|
هل تحبِّـينَ ألفِـيس بريســلي ؟
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 822 - 2004 / 5 / 2 - 11:03
المحور:
الادب والفن
في أوائل الخمسينيات ( سَـقياً لتلك الأيام ! ) ، كنا بالبصرة ، عُصبةً من مهووسينَ بالقراءة والكتابة ، لا نكتفي بالمتاح ، بل نطلبُ شبه المستحيل أحياناً . إنْ بدأَ واحدُنا يقرأ إرنست همنغواي ، مثلاً ، فعليه أن يقرأ الرجل كلّه حتى لو اضطرَّ إلى طلب كتبه من خارج العراق ؛ والمتعة النهائيةُ هنا ، أن يؤشــرَ القاريءُ ( وليكنْ أنا ) على قائمة كتب همنغواي ، في آخر الكتاب ، حتى يستكملها ، كتاباً ، كتاباً . آنذاك سيحكي عدلاً ، وإنْ جلسَ أعوجَ ، ولسوف يمتلك لسانُه طلاقةً ما بعدها طلاقةٌ في أي حديثٍ عن الكاتب الأميركي الشهير ؛ لِـمَ لا ؟ ألم يقرأه كاملاً غير منقوصٍ ؟ وباللغة الإنجليزية أيضاً ! هذه العادة من أيام الصِّـبا ظلّت تلازمني ، حتى اليوم . والحقُّ أنها من عاداتي الحميدة القليلة !
*** الأمرُ ذاتُــه ، جرى لي مع ف.س. نايبول ، حتى بعد أن نقلتُ إلى العربية كتابه " في بلادٍ حرّةٍ " ، In a Free State الذي نشرته " دار المدى " بدمشق ، قبل وقتٍ غيرِ بعيدٍ . إن المـرءَ واجدٌ ، حتماً ، حين يرحلُ رحلةً طويلةً مع كاتب أصيلٍ ، غرائبَ وعجائبَ : أن يلتقي مع ألفيس بريسلي مثلاً ! بالمصادفة ، عثرتُ على كتابٍ لنايبول ، يمكن اعتباره من كتب الرحلات ، عنوانه " جولةٌ في الجنوب " A Turn in the South ، وهو الجنوب الأميركي ، أي جنوب الولايات المتحدة الأميركية . من الأماكن التي زارها نايبول في جولته ، بلدة " ممفيس " مسقط رأس ألفيس بريسلي ، ومكان متحفه الذي يُعتبَـرُ ، بصورةٍ ما ، مزاراً لمحبِّــيه . يقول نايبول: في أحد الأيام كان سائقٌ زنجيّ عجوزٌ يعود بي إلى الفندق ، قال عن الزوار " إنهم من البيض جميعاً. ألستَ ترى؟ السود يكرهون الموسيقى الريفية Country Music ، لأنهم يعتبرونها موسيقى ذوي الرقاب الحمر Redneck Music ، فهي ترمز إلى من اضطهدوهم ، وإلى كل ما يكرهونه " . سألتُه إن كان لبريسلي مثل هذا الموقف إزاء الســود ، فقال : مَن يذكر السود أمام بريسلي كمن يذكر اليهود أمام هتلر . أتعرف ماذا قال؟ كلُّ ما أريده من السود أن يشتروا اسطواناتي ، ويُـلَـمِّــعوا أحذيتي ! إن هذا القول موَثَّقٌ " . *** صورةُ الـمُـغَـنِّـي ، اضطربتْ قليلاً لديّ . في أحد الأيام التقيتُ بالشاعر الزنجي الأميركي الشهير أميري بركة . كان ذلك في ميديين بكولومبيا ، ثم في كاراكاس العاصمةِ الفنزويلية هذا العامَ 2004 في بهو الفندق بكاراكاس سألـتُــه عن الأمر ، قال ( وهو حجّــةٌ في الموسيقى الزنجية ومؤلفٌ كتبٍ ) : أتعرفُ أن بريسلي تعـلَّـمَ حتى طريقته في العزف من الموسيقيين الزنوج ؟ قلّــةُ وفاءٍ !
*** وتمضي الأيام … في ليلةٍ ما ، كنتُ أقلِّــب مواقع الإنترنت ، حتى بلغتُ موقعاً عجيباً هو موقع " إرشيف الأمن القومي " الأميركي ، National Security Archives وإذا بالموقع يكشف وثائقَ جديدة تحت عنوان " ألفيس ونيكسون " ، ومن بينها رسالةٌ بخط يد بريسلي موجّــهة إلى الرئيس الأميركي نيكسون ، كتبها وهو على متن طائرة أميركان أيرلاينز ، المتوجهة إلى واشنطن ، يوم 21/12/1970 ، تقول الرسالة :
عزيزي السيد الرئيس أولاً ، أريد أن أقدِّم نفسي . أنا ألفيس بريسلي ، معجبٌ بك وأكنّ احتراماً فائقاً لوظيفتك . تحدثتُ إلى نائب الرئيس آغنيو في بالم سبرنغز قبل ثلاثة أسابيع ، معبِّـراً عن قلقي حول بلدي . ثقافة المخدرات ، والعناصر الهيبية ، والـ SDS ، والفهود السود ، إلخ ، لا يعتبرونني عدوَّهم ، مثل ما يعتبرون المؤسسة حسب تعبيرهم . أنا أسمِّي المؤسسة أميركيةً ، وأحبُّـها . سيدي أنا قادرٌ على تقديم أي خدمةٍ أستطيعها لمساعدة بلدي . وليس لي من غاياتٍ ودوافع سوى هذه المساعدة . ولهذا لا أريدُ أن أحظى بموقعٍ أو وظيفةٍ . أنا أستطيع أن أكون أكثرَ فائدةً لو أصبحتُ عميلاً فيدراليّـاً حرّاً Federal Agent at Large، أؤدي الأعمال بطريقتي الخاصة ، من خلال علائقي مع الناس من مختلف الأعمار. أنا مطرِبٌ ،أولاً وأخيراً ، لكني أحتاج إلى تفويضٍ فدرالـيّ . أنا في هذه الطائرة مع السناتور جورج مورفي ، وقد كنا نتداول المشكلاتِ التي تواجهها بلادنا . سيدي ، أنا مقيمٌ في فندق واشنطن ، الغرف : 505 – 506 – 507 . ومعي يعمل رجلان هما جيري شلينغ وسوني ويست . وأنا مسجّل في الفندق باسم جون بوروز ، وسأظل مقيماً حتى أحصل على تفويض عميل فيدرالـيّ . وقد قمت بدراسة في العمق حول المخدرات وأساليب غسيل الدماغ الشيوعي ، وأنا الآن في الخضمّ ، حيث بمقدوري أن أقدم أفضل شـيء. أنا سعيدٌ بتقديم العون ، مادام ســرّاً . بإمكان موظفيك ، أو أيٍّ شخص آخر ، استدعائي في أي وقتٍ ، اليوم ، أو الليلة ، أو غداً . لقد رُشِّحتُ لأكون في العام القادم أحدَ أفضل عشرة شبّانٍ في أميركا . وسيكون ذلك في الثامن عشر من كانون ثاني ، في بلدتي ممفيس ، بولاية تنيسّـي . أبعثُ إليك بملخّص سيرتي ، كي تتفهّـمَ بصورةٍ أفضلَ ، مسعاي . أحبُّ أن ألتقيك ، فقط لأقول مرحباً ، إن لم تكن جِـدَّ مشغولٍ . مع فائق الإحترام /س/ ألفيس بريســلي ملحوظة : أظنّ ، يا سيدي ، أنك كنتَ أيضاً واحداً من أفضل عشرة شبّانٍ في أميركا . لديّ هديةٌ خاصةٌ ، لك ، أريدُ أن أقدِّمها ، وبإمكانك قبولُها ، أو أنني سأحتفظُ بها إلى أن يكون بمقدوركَ أخذُها.
ملحوظةٌ مني أنا مترجِـم الرسالة المسكين : الهدية كانت مسدس كولت 45 Colt 45 Gun ، وألبوم صور عائلية .
لندن 29/4/2004
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوّل أيّــار عالياً على الأسلاك
-
غارةٌ جويّـة
-
اســـتحضــارُ أرواحٍ
-
مَـشارفُ الرُّبْـعِ الخالـي
-
عراقيّــون أحــرارٌ
-
الجبــل الأزرق
-
America, America
-
الإســتباحــــةُ
-
طائرُ النار : من باليرمو إلى كاراكاس
-
تكوين 34 - في ميلاد الضوء الشيوعي -
-
مَــنازل
-
رائحــة
-
الناسك
-
نارُ الحطّـابين
-
يومياتٌ ذاتُ مغزى
-
مســتعـمَــرةٌ رومانـيّــةٌ
-
ذَبـــذَبـــــةٌ
-
ســاعات أندريه جِـيد الأخيرة
-
ســاعاتُ لوركا الأخيـرة
-
لو كان الصبحُ جميلاً
المزيد.....
-
الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
-
رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما
...
-
قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال
...
-
“رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس
...
-
افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية
...
-
هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
-
-هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم
...
-
-بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
-
إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية-
...
-
على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|