أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صاحب الربيعي - حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية














المزيد.....

حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 861 - 2004 / 6 / 11 - 05:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تفرض السلطات الاستبدادية من خلال آليات العنف التي تستخدمها سلوكاً ذات طابع عنفي لدى أفراد المجتمع، فالمجتمع يكتسب الكثير من أنظمة حكمه السياسية، فإذا كان النظام فاسداً ومرتشياً يفرض على أفراد المجتمع الرشاوى والسلوك الشاذ.
وإذا كان النظام مستبداً فأن سلوك أفراد المجتمع بعضهم مع بعض يكون استبدادياً. وهكذا..فأن النظام الفوقي يعكس توجهاته وسلوكه على النظام التحتي قسراً، نظراً لامتلاكه كل آليات الفرض لتوجهاته على المجتمع وبنفس الوقت فأن المجتمع يفتقد إلى الآليات المتكافئة مع السلطة..لذا نجده ينصاع لتوجهاتها وسلوكها مرغماً.
وتسلك المجتمعات الأوربية ذات الأنظمة الديمقراطية نفس السُبل لفرض توجهاتها وسلوكها على المجتمع، لكن الأمر مختلف من حيث الاتجاه حيث أنها تعمل على إعادة تهذيب سلوك المجتمع ليكون أفراده مساهمين في العملية السياسية والإنتاجية.
لقد اعتمدت الأنظمة الديمقراطية خطة طويلة الأمد لأجل ضخ مبادئ القيم والإصلاح واجتثاث مسببات العنف والإرهاب من المجتمع وزرع مكانها مبادئ التسامح والمحبة والالتزام بالواجبات والمطالبة بالحقوق.
وكذلك ألزمت الجميع باحترام الرأي والرأي المخالف وتعلم فن الإصغاء للآخرين وانتزاع هاجس الخوف من النفوس لفسح المجال أمام انسياب الآراء المخالفة بحرية كي تساهم في خلق الأفكار الجديدة اللازمة لتقدم المجتمع، ورسخت مبادئ الحرية التي لا تتعدى حقوق الآخرين، ولا تفهم بشكلها التعسفي الذي يتجاوز على المبادئ الإنسانية.
ويعتقد ((سقراط)) أنه لا يحق لأي شخص على وجه الأرض أن يفرض على شخص آخر ما ينبغي أن يعتقده أو أن يحرمه من حق التفكير كما يشاء. وإن الإنسان يستطيع أن يعيش سعيداً دون مال ومن دون أسرة، بل دون بيت مادام ضميره مرتاحاً، ولكن بما أنه ليس في قدرة أحد الوصول إلى أحكام صحيحة دون تمحيص دقيق لكل مشكلة ودون معرفة ما يؤيدها وما يعارضها، فمن الضروري أن يفسح المجال أمام الناس لمناقشة جميع المسائل بحرية تامة ودون تدخل من قبل السلطات.
وهناك واجبات لأفراد المجتمع اتجاه الدولة تحددها مبادئ الحرية، وبالمقابل فعلى الدولة التزامات تجاه المجتمع يتوجب تأديتها بشكل سليم يأتي في مقدمتها الضمانات اللازمة لحماية تلك المبادئ من الانتهاك، فعندما تعمد سلطة الدولة للتجاوز على حرية الفرد في المجتمع فهي تعمل على خرق القانون الذي منحها الشرعية للوصول لسدة الحكم.
وبغض النظر عن خطأ أو صواب الأفكار المعارضة أو عدد الناس المؤيدين لها أو المتعارضين معها..حتى لو كانوا أفراداً في المجتمع فلا يحق لأحد أن ينال من تلك الآراء أو الأفراد، فحرية الرأي لا تقتصر على الأكثرية أو الأقلية. ولا تضفي الشرعية بممارسة سياسة الإلغاء والتهميش للآراء والأفراد المخالفين بحجة حيازتها لأصوات الأغلبية المناصرة لهذا الرأي أو ذاك.
فالأقلية وحتى الأفراد في المجتمع لهم الحق في التبشير بآرائهم المخالفة، ولا يحق لأي مؤسسة قضائية أو تنفيذية أن تسلب هذا الحق طالما يخضع لشرعية القانون ومبادئ الحرية.
ويجد ((جون ستيورات)) ليس من حق هيئة تشريعية أو تنفيذية أن تفرض على الناس اعتناق رأي لا يرتضونه أو تفرض عليهم الإيمان بمعتقد لا يريدونه، والحكومات الدستورية تنفذ إرادة الشعب ولا تقاوم رغباته بل ليس من حق الشعب نفسه أن يخرس الألسنة التي تجري بغير ما يساير أهواءه، ولا يجوز له أن يدفع حكومته إلى ارتكاب هذا الآثم إذ لا يجوز في منطق الحرية إسكات معارض حتى ولو انتهى الأمر إلى إبطال رأي، أجمع الناس على صوابه.
أن هذا الفهم لمنطق حرية الاختلاف، مازال بعيداً عن برامج وسلوك السلطات والأحزاب السياسية في الوطن العربي، لأنها لا تمتلك شرعية الحكم ولا مصداقية البرامج والشعارات التي تدعيها، ومساحة الحرية تعمل على فضح ادعاءها وانتهاكها للحقوق المجتمع.
لذا نجد على طول رقعة الوطن العربي، تغوص سجون ومعتقلات السلطات غير الشرعية بالمخالفين لها بالرأي. وكذلك تعمل كائنات الأحزاب السياسية في المجتمع على النيل من المخالفين لها بالرأي.
وتلك التوجهات غير الديمقراطية، تعمل حتى في الفضاءات غير العربية على تقليص مساحة الحرية على المخالفين لها بالرأي كي تحجب الحقائق وتضلل الآراء وتفرض توجهاتها الشمولية.
وهذا الأمر يؤدي بالنتيجة إلى تعطيل آفاق التقدم والنيل من حقوق المواطن في إبداء رأيه بشؤون الدولة والمجتمع، ويجعله يصرح بما لا يعتقد خشيةً من الملاحقة أو المسألة أو الإساءة..ويدفعه ذلك نحو الانكفاء والتقوقع أو ممارسة خداع الذات من أجل التواءم مع موبقات المحيط.
ويعتقد ((سلام عبود)) أن تبادل خداع الذات جزء عضوي، مارسته الأحزاب والسلطات بقوة في مجال الثقافة والأدب والفن ومازلت، لأننا أبناء شرعيون للمؤسسات. لا، أبناء لذواتنا الحرة المستقلة.
هذه الخشية من ممارسة الحق الشرعي في إبداء الرأي في شؤون الدولة والمجتمع، تجعل المرء يترك مسافة بينه وبين قول كلمة الحق، فتارة تجده يقف مع هذا الرأي بالرغم من عدم قناعته به، وتارة أخرى تجده يتخذ موقفاً منه ويخضع ذلك الموقف المتذبذب للوسط الاجتماعي الذي يتواجد فيه.
وهذا السلوك المتقافز بين الآراء، يخلق حالة من الانتهازية مرة مع هذا الفريق، وأخرى مع الفريق المضاد، ويبقى جوهر الإشكال هو انعدام الحرية التي تضمن حرية الاختلاف.
ويعبر ((مانويل كَنت)) عن ذلك بقوله: لا أقول إلا ما اعتقد أنه حق، ولكني لا أصرح بكل ما اعتقد أنه حق.
وهذا يقودنا إلى استنتاج مفاده: أن حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية، فبدون احترام الآراء المخالفة لا يمكن الوصول إلى صيغة للتوافق الاجتماعي. وكل جهة أو مؤسسة تسعى إلى تقليص مساحة الحرية، تفقد شرعيتها المفترضة في المجتمع، ولا تسعفها البرامج والادعاءات المغلفة بالأطر الديمقراطية لشق طريقها نحو المستقبل.
ستوكهولم بتاريخ 9/6/2004.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .!!النظام الديمقراطي: هو حصيلة روافد من دم العلماء والمفكرين
- ازمة الثقافة العربية انعكاس لسياسة القمع وغياب الحرية في الو ...
- أزمة النقد الأدبي في الوطن العربي
- الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!
- الصراع بين المؤسسة الدينية والسلطة السياسية على قيادة الدولة ...
- آليات سلطة الاستبداد وشرعية دولة القانون
- محطات من السيرة الذاتية للشاعر- بايلو نيرودا
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!
- أسباب الاحتلال ونتائج الاستبداد في أجندة المثقف!!
- تساؤلات في زمن الخراب عن: المثقف وصناعة الأصنام والقمع والإر ...
- الإرهاب والاحتلال نتاج السلطات القمعية والتيارات الدينية الم ...
- المعركة الخاسرة - السيد مقتدى الصدر من الفتنة وشق وحدة الصف ...
- مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد
- مفهوما الإرهاب والمقاومة في زمن الاحتلال
- رؤية المثقف للمستقبل السياسي والثقافي في العراق
- الأحزاب الشمولية من سياسية تفقيس المنظمات إلى الهيمنة واللصو ...
- مثقفو النظام المباد وحضانات الأحزاب الشمولية
- منِّ يتحمل مسؤولية خراب الوطن والمجتمع؟!.
- رؤية المثقف للسياسي العراقي!!.
- الصراع بين المثقف العراقي والكائنات الحزبية


المزيد.....




- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- -بلومبرغ-: البيت الأبيض يدرس إمكانية حظر استيراد اليورانيوم ...
- انعقاد قمة المؤسسة الإنمائية الدولية في نيروبي بحضور القادة ...
- واشنطن: خمس وحدات إسرائيلية ارتكبت -انتهاكات- بالضفة الغربية ...
- السلطات الألمانية تدرس اتخاذ إجراءات عقب رفع شعار -الخلافة ه ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي ينتقد أردوغان بسبب موقفه من الحرب ع ...
- الأمير محمد بن سلمان يتحدث عن إنجاز حققته السعودية لأول مرة ...
- زاخاروفا تذكّر واشنطن بمنعها كييف من التفاوض مع روسيا
- الحوثيون: استهدفنا مدمرتين حربيتين أمريكيتين وسفينة بالبحر ا ...
- وفد من -حماس- يغادر القاهرة ليعود برد مكتوب على مقترح صفقة ا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صاحب الربيعي - حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية