أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - آلام المخاض لأجمل أطفال العالم














المزيد.....

آلام المخاض لأجمل أطفال العالم


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2514 - 2009 / 1 / 2 - 07:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قال الشاعر التركي العظيم ناظم حكمت إن أجمل أطفال العالم لم يولد بعد. لم يقل لنا كيف ومتى سيولد. ولكن تجربة الإنسانية مع القهر والاستبداد والاستغلال تكشف أن هؤلاء الأطفال يولدون حتما من جحيم المعارك، ومن صراع قاس ومرير ضد رموز القهر والفساد والاستبداد، من رغبة قوية في الحياة تعيد بناء الروح وتسترد ملامح البطولة في شعب مغدور.

مجزرة غزة كشفت للمرة الألف عن الوجه القبيح للسياسة المصرية، وكشفت للمرة المليون عن تهافت الأبواق الرسمية التي يعتمد عليها النظام في تبرير وتسويق سياساته المعادية للغالبية العظمى للشعب المصري. ولكنها جددت مرة أخرى أمل المصريين في أن يولد أجمل أطفالهم، في أن يستردوا حياتهم وقد سددوا ثمن الحرية والكرامة.

مجزرة غزة 2008، مثل مذبحة جنين 2002، دفعت النظام المصري إلى خلع جميع أقنعته الوطنية والأخلاقية الزائفة، ونزع آخر أوراق التوت التي كان يستتر وراءها لأنه لم يعد يحتمل تكلفة الكرامة. وتعمد في الوقت ذاته إلى المغالاة في إهانة الشعب المصري، فمن ناحية يزعم هذا النظام زورا وبهتانا أنه يمثل هذا الشعب، ومن الناحية الأخرى يحشد قوات هائلة ليس في مواجهة أعدائنا وإنما في مواجهة الشعب نفسه، ومن يتضامنون مع ضحايا المجزرة الإسرائيلية في غزة. هذه القوات نحن الذين ندفع لها رواتبها، وندفع ثمن الرصاص الذي توجهه إلى صدورنا، وندفع ثمن العربات التي تستخدمها سجونا متنقلة تحشد فيها شبابا غض القلب كما لو كانوا حيوانات سجينة في أقفاص الذل والمهانة.

لابد لنا أن نعترف بالواقع. نحن شعب أسير. حكامنا من سلالة المماليك رغم فصاحة اللسان وقبح البيان. لم نكن بحاجة إلى مجزرة في غزة لكي نكتشف ذلك. ضحايا التعذيب والقتل على أيدي شرطة هذا النظام أبلغ شاهد وأجلى دليل. إنتشار الفساد وإهدار الموارد وتخريب المرافق من تعليم وصحة وغيرها علامات صارخة على انتكاستنا في عصر المماليك والسماسرة. فماذا تبقى لهذا النظام لكي يزعم أنه تعبير عنا أو ينتمي إلينا. هم يعرفون ونحن نعرف والجميع يعرف أنهم يحكمونا بالتزوير والطوارئ وقوانين استثنائية احتفظوا بها من عهد المستعمر البريطاني.

مماليك هذا العصر حولوا مصر إلى خرائب. أخضعوا شعبها وأذلوه وأهانوه. أرهقونا في البحث عن لقمة العيش والأمان، وأشاعوا بيننا روح الهزيمة والإنكسار حتى يتاجروا بنا، بعد أن اختصر دور الدولة إلى دور نخاس يعرض كل ما تلمسه يداه من بشر وحجر في المزاد. كان لهذه السياسات جانبها الإيجابي الذي لا يقصده صناعها بالتأكيد، هو أن الشعب في سبيله أن يدرك أن الحياة الكريمة تستحق الموت في سبيلها.

لقد حكمت الأقدار على النخاس أن يبيع دائما، لا يتوقف أبدا حتى عندما يتحول ما تحت يديه إلى خرائب. الأزمة من وجهة نظره ألا يجد ما يبيعه. فعندئذ فقط يصبح عرضة للإفلاس. وقد أفلس حكامنا بعد أن باعوا كل شئ. كانوا يملكون وطنا بأكمله، مصانع وشركات وأرضا وشعبا وتاريخا. قايضوا كل ذلك بالبقاء في السلطة، وصناعة طبقة من الأثرياء عبر شبكات من الفساد لا يبرطهم جميعا بهذا البلد إلا حسابات المصارف. وما أن أفلسوا حتى فضحهم شركاؤهم، وطالبوهم بما لم يقدروا عليه، ولن يقدروا: ألا وهو قتل الروح في هذا الشعب، قتل رغبته في الحياة وقدرته على سداد الثمن، وإن ظنوا أنهم استطاعوا، فقد غرتهم كثرة بيادقهم وغررت بهم بنادقهم.

مجزرة غزة كشفت عن قدرة هذا الشعب على إعادة بناء الروح وإنتاج الحياة. كل ما يحتاجه حتى يعود إليه العنفوان ويسترد عافيته وثقته بنفسه هو أن يكتشف ساحة معاركه كاملة ويخوض نضاله على جميع الجبهات. كل ما يحتاجه هو أن ينتصر لنفسه مرة نصرا مبينا بما يفتح أبواب الأمل لأجمل أطفاله الذين لم يولدوا بعد.





#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهاز فرصة الأزمة للانقضاض على الدعم
- اقتصاد السوق وخرافة الكفاءة
- الفقراء لا يستفيدون من الرخاء ويدفعون ثمن الأزمة
- لا تنتحر ولا تذهب إلى المملكة!
- اقتصاد الفقاقيع
- الأزمة والفوضى … جوهر اقتصاد السوق
- أوهام الإصلاح من أعلى وحلم الثورة الواقعي
- مرجريت في الإسكندرية
- معركة المعارضة الضرورية: سيناريو التوريث أم مواجهة النظام؟
- مواجهة الفساد أم مناورة لامتصاص الغضب؟
- أبو الغيط يغيظ المصريين
- مالي أنا والشورى؟
- بورصة ، بورصة – ولا عزاء للفقراء
- بربرية وأمل في عصر التطرف
- أصرخ يا نور
- هل يعود بونابرت؟
- درس في التواضع
- الواقع والرمز في الهجوم على عز
- على إسمك يا جاهين
- جمهورية الغاز


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - آلام المخاض لأجمل أطفال العالم