أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - ماجد العويد في الليلة الثانية بعد الألف














المزيد.....

ماجد العويد في الليلة الثانية بعد الألف


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 13:38
المحور: الادب والفن
    



يعمد القاص ماجد العويد في قصته "الليلة الثانية بعد الألف"* إلى إخراج نص قصصي حداثي إلى الوجود من خلال عملية تلاقي معرفي لنصوص متعددة بعد تجريد هذه النصوص من تاريخها العضوي "حديث الإسراء و المعراج- رسالة الغفران- الكوميديا الإلهية.."
و رغم ما يبدو من وضوح في النسق العام للقصة من خلال التسلسل المكاني و الزماني للأحداث و الحبكة, إلى طريقة السرد التقليدية على لسان المتكلم و محاكاة أسلوب ألف ليلة و ليلة, إلا أننا سنصاب بخيبة أمل كبيرة عند البحث عن المعنى الأحادي للقص , فالنص يحمل قدرات دلالية متعددة بعيدا عن الإغلاق.
*
المتفائل هو الذي يسير في اتجاه واحد في طريق يقف الإنسان فيه متألقا جميلا, أما المتشائم فهو الذي يسير في الاتجاه المعاكس متأففا ساخطا من عدم التوازن الذي يلف العالم. و النص القصصي للعويّد خارج ثنائية "تفاؤل –تشاؤم", إنه نص مأساوي يستنشق الواقع الحياتي بمعاناته الوجودية, و يومئ القاص إلى اللا إنساني و اللا شخصاني و اللا عادل بطريقة إفرازية لا واعية, يقوم بها بشكل تلقائي, حيث يعمل إلى استخدام الميراث الإنساني من وعيه, بعد أن يعاني من ارتجاج الذات مما انعكس في وضوح الرؤيا لديه.
و رغم أن الليلة الثانية بعد الألف ليست من القصص الواقعي ,إلا أننا نستحضر عند قراءتها الواقع الذي يعيشه الإنسان المعذب في هذا العصر على الصعيد الفردي و القومي من خلال العديد من الإشارات .
" حلفت له أنني بائس ضاقت بي الدنيا,وحيد بلا أنيس, نزعت مني أرضي و بيتي- وقفت أمام دار القضاء فإذا بابها موصد- صاح بي قائلا إن المساجد لم تبن للمتسكعين, المارقين, المظلمة عقولهم, و إنما للعبادة و السجود لذلك العالي القهار"

إن هذا التضمين الواقعي يغني القصة, و يزيد من القدرات الإيحائية للنص و يجعله أكثر قربا من المتلقي.
يسيطر على القصة شعور بالاغتراب الإنساني يتجلى من خلال الرجل الذي ساح في البرية باحثا عن الذي يعيد أرضه المغتصبة له, فخلال مسيرته يعبر من السوق إلى بيوت لله ..إلى دار القضاء.. ثم الفلاة حيث يلغي الإحساس بالزمن المألوف إلى أن يلتقي بالأعرابي, و انتهاء بمدينة البرزخ التي يصفها بقوله :
"مدينة من أطياف و أشباح منبعثة من الأجداث, أرضا مقببة. كل قبة فيها فتحت من أعلاها لكأنها مدينة من بركان , بملايين الفوهات لا أرض هنا أو سماء أو فضاء , و لا فراغ بين أرض و سماء. لا شيء هنا مما هو حي أو فان"
لقد كانت هذه المدينة مخيبة للآمال:
" كان عبثا رفع الصوت, لا صوت ينبعث من بين الشفاه, لا صوت أبدا, و إنما شفاه مطاطية تأخذ أشكالا و أوضاعا مختلفة , فتارة تعلو و في أخرى تهبط, و في ثالثة تزم, فأبكي حظي العاثر"
تتميز القصة بالغنى المكاني الذي يسير في سياق التسلسل الزماني, بالانتقال من الأسواق المسقوفة إلى المفتوحة, و ما لهذا من دلالة فالسقف هو الحجاب الذي يحد من رؤيتك للأعلى و هو كناية عن الانغلاق و التحدد.
و على الصعيد الفني نقرأ في القصة العديد من الصور الفنية الموحية و المبتكرة من خلال الانزياحات الدلالية حتى تبدو أقرب للشعر أحيانا.

- " فأشهد بعيني قمر الغنى"
فالقمر هو محسوس يحيلنا إلى البصر و الغنى معنوي , و ما أجمل الحياة عندما يزينها الغنى و الليلة حينما يزينها القمر.

- "محلقا في الفراغ فوق قبر الدنيا"
فالقبر هو الشاطئ الذي نودّع فيه هذه الدنيا , و الدنيا هو كل ما تراه و ما تشعر به خارج القبر, الفراغ عكس الموجود, و الدنيا هي الوجود,فعندما ننزع الموجود من الدنيا تصبح فراغا, و تسكن الدنيا المقبرة.

- " و شعرت بالليل يشرق مخترقا أعماقي"
فالشمس هي التي تشرق ,و الشروق ظاهرة مكانية, و الشروق عكس الغروب-مقدمة الليل- الباعث على هذا التكوين الدلالي هو حالة الاسترخاء التي يحتاجها البدن المرهق من الرحلة الطويلة و الجوع العميق.
***

* من مجموعته القصصية "الغمام" الصادرة 1999 عن دار آرام - دمشق



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعرية العاطفة.... بين الشعبي و الثقافي
- قراءة للخطاب الاسلامي المعاصر في كتاب جديد - أضاحي منطق الجو ...
- هل الكاتب العربي متهم حتى يثبت العكس؟ وجهتي نظر
- قراءة في نيرمانا, و محاولات اصطياد الشاعر شريف الشافعي لكائن ...
- مقالة في الشكل الالهي؟
- قراءة في -لمحات حول المرشدية-- ج2/2
- قراءة في -لمحات حول المرشدية-- ج1/2
- الاسلام بأل التعريف/ و كيف نحكم بازدواجية المعايير
- اسلام بلا مذاهب قصيدة شعرية و أحلام هاربين
- بداهة رفض الظلم؟!
- أنا.. و الكومبيوتر.. و ذرة الأكسجين
- سبعة تساؤلات عن البداهة؟
- ردا على زهير سالم.. و احتكار الكلمة السواء
- الشكل السمكي ..و طرائق تشكل الحب بين البشر؟
- قديم جديد : بين العلم و الدين
- ما الجدوى - قصيدة
- قديم جديد: العقل أم الدين؟
- زهير سالم, و احتكار الكلمة السواء
- تساؤلات حول التكفير و الكافرين؟
- عن المصير الأخروي للانسان؟


المزيد.....




- رحيل التشكيلي المغترب غالب المنصوري
- جواد الأسدي يحاضر عن (الإنتاج المسرحي بين الإبداع والحاجة) ف ...
- معرض علي شمس الدين في بيروت.. الأمل يشتبك مع العنف في حوار ن ...
- من مصر إلى كوت ديفوار.. رحلة شعب أبوري وأساطيرهم المذهلة
- المؤرخ ناصر الرباط: المقريزي مؤرخ عمراني تفوق على أستاذه ابن ...
- فنانون وشخصيات عامة يطالبون فرنسا وبلجيكا بتوفير حماية دبلوم ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية.. -بين أو بين-... حين يلتقي ال ...
- إبراهيم قالن.. أكاديمي وفنان يقود الاستخبارات التركية
- صناعة النفاق الثقافي في فكر ماركس وروسو
- بين شبرا والمطار


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - ماجد العويد في الليلة الثانية بعد الألف