|
ما بين النظام الرئاسي و البرلماني الملائم للعراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2650 - 2009 / 5 / 18 - 08:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان اكثر الانظمة المتبعة في الشرق الاوسط هي الرئاسية الفردية ذات الصلاحيات المطلقة تقريبا ، و ان كانت هناك انتخابات برلمانية مختلفة الاشكال و الطبيعة و المهام في العديد من البلدان ، و لكنها تجري وفق المستوى الثقافي العام و وعي الشعب المعلوم . و من المعلوم ايضا ان العادات و التقاليد و العلاقات الاجتماعية هي من العوامل المؤثرة على كيفية تطبيق العملية الديموقراطية بما فيها الانتخابات بانواعها ، ناهيك عن المصالح المختلفة التي تقيٍد الجهات المتعددة في بيان مواقفها و ارائها و من ضمنها الفرد الحر الذي يؤمن بما يربطه مع محيطه و الصلات التي تفرض عليه الاعتقادات و الارتباطات المتعددة . هذه من الناحية الاجتماعية ، اما تاريخ المنطقة و ما مرت به و امكانياتها و قدرتها و نسبة ترسب الافكار و المعتقدات المترسخة في الوضع و النظام السياسي ، و المنطقة متاخرة جداعن الركب في سبيل تجسيد المفاهيم التقدمية و الحداثة ، و لم نلمس سوى الشكليات و المظاهر من المباديء الاساسية لبناء النظام الديموقراطي الحقيقي الذي يكون لصالح الشعب و الفرد المنضوي تحت خيمة المكونات الاساسية للمجتمع . اما من الناحية الثقافية و نسبة المثقفين و المستوى الثقافي العام للشعب ، لا يمكن التعويل عليها من دون خوف ، لان الظروف التي مرت بالمنطقة بشكل كامل و العراق بشكل خاص ، فانها لم تدع ان تتقدم و لو خطوة ، بل تراجع عما كان عليه في العقود السابقة . اما اهم اركان تكامل الوضع لاي مجتمع فهو الاقتصاد ، ان المنطقة رغم توفر الثروات و الامكانيات الا انها بقيت مستهلكة معتمدة على الدول المتقدمة غير مكتفية بذاتها ، و هنا يمكن ان نذكر العراق الذي مرً بالحروب المدمرة التي اوقعته في المشاكل و القضايا الاقتصادية المعقدة و التي ستبقى اثارها واضحة و مؤثرة على الاجيال ، اي لم نطمان على وضعنا الاقتصادي ايضا . و عندما يكون الوضع السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي بهذا الشكل و المستوى ،يمكننا ان نعتمد على ما لدينا من المعلومات في تحليل الوضع الخاص للعراق و نفسر ما يجب ان يكون النظام الذي يمكن ان نعول عليه للخروج من المازق و ان يسترد العافية بعد طول مدة المحن في كافة المجالات .عندما نحلل الوضع النفسي للفرد ، يجب ان نستذكر ما تقدم من النواحي المتعددة و ما مؤثرات تلك الظروف عليه و على شخصيته و فكره و تجاربه و عقليته و وعيه و تعامله مع الاحداث ، و ما مدى ايمانه بالمفاهيم المتعددة و طبيعته و سلوكه استنادا على معتقداته و افكاره . اننا نتلمس العديد من الصفات التي تقيد المجتمع في التحرك بالاتجاه المطلوب سوى كانت ملتصقة بشخصية الفرد او تصرفاته او التزاماته و مدى ايمانه بالمصالح العامة . هناك من السلبيات في كينونة المجتمع ما تمنع اي منا ان نفكر في شخصية او قيادة ما يمكن ان يعيد الوضع الى بر الامان ،و هذا غير ممكن علميا و منطقيا و حتى في الدول المتقدمة،و هناك من الصفات المثالية من الشهامة و البطولة و الى حد الالوهية ، تجعل الفرد غير مبالي بما يهم المجتمع و عموم الشعب و هذا ما يجعل التخوف من تسلط فكر و عقيدة و شخص على زمام الامور بشكل مطلق في مكانه ، و يجب ان لا تُفتح الابواب امام عودة ما كان العائق الاكبر لتقدم الشعب العراقي ، و محاولة ازالة الصفات السلبية باتباع الطرق العلمية بهدوء و تاني و بسلام . كل هذا يجعلنا ان نعتقد بان النظام الرئاسي لا يمكن ان يكون الطريق الصحيح لليوم و المستقبل و سيجعل الامور مستفحلا في تعقيداتها ، و الوضع و الظروف التي انتجت القيادات الدكتاتورية لازالت على حالها و لم تتغير قيد انملة و الشعب هو بذاته و الصفات و المعتقدات الراسخة موجودة و المستوى الثقافي و الوعي على حاله ، فالارضية ملائمة و مخصبة لبروز شخصيات كاريزمية الوهية ، و هذه هي المصيبة مهما كانت الصلاحيات و القوانين جميلة نظريا ، فالقائد الاوحد ينبثق من النظام الرئاسي و ان كان باسم المركزية و قوة السلطة ، فالقادة هم من رحم هذه الشعوب و مترعرعين في كنفها و متعلمين و مثقفين و معتنقين الافكار و التوجهات منها ، و هم منها و عقليتهم غير استثنائية و طبيعتهم من هذا المجتمع و ما فيه من الصفات و هم من رحم هذا الشعب و هذه المنطقة و الاجواء التي تتسم به . اما النظام البرلماني فهو الذي لا يدع السلطة في ايد معينة و لا ضمن دائرة واحدة و لا بيد فئة او عرق او شريحة ، و هذا ما يجعله مراقبا متتبعا و محاسبا لخطا الفرد و قصوره في اداء الواجبات التي تقع على عاتقه ، و هو غير معتمد على اخلاقيات فرد واحد و مزاجياته و ظروفه ، و انما مجموع الاختلافات ينتج الانسب ، و يقع التنظيم و اتباع الاحسن يكون على عاتق النخبة المتعددة و ليس منفردة . اي النظام الملائم لما فيه العراق لما فيه من الظروف الموضوعية و الذاتية الحالية هوالنظام البرلماني المتعدد الاطياف و الالوان ، و يمكن ان يحتاج الى جهود لاتباع ما هو المفيد للجميع ، الا انه الضامن لعدم عودة الفردية و المزاج الشخصي المؤثر السلبي على حياة الشعب ، فنحن نختلف عن الشعوب الغربية من حيث التركيبة و الثقافة و المستوى العلمي ، فلا يمكن تقليدهم دون نضوج الارضية المناسبة ، فلنا خصوصياتنا و على الجميع احترامها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيارات المحافظة بين الفكر و الواقع
-
المواطن و المشاركة في القرارات السياسية
-
من يُجري التغيير و الاصلاح في اية سلطة سياسية
-
هل توجد صحافة مستقلة في الشرق الاوسط
-
ما بين الانتقاد و العمل على ارض الواقع
-
دور المراة الهام في ترسيخ الديموقراطية
-
الاصلاح بحاجة الى الوعي و العقلانية في العمل
-
هل اصبح التغيير شعار العصر في العالم
-
بقاء مقولة المؤامرة كحجة حاضرة دوما لمنع الاصلاح المطلوب
-
المعارضة بين الهدم و البناء
-
العمال و الكادحون اكبر المتضررين منذ تاسيس دولة العراق
-
هل تنسحب امريكا من العراق كما وعدت ؟
-
كيف يحل الاحترام محل الخوف من السلطة في العراق ؟
-
هل ترسخت الديموقراطية كمبدا اساسي للعملية السياسية في العراق
...
-
االاصلاح ضرورة موضوعية يتطلبها الواقع الراهن في العراق
-
الازمة المالية العالمية صعقت الراسمالية و اوقعتها عن برج غرو
...
-
من له المصلحة في اعادة نظام قمعي اخر الى العراق
-
الارادة و العقلانية في العمل ستنتج ما يهم مستقبل الشعوب
-
كيف تتجسد الفلسفة التي تنظف المجتمع من العادات و التقاليد ال
...
-
من اهم واجبات المجتمع التقدمي بناء الانسان الصحي
المزيد.....
-
مصدر لـCNN: مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بش
...
-
-من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن-
-
بيلاروس تجري اختبارا مفاجئا لحاملات الأسلحة النووية التكتيكي
...
-
زاخاروفا: روسيا قد تضرب أهدافا عسكرية بريطانية في أوكرانيا و
...
-
بوتين يؤدي اليمين لولاية دستورية جديدة
-
تقارير إعلامية تتحدث عن آخر النقاط الخلافية في مفاوضات غزة
-
بوتين يتوقف أثناء مراسم تنصيبه ليصافح ضيفا بين الحضور.. فمن
...
-
ضابط بريطاني: الأسلحة الروسية مصممة لإسقاط مقاتلات مثل -إف-1
...
-
وزير الدفاع المصري يبحث مع قائد القيادة المركزية الأمريكية ا
...
-
وسائل إعلام: الزعماء الأوروبيون يشعرون بالرعب من التصعيد في
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|