أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نجيب الخنيزي - الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )















المزيد.....

الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 20:31
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



فشلت الحركة القومية العربية في تحقيق مشروعها التحرري (الاستقلال الناجز، الحرية، العدالة، التنمية المستدامة، الوحدة استعادة فلسطين) بالرغم من إحراز بعض المنجزات التاريخية الهامة على هذا الصعيد في المراحل الأولى، كالتحرر من الاستعمار ووضع خطط التنمية ومكافحة الأمية ومجانية التعليم والاصلاح الزراعي وتأميم المصالح الاحتكارية الغربية والتوصل إلى بعض الصيغ الوحدوية، غير إن كل ذلك وصل في النهاية إلى طريق مسدود.
ومع عدم إغفال دور العوامل الخارجية الكابحة والضاغطة والمعرقلة، المتمثل بالقوى الاستعمارية والامبريالية الجديدة وربيبتها إسرائيل، غير إن السياسات والممارسات الداخلية للنخب العربية، لعبت الدور الحاسم في تصدع وتراجع وإجهاض المكتسبات الايجابية السابقة، وولوج النظام العربي الرسمي مرحلة الأزمة البنيوية الشاملة، حيث استندت تلك النخب إلى احتكار العمل السياسي وإلغاء السياسة عن المجتمع، في ما ظلت تراوح مكانها فيما يتعلق بمسائل التجديد والإصلاح الديني والتطوير الاجتماعي والثقافي، وأصبحت عقبة أمام إحياء وإشاعة وترسيخ قيم العقلانية والحرية الفكرية والسياسية، التي بشر بها وسعى إلى تجذيرها رواد النهضة الأوائل، كما تجاهلت مستلزمات البناء السياسي "القانوني" التشريعي للدولة، ومتطلبات التنمية الاقتصادية، الاجتماعية، وإصلاح نظام التعليم والمناهج وأساليب التربية، وان تحققت بعض الخطوات الايجابية في تلك المجالات فأنها كانت محدودة الأثر والتأثير ، و تتم في كل الحالات بأساليب ادارية (بيروقراطية) فوقية، والنتيجة هي بشكل عام ضمور تشكل وبلورة القوى والمكونات الحديثة، خاصة تشكيلات المجتمع المدني المستقلة، الأمر الذي أدى إلى هشاشة أوغياب صيغة الدولة / الأمة، و عدم ترسخ فكرة و مفهوم المواطنة، وما يتصل بها من منظومة حقوقية، على حساب الو لاءات والانتماءات التقليدية الفرعية (القبيلة، العشيرة، الاثنية، الطائفية، المذهبية) القديمة. وما نجم من كل ذلك من تغول الدولة وأجهزتها الأمنية و البيروقراطية، و التهميش والإفقار المادي والروحي للأغلبية الساحقة من الناس، مما سهل إعادة ربط البلدان العربية أو معظمها بعلاقات استتباع للغرب في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والتقنية.. الخ من جهة، واستعادة وتصدر الولاءات الفرعية القديمة لكامل زخمها وعلى النحو الذي نلحظ تجلياته الخطرة والمدمرة في عموم البلدان والمجتمعات العربية من جهة أخرى. ومن الواضح إن ما تشهده تلك المجتمعات حتى الآن من مظاهر حداثية محدودة على صعيد الحياة والسلوك والإنتاج والإدارة، ليس مؤشرا على المنجز الحضاري، ولكنه محاولة لتوطين بعض منتجات ومظاهر التحديث وفقا للمعايير السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية السائدة.
تبرز هنا قضايا المجتمع المدني باعتبارها مسألة جدية واقعية لا تحتمل التأجيل والمراوحة، ناهيك عن الممانعة، خصوصا في ظل جملة المتغيرات والتطورات الداخلية، والتحديات الإقليمية والعالمية، وتأثيرات ومفاعيل العولمة. وهو ما أفرز تعمق حالة التوتر والاحتقان، وانسداد الأفق، وغياب الرؤية الإستراتيجية، وإستفحال الأزمة المركبة للواقع العربي بتجلياته المختلفة، وللبديل أو البدائل المقترحة على حد سواء، التي تتوهم امتلاك الحق والحقيقة ،واكتشاف طريق الحل والخلاص، إما بالهروب إلى الماضي التليد، أو الهروب إلى الأخر . لا بديل هنا عن البحث عن حلول وتوافقات مشتركة ، لتبديد الالتباس، وتجاوز حالة انعدام الثقة، وتصويب الخلل ،من خلال صياغة رؤية ومشتركات إستراتيجية موحدة، تنطلق من الإقرار بقواعد ومشروعية التنوع والاختلاف، واحترام الهويات والفضاءات الثقافية المتعددة، و القبول بمبدأ ومشروعية تعدد قراءات الواقع، والتعايش مع الآخر المختلف، وبتأكيد قيم التسامح وترسيخ الهوية الثقافية والمجتمعية المشتركة، وكل ذلك لن يتم إلا من خلال إطلاق الفعل الثقافي والتنوير والعقلانية المرتبطة ببيئتها التاريخية والثقافية والمجتمعية، وحاجات الشعوب العربية إلى تجاوز معيقات التقدم والتطور في شتى مناحي حياتهم. كل ذلك يتطلب العمل على تشكيل وبناء علاقات ومصالح ومجموعات أفقية متداخلة، تتسامى وتتعالى على العصبيات الفئوية الضيقة، وهو ما يطلق عليه مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، الذي أصبح سمة ملازمة للدولة القومية (المدنية (الحديثة، وآليتها المعروفة المتمثلة في حرية السوق ،المجتمع المدني ،الديمقراطية، سيادة القانون ومبدأ الفصل بين السلطات. المفارقة الدالة هنا إننا في زمن العولمة نشهد توجهات جدية لتجاوز مرحلة الافتتان بالدولة وتقديسها، وصولا إلى محاولة تهميشها وتحجيم وظيفتها السياسية (لتقتصر على وظيفة ضبط الحدود الوطنية والأمن العام) وانهاء دورها الاقتصادي والاجتماعي، وبالشكل الذي تتصدر وتتسيد فيه جماعات القطاع الخاص، من أرباب العمل والشركات متعددة الجنسية والمنظمات الاقتصادية والمالية الدولية، وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار الاختلاف والفوارق بين وضع الدولة /الأمة الذي تبلور على امتداد عدة قرون في البلدان الغربية، نضجت وترسخت خلالها الوحدة المجتمعية والهوية الثقافية، سواء في مجتمعات الاختيار (أوربا، اليابان) أو مجتمعات المشاركة (الولايات المتحدة، كندا، استراليا) والمستندة في الحالتين إلى تنامي الدور الذي تلعبه مختلف تشكيلات المجتمع المدني، من أحزاب ومنظمات نقابية وهيئات ثقافية وأنصار السلام وحماية البيئة ولجان الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمات النسائية والشبابية، مع وجود اقتصاد قوي، وتقدم واسع في المجالات الصناعية والعلمية والتكنولوجية والثقافية، في حين تعيش غالبية بلدان الإطراف (المحيط) ومن بينها البلدان العربية مرحلة ما قبل الدولة / الأمة، و بالرغم من وجود مظاهر الوحدة الشكلية بين تكويناتها الاجتماعية التقليدية، إلا انه غالبا ما يسود الصراع والتناحر فيما بينها، وبالتالي لايزال أمام تلك البلدان، مهمة تجاوز الوحدة السياسية الجغرافية الشكلية، لتحقيق حالة أرقى هي حالة الوحدة الوطنية والمجتمعية، وتجاوز الصعوبات والمعيقات الموضوعية والذاتية، وهو ما يتطلب بالضرورة وجود الدولة الحديثة، و العمل على تطوير واستكمال بنائها القانوني / المؤسساتي، وكذلك عبر اتاحة المجال لبروز وتشكل مؤسسات المجتمع المدني، كرافد أساسي في الانبعاث و التشكل الوطني الجديد.





#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم المجتمع المدني .. ترسيخ فكرة المواطنة ( 3 )
- مكونات وعناصر المجتمع المدني (2 )
- بمناسبة العيد الثامن لانطلاقة الحوار المتمدن
- المسار التاريخي لظهور وتبلور مفهوم المجتمع المدني ( 1 )
- الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2
- الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )
- القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
- الاحتفاء بالشخصية الوطنية البارزة ميرزا الخنيزي
- إيران: بين ولاية الفقيه والدولة المدنية
- الديمقراطية على الطريقة الإيرانية
- كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة
- كارثة سيول جدة.. هل تكون محركا لاجتثاث الفساد ؟
- تقرير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد
- مبادئ حقوق الإنسان.. بين النظرية والتطبيق
- التجديد الديني والإصلاح الوطني.. ضرورة الراهن ( 13 )
- التجديد والإصلاح الديني.. ضرورة الراهن ( 12 )
- دور الأنظمة العربية والغرب في إعادة بعث -الأصولوية الإسلاموي ...
- التكفير والعنف منهجان متلازمان ( 10 )
- - الأصولوية الإسلاموية -.. بين التقية والعنف ( 9 )
- نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نجيب الخنيزي - الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )