أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نجيب الخنيزي - نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )















المزيد.....

نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2847 - 2009 / 12 / 3 - 00:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بداية، علينا التمييز داخل الإسلام، بين ثلاثة مستويات وتمظهراته المصاحبة له. المستوى الأول: يتمثل في النص (الإلهي) الأول والمؤسس وهو القرآن الكريم، ثم الثابت وقطعي الدلالة من السنة، والأحاديث والسيرة النبوية الشريفة المبينة للنبي (ص) فيما يتعلق بتفاصيل وتطبيق بعض أحكام الإسلام (العبادات) مثل الصلاة ومناسك الحج، وبعض المعاملات التي هي ثابتة في آيات القرآن، مع الأخذ بعين الاعتبار أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ منها من جهة، أو الأحاديث والسياسات الدنيوية (العمران وفقاً للمفهوم الخلدوني ) المتغيرة، وفقا للقول المأثور للنبي " أنتم أدرى بشؤون دنياكم . "
المستوى الثاني: القراءة والتفاسير والشروح الفقهية (البشرية) المختلفة للقرآن وأحكامه، ورواة الحديث والسيرة النبوية، وما يستنبط منها من أحكام واجتهادات، والتي تمثلت في حضور الكم الهائل (المتنوع) من المذاهب، الفرق المذهبية، الشخصيات والمدارس الفقهية.
المستوى الثالث: يتمثل في الإسلام (العامي) الذي يتمثل في الذهنية والتصورات والممارسة الشعبية للدين، والتي يخترقها غالباً المخيال (الأسطوري ( الشعبي، على غرار الإيمان بالخرافات والخزعبلات، واللجوء إلى الشعوذة والسحر، والتعلق بشخصيات حقيقية أو وهمية، يضفى عليها هالة من القداسة والقدرة على اجتراح المعجزات، والتقرب إلى " الأولياء " بالنذور والأدعية. غير أنه إلى جانب هذه المستويات الثلاثة، استجد وبرز مستوى رابع منذ عشرينات القرن الماضي، تمثل في ظاهرة الأحزاب الأيديولوجية - السياسية ذات المحتوى الديني، أي تلك الحركات " الأصولوية الإسلاموية " التي تستند إلى الأيديولوجية الدينية، وتوظفها بصورة نفعية، في خدمة مشروعها وبرنامجها السياسي الدنيوي، الذي يستهدف التغير الراديكالي وإسقاط الحكومات وتغير المجتمعات " الجاهلية " أو " الكافرة " التي لا يحكمها الإسلام، ولا تتمثل تعاليمه وفقاً لتصورها، وذلك تحت عناوين مثل " الولاء والبراء " و" دار الحرب ودار الإسلام " و " جهاد الدفع وجهاد الطلب " وشعارات من قبيل " الإسلام هو الحل " و " الحاكمية لله" ومن خلال انتهاج منهج الإقصاء والتكفير العنف والإرهاب، وهي بذلك تشكل ظاهرة مستجدة خطيرة، تختلف إلى حد كبير (رغم جذرهما الفكري المشترك) عن الأصولية الإسلامية ( التقليدية) التي تستند إلى أصول القرآن والسنة النبوية، وإلى المذاهب والآراء الفقهية المعروفة، وتعمل على تطبيقها، وفقاً لفهمها ومتبنياتها الفقهية أو من خلال الاجتهاد وفقاً للمتغيرات والمستجدات على أرض الواقع من جهة، كما تتخذ موقف الرفض والعداء إزاء دعوات الإصلاح وتجديد الخطاب الديني، الذي تضمنه المشروع النهضوي منذ منتصف القرن التاسع عشر لمواجهة أسئلة ومتطلبات وتحديات الحضارة الغربية المعاصرة لهم، وتمثل في كثير من رجال الدين المتنورين من أمثال طهطاوي، الأفغاني، عبده، عبدالرازق وغيرهم من جهة أخرى.
إنها أصولية، تتمسك حرفياً بالأصول، وتعمل على تطبيقها كما وردت، بغض النظر عن المستجدات والضرورات (التي تبيح المحظورات ) والمصالح المرسلة التي يفرضها متغيرات الواقع والعصر. نستطيع القول إن هناك مثالاً تاريخياً قديماً لهذه «الأصولوية الإسلاموية» الجديدة تمثل في حركة الخوارج، الذين خرجوا على الإمام علي، وكفروه وحاربوه تحت شعار «لا حكم إلا لله». على خطى ذلك النهج والمنوال، نشأت «الأصولوية الإسلاموية» المعاصرة وزادت عليه.
كتب حسن البنا «كان الأفغاني يرى المشكلات ويحذر منها، وكان محمد عبده يعلم ويفكر، ورشيد رضا يكتب أبحاثاً وهم جميعاً مصلحون دينيون وأخلاقيون يفتقدون الرؤية الإسلامية الشاملة». وفي كتابه «الرجل الذي أشعل الثورة»، أشار أحد زعماء الإخوان أحمد الحجاجي إلى «أن دعوة حسن البنا تتميز عن غيرها بأنها تعني الجهاد والنضال والعمل، وأنها ليست مجرد رسالة فلسفية». وقد جاء في مقال منشور لمؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا تحت عنوان «بين السياسة والدين» نشره في مارس/ آذار 1945 في صحيفة الإخوان المسلمين ما يلي «أتحسب أن المسلم الذي يرضى بحياتنا اليوم ويتفرغ للعبادة ويترك الدنيا والسياسة للعجزة والآثمين.. يسمى مسلماً؟ كلا إنه ليس بمسلم، فحقيقة الإسلام جهاد وعمل ودين ودولة» كما كتب في مجلة النذير (مايو/ أيار 1938) رافضاً السياسيين في الحكم، وفي الأحزاب المعارضة والمغايرة للإخوان تحت عنوان " أيها الإخوان تجهزوا.. ستخاصمون هؤلاء جميعاً في الحكم وخارجه خصومة شديدة لديدة إن لم يستجيبوا لكم" .
هذه الأطروحات المتطرفة والإقصائية لم تمنع انتهاج الانتهازية والمداهنة السياسية المؤقتة، إزاء السلطة (أياً كانت) وإخفاء المواقف والأهداف الحقيقية، بغرض الاستقواء، وقد ذكر حسن البنا ذلك بصراحة في رسالة المؤتمر الخامس، حيث قال «أيها الإخوان: لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن غالبوها، واستخدموها، وحولوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد». وضمن سياق مبدأ التقية والتزلف والتغطية على الأهداف الحقيقية للإخوان المسلمين كتب البنا في «النذير» يونيو/ حزيران 1938 " إن 300 مليون مسلم في العالم تهفوا أرواحهم إلى الملك الفاضل الذين يبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنوداً للمصحف، وأكبر الظن أن الله قد اختار لهذه الهداية العامة الفاروق، فعلى بركة الله يا جلالة الملك، ومن ورائك أخلص جنودك[1 " .
كما نشرت صحيفة الإخوان المسلمين «يقولون إنّ الناس على دين ملوكهم، ونحمد الله ونشكر فضله على أنّ رب البيت يضرب المثل الأعلى في سمو النفس وعلو الهمة». ثم نقرأ أيضاً «يا أيّها الوزراء والعظماء هلموا إلى المثل الأعلى صاحب الجلالة فاروق الأول، ومادام الناس على دين ملوكهم فإنّ الوطن يرجو أن يتم له على أيدي الوزراء والعظماء كل خير». وفي ذروة الصراع بين حزب الوفد، والقصر المسنود من قبل السفارة البريطانية، خرج الإخوان في مظاهرة صاخبة أحاطت بقصر عابدين هاتفة «الله مع الملك» وخرج الملك لتحية المظاهرة ست مرات من شرفة قصره قائلاً: «نعم الله معنا[2]». وتعتبر الجماعة الملك فاروق أنّه «الأسوة الحسنة والمثل الأعلى لأمته[3]». ثم يوجه البنا حديثه للملك قائلاً «إنّ شعبك الذي عرفك مؤمناً صالحاً تقياً ووثق بك مجاهداً، وأنّ هذا الشباب الذي ناديته فلبى، وهبت به فاستعد، ليعلن بهذه المناسبة السعيدة عظيم إخلاصه وولائه للعرش المفدى، وقد عرف فيك شعبك المنقذ له، والحارس لدينه، والساهر على رعاية مصالحه والداعي إلى الخير والفضيلة فيه بالقول والعمل، فأحبك وأخلص لعرشك من قرارة نفسه، وعقد على عهدك الرجاء، وكنت عنده رمز الأمل[4]» ولم يتردد الإخوان المسلمون في تأييد رئيس الوزراء الطاغية إسماعيل صدقي الذي وقع مع بريطانيا على معاهدة 1936 المعروفة بمعاهدة صدقي - بيفن وخرجت مظاهرة للإخوان تأييداً لها رفع فيها شعار عبارة عن الآية " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد."
[1] رفعت السعيد، «قضايا فكرية - الأصوليات الإسلامية».
[2] صحيفة «الأهرام» 22 ديسمبر/ كانون الأول .1937
[3] صحيفة «الإخوان المسلمون»، 16 يونيو/ حزيران .1936
[4] راجع: كاريمان إبراهيم المغربي في كتابها «الإخوان المسلمون من حسن البنا إلى سيد قطب»، مقتطف عبارة البنا وردت في «النذير» مؤرخة في 8 محرم 1358 هجرية بعنوان: " ملك يدعو شعباً فيجيب."






#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الأصولية إلى الأصولوية الإسلاموية ( 7 )
- نشأة الأصولية الإسلامية المعاصرة.. العوامل والمقدمات ( 6 )
- لماذا انتكس مشروع التنوير؟ ( 5 )
- الرافد الثاني في مشروع النهضة ( 4 )
- الفكر الديني الشيعي والمشروع النهضوي ( 3 )
- فكر النهضة يقتحم الدوائر المحرمة ( 2 )
- الدين والفكر الديني.. الثابت والمتغير ( 1 )
- معوقات الإصلاح والتغيير في العالم العربي
- الخطاب الطائفي عامل تفتيت للمجتمعات العربية
- الانتخابات المقبلة ومتطلبات إعادة بناء الدولة العراقية
- أحمد الشملان.. مثال المثقف العضوي
- الهوية والتنوع والمواطنة
- تقرير التنمية الإنسانية العربية.. واقع مر وأفق مسدود
- اليمن إلى أين؟
- اليوم العالمي للديمقراطية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نجيب الخنيزي - نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )