أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نجيب الخنيزي - الهوية والتنوع والمواطنة















المزيد.....

الهوية والتنوع والمواطنة


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 19:08
المحور: المجتمع المدني
    



تطرق تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر حديثا، إلى موضوع الهوية والتنوع والمواطنة، معتبرا أن غالبية الدول العربية هي كيانات وحدود مصطنعة، تضم جماعات أثنية ودينية ومذهبية ولغوية مختلفة دمجت في الدول التي نشأت في مرحلة ما بعد الاستعمار، أما بعد الاستقلال، فإن قلة من البلدان العربية قد استطاعت أن تحقق انتقالا سهلا وسليما نحو إطار جامع لكل المواطنين. الهويات (القبلية، العشائرية، الأثنية، المناطقية، الدينية، الطائفية المذهبية، اللغوية) الفرعية الخاصة وسماتها وتجلياتها وتناقضاتها، في عموم المجتمعات العربية هي ظاهرة موضوعية، لمعطى تاريخي، اجتماعي، ثقافي، قديم ومتجذر، قد تتراجع ويضعف دورها تدريجيا (لكنه لن يتلاشى) في حالات وأوضاع جيدة ومواتية وواعدة للجميع، وقد تنبعث وتقوى وتمتد شراراتها، في حال الأزمات والانهيارات الشاملة، لتشكل حريقا مدمرا يصلى بنارها القريب والبعيد. وفي الواقع إذ كان هناك باعث للتفاؤل في فترة تاريخية سابقة، في إمكان وحتمية تراجع حضورها (الهويات) في ظل طموح المشروع النهضوي القومي العربي، ومتطلبات تشكل الدولة العربية الحديثة ، وذلك لصالح هوية وطنية وقومية جامعة أكثر نجاعة وفاعلية.
مع أنه تحققت بعض المنجزات المهمة إثر نجاح معارك الاستقلال والتحرر الوطني والسعي لبناء تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة غير أن نقطة الضعف الجوهرية فيها -وهو ما أدى إلى فشلها- تمثل في عدم استكمال بناء الدولة العصرية بمقوماتها الدستورية والقانونية وتهميش تنمية دور المجتمع وبناء الإنسان (المواطن) وتغييب مشاركته الحرة والفاعلة في صنع القرار. وفقا للتقرير الأخير فإن هناك توجها عاما لحجب التنوع، وصهر التغاير الثقافي واللغوي والديني والمذهبي تحت سلطة (استبدادية) واحدة. ولم تنجح أغلبية البلدان العربية في تطوير الحكم الرشيد ومؤسسات التمثيل القادرة على ضمان المشاركة المتوازنة لكافة الفئات وتحقيق العدالة في توزيع الثروة بين مختلف الجماعات واحترام التنوع الثقافي، ويرى التقرير أن الهوية بحد ذاتها ليست بالضرورة سبب النزاع أو حتى المصدر الرئيسي للتوتر بين مختلف الجماعات في المنطقة، والخلافات التي تنطلق في ظاهرها من اعتبارات تتعلق بالهوية كثيرا ما تنشأ من تعثر سبل الوصول إلى السلطة السياسية أو الثروة وغياب قنوات التمثيل والمشاركة، وقمع التنوع الثقافي واللغوي والمذهبي. دقة وخطورة الأوضاع والظروف السائدة وما تشهده المنطقة العربية من أحداث وتداعيات ستحدد إلى درجة كبيرة مسار البلدان والمجتمعات العربية التي باتت في مواجهة مباشرة مع دلالات واضحة على حالة العجز والشلل وعدم الفاعلية التي اتسم بها أداء الدول العربية والنظام العربي الإقليمي وهياكله البيروقراطية وفي مقدمتها الجامعة العربية ومؤسسة القمة العربية، حيث ما نشاهده هو محاولة يائسة للالتفاف على الأزمة البنيوية المركبة التي باتت تخترق كافة المفاصل والبنى السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية وأدت إلى تآكل واضمحلال الإنجازات المحدودة التي تحققت في فترات سابقة وقوضت إلى حد كبير الشرعيات المفترضة القائمة، حيث لم تثبت جدارتها وأهليتها في أي من الميادين والمهام الكبرى التي واجهتها في فترة ما بعد الاستقلال وتشكل الدولة الوطنية المعوقة التي تفتقر الأنساق القانونية والمؤسساتية المدنية ناهيك عن انسجام وتوافق هياكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن منظومة وطنية شاملة تجسد مفهوم الدولة / الأمة وهذا عائد إلى جملة الشروط التاريخية والعوامل الموضوعية والذاتية الداخلية التي حكمت نشوء وقيام الدولة العربية (القطرية) المعاصرة وهذا لا يعني إغفال أهمية العوامل والمؤثرات الخارجية المعيقة والمحبطة والتي مردها الإرث الاستعماري (الكولنيالي) القديم وسياسات وممارسات الاستعمار (الإمبريالي) الجديد والتحدي الذي مثلته إسرائيل كاستعمار استيطاني توسعي اقتلاعي استهدف تشريد الشعب الفلسطيني واحتلال أرضه والتمدد لاحتلال أراضي بلدان عربية أخرى وتهديد الأمن والاستقرار وإعاقة التنمية والبناء والديمقراطية والتقدم والوحدة العربية وغيرها من الاستحقاقات المؤجلة والتي لم تعد تحتمل التسويف والمراوحة والممانعة.
الأوضاع العربية المزرية التي أشارت إليها التقارير المتتابعة حول التنمية البشرية والإنسانية تضمنت وقائع ومعطيات وأرقام مرعبة عن مدى اتساع رقعة الفقر والبطالة والأمية والجوع والمديونية وشيوع مظاهر الفساد والاستبداد بكافة مظاهره وصوره، حيث تغيب الحريات العامة (والحريات الخاصة في بعض البلدان) ويشمل ذلك حرية التفكير والتعبير والنشر والكتابة ويجري على نطاق واسع إعاقة أو منع قيام تشكيلات ومؤسسات المجتمع المدني (السياسية والاجتماعية والمهنية والثقافية والحقوقية) المستقلة. وتخضع المرأة التي هي نصف المجتمع إلى إجراءات تمييز ظالمة وتصادر حقوقها وكرامتها الإنسانية وذلك بسبب القوانين والإجراءات الحكومية والأعراف والتقاليد السائدة التي يكرسها الفهم المغلق والجامد للدين والمجتمع الأبوي الذكوري كما يجري على نطاق واسع التمييز والاضطهاد للأقليات والمجموعات القومية والدينية والطائفية. ولتكريس هذه الأوضاع والسياسات والممارسات الشاذة جرى تضخيم وتعميم سيطرة الدولة وأجهزتها البيروقراطية والأمنية على وسائل الإعلام والاتصال والنشر وتخضع كافة الاتجاهات والتيارات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية وكذلك نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ودعاة الإصلاح للكثير من الإجراءات التعسفية كالملاحقة والمراقبة والاعتقال والمنع من السفر ويحظر عليهم عقد اللقاءات والتجمعات والاتصال بوسائل وقنوات الإعلام المختلفة في الداخل والخارج. وفي العديد من الدول العربية سجلت المنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية ممارسات تنكيل وتعذيب وتصفية جسدية وعمليات إعدام فردية وجماعية ناهيك عن الحروب الأهلية والصراعات الداخلية التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين لأسباب سياسية وفكرية، أو لمنحدراتهم العرقية والدينية والمذهبية. جل البلدان العربية تفتقد إلى دولة القانون والمؤسسات (التشريعية والقضائية) المستقلة عن السلطة التنفيذية، وهو ما يتمثل في غياب المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات واحتكار النخب الحاكمة لانساق السلطة والثروة والقوة، واستطالة الدولة ومؤسساتها البيروقراطية، وتغول الأجهزة الأمنية وسيادة خطاب سياسي وثقافي وأعلامي وفكري وديني مغلق وموجه وأحادي الجانب يبرر ويسوغ سياسات وممارسات الدولة العربية التسلطية وينتهج سياسة العداء والإقصاء إزاء الفئات والمكونات الأخرى في المجتمع. كل ذلك أدى إلى نتائج خطيرة أثرت إلى حد كبير على وحدة الشعب والمجتمع والوطن من خلال استثارة الانقسامات والولاءات الفرعية (المناطقية والقبلية والطائفية) الموضوعية والتاريخية التي لاتزال قوية الجذور ناهيك عن تولد حالات الإحباط واليأس وانعدام اليقين إزاء المستقبل بالنسبة للأغلبية الساحقة من السكان وخصوصا من الشباب المفتقرين إلى العمل والتعليم والصحة والمعرفة والمحرومين من المقومات الأساسية للحرية والعدالة والمساواة.
كاتب سعودي



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير التنمية الإنسانية العربية.. واقع مر وأفق مسدود
- اليمن إلى أين؟
- اليوم العالمي للديمقراطية


المزيد.....




- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...
- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نجيب الخنيزي - الهوية والتنوع والمواطنة