جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2763 - 2009 / 9 / 8 - 19:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
آخر مره دخلتُ بها المسجد للصلاه كانت قبل 15سنه وكان موضوع الخطبه عالق في ذهني وحافظه عن غيب أو عن ظهر قلبً , وبعد 15 سنه دخلت المسجد للصلاه على أحد الموتى واستمعت من شيخ آخر لنفس الخطبه التي استمعتُ لها قبل 15 سنه, يعني الموضوع واحد , بس الاختلاف باسم الشيخ واسم المسجد ونوعية السجاد وأشكال المصلين .
ومن الظاهر أن المرأه والحريه والديمو قراطيه هدف رئيس لخطباء الجمعه في المساجد , يعني عُمُرني (طوال عُمري) ما سمعت بخطبة جمعه إلا والمرأه والحريه والديموقراطيه إحدى أهم أهداف تلك الخُطب الحماسيه من علماء أجلاء بحور في العلم والنحو والصرف والبلاغه التي نسيتها أنا من 10سنوات .
توفي والد أحد أصدقائي وهو صديقي الوحيد فليس لي في البلده صديق سواه أزوره في كل شهر مره وهو أيضاً في كل شهرين مره واحده, ولأنني أحب صديقي جداً وهو يحبني فقد قررت مشاركته في مراسيم الدفن , طبعاً هو خبرته ضعيفه في المراسيم على شانه لأول مره بموتله أو بتوفاله أحد أقرباءه , بس أنا خبرتي كبيره على شان كل سنه بموت واحد من أقربائي , طبعاً موت نهائي, على شان ما فيش ولا واحد منهم رجع وحكى اللي شافه من عذاب أو من نعيم.
-ليش في ناس بتموت موت مش نهائي؟.
-آه فيه, في أقربائي مات واحد منهم ودفنوه وطلع بعده مش ميت , على شان أيام زمان كانت الدايه (الدايه –القابله) التقليديه هي اللي بتقرر أن المتوفى قد توفيّ أو لم يتوفى .
ومراسيم الدفن هذه حركه ليس من السهل أن أخطيها أو أن أمشي بها كأي علماني يحترم نفسه لأن ذلك كان يتطلب مني دخول المسجد للصلاه .
إذاً (إذن) أول نقطه بدأتْ منها مراسيم الدفن كانت من (المسجد) وكان يوم جمعه في شهر 6تقريباً من ذاك العام, وكان يوماً حاراً عبوساً, فصعد إلى المنبر خطيب (علاّمة) أو (بحر العلوم) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
" تعلمون يا إخوان ماذا يريدون منّا الصهاينه الكفار أعداء الإسلام , إنهم يريدون منّا واليعاذُ بالله أن نفتي في ديننا بغير علم ولا هدى ولا كتاب , إن الرويبضه اليوم يجتهدون باسم حرية الرأي , ومن أفتى بغير علم فقد تبوىء مقعده من النار , كل هذا باسم الحريه والديموقراطيه وحقوق الإنسان ويريدون منّا أن نترك كتاب الله وسنة رسوله ونتبع الحرية والديمقراطية , وما يسمونه بحقوق الإنسان, و الديمقراطيه التي معناها أن تخلع المرأة الرجل , والديموقراطيه أن نجلس أمام جهاز التلفاز أو الفساد لنشاهد على الفضائيات أفلاماً ومناظر ومشاهد تقشعرُ لها الأبدان , وإنهم بهذا قد بدءوا بنشر سمومهم لنا من خلال وسائلهم الإعلامية البغيضة فهذا مسلسل (سنوات الضياع) وذاك مسلسل (نور ومهند) فيه نساء عاريات يلبسن فوق الركبه وتخرج المرأة من بيتها سافرة عارية لا يدري بها زوجها أين ذهبت , وبناتنا المسلمات وشبابنا المسلم يشاهدون هذه المظاهر الخلاعية والفساد ينتشر بيننا في البر والبحر .".
ثم قال:" يحتضنها وتحتضنه , ولا يخجلون من مشاهدة مثل تلك المشاهد"
فقلت بيني وبن نفسي : أتوقع بأن الشيخ من المتابعين لمسلسل سنوات الضياع, وشردتُ في تفكيري بعيداً وتأملت رفضه للموضوع ومشاهدته له واستغربت كل تلك التصرفات, فعاد هو وقال:
"يا إخوان أين ديننا الحنيف"؟.
طبعاً قالها بأسلوب هجومي وعنيف , وأنا بدأ الخوف يدب في أرجلي وأحسست بهبوط قليل في ضغط الدم الإنبساطي., ثمّ أنشأ يقول:
"واللبس ..والثياب الخالعة, ولا يستحون من تقبيل بعضهم البعض أمام شاشة التلفاز والأطفال والمراهقون جالسون, إنهم بؤرة الفساد, وهم بذلك ينظرون إلى ديننا وإلى مكانة المرأة به , ويريدون تدنيس المرأة, ماذا يريدون للمرأة غير ما أراده الله ورسوله؟ كيف يريدون منّا أن نستبدل شريعة الله بشريعة سفهائهم ؟"
وسكت عدة ثواني والناس تنظر بوجوه بعضها البعض وهم مؤيدون الشيخ بكلامه علماً أنهم يمارسون افضع من ذلك ثم قال بصوت كله قرار القرار , وكأنه عازف موسيقا :
"هذا الدين بدأ غريباً وسيعود بإذن الله غريباً , كما بدأ أول مره , وسيرسل الله على رأس كل 100عام من يجدد لنا هذا الدين"
ثم نظر في الناس وصمت لعدة ثواني والناس تهزُّ رؤوسها طرباً له ولجمله الدينيه وخجلاً مما يقول , وأخذ نفساً عميقاً ثم رفع يده وإصبعه يلوح من فوق لتحت ثم استأنف خطبته العصماء وكأنه زياد بن أبيه أو الحجاج ثم قال :
"والله لن نترك هذا الدين...والله لن نترك هذا الدين..هذا الدين ..هذا الدين...هذا الدين ..بحاجة إلى جهدِ منّا جميعنا , بحاجة إلى أن ننشره كما نشره الصحابة أول مره , لقد بدأ هذا الدين غريباً وسيعود غريباً ."
وأنا طبعاً شردت في ذهني معه وقلتُ بيني وبين نفسي : ماله ؟...ماله؟..مين طالب منّه يترك دينه؟ ببعدين لويش بهاوش تهويش بالمصلين , ليش ما يحكي كلاوم عادي بدون ما إيشد على حصانه ؟...ثم تكلم في أمور كثيرة وعاد إلى مسلسل (نور ومهند )التركي المدبلج وقال:
"نور ومهند في سريرهما بمشاهد خلاعيه تغضب وجه الله , ونحنُ شبابنا طائش لا يدري ماذا تريده منّا أمريكيا , إنهم يعلمون أن قرآننا هو أساس نهضتنا , هم يحسدوننا على ديننا لذلك يريدون منّا أن نترك كتاب الله , وهنالك كُتاب عرب على الإنترنت يكتبون في صحف يهوديه ومجوسيه عن حرية المرأة ومساواتها بالرجل , ويريدون من بناتنا وأخواتنا المسلمات خلع الحجاب ".
وإذا بدكوا الصحيح؟..لأول مره أشعر بالخوف من كتاباتي لأنني أحسست هنا أنه يقصدني وينظر لي بعينيه مع أنه كان ينظر بوجوه كل المصلين , ونظرت حولي فلم أجد أحد إلا ويعرفني فلفت أنظار الناس لي , وبصراحه زادت مخاوفي , وقلت بيني وبين نفسي :احساااااان....احسااااان..!!, أي والله لو يحكي للناس قوموا واقتلوني غير يقتلوني , خطابه حامي وساخن على الآخر , أي إذا أنا صار عندي قناعه بكلامه من الطريقة الحماسية التي يخطب وكأنه بمعركة داحس والغبراء , وصدقوني إني صُرت بدي أسب على نور ومهند وعلى كتّاب الإنترنت أمثالي, ثم أرسلتُ عيوني إليه وهو يقول:
" يريدون أن يطفئوا نور الله بأيديهم, يريدون منّا عن طريق إدخال وسائلهم الإعلامية أن يلوثوا عقولنا وعقول أبناءنا , يريدون منّا باسم الحرية أن نمارس الخلاعة وأن تخرج البنت من بيت أبيها وهي حاسرة الرأس , والمشاهد ألخلاعية والحب السافل تلك الأمور من المفسدات لشبابنا , فاحذروا يا معشر المسلمين من أن يصيبكم هذا الوباء , لأنه والله قد وصل لبعض الرجال من أمتنا الإسلامية, فيا معشر المسلمين توبوا إلى الله توبة نصوحة من قبل أن يأتيكم الموت"
وهنا في هذه اللحظة أحسستُ بأن نهاية خطبته قد أوشكت على الرحيل فأرسلت إليه بآذاني مصغياً , والناس من حولي كادوا أن تسقط دموعهم على الأرض , فقال:
"عباد الله ..حافظوا على الصلواة , والجمع والجماعات , وقوموا لله قانتين, تحابوا تزاوروا زوروا بعضكم بعضا, واسألوا الله أن يجنبكم فتنة الدجال لأنها قد ظهرت بوسائل إعلامكم ,هذا الدين يحسدكم عليه الكفار الفجرة ,"
ثم دعا الله والمصلون يرفعون أيديهم للسماء:
" أللهم اجعل كيدهم في نحرهم,ومسلسلاتهم الخلاعية , أللهم أنصر المجاهدين الأفغان على أعداء الله الكفار الأمريكان , أللهم وفق ولاة البلاد , أللهم يا حنان يا منان حرر القدس , أللهم أنت ربي ورب البيت ... أللهم من أراد بالإسلام خيراً فوفقه ومن أراد به شراً فخذه أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين,إنه يتآمرون على الإسلام وعلى نبي الأمة أللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا حاجة من حوائج الدنيا إلا وقضيتها عنّا يا رب العالمين, أللهم حرر الأقصى من اليهود المغتصبين, إن اليهود يرسلون إليكم بإعلامهم من أجل أن يقضوا على الإسلام , لقد كان يؤتى بالرجل وبأمشاط الحديد فيقطعونه ويمشطون لحمه وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , فأين نحن اليوم من هؤلاء ؟ لقد قاد أسامة بن زيد جيوش المسلمين ومعه خيرة الصحابة وكان أسامة في وقتها قد بلغ من العمر 17 عشر عاما , فهل شبابنا وأولادكم مثلُ أسامة؟"
ففكرت في الموضوع وقلت : طيب المصلين ليش ما يعرفوها من طولها ؟! يعني واحد عمره 17 سنه بقود جيوش حربيه؟ ما هي شارحه حالها , عشانه قال كان معه في الجيش خيرة الصحابه, يعني يمكن إنه كان قائد بشكل صوري يعني بس منظر ليش ما يفهموها جمهور المصلين؟ شغله غريبه وعجيبه!!.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
