أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد علي - الهاتف














المزيد.....

الهاتف


رغد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2310 - 2008 / 6 / 12 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


د. رغد السهيل
انطلقت البدايه من جهاز الهاتف ,حين هدأت كل الأصوات وبقيت رنة الهاتف ,ليجيب العجوز الأرمل..وما أن ينساب الصوت الرقراق الى أذنيه ,حتى تنشط كل قواه. هذا الصوت الناعم كأنه زقزقة عصافير الصباح الباكر يطلبه هو ..نبره طفوله و عذوبة ايقاع ..وغزل مع رجل تجاوز الثمانين من عمره ..صوت كهذا فيه الف نداء ثم اغراء واغراء .. فى دقائق عاد ماء الشباب الى شيخوخته ..فانتصبت قامته , وهب غروره من رقدته ..تواصلت بينهما الهواتف ,انقلبت رأسا على عقب كل حياته..صار يراهق ..يتلفت يمينا و يسارا ,يبحث عن بناته ,فان كن بعيدات أدار قرص الهاتف ,وان سمع اقداما قادمه أغلق سماعة الهاتف ..مشكلته كيف ينفرد بحبيبته ؟ان انتصاف الليل يحل المشاكل ,الناس فيه نيام ,لا يسهر الا العاشق الولهان ,مع صوت عبر الهاتف ..لكن احاديث الخفاء والظلام لا تخلو من النواقص والسفاسف ..فهبط من قدره ..ونسى نفسه , اختلت ارادته وفقد توازنه .
عشق فى خريف العمر قد يكون القاتل ..أو السراب الكاذب ,لكنه ابدا ليس الهادىء الساكن ,رجل يعانى الوحدة ,فجأة تستيقظ كل حواسه ,تعود اليه ثقته ,كيف لا يفقد صوابه؟ تترنح خطواته , تتسارع خفقاته , يشكو الغرام وآهاته , فقدان الشهيه والأرق ونوباته ,وان تعطل الهاتف كانت مصيبه المصائب ,سمعه ممتاز لكن الثقيل فقط هو ذلك الجهاز العاجز..فيشترى جهازا جديدا لعل سمعه يزداد قوة و حدة ,هكذا أفكاره محصورة فى شوؤن الهاتف ..
بدل هواياته من الاستماع للاحاديث الدينيه ,وقراءة الأدعيه ,وأداء الصلوات ,وقضاء ما فاته ,الى التغنى بالأغنيات الحديثه ذات الايقاعات المخبولة المجنونه ,العصر عصر السرعه..وصاحبنا صار سريع التأقلم مع التغير المفاجىء ..حتى ان لهجته بالحديث تبدلت ,من الجديه والرصانه ,الى قصائد الغزل و عباراته ,تناسى يومه وزمنه ,يخلق أخطاء لمن حوله ليبرر تصرفاته ..أقنع نفسه أن الجميع مقصرون فى حقه , فبناته لا يعدون طعامه ,لذا صار يضرب عن الطعام ,ليثنت هذا لذاته ,كما أن بناته لا يغسلون ثيابه ,لذا هو لا يرتدى النظيف من ثيابه ,يدور على أقرباءه يشكو من بناته ..فهن يزعجنه ولا يحترمن تصرفاته !!يكذب كثيرا ,ويستغرب الأخرون انقلاب أحواله وادعاءاته ..
أما الحبيبه المصون ..ترفض لقاءه رغم انقضاء الشهور وهى معه عبر الهاتف ..لأنها من أصول رفيعه تحجبها عن الظهور ..تطلب منه خطوه مباشره ,واضحه صريحه ,ليثبت لها نبل غاياته ..انها لا تأمن للرجال وتريد الدليل على صدقه والبرهان ..وتمضى عليهما الشهور على هذا الحال ,حتى صار الغرام مرضا تتضخم أعراضه ,لا تعرف الزوال .
وأخيرا هدد الحبيبه بالأنفصال ,لو لم تلقاه بذلك المقهى فى ناصيه الشارع, ولأنها عاشقة مثله خافت أن ينفذ وعيده , كان الأتفاق على اللقاء أخيرا..طار فرحا,بدأ يهيأ نفسه للقاء موعود ,بدل من لون شعره الى السواد,وقصر من شاربه قليلا ,ودخل فى قلب زجاجة العطر ,لابد أن يكون لائقا بشابة جميله غضه ,كل ما فيها سيعود به الى ريعان شبابه ,فهى التى بشبابها ستخلق له شبابا جديدا من قال ان الشباب لا يعود؟ ان الحياة مع شابة رائعه تعنى شباب دائم ..
دخل المقهى قبل موعده ..جلس ينتظر والنار فى قلبه ,لا تمضى الدقائق الا كسنوات عليه ,فالأذن تعشق قنل العين احيانا ,لكنه يجد نفسه فى مكان كل رواده من الشباب ,ها هى ضحكاتهم ..حركاتهم ... وخطواتهم ,شعر كأنه غريب بينهم كأن المكان ليس مكانه ..لكنه أصبح شابا هكذا اصبح حال شكله ,ثم ان روحه خضراء طرية….وفيما هو فى أفكاره واذا بالصوت الرقراق من خلفه يسأله هل هو فلان ؟ اتسعت ابتسامته وانفرجت أساريره وما أن التفت حتى رآها..انها كتله متحركه من الأصباغ والألوان ,كانها تريد ان تخفى ما انكمش وما تقلص منها ,هامتها منحنيه ذات ندبه واضحه فى ظهرها ..تستند فى وقفتها الى عكازتها , !!! بكل بساطة اجاب : لا لست أنا !!!



#رغد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انا وعرافتي والايقاع
- حقيبة سفر وحفنة ذكريات
- الي ابي وامي والذكري
- الي أمي وأبي والذكري
- أحلم بأمرأة تقلب المعادلة
- أم وطفل مشاكس
- مدينة من دم لا نار - اهداء للاستاذ لطفي حداد
- انتخبناكم ليستمر البث لا لينقطع
- اخفاق المراة العراقية
- كفتا الميزان ...السلطة ...الشعب
- لكم مسؤولون يا امة محمد
- ارفعوا المصاحف بين اياديكم لا علي رماحكم
- سيدة عراقية من الطراز القيادي الاول
- صرخة من قلب بغداد
- المراة العراقية والمستقبل
- اين الراس؟
- العراقيات والاستفتاء علي الدستور
- قانون مكافحة الارهاب
- تحليل سياسي لتحليلات الفيصل
- رسالة الي صديقة عتيقة


المزيد.....




- فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- يحقق نجاحًا باهرًا.. ما سرّه؟
- موسيقى -تشيمورينغا-.. أنغام الثورة في زيمبابوي
- قائد الثورة الإسلامية يعزي برحيل الفنان محمود فرشجيان
- -عندما يثور البسطاء-: قراءة أنثروبولوجية تكسر احتكار السياسة ...
- مدن على الشاشة.. كيف غيّرت السينما صورة أماكن لم نزرها؟
- السعودية.. إضاءة -برج المملكة- باسم فيلم -درويش-
- -الدرازة- المغربية.. حياكة تقليدية تصارع لمواكبة العصر
- بيت جميل للفنون التراثية: حين يعود التراث ليصنع المستقبل
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد علي - الهاتف