أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - -الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!














المزيد.....

-الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2582 - 2009 / 3 / 11 - 10:46
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لماذا.. لماذا الأسعار، أسعار كل بضاعة، أو خدمة، تلبي حاجة أولية وأساسية للمواطنين العاديين، تتسارع صعودا في الأردن؛ ولكنَّها تتباطأ هبوطا، إذا ما هبطت؟!

شرارة الغلاء ما أن تصيب "البنية التحتية للغلاء"، والتي هي كناية عن تلك البضائع والسلع العامة الشاملة كالمشتقات النفطية، حتى ينتشر سريعا حريق الغلاء، ويأتي على الأخضر واليابس من أجور ورواتب الغالبية العظمى من المواطنين، الذين ينتظرون رحمة القوانين الموضوعية لنظام السوق، أي استجماع الغلاء لأسباب وشروط تحوله إلى رخص؛ ولكن انتظارهم، الذي هو طقس من طقوس "القدرية الاقتصادية"، يطول، ويطول، من غير أن يأتي بما يرجون ويتمنون، وكأنَّ تلك القوانين فقدت حريتها، وغدت خاضعة تماما لمشيئة وإرادة ومصالح التاجر، الذي ظهر لضحاياه على أنَّه لا يخشى، في سعيه إلى الربح الوحشي، لا الله، ولا حتى الحكومة!

وعلى أحرٍّ من جمر الغلاء نراه هو أيضا ينتظر.. ينتظر أن ترأف الحكومة بموظفيها، فتزيد رواتبهم حتى يفترسها هو بمزيد من الغلاء الذي يَصْطنع، وكأنَّ قدر الموظف الحكومي أن يكون كساعي البريد لجهة علاقته براتبه، يعطي التاجر بيده اليسرى ما يأخذه من الحكومة بيده اليمنى، فتنتهي كل زيادة في راتبه إلى عاقبتها الحتمية، وهي تأجيج نار الغلاء، التي بها تستدفئ مصالح التجار، وتحويل مزيدٍ من قدرته الشرائية، التي كان يجب أن تنمو بنمو راتبه، إلى رماد.

ولدى تجارنا، المفرطين في حبهم للغلاء وثماره الطيبة، والمفرِّطين في مشاعر الرحمة والرأفة..، كهنتهم من أهل الفكر والقلم الاقتصاديين، الذين يتوفرون على اختراع "أسباب موضوعية" لاستمرار وتعاظم الغلاء، لعلهم يفلحون في تبرئة ساحة التاجر من تهمة الاتجار بالغلاء، فهذا التاجر، وعلى ما يزعمون، يحتاج هو أيضا إلى من ينصفه حقه، وإلى أن تُحسن ضحاياه الظن به، فلقد اشترى باليورو، مثلا، أو على وجه الخصوص، كمية كبيرة من البضائع والسلع الغالية، فهل من العدالة في شيء أن يبيعها الآن بأسعار رخيصة، بدعوى أن البضائع والسلع ذاتها أصبحت رخيصة في مواطنها؟!

إنَّ للتاجر، بحسب هذا المنطق، وبحسب المنطق الكامن في تساؤلهم الذي تفوح منه معاني الاستغراب والاستنكار، الحق في أن يدافع بسلاح الغلاء عن "القيمة الحقيقية" لرأسماله ولربحه، فهذا التاجر لا يزن رأسماله وربحه بالميزان الديناري، أي بميزان الدينار الأردني. إنه يزنه بالموازين "الحقيقية"، كميزان الذهب والقطع النادر.

وقبل هذا النطق كفرا، صمتوا دهرا، فهؤلاء الذين أوقفوا حياتهم على تصنيع أسلحة وذخائر إيديولوجية للتجار، يعتصمون بالصمت اللا ذهبي عندما يسرع التاجر ذاته إلى رفع أسعار بضائعه، التي اشتراها في زمن الرخص، ما أن يتناهى إلى سمعه خبر أن بعضا من سحب الغلاء، العابرة للقارات والحدود، شرع يتجمع في سمائنا الاقتصادية.

وبعض هؤلاء الصامتين قد يغرِّد خارج سربه، فيتكلم وينطق، آتيا إلينا بما يشبه عذر أقبح من ذنب، فالتاجر إنما رفع سعر بضاعته التي اشتراها في زمن الرخص؛ لأنَّه بعد حين سيضطر إلى شرائها، مرة أخرى، من موطنها بسعر مرتفع، فإذا لم يأتِ برأسمال إضافي من الغلاء الإضافي، فمن أين يأتي به؟! هل يسرق؟!

أمَّا الغاية الكامنة في كل ما يُدْلون به من حجج فهي إقامة الدليل المُقْنع للضحية على أنَّ للتاجر حقا لا ريب فيه في الإبقاء على جذوة الغلاء متَّقدة دائما، فإنَّ بعض الغلاء لـ "التعويض"، وبعضه لـ "الوقاية"؛ بعضه لمنع خسارة يجب أن تقع، وبعضه لمنع خسارة قد تقع!

ولكن هذا الذي يحق للتاجر لا يحق لغيره، فليس للموظف أو العامل من حق في الدفاع عن "بضاعته"، التي لا يملك سواها، وهي "قوة عمله"، أو عن القيمة الحقيقية لـ "رأسماله"، أي راتبه وأجرته.

إذا اضطَّر ذوو الدخل المحدود إلى الدفاع عن آدميتهم، وإلى المطالبة بزيادة رواتبهم وأجورهم "طمعا" في العودة إلى نعيم ماضيها، فإنَّهم سيُتَّهَمون بالتطاول على شريعة السوق الحرة، وانتهاكها؛ أمَّا إذا أفرط التاجر في إنتاج الغلاء فلا يُشيطن فعله هذا، إذا لم يُصوَّر على أنه امتثال لتلك الشريعة.

ولو كان للمنافحين عن السوق الحرة، وشريعتها، مصلحة في أن تكون لهم عيون تُبْصر لرأوا وفهموا وفسَّروا استمرار الغلاء عندنا، على الرغم من انتفاء أسبابه الموضوعية والخارجية، على أنه نتيجة لانتفاء الوجود الواقعي والحقيقي للسوق الحرة، فالاحتكار، الذي تتداخل فيه التجارة والسياسة، فيتعذَّر، بالتالي، تمييز العائلات التجارية الكبرى من العائلات السياسية الكبرى، هو الذي يسود، مع شريعته، حياتنا الاقتصادية، فلو كان للسوق الحرة، مع قوانينها، من وجود فعلي حقيقي يعتد به في حياتنا الاقتصادية، لما رأينا تلك الظاهرة المحيِّرة للألباب.. ظاهرة "الغلاء السرمدي"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة -مقالة الرأي-!
- -العدالة الدولية- بين إقليمي غزة ودارفور!
- حلٌّ تتوفَّر على إبداعه -حكومة نتنياهو ليبرمان-!
- رواتب الوزراء والنواب في الأردن تعلو ولا يُعلى عليها!
- أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!
- -إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
- -تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
- أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
- على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!
- أوباما يطلب -الترياق- ولو في السويد!
- تهويد -مبدأ كلينتون- بدءاً من حي سلوان!
- جريمة الإنكار وإنكار الجريمة!
- نتنياهو يملك وليبرمان يحكم!
- -العبثية- في وجهيها!
- الفلسطينيون بين ليبرمان وأشباهه من العرب!
- خُبْث اولمرت!
- الرسالة الجوابية الفلسطينية!
- -المبادرة العربية- تتمخَّض عن ليبرمان!
- إذا ما -فازت- استطلاعات الرأي!
- الأهم من -إعادة بناء- المنظَّمة!


المزيد.....




- حرب غزة تصرف صندوق بيزوس عن استثمار 30 مليون دولار في إسرائي ...
- وزير المالية الأوكراني يعترف بوجود صعوبات كبيرة في ميزانية ا ...
- تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم بالربع الأ ...
- انخفاض أسعار مواد البناء اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في الأسو ...
- نمو الاقتصاد الأمريكي 1.6% في الربع الأول من العام
- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - -الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!