أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2















المزيد.....

الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 02:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المجتمعات العربية تعيش حالة انفصام وتناقض ويتمثل في عدم قدرتها على الاندماج والتفاعل مع معطيات الحضارة والعصر، وبالتالي انجاز حداثتها على الرغم من مظاهر التحديث الشكلي على مستوى التنظيمات الإدارية والقانونية والتشريعية والدولتية والاقتصادية والخدماتية، ومع أن المجتمع والفرد العربي يستخدم منتجات الحداثة ويتعامل مع التقنية وما توصل إليه الغرب من منجزات وتقدم (كمستهلك لها) في مسكنه وتنقله واتصالاته ومشاهداته ومعاملاته التجارية والمالية... إلخ، غير أنه في وعيه وذهنيته وممارساته يعيش مناخ وروح الماضي وقيم القبيلة والعشيرة والطائفة يأبى أو يخشى أن يغادر حماها وهذا يعود إلى افتقاد المجتمع لهويته (الوطنية) وتماسكه ووعيه (المدني) وغياب التنظيم والإدارة المستقلة، وهي من مستلزمات تبلور وتشكل المجتمع المدني وضمان الشراكة والسلم الأهلي بين مختلف مكوناته على قاعدة المصالح والأهداف المشتركة والتوافق في الثوابت والأهداف الأساسية التي تعطي المجتمع ملامحه وقيمته وماهيته ومعناه وجدواه، وفي الواقع فإن الاستثناء الذي يثبت القاعدة ولا يلغيها يتمثل في الوضع المتميز والمتطور نسبياً للجهاز البيروقراطي في البلدان العربية والذي نجم عنه ذوبان المجتمع والإنسان العربي وفقدانه أبسط مقوماته أمام وتحكم ماكينة المؤسسة البيروقراطية، . كل ذلك أفرز وضعاً هجيناً على المستوى الحضاري والاجتماعي والنفسي يتمثل في المجتمع الأبوي «المستحدث» الذي يعبر عنه في هيمنة النزعة الغيبية وغياب العقلانية والرؤية النقدية التاريخية لصالح تكريس النقل وتقديس الماضي والنظرة الأحادية، وانعدام مبدأ الحوار والتسامح وقبول الآخر، وترسيخ التبعية المطلقة للمجتمع والفرد ومحاولة فرضها بمختلف الأشكال والأساليب التي تصل إلى حد الإلغاء المتبادل والتصفية المادية والرمزية (المعنوية) للآخر. النتيجة هي تسطيح الفكر والممارسة وفقاً لقالب ونسق جاهز معد مسبقاً يفرض على الجميع الانتظام ضمنه وينسحب ذلك على العلاقة ما بين البلدان العربية والمجتمعات العربية وضمن مكونات المجتمع الواحد، ويستوي في ذلك مختلف الجماعات التقليدية أو التيارات والنخب «الحديثة» على حد سواء إلى الدرجة التي تشكل معها
ظاهرة اجتماعية/ نفسية عامة ومشتركة، كما يتجلى المجتمع الأبوي في الموقف من المرأة حيث الإقصاء والتهميش المادي والمعنوي من مواقع الفعل والتأثير والمشاركة ومصادرة حقها الأولي في التعبير عن ذواتها . مفهوم المجتمع الأبوي يشمل المجتمع والدولة والاقتصاد والثقافة والعائلة والفرد وقد تشكل هذا النظام الهجين في ظل تأثير الهيمنة والسيطرة الغربية المباشرة (الكولنيالية) وغير المباشرة (الامبريالية) والأسئلة التي تبرز هنا: هل يمكن الحديث عن مفهومي الحداثة و التخلف بعيداً عن المسار التاريخي الذي اختطه الغرب الرأسمالي؟ وإذا كانت الحداثة والمعاصرة يتجليان أساساً بالغرب فكيف نستطيع أن نقيم ونعين موقع ودور رأسمالية تابعة ومتخلفة ومشوهة إزاء ظاهرة التخلخل والتخلف البنيوي على الرغم من مظاهر التحديث الشكلية؟ وبالتالي هل بالإمكان استعادة فكر النهضة وما هي عناصر المشروع النهضوي الجديد ضمن الشروط التاريخية والعوامل والظروف (الموضوعية والذاتية) السائدة وأين يتقاطع (يلتقي ويفترق) مع المشروع النهضوي المجهض؟
التجربة التاريخية تبين أن الإصلاح والتنوير والحداثة هي مراحل متداخلة ومتشابكة إلى درجة أن أي محاولة لفصم وفصل إحدى مكوناتها ستؤدي إلى فشل وإحباط العملية برمتها، لذا من المهم معرفة الأسباب التي حالت وتحول دون الوصول بالإصلاح بشقيه الديني والمدني إلى اختراق حقيقي ، يستند إلى قاعدة شعبية أو حامل اجتماعي ويمتلك القدرة على الفعل والتأثير العميق والشامل من خلال تبني موقف نقدي/ تاريخي إزاء التراث والفكر (بما أنه إنتاج بشري) باعتباره ينتمي إلى فضاء وحيز اجتماعي/ تاريخي واقعي بخلاف النص المقدس (القرآن ) الذي هو وحي وتنزيل إلهي ، وما هو قطعي الدلالة في السنة النبوية . سياق التنوير يتطلب ويستدعي إثارة وترسيخ قضايا وأمور مفصلية مثل العقلانية والحداثة والعلم وما يتصل بها من مفاهيم مثل الاستنارة والاجتهاد وحرية الفكر والتقدم. كما أن قضية الحداثة تطرح مسائل وأموراً حيوية ما تزال تراوح مكانها ولم تحسم بعد مثل الحداثة السياسية التي تتطلب إقامة دولة القانون والمؤسسات وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان، أما الحداثة الاقتصادية فإنها تتمثل في تطوير قوى الإنتاج (تعليم، مهارات، تدريب) والعلاقات الاجتماعية وتوسيع وتنويع وتوازن القاعدة الاقتصادية من خلال الصناعة والزراعة والخدمات والتكنولوجيا والنشاط المالي، أما الحداثة الاجتماعية فهي تتضمن انطلاقة المجتمع المدني بمؤسساته وتشكيلاته وتكويناته المستقلة، والتأكيد على دولة كل المواطنين والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات وهي ما يستدعي ويتطلب إنهاء ونبذ الممارسات والإجراءات التميزية مثل القبلية والعشائرية والمناطقية والطائفية باعتبارها مظاهر متخلفة تتناقض مع جوهر ومحتوى مفهوم الدولة العصرية الحديثة (الدولة/ الأمة)، كما أن تحرير المرأة وممارستها لحقوقها الإنسانية كافة هو أحد المؤشرات الحاسمة الدالة لقياس مستوى الحداثة والتقدم الاجتماعي والحضاري لأي شعب، وعلى الصعيد الثقافي فإن الحداثة تشمل القضاء على الأمية وتطوير وتحديث المناهج التعليمية والعملية التربوية وبما يحقق حرية البحث العلمي والأكاديمي والفكري وتحديث وتجديد الخطاب الديني و الفكري والإعلامي من خلال احترام التنوع والقبول بالآخر كشريك كامل الأهلية وهذا يتطلب إطلاق حرية التعبير والتفكير والرأي وترسيخ الشفافية والانفتاح والتسامح والتنوع المعرفي والثقافي والحضاري، إن تجاوز المعيقات التي تحكمت في خطاب النهضة يستدعي تجاوز الرؤيا والممارسة التلفيقية بين الثنائيات المتقابلة مثل القديم والجديد، الأصالة والمعاصرة، النقل والعقل، المحلي والوافد، الأنا والآخر، الوطني والقومي، الخصوصية والكونية. إن حل وانجاز هذه القضايا والمهام يمثل نقلة تاريخية حاسمة باتجاه التحديث والإصلاح والتنوير، ومن شأنها وضع الشعوب العربية على عتبة التقدم الحضاري، وبالتالي تحسين وضعها ومشاركتها (على أساس متكافئ) في نظام العولمة بتجلياتها ومظاهرها وإفرازاتها المختلفة . طبيعة الأزمة العامة والعميقة التي تواجهها وتعيشها المجتمعات العربية لا تحتمل التسويف والمماطلة والحلول التلفيقية المؤقتة، إننا بحاجة إلى مراجعة مسؤولة وشاملة يشترك فيها الجميع دون إقصاء أو استثناء لأحد، وأعني هنا الحكومات و الشعوب والتيارات والجماعات والنخب الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني كافة على اختلاف منحدراتها وتوجهاتها السياسية والفكرية .






#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )
- القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
- الاحتفاء بالشخصية الوطنية البارزة ميرزا الخنيزي
- إيران: بين ولاية الفقيه والدولة المدنية
- الديمقراطية على الطريقة الإيرانية
- كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة
- كارثة سيول جدة.. هل تكون محركا لاجتثاث الفساد ؟
- تقرير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد
- مبادئ حقوق الإنسان.. بين النظرية والتطبيق
- التجديد الديني والإصلاح الوطني.. ضرورة الراهن ( 13 )
- التجديد والإصلاح الديني.. ضرورة الراهن ( 12 )
- دور الأنظمة العربية والغرب في إعادة بعث -الأصولوية الإسلاموي ...
- التكفير والعنف منهجان متلازمان ( 10 )
- - الأصولوية الإسلاموية -.. بين التقية والعنف ( 9 )
- نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )
- من الأصولية إلى الأصولوية الإسلاموية ( 7 )
- نشأة الأصولية الإسلامية المعاصرة.. العوامل والمقدمات ( 6 )
- لماذا انتكس مشروع التنوير؟ ( 5 )
- الرافد الثاني في مشروع النهضة ( 4 )
- الفكر الديني الشيعي والمشروع النهضوي ( 3 )


المزيد.....




- حصريا لـCNN.. مصادر تكشف عن جهود إدارة ترامب -السرية- لإعادة ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بما قاله عن -أبناء منطقة الرئ ...
- تقييمات استخبارية: مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب سل ...
- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2