|
الفصل 7 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
حبيب هنا
الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 20:00
المحور:
الادب والفن
7
دُمرت علاقتي مع " غادة " و” لينا “في آن واحد . " غادة " دخل حياتها رجل غيري استحوذ على المكان الذي كنت أشغله ، دون أن تعلن ذلك بوضوح ، ولكني عرفته على نحو يصعب معه حسم الشك باليقين ، غير أن سلوكها معي بات مختلفاَ عما ألفته من قبل . كانت تقابلني بفتور وتوجس ، وفي عيونها نظرة عتاب تغازل الأفق وبقايا مرحلة قديمة، كما لو أنها تتنصل من قصة حب عابرة تورطت فيها ، فاستنفذت كل ما يمكن أن يقال . وحين سألتها ذات مرة عن سبب التغير ، قالت : - ليس لدي ما أعطيه لك أكثر مما أخذت ! - والذي كان بيننا .. - لم يكن سوى بعض قبور شهداء ، واحتضان بين الأضرحة ، هرباَ من الخوف ، وأملاً في المستقبل .. - فقط ؟ - ليس تماماً ! و "لينا " ، تسللت إلى أعماق جرحي ونفذت إلى نقطة ضعفي في الوقت الذي كنت ما أزال أعاني من أزمة العلاقة مع " غادة " ، وكأنهما وجهان لوسادة واحدة ، تحتار أين تضع رأسك عندما تصاب بالأرق .. حاولت ابتزازي في كثير من المسائل والمواقف ، ولما كنت اصطدم معها ، كانت تنصّب عليّ بالعتاب : - تدّعون الديمقراطية وتمارسونها مع الناس وتحرمون بيوتكم منها .. !! - لك ما شئت ! - أنتم أيها التقدميون تعملون في كل الحقول ، أما أرضكم فلا تكلفون أنفسكم عناء توفير الأسمدة لها ، والأيدي العاملة المتمرسة . !! - غداً يكون كل شيء على ما يرام . - تقفون إلى جانب المرأة وتدافعون عن حقوقها أمام الرأي العام ، أما في الخفاء فتظلمون نساءكم وتحرمونهن من أبسط الحقوق . - لك أن تسافري وأنا سأقوم برعاية الأطفال إلى أن تعودي .. - ليس لك أن تذهب وحدك في اللقاءات التي تشارك فيها المرأة . - وليس لي أن أتحمل كل هذا الظلم دفاعاً عن الديمقراطية ، والتقدمية ، ومساواة المرأة بالرجل ، وما إلى ذلك … صحيح أنني ضعيف أمام النساء ، ولكن ليس إلى حد فرض آرائك عليّ،وكأنها مسلمات بديهية ينبغي عدم مناقشتها … أو لعلك اكتشفتِ تدمير علاقتي مع " غادة " فتحاولين الآن السيطرة عليّ .. تسعين إلى امتلاكي نهائياً ، لا بغية الحفاظ عليّ بقدر ما هو رغبة في بقاء رأسي مدفوناً بين ضلوعك ، حتى لا ترى وجهي أية امرأة أخرى ، و تهيم بوسامتي وحسن كلماتي ، التي أعرف كيف أنفذ من خلالها إلى القلب ، فالروح ، كي أغرس نفسي في أعماق مشاعرها ، فلا تقوى على الفكاك مني . - ها أنت قلتها ، تغرس نفسك في أعماقها بعد أن تكون قد اقتلعت جذورك من أعماقي ! - لا تحاولي تسطيح المسألة بهذه الصورة السخيفة . فلولا " غادة " لما اشتعلت نحوك كعود ثقاب ينتصب أمام فوهة بركان ، ولما جددت نفسي وأعدت إنتاجها بما يكفل الاشتهاء الدائم ، لَـكنَّ أنتنّ الاثنتين .. على أية حال ، لا أحد يعرف كيف تنسجن خيوطكن انتن النساء ، ولكن هاهي شباككن منصوبة ، قائمة ، تترصد الصيد . لقد أصيب جسدكن ، منذ سنوات ، بكل الأمراض بما فيها الغيرة ، وحقنتموه في نهاية المطاف بمصل يقوى المناعة ، ويعزز السيطرة على الروح التواقة للانعتاق ، ويدجنها . إنه قانون التشبث بالمصالح الذي يجفف العروق ويمنع الدماء من الوصول إليها عندما تكسر عصا الطاعة . لم يعد بوسعكن معرفة ما ينبغي فعله . تهاوتُ حبات المسبحة ، وبات من الصعب تجميعها ، أو إعادة نظمها في خيط كما كانت عليه ، رغم المحاولات المتكررة .. َقدّمُتنَّ ، من خلال الوجه الحسن ، صورة كل الحسناوات على أجمل ما يكون ، عندما كنتن بحاجة إلى ذلك ، تحدثتن باسم المساواة عن الظلم الواقع عليكن ، و باسم الديمقراطية عن حرية المرأة ، فظلمتن الرجل ، وباسم التقدمية عن وجوب مشاركتكن في الحياة العملية أسوة بالرجل ، فأدخلتن الرجال جميعاً إلى مستشفى لم يكتشف جميع الأطباء العاملين فيه ، حتى اللحظة ، نوع المرض الذي يغزو كيانهم ، ويمنعهم من الشفاء العاجل . هُيّئ لَكُنّ ، أن المرضى مصابون بنوع خاص من المرض ، فيما تبين لاحقاً عكس ذلك ، تبين أن الرجال أكثر ولعاً بالكذب منكن ، وبمحاكاة اللحظة والتشبث بها . !! قلتن : كفاكم أيها الرجال ، إما أن تسيروا في المقدمة ، أو تتركونا نسير أمامكم . قلنا : إما أن تلتزمن البيوت ، وإما أن تملأن حقائبكن بالحجارة . قلتن : اعتقونا ، أو اجعلوا العصمة في أيدينا . !! قلنا : أنتن ناقصات عقل ودين . !! قلتن : تتهموننا بالنقص في العقل والدين ، وأنتم تشاهدون كل الأفلام الخليعة في ( قناة إسرائيل الثانية) . من أنتن أيتها النساء ، تلعبن بكرة تنس بين مضربين ، فتشددن نظر الرجل إلى متابعة الكرة بعينيه أينما ذهبت ، فلا يقوى على التركيز على اليد القابضة على المضرَب ، ولا على الكرة المتطايرة في الاتجاهين .. !! لِمَ أنتن هكذا ؟ هل لأنكن تفرعتن من أصلنا ، من ضلعنا ، تشعرن بحاجتنا إلى أعادتكن إلى أجسادنا ، إلى صورتكن الأولى ؟ أم لأنكن لم تنبثقن على صورة واحدة ، فغدوتن مختلفات ، منكن المليحات ، الجميلات ، الجذابات ، ومنكن القبيحات ، المنفرات .. ولكن حتى هذه ، فيها منا من الوصف ما يكفي .. أما أن تهدموا حياتنا (وهذا مستحيل ) كما هدم شمشون المعبد ، أو كما يحاول البعض هدم وقار الشهيد وبيع هيبته مقابل حفنة من الوعود ، سيعمق الفجوة ، ويزيد العلاقة حقداً و كراهية بينكن وبين الرجل الذي ليس بوسعكن أن تعشن بدونه ، كما هو الحال بين من يملكون حقائب الوعود وبين من لا يملكون سوى كمشة تراب ، غير مستعدين في أية لحظة ، ذرها في الريح مهما كان الثمن . !! احذرن اللعب على ضفاف الاشتعال ، خشية أن يصيبكن اللهب ، أو غزل الموت الذي لا يميز بين المرأة والرجل ، فتصبحن كمن أراد الهرب من المعركة خوفاً من الموت ، فأصابته الرصاصة في الظهر ومات من فوره .. !! إذن ، دافعن عن حقوقكن ،ولكن لا تسلبن الآخرين حقوقهم .. لا توهمن أنفسكن أنكن تعرفن كل ما تقلن ، في وقت لا تعرفن فيه كل شيء عما تقلن ! لأنه ، والحالة هذه ، يغدو للمصالحة التاريخية دورها الغاشم ، مما يحمل السؤال على الانتصاب في وجه الإجابة : لماذا تحطمي العلاقة معي يـا " لينا " في الوقت الذي تحطمت فيه مع " غادة " ؟ - اعتراني شك بأن حبكما وَهُمٌ وليس حقيقة فسعيت إلى تحطيمه - بل لأنك رأيت بعينيك كيف طوقتٌ " غادة " بهالة صوفية وجعلتٌ منها معجزة النساء بين أضرحة القبور ، في وقت كانت فيه ما تزال صغيرة على هذا الدور ! - وبحاجة إلى الإجابة على السؤال : هل هي فعلاً هكذا ؟ أنك ألبستها ثوباً فصلته خصيصاً كي يلائم مقاسها ، فصارت من فورها كما رسمتها ، وكما رغبت أن تكون !
#حبيب_هنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
-
الفصل 5 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
-
الفصل 4 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
-
الفصل 3 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
-
الفصل 2 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...
-
الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...رواية
-
مازال المسيح مصلوبا فصل :9_10
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 16
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 15
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 14
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 13
-
فصل من رواية : صفر خمسة تسعة 12
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 11
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 10
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 9
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 8
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 7
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 6
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 5
-
فصل من رواية :صفر خمسة تسعة4
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|