أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - نكبة 1948 ونكبة أوسلو














المزيد.....

نكبة 1948 ونكبة أوسلو


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 08:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كلما حلت ذكرى نكبة فلسطين في عام 1948، تركز مهرجانات إحياء هذه الذكرى على عرض الجرائم والمذابح التي ارتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني، وكأنها تستصرخ العالم من أجل "العدالة" بإعادة التأكيد على "ظلم" المجازردون تقديم رؤية ترتبط بالوضع الراهن. غير أن الشعب الفلسطيني لم يتعرض لنكبة حقيقة فقط في عام 1948، وإنما تعرض لنكبة أخرى مع اتفاق أوسلو في عام 1993 أصابته في مناضليه وقدراته المقاومة.

يمثل اتفاق أوسلو نكبة جديدة لفلسطين. سقط حلم الدولة العربية على كامل التراب الوطني أو على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 إلى دويلة لا سيادة لها ولا حدود ولا ملامح. وانتهى الأمر إلى سلسلة من المفاوضات العقيمة التي كشفت عن حقيقة الهدف من اتفاقيات أوسلو: أن يتحول المناضلون القدماء من أجل الحق الفلسطيني إلى نوع من السلطة الحاكمة تنفذ إرادة الاحتلال الصهيوني في الشعب الفلسطيني (قمعه وتكبيله) حتى لا يكلف إسرائيل عبء القمع ومسئولية أخلاقية عن جرائمها تماما مثل حكام "البانتوستانز" في جنوب أفريقيا في عهد العنصرية.

أثبتت عملية السلام المزعومة ألف مرة أن القضية الفلسطينية لا حل لها من خلال المفاوضات السلمية مع العدو الصهيوني، ولكنها أثبتت أيضا أن حل الدولتين شبه مستحيل. غير أن القيادات الفلسطينية تتمسك بحل الدولتين (على الأقل أغلب هذه القيادات في الوقت الراهن)، وتدخل في سلسلة مفاوضات عقيمة حول القضايا المستعصية: قضية اللاجئين، وقضية القدس، والمستوطنات، والحدود. وهي قضايا مستعصية لأن واحدة منها على الأقل – وهي قضية اللاجئين – لا حل لها إلا بتحولات ديموغرافية عنيفة يستحيل أن نتصور حدوثها مع بقاء دولة لإسرائيل. كما أن المستوطنات، خاصة المستوطنات الكبيرة التي تنتشر كالسرطان في الضفة الغربية، تحتاج من أجل تفكيكها إلى قوة قتالية تعادل وتستطيع أن تواجه آلة القتل الإسرائيلية، وإذا تغاضينا عن المصالح المشتركة بين كثير من الدول العربية وبين إسرائيل والولايات المتحدة، سنجد أن الدول العربية مجتمعة لا تمتلك تلك القوة التي تستطيع بها مواجهة إسرائيل.

حل الدولتين والقضايا التي يجري التفاوض عليها تحت هذا العنوان عملية عبثية لن تصل إلى نتيجة، ولكن قيادات فلسطينية وعربية تتمسك به بسبب ارتباط مصالحها بالوضع القائم، فقد تحول قدامى المناضلين إلى موظفين في سلطة أوسلو، وكبار موظفيها تحولوا إلى رجال أعمال وأصحاب مصالح اقتصادية وسياسية مع الكيان الصهيوني الذي يحاربونه! واختصر الهدف الحقيقي غير المعلن عنه في عملية التفاوض إلى مجموعة من المكاسب الصغيرة لا تقدم حلا لجماهير الفلسطينيين الذين تحصدهم رصاصات الحقد الصهيونية، وتهدم الجرافات منازلهم وتمحو جذورهم من الأرض لتبني عليها مستوطنات لمهاجرين جدد، وطرقا التفافية، وحائطا عنصريا عازلا، ومناطق أمنية … إلخ.

كل ذلك يدعونا إلى العودة إلى التفكير مجددا في حل الدولة الواحدة التي تتعدد فيها الديانات والأعراق دون تمييز وتتساوى فيها الحقوق مع إسقاط التمييز العنصري والصهيونية. إذا عاد هذا الحل إلى أجندة الفصائل الفلسطينية، سوف تتمكن من إسقاط خلافاتها وحروبها الداخلية بسهولة أكبر من الوضع الحالي، خاصة أن هذه الاستراتيجية تبدأ بحل وتفكيك السلطة الفلسطينية التي قامت على أساس مبادئ أوسلو.

هذه السلطة أقيمت بالأساس لمصادرة النضال الفلسطيني، ولذلك ليس غريبا أن نجدها مدعومة بالأموال من الاتحاد الأوروبي، وليس غريبا أن نجد إسرائيل مكلفة وفقا لمبادئ أوسلو بجمع الضرائب من الفلسطينيين في المناطق التي تسيطر عليها لصالح سلطة أوسلو، وليس غريبا أن نجد دعما عربيا (من الدول الصديقة لإسرائيل) لهذه السلطة باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وليس غريبا أن نجد الولايات المتحدة – التي لا يمكن اعتبارها صديقة للشعب الفلسطيني – لا تجد شريكا في "عملية السلام" إلا سلطة أوسلو وقياداتها.

هذه السلطة لم تقدم للشعب الفلسطيني أي حماية من العدوان الإسرائيلي، بل حرمت هذا الشعب المناضل والبطل من سواعد أبنائه، بتحويل العديد من هؤلاء المناضلين إلى موظفين يتقاضون أجرهم من أعدائهم، أو على الأقل يتحكم هؤلاء الأعداء في أجورهم.

الخطوة الأولى إذن هي تفكيك السلطة، وعودة الفصائل الفلسطينية المختلفة إلى فصائل مناضلة تنسق جهودها في مواجهة العدو المشترك، ولا تطالب بدولة خاصة للفلسطينيين، وإنما بحقوق سياسية وقانونية متساوية لأبناء الشعب الفلسطيني ووقف الهجرة إلى هذه الدولة الواحدة (بغض النظر عن اسمها) وعودة اللاجئين.

وطبيعي أن العصابة الصهيونية التي تدير الدولة في إسرائيل لن تقبل ذلك، لكن هذه الخطوة سوف تكون بالغة الأهمية بالنسبة للفلسطينيين، لأنها سوف تنقذ مناضليهم من وهم السلطة الذي حولهم إلى موظفين يتقاضون أجرا، وسوف تنقذهم أيضا من الصراعات الداخلية المرتبطة بهذا الوهم. كما أنها خطوة كفيلة بأن تكشف عن الطبيعة العنصرية الخالصة لإسرائيل وتجبرها على تحمل مسئولية جميع الجرائم التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وتحرمها من فرصة الترويج لأسطورة أنها دولة طبيعية تحاول الدفاع عن نفسها ضد أعداء يريدون إزالتها ويهددون أمنها.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة القمح والجريمة الكاملة
- حكومة رجال الأعمال تكشف أنيابها في زمن الأزمة
- إنها دعوة وأمل أو أمنية
- دفاعا عن -إبداع-
- المشروع والممنوع في دعم المقاومة
- هكذا يفكر دون كيشوت
- الوجه الحقيقي لديمقراطية رأس المال
- سيكولوجية القطيع
- عفة زائفة ودعارة مقدسة
- تحضير أرواح الموتي … هل يصلح ما أفسده الجشع؟
- أمامنا مستقبل لنكسبه
- الخروج من الأسر
- واقعية سياسية أم استسلام للأمر الواقع
- آلام المخاض لأجمل أطفال العالم
- انتهاز فرصة الأزمة للانقضاض على الدعم
- اقتصاد السوق وخرافة الكفاءة
- الفقراء لا يستفيدون من الرخاء ويدفعون ثمن الأزمة
- لا تنتحر ولا تذهب إلى المملكة!
- اقتصاد الفقاقيع
- الأزمة والفوضى … جوهر اقتصاد السوق


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - نكبة 1948 ونكبة أوسلو