فوضى الحكومات المحلية ، صلاح الدين نموذجاً

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 13:47
المحور: كتابات ساخرة
    

كنموذجٍ على النواقص الكبيرة في التجربة الديمقراطية العراقية والمجال الواسع ل ( تَسّرب ) العديد من الاشخاص المُفتقرين الى النزاهة والكفاءة الى مواقع المسؤولية من خلال قوائم الاحزاب والكتل ، هو إعتلاء [ أحمد عبدالله عبد الجبوري ] منصب رئيس مجلس محافظة صلاح الدين بعد إنتخابات مجالس المحافظات الاخيرة أثر فوز قائمتهِ " القائمة العراقية " بالمركز الثاني ، بينما اصبح [ مطشر حسين عليوي السامرائي ] من جبهة التوافق مُحافظاً لصلاح الدين . مّرتْ الاشهر الاولى من 2009 بدون مشاكل تُذكَر ، وبعدها برزتْ المنافسات والتجاذبات الحادة بين رئيس مجلس المحافظة والمُحافظ على خلفيات حزبية و عشائرية ومَناطقية ، ونجح رئيس المجلس في عقد إجتماعٍ للمجلس وإصدار قرارٍ بأكثرية 17 صوتاً من مجموع 28 ب ( إقالة ) المُحافظ على الرغم من الإعتراض الشديد للأعضاء المنتمين لجبهة التوافق . حدثَ هذا قبل عدة أشهر وكانت التهمة هي " ضُعف أداء المحافظ وتسييسهِ للعديد من الدوائر الحكومية من خلال تعيين مدراء وموظفين موالين لحزبهِ الحزب الاسلامي العراقي " وكذلك إتهامهِ بكتابة هامش على احد الكتب المتعلقة باهالي قضاء شرقاط ( يطبهُم مَرض ) !! . لم يرضخ المحافظ لقرار مجلس المحافظة وقّدمَ طعناً الى المحكمة الإتحادية والاكثر من ذلك قّدمَ وثائق الى المفوضية العليا للإنتخابات ومفوضية النزاهة مُتهِماً فيها رئيس مجلس المحافظة بتزوير شهادتهِ الدراسية وطلب التحقيق في الامر !
- كما يبدو ان المفوضية العليا للإنتخابات ومفوضية النزاهة وبعد ان حققتا في الإتهامات المُوجهة لرئيس مجلس محافظة صلاح الدين ، تبّينَ انه قامَ فعلاً بتقديم شهادة مزورة ، وليس هذا فقط بل إكتشفوا ان المومأ اليهِ محكومٌ عليهِ في عهد النظام البائد بتهمة سرقة سيارة لوري مارسيدس عائدة الى شخصٍ من مدينة بيجي وإطلاقهِ الرصاص على صاحب السيارة مما تسبب له في عاهةٍ مستديمة وهي فقدانهِ لإحدى عينيهِ ! . فأرسلتْ المفوضية طلباً الى مجلس النواب مُرفقاً بالوثائق والمستندات وأوصتْ بإقالتهِ بسبب مخالفتهِ الصريحة لشروط عضوية مجالس المحافظات ، وفعلاً أصدرَ مجلس النواب قراراً قبل عشرة أيام بإقالة رئيس مجلس المحافظة . لكن رئيس المجلس رفض الإنصياع للقرار قائلاً بأن الجهتين الوحيدتين اللتين تستطيعان إقالتهُ هما أما مجلس المحافظة أو محكمة مُختصة !
- قبل ذلك كانت المحكمة الاتحادية قد أصدرتْ حكماً بتأييد قرار مجلس محافظة صلاح الدين بإقالة المحافظ ، لكن المحافظ رفض الإنصياع لقرار المحكمة حيث قال بانها إستندت الى اقوال رئيس مجلس المحافظة الفاقد لشرعيته القانونية بسبب التزوير و محكوميتهِ السابقة . علماً ان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أّيدَ ضمنياً موقف المحافظ المهندس " مطشر حسين عليوي " .
ومن المظاهر السلبية التي تُعيق عمل الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية والسلطة القضائية ليس في صلاح الدين فقط بل في معظم محافظات العراق ، هو سهولة إنتقال الصراعات الحزبية بين النُخب السياسية الى الشارع مباشرةً ، فبعد ان أقال مجلس محافظة صلاح الدين ، المُحافظ ، خرجتْ مظاهرات يومية صاخبة تأييداً للمحافظ وخصوصاً في مدينتهِ سامراء برعاية جبهة التوافق ولا سيما الحزب الاسلامي العراقي ، بينما تخرج مظاهرات مقابلة في مدينة تكريت تأييداً لرئيس مجلس المحافظة المدعوم مِنْ قِبل القائمة العراقية وحركة الوفاق .
المأساة المضحكة المُبكية ، هي ان قرارات الإقالة المتقابلة صادرة من جهات رسمية وسلطات قضائية وتشريعية ، ولا احد من الطرفين ينفذها بل يُحشد الجموع والجماهير في الشارع ويشحنها بالتعصب الحزبي والقبلي ، وهذه الجماهير العريضة تتناسى ببساطة [ التُهم ] الكبيرة والخطيرة التي بموجبها صدرتْ هذه القرارات . لا أدري بماذا تهتف مظاهرات تكريت وعلى اي أساسٍ تدافع بضراوة عن رئيس المجلس إذا كان حقاً مُزوِراً ومحكوماً بجريمةِ سرقة سابقاً ؟!
- لكَ ان تتوقع نوعية وحجم ( الخدمات ) التي تقدمها الحكومة المحلية في صلاح الدين الى أهالي المحافظة ، وسط هذه الفوضى المُخزية التي من المفروض ان يندى لها جبين الاحزاب والكيانات الحاكمة في المحافظة !

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات