أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!















المزيد.....

صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 847 - 2004 / 5 / 28 - 05:42
المحور: الادب والفن
    


هناك صراع دائم ومحتدم بين أضداد المجتمع، ويأخذ هذا الصراع أشكالاً متعددة وينتهي بالنتيجة (الحتمية) إلى انتصار الحديث على القديم. وهذا لا يعني بان القديم يشوبه الخطأ أو تعتريه الشائبة، لكنه أخذ شكله المفترض وعجز عن متابعة المستجدات فتوقف نموه وحافظ على شكله العام.
ودائماً الحديث يبدأ من النقطة التي انتهى منها القديم في متابعة المستجدات والشروع بإضافة المستحدثات كي يستمر النمو الطبيعي، ومن ثم ينتهي إلى شكله المفترض ليأتي الجيل الآخر ليبدأ الخطوة التالية..وهكذا تتابع مسيرة الحياة نحو التطور لرفد الحضارة الإنسانية بالشيء الكثير.
في الوسط الثقافي الغربي، الصراع بين الجيلين القديم والحديث بدأ يتلاشى (إلى حد ما) بحكمة الجيل القديم الذي يعي سَّنة الحياة، فعمد إلى الأخذ بيد الجيل الجديد من نقطة التحول المفترضة ومن ثم بدأ بالتراجع خطوة نحو الوراء كي يصبح الرصيد والمنهل الذي يرفد الجيل الجديد في مسيرته نحو المستقبل.
لذا نجد هناك علاقة احترام ومحبة بين الجيل القديم والجيل الجديد من المثقفين، فالأخير يعمل (بشكل دائم) على تكريم الجيل القديم لمساهمته في رفد الثقافة وتطوير الإبداع الوطني.
في وطننا العربي هذا الصراع أخذ منحاً أخر، فنجد أن الجيل القديم يسعى (بشكل دائم) إلى عدم التسليم بالأمر الواقع، فالموقع الذي يحتله أي مثقف في الوسط يعتبره حكراً عليه مدى العمر ولن يفارقه إلا محمولاً على النعش إلى القبر.
وقد لازمت الجيل القديم سَّمة الوصاية على كل شيء، فهو الذي يمنح صكوك الإبداع لمن يشاء ويحجبها عما يشاء وفقاً لأعراف الشللية والاختلافات الأيديولوجية. الإشكالية الحقيقية التي يعاني منها جيل المثقفين القديم هي التبعية للسياسي، وتلك التبعية أفرغته من أي مشروع جدي ينهض بالوسط الثقافي ويمنحه الاستقلالية في إدارة شؤونه أو في إبداء رأيه الخاص في الأحداث الاجتماعية الكبرى التي يمر بها الوطن.
فالخطاب (الثقافي) للجيل القديم ينهل من جعبة السياسي، بل ينتظر لكي يمنحه السياسي الأذن في إبداء رأيه في قضية سياسية-اجتماعية ما!!. والخروج عن هذا التقليد لدى الجيل القديم يعني انتقال المثقف نحو الطرف الأخر من النقيض (المعادي!!) فالشرعية، هي شرعية السياسي الممنوحة عطفاً إلى المثقف من الجيل القديم الذي يستخدم كشرطي أو حارس أمين في الوسط الثقافي لتنفيذ اشتراطات السياسي على الثقافة والمثقفين.
وهذا الأمر، جعل المثقف من الجيل القديم بوقاً للدعاية للسياسي ومشروعه. فالمثقف (البوق) الذي يختلف فكرياً عن المثقف (البوق) في الطرف الأخر يعد معادياً ويجب النيَّل منه والحط من نتاجه الأدبي مهما عظم شأنه في الوسط الثقافي.
هذه المعادلة الجائرة التي فرضها السياسي على الوسط الثقافي وتبناها الجيل القديم، أحدثت شرخاً في الوسط الثقافي فالولاء السياسي هو الذي يحدد العلاقة في الوسط الثقافي!!. وتلك المعادلة أيضاً، أفرزت خطابين في الوسط الثقافي، الخطاب الأول ينهل من هذا المعتقد مضامينه ويكفر الطرف الآخر ، والخطاب الثاني يتبنى مبادئ الطرف السياسي الأخر ويطلق سهامه ضد الطرف الأول.
وبهذا فأن المعركة في الوسط الثقافي، في حقيقتها معركة سياسية وضحاياها من المثقفين. فالاحتكاكات السياسية بين الأطراف السياسية المختلفة يتم تصفيتها على الساحة الثقافية وليس على الساحة السياسية، بغية النيَّل من المثقفين وتمتع السياسي بساديته في إدارة الصراع. ويجد ((غوركي)) أنه عندما تقع المعركة، يكون في كلا الجانبين أبطال.
وهذا الجيل القديم من المثقفين مازال سعيداً بهذا الدور (القزم) الذي منحه إياه السياسي ومازال يسعى لإجبار الجيل الجديد من المثقفين بأتباعه سعياً إلى نفس المطحنة البشرية التي اخترعها السياسي، فالمثقف يجب أن يكون مضحياً من أجل السياسي (المسخ)!!.
ويجد ((توفيق الحكيم)) أن أدباء الماضي كانوا في أغلبهم أبواق أحزاب ولذلك كان لمن يرفض أن يستخدم بوقاً، لحزب ما، أن يبتعد بنفسه وقلمه عن الحزبية المغرضة.
ويعتقد الجيل القديم من المثقفين، أنهم تحملوا الكثير وساهموا بالكثير، لكنهم لم يوفقوا في استنهاض الوعي لدى الناس من أجل المطالبة بحقوقهم والوقوف ضد السلطات المستبدة!!.
هذه الحقيقة، لا يمكن إنكارها للجيل القديم من المثقفين، فعلاً أنهم خاضوا صراعاً مريراً مع السلطات القمعية وتعرضوا إلى الكثير من المهانات والسجون من أجل الحرية. وهذه المساهمة للجيل القديم، تعد من إحدى وظائف ومهام المثقف (كما تعلمناها نحن منهم!!) لكن يؤخذ عليه أنها لم توظف لصالح الوسط الثقافي وإنما وظفت لصالح الوسط السياسي وبالنتيجة فأن الوسط الثقافي كان هو الضحية والوسط السياسي هو المنتصر!!.
مما أدى لاحقاً إلى انكفاء العديد من الجيل القديم على ذاته بعد أن شعر بالعجز والوهن من استنهاض العزائم ضد الاستبداد لأنه (في الحقيقة) كان يقوم بالمهمة لوحده ويحصد النتائج السياسي.
ويعتقد ((عبد المعين الملوحي)) إذا لم يسبق الإنسان مجتمعه، وخاصة الإنسان المثقف، فلماذا يكون إنساناً أولاً ولماذا يكون مثقفاً ثانياً. لقد كان جيلنا جيل المآسي، جيل الصرخات المرعبة التي لم توقظ حتى الآن (للأسف) إلا القليل من الناس، ولكنهم مع ذلك يستيقظون.
والخلاصة: أن الجيل القديم من المثقفين، بالرغم من عطاءه المستمر ونتاجه الذي أغنى الوسط الثقافي لم ينجح في إشعال شمعة واحدة في طريق المستقبل كونه جيلاً تابعاً للسياسي، ويفتقر للخطاب الثقافي المستقل والمشروع الثقافي المفترض، لذا تم تهميشه وإقصاءه عن أي جهد حقيقي لخدمة الوطن في الوقت الراهن وفاز السياسي بكل الثمار التي جنتها مساعي المثقف وانعكس هذا التهميش أيضاً على الجيل الجديد من المثقفين!!.
ولم يقتصر الأمر على الإقصاء والتهميش الذي مارسه السياسي ضد المثقف، بل أن الجيل القديم مازال مصراً على ترحيل هذه المعادلة الجائرة للجيل الجديد من المثقفين بالتواطؤ مع السياسي الذي تحتاج محرقته إلى المزيد من الحطب (المثقفين) كي تبقى شعلتها ظاهرة للأعيان!!.
كما أن الجيل القديم لم يستفيد (ولن يستفيد) من كل تجارب الماضي التي تورط بها وعمل على توريط الجيل الجديد بها نتيجة علاقته غير المتكافئة (الدونية) مع السياسي.
المصالحة المتأخرة بين الجيلين (القديم والجديد):
استفاد البعض من جيل المثقفين القديم من تواجده في أوروبا ونهل من أقرنه المثقفين الأوربيين سر علاقة الأجيال مع بعضها بعض، وحاول أن يصحح بعضاً من ممارساته مع الجيل الجديد من المثقفين، وتلك المصالحة غير المعلنة بين الجيلين، يمكن أن يلمسها المرء من خلال الجسور والعلاقات الممتدة بين الجيلين في الفترة الأخيرة خاصة مع مما صقلتهم التجارب واستفادوا من أخطاء الماضي فبادروا إلى نقد أخطاء تجاربهم السياسية التي نالت من المثقفين.
هذه الخطوة، أسهمت في تقارب وجهات النظر بين الطرفين، فهناك العديد من مثقفي الجيل القديم بدأ يسمع ويتبنى وجهات نظر الجيل الجديد خاصة بشأن إسقاط نهج التبعية والذيلية للسياسي وضرورة تبني خطاب ثقافي مستقل والسعي لخلق مرجعية ثقافية قادرة على فرض نفسها على الواقع الجائر وانتزاع أكبر قدر ممكن من الحقوق من السياسي. والمساهمة الفعالة وبجهد حقيقي في إعادة بناء المجتمع واستعادة دور السلطة الرابعة.
وتطوع بعض المثقفين من الجيل القديم لإسداء النصح للجيل الجديد من المثقفين بعد تلك المصالحة ومنهم ((عبد المعين الملوحي)) الذي أسدى خمسة نصائح للجيل الجديد من المثقفين:
1-تمتعوا بالحياة واعملوا في الوقت نفسه لبناء الحياة.
2-كونوا طلائع الحضارة العربية.
3-حافظوا على لغتكم العربية المجيدة، كما تحافظون على نور عيونكم.
4-شاركوا في جعل العالم أكثر سعادة، وفي جعل الإنسانية أكثر إنسانية.
5-لا تدفشونا نحن الشيوخ، فسوف نترك لكم الدنيا كلها.
كم جميل ومفيد أن نرى هذه النصائح مسطرة على صفحات الجرائد من إنسان قدم الكثير للثقافة العربية ومازال مساهماً في الرفد للحضارة الإنسانية. وكم جميل أن نجد هناك من يسعى إلى التواصل بين جيلين من أجل الثقافة والإبداع، فمازلنا ننتظر أن يساهم الرواد العراقيين من الجيل القديم بهذا المسعى لخلق علاقة جديدة سمتها الاحترام وغايتها العمل على تأسيس قاعدة جديدة للتعامل بين جيلين، يمكنها أن ترسي مبادئ جديدة للوسط الثقافي العراقي وتنهض بالخطاب الثقافي نحو منحاً جديد وبعيداً عن هيمنة السياسي واستبداده!!.
ستوكهولم بتاريخ 26/5/2004.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب الاحتلال ونتائج الاستبداد في أجندة المثقف!!
- تساؤلات في زمن الخراب عن: المثقف وصناعة الأصنام والقمع والإر ...
- الإرهاب والاحتلال نتاج السلطات القمعية والتيارات الدينية الم ...
- المعركة الخاسرة - السيد مقتدى الصدر من الفتنة وشق وحدة الصف ...
- مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد
- مفهوما الإرهاب والمقاومة في زمن الاحتلال
- رؤية المثقف للمستقبل السياسي والثقافي في العراق
- الأحزاب الشمولية من سياسية تفقيس المنظمات إلى الهيمنة واللصو ...
- مثقفو النظام المباد وحضانات الأحزاب الشمولية
- منِّ يتحمل مسؤولية خراب الوطن والمجتمع؟!.
- رؤية المثقف للسياسي العراقي!!.
- الصراع بين المثقف العراقي والكائنات الحزبية
- سياسيون ومواقف!!
- رؤية في السلطات وأحزاب المعارضة في الوطن العربي!!
- المثقفون العلمانيون بين الحزبية والاستقلالية!!.
- موقف الأدباء من الناقد والنقد الأدبي
- دور المرأة في حياة الأديب ( غابريل ماركيز نموذجاً)!!؛
- اختلاف مفردات اللغة وآليات الحوار بين السياسي والمثقف!!.
- مساهمة موقع الحوار المتمدن من وإلى أين خلال عام من التجربة!!
- رؤية في الأدب الملتزم وغير الملتزم


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!