|
بقاء مقولة المؤامرة كحجة حاضرة دوما لمنع الاصلاح المطلوب
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2638 - 2009 / 5 / 6 - 09:51
المحور:
المجتمع المدني
طالما احتاجت الحياة بكل ما فيها الى تغيير دائم و تطور مستمر ، لبديهي ان تحتاج الى اليات و سبل جديدة للعمل عليها من اجل الوصول الى المراحل الجديدة و واقع و مضمون و جوهر جديد . و من المعلوم ان هناك علاقة جدلية و روابط طبيعية بين ما يخص مسيرة اي شعب من النواحي الثقافية و مكنونها و السياسية و شكلها و نوعيتها و جوهرها و الاقتصادية و فلسفتها و امكانيات الدولة و بناها التحتية و الفوقية لتنفيذ خططها و برامجها . و كل ذلك يحتاج الى ادارة علمية تقدمية تستند على منهج و فلسفة حديثة مزيلة لافرازات الماضي و مجسدة لمتطلبات الحاضر و المعدة لما يحتاجه المستقبل . و من الطبيعي ان يكون في الوسط المتنقل من يستفيد من الواقع الجديد ، و في المقابل هناك من يتضرر عند التجديد و الاصلاح لارتباط مصالحه بما هو موجود ، و لذلك يحاول بكل قواه اعاقة الاصلاح و التغيير و يضحي بكل ما يملك في سبيل البقاء على ما موجود في الساحة ، و لكن الاكثرية الساحقة تكون مع الوضع الجديد دائما، و هكذا تسير الحياة بما فيها من مرحلة لاخرى و ان صادفتها الموانع او تخللتها الشواذ في احيان كثيرة . و ما نتلمسه لحد اليوم من العوائق البائنة و الواضحة للعيان و الصريحة هي الموانع السياسية المرحلية ، و ربما تحججت بعض الاطراف بمواقف فكرية و تكون اكثريتها مزيفة و مضللة و مصطنعة لاعاقة المسيرة المتعددة الجوانب ، و ما نلاحظه من تمعننا في تلك المبررات ليست االا نصوص و مقولات اصبحت بفعل تكرارها مقدسة و دخلت ضمن اطار التمذهب و التصوف و الاعتياد ، و من ابرزها نظرية المؤامرة الحاضرة السهلة على اللسان و القول في التحجج لكل عملية اصلاحية و من قبل المستفيدين من الاوضاع و المراحل الراهنة ، و يعتقدون بانهم المتضررين من التطور و التقدم و التغيير ، و محاولين بكل ما يمكنهم البقاء على ماهو عليه الواقع بكل السبل المتاحة لديهم . من الواضح، ان هذه المنطقة بكل ما فيها من القوميات و الطوائف و المذاهب والمكونات تثقفت على ما تكررت و ترسبت من المفاهيم و المقولات و ترسبت في عقلية النخبة قبل المواطنين البسطاء ، و اصبح التغيير و الاصلاح بعبعا و كانه مصير مجهول للجميع ، و هذا ما فرض تمسك اغلبية الشعوب الشرقية بالوضع الراهن و تخوفهم من التجديد و التغيير و ان كان لصالحهم ، و حتى تلك الافكار و المقولات و المفاهيم المانعة للاصلاح و التغيير وان كان التقدم المنشود راسخة في تصرفاتهم و تفكيرهم و ان كان بغير ارادتهم و بعيدة عن ايمانهم الحقيقي بالتقدم و العلمانية و الحداثة في الفكر و العمل . الوضع السياسي المتقلب له تاثيراته السلبية الكبيرة على فكر و عقلية الشعوب في المنطقة باكملها و بكل فئاتهم ، و مستوى وعي المجتمع و واقعه الثقافي و العادات و التقاليد و التراث و الفنون و الاداب المتاثرة بعقلية الخوف من المجهول و الاخر و الكلاسيكية في التصرف و الفكر ، و الشك من الجانب الاخر المغاير و عدم الثقة بالنفس و بالاخر هو الذي يرسخ الايمان بالتمسك بما موجود على انه هو الصح و ان احتاج الى التغيير و ان كان من العهود الغابرة من حيث الواقع السياسي الثقافي الاجتماعي . و ما نشاهده هو تماهي الجانب النفسي للفرد الشرقي مع المؤثرات التقليدية و ما تفرضه المنطقة الشرقية من الخصوصيات وهو عائق واضح و موضوعي امام الاصلاح ،و هو ملهم لفكر المضلل المنطوي على نفسه في بيان حجج الممانعة و عدم التغيير و ان تطلبه الظروف الذاتية و الموضوعية . و لم تات مقولة التامر او الخطط التامرية الخارجية كانت او داخلية كشماعة حاضرة بيد المتحججين لاستغلالها للوقوف امام الاصلاح و التغيير ،بل لها مسبباتها و موجباتها النفسية و السياسية و الاجتماعية ،و ما ترسب في عقول شعوب المنطقة طوال الحقب المتعاقبة . و هذا ما يُرى واضحا في عمل الاحزاب و التيارات و السلطة و المعارضة معها في الشرق الاوسط بشكل عام و العراق بشكل خاص ، و هي حجة سهلة الاستعمال و الاقناع بالاخص وسط شعب معلوم مستوى وعيه و ثقافته و ايمانه و تقاليده و اعتقاداته و تعلقه بماضيه و اخلاصه له و ان اضر به و ان اوصله الى ما ليس لمصلحته الشخصية و العامة. و من المؤسف جدا ان تتمسك الاحزاب العلمانية التقدمية الى جانب الاخرين بهذه المقولات في وقت نشاهد مساحة مقبولة من الحرية و فرصة سانحة للاحتكاك بالعالم و ماوصلوا اليه بالعمل د و الاصرار على انتاج الاحسن و بقاء الافضل و الملائم و المتجانس مع العصر ، و لذلك يمكن ان نقول ان الواقع و ما فيه بحاجة الى عقلية الاصلاح الدائم و الالحاح على توفير مستلزمات التغيير و التحول و التقدم نحو الامام ، و ليس ارعاب الناس بالشكوك في نتائج تطبيق الافكار الحديثة و باليات تقدمية واقعية ملائمة. و لتجنب هذه العوائق المتعددة الاتجاهات و الجوانب لابد من اعادة شخصية و كينونة المواطن النفسي و الفكري و توجيهه وفق اسس علمية نحو التغيير و الاصلاح و التقدم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعارضة بين الهدم و البناء
-
العمال و الكادحون اكبر المتضررين منذ تاسيس دولة العراق
-
هل تنسحب امريكا من العراق كما وعدت ؟
-
كيف يحل الاحترام محل الخوف من السلطة في العراق ؟
-
هل ترسخت الديموقراطية كمبدا اساسي للعملية السياسية في العراق
...
-
االاصلاح ضرورة موضوعية يتطلبها الواقع الراهن في العراق
-
الازمة المالية العالمية صعقت الراسمالية و اوقعتها عن برج غرو
...
-
من له المصلحة في اعادة نظام قمعي اخر الى العراق
-
الارادة و العقلانية في العمل ستنتج ما يهم مستقبل الشعوب
-
كيف تتجسد الفلسفة التي تنظف المجتمع من العادات و التقاليد ال
...
-
من اهم واجبات المجتمع التقدمي بناء الانسان الصحي
-
لماذا المتاجرة بالسياسة من اجل المصالح الشخصية في العراق ؟
-
لماذا التملص من اجراء الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستا
...
-
انظمة الحكم المستبدة تحتٌم على المعارضين استغلال كافة الوسائ
...
-
المصالحة غير المشروطة مع البعث نكوث بالعهود الديموقراطية
-
الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
-
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
المزيد.....
-
المغرب يهاجم منظمة العفو الدولية
-
هل تستطيع الجنائية الدولية اعتقال نتانياهو؟
-
السلطات الإيطالية تحظر رحلات تنفذها منظمات غير حكومية لإنقاذ
...
-
الأونروا تصف احتجاجا إسرائيليا أمام مقرها في القدس بـ-ترهيب
...
-
الإعلان عن تأسيس الائتلاف ضد التعذيب في تونس
-
الأونروا: نحو 200 فلسطيني يغادرون مدينة رفح الفلسطينية كل سا
...
-
تونس.. استنكار وتساؤلات ترافق اعتقال مدافعين عن المهاجرين
-
الأردن يدين اعتداء المستوطنين على مقر الأونروا في القدس: تحد
...
-
محدث::الاحتلال يغلق معبر كرم أبو سالم بعد إدخال شاحنة وقود ل
...
-
الأمم المتحدة تدعو جوبا لسحب قواتها من -أبيي- المتنازع عليه
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|