ممثلون كوميديون ومشاهد تراجيدي

جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 07:11
المحور: كتابات ساخرة
    

قبل يوم من بدء انتخابات مجالس المحافظات استوقفني احد المشاهدين وهو يبدي رأيه حول الانتخابات في احدى القنوات الفضائية ..
المشاهد القى بجملة مفيدة جدا وانا اعتبرها حكمة عندما قال لمقدمة البرنامج ( ان المواطن يريد من يمثله لامن يمثل عليه ) ..!!
اثارتني هذه الحكمة لمواطن فطن ، وهي تؤكد وعي وحنكة الناخب العراقي في كشفه لخفايا الامور ، فالشعارات التي سوقت وملأت الشوارع والساحات واعمدة الكهرباء كثيرة بحيث لم تبق بحبوحة الا وزينت بصورة هذا المرشح او ذاك والذين عدوا بعشرات الالاف ، فرص عمل مرموقة للمواطنين ( حتى لو كان منصب مدير عام ) بغض النظر عن انتمائهم الطائفي او العشائري او الفكري والسياسي ، وتنشيط الدورة الدموية للبطاقة التموينية وانعاشها بشتى انواع الاغذية التي تزيد المواطن قوة ومناعة وفحولة وتحسين نوعية المياه الصالحة للشرب التي ستدخل بيوت الناخبين على مبدأ ( اعطني صوتك اعطيك ماءا زلالا ) وان مياه المجاري لن تدخل الى بيوتكم ولن تختلط مع مياه الشرب وسيكون هناك فصل جنسي مابين الصنفين ، والكثير الكثير من الوعود الانتخابية التي اصابت المواطن بالشرود الذهني والعاطفي ....
شعارات انتخابية بدون برامج ومن تابع المشهد الدعائي لوجد ان الشعارات تكررت في وسائل الدعاية للمرشحين ( سكن لائق لكل مواطن رائق ، وكهرباء مستقرة لاترمش للحظة ومكافحة الفساد الاداري والمالي ، والذي اعتقد انه ليس بامكاننا مكافحته بأي وسيلة بعدما استفحل بشكل كبير في اجهزة الدولة ومؤسساتها وبات المفسدون يتحكمون في اقتصاد البلد ، من كان يقترض من اصدقائه وينصب على الناس اصبح اليوم مليارديرا ومن كان (يتشحطط ) في التاتات باتت لديه اليوم مركبة رباعية الدفع وقصور وفلل وحمايات وحصانات و ( حفاظات ) من شر النفاثات في العقد ..
المشهد الانتخابي حفل بممثلي الكوميديا السوداء ، اعطونا اصواتكم نعطيكم مما اعطانا الله ، نتقاسم معكم رغيف الخبز والمآسي ونبادلكم مسراتكم واحزانكم ونداوي جراحكم ونطبطب على ظهوركم ، مواساة لاانتهارا ونقف معكم في خندق واحد ضد الارهاب والارهابيين .... الا المنصب ، فانه المقدس الذي يجب ان يحترم وان لاتصل الية الايادي او العيون الا تبركا ، فالمقولة المأثورة ( لو دامت لغيرك لما وصلت اليك ) حكمة متوارثة لاتسري على الجميع و لاتصلح لكل الاجيال ، التجييل السياسي مرفوض ولايقارن بالتجييل الشعري ، جيل ستيني و جيل سبعيني او تسعيني ...
طالبوا بحقوقكم ايها الناخبون في الحياة الحرة الكريمة وفرص العمل والتعليم والنقاهة والسياحة وممارسة شعائركم بجميع الوانها الدينية والسياسية والفكرية والثقافية ، الا الكرسي فأنه خط احمر يجب عدم تجاوزه اوالمساس به ..
حقيقة كنا امام مشاهد دراماتيكية حقيقية ، ممثلون كوميديون بارعون.. ومشاهد مشحون بالعاطفة والتراجيديا والسوداوية ، لمجرد موال ( اويلي ) يفرط في البكاء ، ولحسن حظ المرشحين ان غالبية الشعب هم من عشاق التراجيديا والملاحم البطولية الاستعراضية والاساطير ، غناءا وشعرا ومسرحا وقصا وعزاءا والتأسي على الماضي ...

#جمال_المظفر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات