سياسة إسرائيل الإعلامية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:16
المحور: الصحافة والاعلام
    

لقد اثبت الصراع الإسرائيلى الحمساوى الأخير أن هناك تباينا ملحوظا بين إسرائيل وحماس فيما يتعلق بالتعاطى مع الرأى العام العالمى أو الاقليمى. لقد أدرك قادة حماس حاجة الرأى العام العربى إلى نصر للخروج من حالة الإحباط والانكسار واليأس التى تلازم الشعوب العربية، لذلك ارتأت حماس أن تنصب الخيام فى ساحات الدوحة وظلت تعزف نغمة النصر. ولما أدركت أن الشعوب العربية لا ترغب فى الرقص على أنغام الآلات المنكسرة اتجهت حماس إلى جمع الفصائل الفلسطينية لتعلن وفاة منظمة التحرير الفلسطينية التى تأسست منذ حوالى نصف قرن. من الواضح أن الرأى العام العالمى لا يهم حماس فى شىء، إذ تكتفى حماس بمخاطبة الشعوب الإسلامية من خلال إتقانها للغة الخطاب الدينى والحرص على استشهاد قادتها بالأحاديث والآيات القرآنية التى تقطع الطريق على الآراء الأخرى. لعل القارئ يشاركنى الرأى بأن الحمساويين لا دراية لهم بالسياسة الإعلامية التى تنتهجها الحكومة الإسرائيلية.

كنا نعتقد أن إسرائيل لا تهمها سوى حكومات وشعوب الغرب وأمريكا وكنا نظن، وإن بعد الظن إثم، أن إسرائيل التى تمتلك قوة عسكرية هائلة ولديها أقوى رابع جيش فى العالم وفى مخزونها ترسانة من الأسلحة الفتاكة وقنابل وصواريخ متنوعة من فصيل الدايم والفسفورى وحتى النووى سوف تكون أقل حرصا على مخاطبة الرأى العام العربى والفارسى. لقد تبين عدم صحة هذه الظنون وعدم دقة هذه الشكوك. لقد حرصت إسرائيل ممثلة فى وزارة الخارجية على تحديد ثلاثة أهداف من حملتها الإعلامية الموجهة للراى العام العالمى والإقليمى: 1. التعريف بالنظام السياسى لدولة إسرائيل 2. إبراز الجانب الإنسانى للدولة العبرية. 3. التخلص من اتهامات العنصرية والعدوانية.

من المؤكد أن لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة واضحة لتحقيق أهدافها حيث قامت بإعداد موقع الكترونى بعدة لغات "منها اللغة العربية واللغة الفارسية" يعرض ملامح الدولة الإسرائيلية ويتطرق إلى نظامها السياسى على اعتبار أنه نظام ديمقرطى برلمانى يعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث ويحرص على استقلال القضاء. أما الجانب الإنسانى لدى الكيان الصهيونى فإن الموقع يحرص على إبرازه من خلال إلقاء الضوء على الأحداث التالية:
1. محاولة أطباء إسرائيليين إنقاذ طفل رضيع من قطاع غزة.
2. رعاية فتى إيراني في الرابعة عشرة من عمره يعاني ورمًا دماغيًا خبيثًا حيث يتلقّي العلاج في مركز سفرا لطبّ الأطفال بمستشفى شيبا في تل هاشومير فى تل أبيب.
3. استضافة وفد يضم 23 مسلما يزور إسرائيل فى رحلة نظمها منتدى الديانات الثلاث البريطانى.

كما تحاول الوزارة محو الوجه العنصرى للكيان الإسرائيلى من خلال الإشارة إلى
1. أن مؤسسة أكاديمية فى إسرائيل لم تتردد فى منح أول امرأة عربية لقب البروفيسور فى 2008م.
2. أن ممثلة عربية إسرائيلية حصلت على جائزة أوفير لأفضل ممثلة فى 2008م.
3. أن راديو وتلفزيون إسرائيل يحتفل بشهر رمضان من خلال تنظيم مسابقات رمضانية.

وحرصا على نفى العدوانية عن إسرائيل فإن الموقع حرص على الاستعانة بالصور والأفلام التى التقطتها الأقمار الاصطناعية وعلى مقالات كتاب عرب لا يبطنون شرا لإسرائيل. لم يجد الموقع غضاضة فى عرض أفلام وفيديو كليبات قصيرة باللغة العربية والفارسية والانجليزية تصور إسرائيل على أنها الضحية وعلى أنها اضطرت للدفاع عن النفس بل تبين أن حركة حماس تستغل المدنيين من النساء والأطفال والمسنين كدروع بشرية. وللتدليل على ذلك فإن الموقع يعرض مقطعا من تسجيل تلفزيونى لم يتم بثه يتبين فيه لمراسلة قناة العربية حنان المصري أن حركة حماس أطلقت صاروخًا من الطابق الأرضي للعمارة التي يقع فيها أستوديو العربية. ويعرض الموقع فيلما باللغة الانجليزية لا تزيد مدته عن ست دقائق يعرض الحياة اليومية التي يعيشها سكان مدينة سديروت فى جنوب إسرائيل التى كادت أن تتحول إلى مدينة أشباح بعد أن أصبحت وأمست وباتت هدفا للصواريخ الفلسطينية. وسعيا لإقناع من لم يقتنع فإن إسرائيل حرصت وتحرص على إلقاء الضوء على مقالات الكتاب الذين لا يكنون لها أية مشاعر حقد أو كراهية بل دائما حريصون على إلقاء اللائمة على السياسات العربية وعلى الجبهات الفلسطينية المتناحرة ومن هؤلاء عبد الله الهدلق وخليل على حيدر فى صحيفة الوطن وصحيفة الرأى الكويتية والياس بجانى فى صحيفة السياسة الكويتية وأنيس منصور وحازم عبد الرحمن فى صحيفة الأهرام المصرية وحسين سراج فى مجلة أكتوبر المصرية وتركى الحمد فى صحيفة القدس وطارق الحميد وعبد الرحمن الراشد فى صحيفة الشرق الأوسط. (روز اليوسف، عدد 1243، 3 أغسطس 2009م، ص9.)

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل