أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الموظف وانهيار الراتب الشهرى














المزيد.....

الموظف وانهيار الراتب الشهرى


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2790 - 2009 / 10 / 5 - 03:04
المحور: كتابات ساخرة
    


لا شك أن الموظف الحكومى فى بلادنا النامية مهما كان منصبه فهو من محدودى (عفوا مهدودى) الدخل إذ لا يقوى راتبه على السير سوى بضع خطوات فى طريق الشهر الطويل يتلقى خلالها عدة ضربات يسقط بعدها مغشيا عليه لينقل إلى غرفة الإنعاش حيث لا يملك المسعفون سبيلا سوى إجراء عملية جراحية عاجلة تتمثل فى الاقتراض من البنوك الحكومية أو الاستثمارية وعندما يتحرى المرء عن الفرق بينهما يكتشف أن البنوك بكافة أنواعها لا ترحم ضعف المرتبات التى تقع فى شباكها ولا تتردد فى استنزاف آخر قطرة من دم الراتب الشهرى.

فرغم أن موظفى الحكومة قد يشعرون بالسعادة المؤقتة عند نهاية الشهر الميلادى حيث يتلقى كل منهم راتبه إلا أن الراتب ربما يكره الأيام الأخيرة من الشهر حيث ينتقل من مسكنه الآمن فى البنوك إلى أيدى الموظفين المرتعشة. والسبب فى هذه الكراهية معروف وله ما يبرره، إذ لا يكاد يستقر الراتب فى يد أو جيب الموظف حتى يتلقى ضربات متتالية وموجعة. وتزداد حدة الضربات حين يلتقى شهر سبتمبر مع شهر رمضان أو أحد الأعياد الدينية. من المعروف أن أولى الضربات تتمثل فى نفقات الأسرة التى تتضاعف فى شهر رمضان. الغريب أن الشهر الذى نصوم فيه عن الطعام والشراب هو الشهر الذى يشهد أكبر الولائم والمآدب، فشهوة الإنسان للطعام تزداد نتيجة الصوم ومن ثم فإن الاستهلاك الغذائى يلتهم الجزء الأكبر من دخل الأسرة. ثم يتلقى الراتب ضربة شديدة فى أواخر رمضان حيث تستعد الأسرة لإعداد كعك العيد ويتلقى ضربة أخرى حين يلتف الأولاد حول رب الأسرة مطالبين بملابس جديدة ثم تأتيه ضربة قوية قاضية حين تستعد الأسرة لتوفير مستلزمات المدارس والدروس الخصوصية. ومن المسلم به أن الراتب المسكين لا يتحمل هذه الضربات المتتالية فيسقط على الأرض فاقدا الوعى وتفشل كل الإجراءات الأولية لإسعافه فينقل إلى غرفة العناية المركزة حيث يتطلب الأمر إجراء عملية القرض المفتوح.

ولتغطية مصاريف هذه الرحلة العلاجية للراتب المريض فإن الموظف لا يجد حلا سوى الوقوع فى شباك القروض التى تنصبها البنوك التى اعتادت فى الماضى على التشدد فى إجراءات الإقراض. أذكر أن أحد الأصدقاء توجه لأحد فروع بنك حكومى ساعيا لاقتراض مبلغ زهيد لا يتعدى سبعة آلاف جنيه ففوجئ برئيس الفرع يطالبه بإحضار زوجته فى المرة القادمة، فسأله لماذا؟ فقال رئيس الفرع لكى توقع بالتنازل عن الأجهزة الكهربية فى منزلكم فى حال تعثركم عن سداد القرض. اللافت للنظر أن البنوك فى الآونة الأخيرة قد قامت بتقديم تسهيلات لطالبى القروض واكتفت بتحويل الراتب الشهرى ضمانا للقرض. ففى أثناء مرورى فى الشارع لاحظت أن الطوابير التى كانت تشهدها الخزينة فى المصالح الحكومية انتقلت إلى ماكينة الصرف الآلى لأحد البنوك حيث التقيت مصادفة بأحد معارفى الذى قطع 10 كيلومترات ليصل إلى مقر البنك فسألته: ماذا تفعل هنا؟ فقال جئت لأصرف راتبى الذى قمت بتحويله إلى هذا البنك ضمانا لقرض زهيد لا يتعدى عدد الكيلومترات التى قطعتها للوصول إلى البنك أى حوالى 15 ألف جنيه. واستطرد قائلا: إن البنك يستقطع ربع الراتب أى 350 جنيه لمدة سبع سنوات. وبحسبة بسيطة يتبين لنا أن هذا الموظف الغلبان يسدد حوالى 30 ألف جنيه أى تقريبا 100% من قيمة القرض.

وفى الواقع فإننا لا ندرى لماذا تتشدد البنوك عند التعامل مع الموظف ذى الدخل المحدود وتفرض عليه فوائد باهظة تصل إلى 100% من قيمة القرض. لعل القارئ يتساءل: إذا كانت الإجراءات والضمانات التى تفرضها البنوك على المقترضين بهذه الصرامة فلماذا تنهب أموال البنوك؟ ولماذا يتلاشى التشدد عند منح القروض لأصحاب النفوذ؟كلنا يتذكر قضية نواب القروض الذين نهبوا أموالا طائلة من البنوك والتى تصل فى مجملها إلى مليار و256 مليون جنيه.

والسؤال الذى يسنح فى الذهن هو: لماذا لا تنظر مؤسساتنا لمحدودى الدخل بعين الرحمة، الرحمة التى تبديها المؤسسات تجاه الفقراء فى العالم الرأسمالى. أتذكر عندما كنت طالبا فى الولايات المتحدة الأمريكية فى الثمانينات فقد كنت أتلقى حوالى 800 دولار شهريا وحيث إن الدولار كان يساوى جنيها ونصف الجنيه فمعنى هذا أن راتبى كان حوالى 1200 جنيه مصرى، انفق منه 250 دولار إيجار شقة صغيرة وحوالى 150 دولار لسداد فاتورة الكهرباء والغاز والتليفون ليتبقى 400 دولار لزوم المأكل والملبس وكان هناك ما يعرف بخط الفقر والمعيار الرئيسى لموقعك فوق أو تحت الخط يتوقف على راتبك الشهرى، لقد كان المبلغ الذى نتقاضاه كافيا لحجز مقعد تحت خط الفقر وفقا للمعايير الأمريكية. وهذا الوضع يعفى الأسرة من دفع بعض الفواتير الباهظة كمصاريف الولادة التى قد تصل إلى حوالى 3000 دولار بالتمام والكمال أى حوالى 4500 جنيه وفقا لسعر الصرف فى الثمانينيات.






#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة انتخابات اليونسكو
- صياغة الخبر ومشاعر المواطنين
- المواطن فى مدرسة الحكومة
- امتحان لمن يرغب فى تمثيل النوبة؟
- جمال مبارك وقضايا النوبة
- مطالب النوبة بين الماضى والحاضر
- أهل النوبة ولفظة برابرة
- رجال الأعمال وانتخابات الأندية الرياضية
- سياسة إسرائيل الإعلامية
- قضايا التعليم بين الطلاب والمعلمين فى مصر
- وقوع العقوبة والإفلات منها
- أين مشاعر المودة بين أفراد الشعب الواحد؟
- جنوب أفريقيا: من العنصرية إلى العالمية
- المنتخب المصرى وتجربة كأس القارات
- الإعلام ورجال السياسة فى بلاد العم سام
- شعار أوباما: نعم نستطيع ... أن نتحاور
- انتبهوا أيها السادة...
- من هم العبيد ومن هم الأسياد فى مصر؟
- حزب الله أم حزب إيران؟
- هل يمكن التخلص من السرقات الفكرية؟


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الموظف وانهيار الراتب الشهرى