أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد علي - لماذا لا يفعلها الحجر؟














المزيد.....

لماذا لا يفعلها الحجر؟


رغد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 09:34
المحور: الادب والفن
    


لماذا لا يفعلها الحجر؟

فتحت حقيبة كبيرة بدأت ترمي بداخلها كل أحزانها وألامها ,غربتها وذاكرتها , وحشتها ووحدتها ,اخفاقاتها وانكساراتها ,هزائمها وخيباتها ,اندفاعها وطيشها , خطاياها قلقها وخوفها , أوهامها ويقينها, جنونها وعبثها, أحلامها وأمانيها, وضعت ايضا كل ما لديها من كتب وأوراق اضافة الي نظارتها, ولم تنس أن تضيف لهذا الجمع سرة عتيقه بالية, كل هؤلاء كانوا يسكنونها, يقيمون بجوفها، يمتلكون حق التصرف بشأنها ، وتدفع هي ضريبة لبقائهم معها , حتى سئمت من تحكمهم المطلق, قررت ان تفرغ سكنها منهم، تريد المكان فارغا لتأثثه هي بما تختار,أليس هذا من حقها؟؟ ،اليست هي المالكة الشرعية لهذا السكن؟؟ ،أقفلت الحقيبة باحكام شديد خشية ان يهرب شيئا منها!!

ما أن أكملت مهمتها شعرت بخفة روحها، صارت فراشة تطير حالمة ،كطفله مغتربة عادت لوطنها , لله ما أثقل حمل تلك الأشياءعلى طفلة , دفعها فضول طفولتها المستحدثة للتساؤل ، ما الذي تخفيه هذه الحقيبة ؟ انها لا تذكر شيئا !!!

حارت الطفلة ما الذي ستفعله بالحقيبة ؟؟، هل تتركها بالعراء وتسير دونها ؟، ولماذا هى قربها ؟ ومن ذا الذي أحضرها؟؟، هل تقدمها لأول قادم ؟ أم تعبث بمحتوياتها، كما يصنع الاطفال, هي تخاف ان فتحتها يخرج منها المارد الذي تراه بأفلام الرسوم المتحركة فيرعبها ؟ ,الطفل لا يأمن الا لقلب امه, ستذهب لأمها لعلها تمتص هلعها الطفولى!

صارت تقفز تلعب وتسحب تلك الحقيبة معها , ثم تجلس لترتاح تارة اخرى ،انها ثقيلة جدا، يرهقها سحبها , بنيتها الرقيقة لا تحتمل, يمر العابرون بالطريق أمامها ، وليس فيهم من يعطف عليها , وهي لا تبالي تضحك تمرح, أخيرا وصلت لأمها، تدوركفراشة ملونة راقصة ،تغني تصفق بجناحيها ، من يقيس أبعاد صدى ضحكة الوطن عند لقاء الابنة بأمها ؟

ها هي قبالة أمها ،تشم رائحتها وتحتضنها ، فتحت الحقيبة سرعان ما فقدت خفة روحها ، ووجدت ثقلا يعود اليها ،كالابرتحيطها ,تحت جلدها تنغرس ،عادت لها الذاكرة، فاقشعر جسدها ببرودة قارصة :
كم أنت جميلة يا نبعة الريحان , وطن بلا رائحتك لا يكون وطنا......
اليك يا أمي هذه الحقيبة لملمت فيها كل حاجياتي الفائضة، لا أجد لها حيزا، سأختار أثاثا جديدا يتماشى أكثر مع الصرعات الحديثة، لكن الأساس القديم يلتصق بي كظلي، وهل من الظل خلاص أو مقتل ؟؟,أترين هذه المحتويات صارت مستهلكة؟؟, لا أجد لها نفعا ، وهي لا تجد مكانا يستوعب حجمها ويحتوي هيجانها سواي, حلي هذه المعضلة يا أمي، وافعلي ما تشائين بها ، وخبريني كيف وصل كل هذا الي ؟؟ أنا لم أفتح لهم أبوابي، من ذا الذي دلهم علي ؟؟!! من قال العلم نور والجهل ظلام ؟ أليس هناك نورا خفيا بسكينة الظلام .

وهذه السرة المهترئة يا أمي، انظري لنجماتها الخضراوات الثلاث وألوانها الأحمروالأبيض فالاسود، حتي كلمة الله أكبر خطوها بالأمس يجملون قباحتهم باسم الله ، وما زالوا يصرون, انها تثير بي الغثيان والاشمئزاز، لا اطيق وجودها عندي ،صارت رثة ممزقة تثير سخرية واهانة الاخرين لي ، انها تسىء للمكان فلم احتفظ بها أنا؟, و لماذا أبصرها امامي أينما حللت؟ بل تزيدني غيظا حين تغني الشمس في بلادي أجمل ! ، كيف هذا و الشمس في بلادي حارقة جدا حتي بموسم الشتاء ؟؟.
وطني ليس كباقي الاوطان ، ينبت فيه النخل بالمقلوب، و عطر وروده الاحباط والانكسار، تشيخ الطفولة فيه عند الولادة , فامنحيني يا أمي سرة لا تغني كذبا ، سرة أكثرملائمة لحجم الحدث ، سرة لو وضعتها بأي زاوية ترد الي هيبتي وقدري، ولا تنسي هذه النظارة خذيها أيضا لم تعد تنفعني، لا أرى بها سوى الضباب امنحيني عدسة أكثرجمالا .

لا تبقي صامته ،ليس سواك من يسكن عواصفي، بالله عليك يا أمي أن تتخذي هذه المرة موقفا ، بالأمس القريب أنت ابنتي ، وسدتك علي كتفي، سهرت الليل أحرسك، وأنا أحتاج اليوم حراسة وطن يجمعني لا يبعثرني !!
وانحنت كشجرة مثقلة بثمارها ،تسقي دموعها تلك التربه الطاهرة ، مدت يدها تلمس ذاك الحجرالرخامي تعانقته, لن ينطق الحجر مهما توسلت , لماذا لا يفعلها الحجر؟؟ !!






#رغد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا
- كذبة اللحظة المتألقة - قصة قصيرة
- دعوة البلورة الفضية - قصة قصيرة
- العراق هو الرواية التي تحتاج النقد البناء
- تلك قضيتنا
- الهاتف
- انا وعرافتي والايقاع
- حقيبة سفر وحفنة ذكريات
- الي ابي وامي والذكري
- الي أمي وأبي والذكري
- أحلم بأمرأة تقلب المعادلة
- أم وطفل مشاكس
- مدينة من دم لا نار - اهداء للاستاذ لطفي حداد
- انتخبناكم ليستمر البث لا لينقطع
- اخفاق المراة العراقية
- كفتا الميزان ...السلطة ...الشعب
- لكم مسؤولون يا امة محمد
- ارفعوا المصاحف بين اياديكم لا علي رماحكم
- سيدة عراقية من الطراز القيادي الاول
- صرخة من قلب بغداد


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد علي - لماذا لا يفعلها الحجر؟