمي الجديد؟؟؟
- الإشاعة واقتصاد الريع
- رباعيات خيام العولمة
- مشكل الصحراء بين -قيمة- الاتنية و مبدأ -القرابة التشريعية-
- أمنتو حيدر و المعاهدات الدولية
- الشبكة في ظل زمن النهايات
- من أجل تسريح التاريخ
- ضحايا التاريخ النظام العالمي الجديد
- الإطار التاريخي السياسي العام لبناء العقل الوطني


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بودريس درهمان - الصلاحية العلمية و العقيدة