أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!















المزيد.....

الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 854 - 2004 / 6 / 4 - 04:57
المحور: الادب والفن
    


تعتبر ظاهرة الإبداع موهبة تولد مع الإنسان، ولا يمكن اكتسابها مع الأيام. وهي تختلف عن الخبرة المكتسبة التي تأتي نتيجة العمل المتواصل والإطلاع على تجارب وأعمال وخبرات الآخرين. وموهبة الإبداع يمكن وصفها بالمادة الخام، التي إذا ما تم صقلها بالخبرات والتجارب الجديدة تكشف عن سماتها الحقيقية في خلق الكائنات الإبداعية الجديدة التي تضيف الكثير للحضارة الإنسانية.
وعدم استغلال موهبة الإبداع وتهيئة الظروف المناسبة لها كي تعبر عن ذاتها، تؤدي مع الزمن إلى تلاشيها واندثارها. ويجد ((سلام عبود)) أن الأب الشرعي الوحيد للإبداع هو الموهبة.
وهناك فرق شاسع بين نتاج أدبي لكاتب يجيد آليات العمل الأدبي، فيكتب القصة والشعر وينقصه الإبداع، وكاتب آخر يجيد آليات العمل الأدبي ويمتلك موهبة الإبداع. فالإنتاج الأدبي لكل منهما يندرج تحت يافطة العمل الأدبي، لكن الإنتاج الأدبي للأول يولد معاقاً، والثاني يولد معافاً ليعيش ويتفاعل مع الكائنات الإبداعية الأخرى ومن ثم يتزاوج ليخلف العديد من الكائنات الإبداعية التي تساهم في رفد الحضارة الإنسانية.
ويمكن اعتبار الإبداع، طاقة كامنة (كالينابيع العذبة) تنفجر في اللحظة التي تجد فيها مخرجاً نحو السطح، فتغير المحيط من أرض جرداء قاحلة إلى أرض خضراء جميلة. وكما أن الإبداع طاقة كامنة..فأن المبدع الذي يختزن هذه الطاقة في داخله لسنوات صامتاً دون أن تظهر عليه ملامحها..ينشد الظروف المناسبة لتفجر تلك الطاقة ليبدأ عطاءه على شكل دفقات متواصلة تعبر عن سنوات الصمت الطويلة.
ويعتقد ((نيتشه)) كل من قدر له أن يذيع شيئاً جليلاً في يوم من الأيام، لا بد أن يظل وقتاً طويلاً مطوياً على ذاته، وكل من قدر له أن يشعل البرق يوما ما، لا بد أن يظل سحاباً مدة طويلة.
وفي العالم الغربي هناك العديد من المؤسسات غير الحكومية التي تعنى بشؤون الثقافة والعلوم وتحصل على دعم مالي لها من الدولة والشركات الكبرى، لذا الفرصة تكون مهيأة بشكل أكبر للكشف عن الطاقات الإبداعية الكامنة.
إما في دول العالم النامي، فنجد أن الدولة هي التي تسيطر على المؤسسات الثقافية ولا تسمح بقيام مؤسسات خاصة تساهم في تهيئة المناخات اللازمة لبروز الطاقات الإبداعية الكامنة وبالتالي فأنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن ضياع واندثار تلك الطاقات.
ويجد ((أدونيس)) أن احتكار السلطة المؤسسات والحيلولة دون قيام مؤسسات ثقافية وعلمية بمبادرات حرة، هو بين أهم العوامل التي تخنق فرص الإبداع.
والطاقة الإبداعية العلمية أو الأدبية (على العموم) أن وظفت لأغراض إنسانية تجلب الفائدة للجميع، وإن وظفت لأغراض غير إنسانية فأنها تكون طاقة مدمرة ضد البشرية جمعاء. فالأديب المبدع الذي وظف إبداعه لخدمة الشر وأعوانه من الطغاة يفقد بُعده الإنساني ويصبح كائناً شريراً يساهم على تدمير كائنات الخير في المجتمع.
لقد ساهم العديد من الشعراء الأشرار في تامين الغطاء (الأخلاقي) للجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام المباد ضد المجتمع، فهناك شاعر عراقي شرير وظف طاقته الشعرية لصالح كائنات الشر والطغاة ضد كائنات الخير في المجتمع، وكشف عن ذاته الشريرة التي تنتظر العقاب!!
وتجري بعض الكائنات الضالة محاولات لإعادة تسويقه من جديد في الساحة الثقافية من خلال إضفاء مواقف (إنسانية كاذبة) عليه واعتباره ضحية يلتمس لها العذر ، وكأن لعبة تبادل الأقنعة قادرة على حجب الذات الشريرة التي ساهمت باحتفالات الموت والدمار ويكفيه عاراً وذل نتاجاته الشعرية التي أضفت على مجرم وطاغية صفات الآلهة.
وهناك مواصفات خاصة يتوجب أن يتحلى بها المبدع، كي يكون لنتاجه قيمة إنسانية. وتلك المواصفات يوجزها الشاعر ((عبد المعين الملوحي)) بعدد من النقاط:
1-امتلاك المبدع لمواهب ولعاطفة ولمشاعر متميزة..تصقل بالجهد والعمل الدؤوب..وامتلاك ذخيرة فكرية وثقافية موسوعية وعالمية..وأن يحقق العمل الذي ينتجه جميع عناصر ومواصفات العمل الإبداعي.
2-امتلاك الصفات والأخلاق الإنسانية النبيلة السامية، والانسجام ما بين النظرية والممارسة، والتميز ما بين الخير والشر، والدعوة لفعل الخير من دون انتظار ثناء ولا خوف من عقاب.
3-الوطنية، وشمولية الثقافة وموسوعية المعرفة لتتسع إلى علوم اللغات والأدب والتراث والفلسفة والتاريخ..ولا تقتصر هذه المعرفة على ثقافة الأمة التي ينتمي إليها المبدع، بل لا بد أن تشمل ثقافات جميع الأمم والشعوب. وأن تكون المواضيع المطروقة ذات بُعد إنساني عميق وأساليب عبقرية فذة تَّهم الإنسان كإنسان وتلامس مشاعر الناس من مختلف الاهتمامات والأجيال.
4-الروح الحرة الآبية التي تنكر التبعية لأية قوة مسيطرة أو استثمارية وتنكر التعصب والجمود، وترفض القوالب الجاهزة، وتقبل التعرف على جميع الأفكار ولا يأسرها فكر بحد ذاته. وتعطي العقل وإنجازات العلم حقها وتبني رؤاها على أساس ذلك. وأن يمتلك رؤية سياسية صائبة تقف ضد جور الحكام وتعري النفاق والرياء وكل ما يبتذل من الروح الإنسانية، والجرأة والموضوعية في تحليل الواقع.
5-نكران كل أشكال الظلم والاستغلال والاستبعاد الطبقي والمادي والمعنوي، وجميع أنواع التميز الجنسي أو العرقي أو الديني..والنظرة السامية المتساوية لجميع الأديان ورفعها إلى منزلتها اللائقة، ورفع ضغطها عن الفكر وتقيدها لحرية العقل.
6-الاهتمام بقضايا البشرية، بما يخفف من أعبائها ومآسيها، وما يكبح الروح العدوانية والحروب عند أشرارها..ونكران القيم السوقية الوحشية، وصقل الأخلاق السامية وتعزيز روح المحبة والجمال والمشاعر الإنسانية الرفعية..وبث روح التضامن والسلام والصداقة بين الشعوب.
وعليه، فالطاقة الإبداعية الموجهة من قبل كائنات الشر ، غالباً ما تكون طاقة تدميرية تساهم في الخراب والدمار ولا تحتاج سوى لإطلاق يدها لتكون أداة لتدمير وانحطاط المجتمع، فهي تحقق المطامع لذاتها الشريرة وعلى حساب المجتمع.
وبالضد من ذلك فأن الطاقة الإبداعية التي تتحرك وفقاً لسياقها الإنساني، فأنها تعبر عن ذاتها الإنسانية وتساهم في تقدم المجتمع. وتلك المساهمة لا تقتصر على مواقفها الإنسانية، بل على الكائنات الإبداعية التي تنتجها فتعمل على الاصطفاف مع قوى الخير لمواجهة قوى الشر.
يقول ((نيتشه)) تلك إرادتكم كلها، أنتم يا أكبر الحكماء، تلك إرادة القوة لديكم. ومن أجل هذا تتحدثون عن الخير والشر وعن تقويم القيم..أنكم بقيمكم وبأقوالكم في الخير والشر، تمارسون قوتكم.. أنتم يا من تقومون القيم: هذا هو حبكم المتخفي وشعوركم الذي تفيض به نفوسكم.
ستوكهولم بتاريخ 3/6/2004.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع بين المؤسسة الدينية والسلطة السياسية على قيادة الدولة ...
- آليات سلطة الاستبداد وشرعية دولة القانون
- محطات من السيرة الذاتية للشاعر- بايلو نيرودا
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!
- أسباب الاحتلال ونتائج الاستبداد في أجندة المثقف!!
- تساؤلات في زمن الخراب عن: المثقف وصناعة الأصنام والقمع والإر ...
- الإرهاب والاحتلال نتاج السلطات القمعية والتيارات الدينية الم ...
- المعركة الخاسرة - السيد مقتدى الصدر من الفتنة وشق وحدة الصف ...
- مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد
- مفهوما الإرهاب والمقاومة في زمن الاحتلال
- رؤية المثقف للمستقبل السياسي والثقافي في العراق
- الأحزاب الشمولية من سياسية تفقيس المنظمات إلى الهيمنة واللصو ...
- مثقفو النظام المباد وحضانات الأحزاب الشمولية
- منِّ يتحمل مسؤولية خراب الوطن والمجتمع؟!.
- رؤية المثقف للسياسي العراقي!!.
- الصراع بين المثقف العراقي والكائنات الحزبية
- سياسيون ومواقف!!
- رؤية في السلطات وأحزاب المعارضة في الوطن العربي!!
- المثقفون العلمانيون بين الحزبية والاستقلالية!!.
- موقف الأدباء من الناقد والنقد الأدبي


المزيد.....




- -غزة فاضحة العالم-.. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشون
- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...
- أبو الحروب قصة جديدة للأديبة منال مصطفى
- صدر حديثا ؛ أبو الحروف والمدينة الهادئة للأديبة منال مصطف ...
- غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!