|
شُرُفات منسية
باسم الهيجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2884 - 2010 / 1 / 10 - 23:53
المحور:
الادب والفن
قمرٌ يتغنى ، وامرأةٌ تشربُ من قلبي ماء الغيم ، تُفتِّشُ في حجرات القلبِ بنات الريحِ ، تُفتِّحُ كلَّ جِهات العمرِ ، ولا ينأى هذا الريفيُّ الواقف عند مصبّات الأنهار ، يُقيتُ الجرحَ ، تخطى الحاجز يوم اغتيل ، وكان يُغني ، للأطفال المعترفين بذاكرة الفرح المهجور ، بلا مطرٍ وبلا عشبٍ وبلا أزهارٍ برّية .
فيُراودُ كلَّ نساءِ الأرضِ ويرتحلُ لبلاد الشمس ، ولا يصلُ لسماءٍ تُمطرهُ فِيّا
يَنْشُدُ أشجاركِ في ذاكرتي ، أحمله من حيث يفيضُ ، أُفَتِّشُ عن وطن يَتَخطّى كلَّ لغاتِ الشِّعر ، وأركضُ خلف شياه المرعى وأغنّي ، أقترف الحلمَ ، فيَسْبِقُني رملُ الغرباء ، هجيرُ المنفى ، يلهثُ مثل عطاشٍ هَدَروا ماءَ العُمْرِ على شُرُفاتٍ مَنْسِيَّةْ .
وأنا المذبوحُ على شرفاتكِ ، لا يتنفس غير هواءكِ ، أتعرّى ، تختنقُ الروح ، وتحتلين مشارف روحي بين جهاتك ، تعترفين بأنَّ الحزن خرافيٌّ ، وبأنَّ الصمت خرافيٌّ ، وعُرى النسيان خرافيةْ .
فأهاجر من فوضاي إليك ، أشرِّدُ روحي بين جهاتك منذُ غدوتُ وحيد القامة ، أشهدُ أني حين وجدتكِ كانت شمسي ظامئةً فانتصر الماءُ ، وكانت روحي آفلةً نحو النسيان ، انكسر الظلُّ على شرفاتك ، حين يفعتُ وقالت روحي : سأغني ، فاكتب للشاطئ أن يحتضن الموجَ وقل للرمل كفاك ، كفى فالشجر الأخضر قد وقفا وتبنى طير الحرية
أُشهِدُكِ بأني كنتُ أغني منذ سمعتُكِ ذات صباحٍ تحتلين نوافذ روحي ، تنسابين بلون الماء على أوقاتي ، وتُغَنّينَ كأجمل بنت شرقيةْ .
تلقين بلادك من نافذتي ، أركض ، أحلمُ بالألوان ، فيسبقني شلالُ دمي ، في لحظةُ عشقٍ صوفيةْ .
تعترفُ الآن ، وما نَسِيَتْ قيثارةَ صوتكِ وهي تلملمُ طعمَ الرجفة في دمعتها ، حين تناثَرَت الأوتارُ ، وتاهَ على " الكورنيش " فؤادٌ كان يغني ، فاحْتَرَقَتْ كفّاهُ ، وأبقى ذاكرةً تَفْتَرِشُ الحزنَ ومنفيّاً يَتَفَيّأُ ذكرى منفيَّةْ .
يا قمر الليل ، ويا قيثارة شعرٍ تتهادى مثل النسمات على شرفات الليل ، وتختزن الفاتحة الأولى ، أركضُ كل صباحٍ مُرٍّ كي أتجرَّعَ من فنجانك قهوة روحي ، أقرأ في الصحف اليومية عن زمنٍ يغبرّ فأغلق نافذتي ، أختزن الشارع والفقراء المنسيين على أرصفة الجوع وأبكي ، كي ألقاني منتحراً في شمعة روح ذائبةٍ بلَّلَها الدمعُ ، وأدعو عشبك أن يتطاول في البرية كي أقوى ، أتفيأُ ظلَّك كل هجيرٍ ، وأغني ، أشربُ قهوتَه باردةً ، أحسدُ " حَسّونَكِ " حين يُغَرِّدُ في دلعٍ ، أستحضرُ جنيّات الشعرِ ، طريقَ العودةِ في أحلامِ المنفيين ، نشيدَ الريحِ على الأشجارِ ، وأسرارَ الزمن المحفورةِ في قيثارة وجداني وأغني ، أكتبُ : ليتَ أنا ، لأَضاءَ الشعرُ على قلمي ، ولصار الشعر فدائيا .
لكني يا قيثارة صوتي ، يا نزف الكلمات الأولى في لغتي ، أتوجَّعُ مثل رمادٍ سار إلى قلقٍ ، تحمله الريحُ ولا ينأى ، وتعيد الكرَّة كلّ صباحٍ ، أشربُ قهوتَهُ باردةً مثل الحلمِ ، ولا ينأى هذا الريفيُّ الواقف عند مصبّات الأنهارِ ، يُفتش في شرفات الريح عن الأسرار الليلية
عن لغةٍ كانت تُلقي حَبَّكِ كلّ صباحٍ ، حين يُطلُّ يمام القريةِ ، يسأل عنك من النافذة الغربية
كي يخفي عند بنات الريح نشيج دعاءٍ يكتبُ عند هواك البكر إقامة حزنٍ ، كالفقراء المجبولين بكسرة خبزٍ ، يتخطى لغة النسيانِ ، فهل يقوى زمن النسيان بأنْ يستلَّكِ من ذاكرتي ، حين أغادر منفياً ، أو حين أُغادرُ مَنْ فِيّا ؟
الشارقة 2009م
#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذات حلم
-
رجال في الشمس
-
سياج البحيرة المالحة
-
شتات
-
الحاكم العربي
-
جنين أو المتوسط نهايتي
-
مدخل لقراءة متأخرة
-
سوسنٌ منتبه
-
لواحدة هي أنت
-
قصائد أسيرة
-
قصائد للسابع عشر من نيسان
-
الموسيقى تقول لا
-
سهام عارضة .. علم من أعلام الثقافة الفلسطينية
-
سيدة القصيدة
-
سهام .. لمن تركتِ القلم ؟
-
أزمنةٌ للعبور .. وأمكنةٌ للتراجع
-
كيف يصيبني تلفُ ؟
-
بانت سعاد
-
صوت الشعر
-
جمعية الكمنجاتي الموسيقية تحيي عيد الموسيقى في مدن فلسطينية
المزيد.....
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|