أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فضيلة يوسف - هل تطلق النار على عراقي في الفضاء الالكتروني















المزيد.....

هل تطلق النار على عراقي في الفضاء الالكتروني


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2576 - 2009 / 3 / 5 - 08:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في الربيع الماضي ، انتقل وفاء بلال وهو فنان عراقي الى منطقة أنشئت في الجزء الخلفي من معرض الفنون في شيكاغو ، حيث سيبقى لمدة شهر واحد. تحتوي الخلية البدائية على جهاز كمبيوتر مكتبي ، وسرير ومصابيح وطاولة القهوة ، ودراجة ثابتة ( على غرار معظم الدراجات الثابتة ،لن تمس). ويواجهه بندقية ألوان مرفقة مع كاميرا ويب. وبفضل الأصدقاء تم تصميم نظام تفاعلي والذي يمكن المستخدمين من الدخول إلى شبكة الإنترنت ، واستخدام المسدس ، واطلاق النار. وفي هذا الشهر ، كان بلال على مدار الساعة الهدف ، يعرض نفسه على أي شخص يرغب في "اطلاق النار على عراقي".

بعد ورود أنباء عن المشروع -- وهو الاسم الذي تم تغييره إلى اسم أقل إثارة للجدل "التوتر الداخلي" انتشر بسرعة كالفيروس ، و كان خادم الويب باستمرار على حافة تحميله أكثر مما يطيق. في حين كان الآلاف يطلقون النار على بلال ، قضى البعض الآخر ساعات في موقع المحادثة يعلقون تعليقات سيئة للغاية مثل "سيء جداً ان لا نستطيع اغراقه في الماء" أو "مات ابن ...العراقية" الى جانب الخطابات الأكثر إيجابية مثل "آمل ان تتحسن الأوضاع في العراق" ، و "أتمنى من جميع الامريكيين ان لا يكونوا عنصريين". وتلا ذلك عمليات شد وجذب. قام المعتدون بإختراق الموقع ووضعوا كود لجعل البندقية تلقائية ، في حين أن مجموعة من الناس تسمى" درع بشري حيوي "بذلوا جهوداً منسقة للحفاظ على المسدس بعيداً عن بلال. المفهوم البسيط للمشروع "اطلاق النار على عراقي على شبكة الإنترنت " أصبح فوضى معقدة من المشاعر المتضاربة ، وكما توقع بلال : عنصرية بعض المشاركين ، دعم بعض المشاركين له ، وبعض من الفضوليين يشاركون نتيجة الملل والوحدة ( "هل يوجد أي فتاة هنا؟ " اراد مشارك واحد في غرفة الدردشة أن يعرف).

على الرغم من أن المشروع اضاف ضغطاً نفسياً سلبياً على بلال ، الذي يعاني من اضطراب نفسي من سنوات العيش في العراق اثناء الحروب والعيش في مخيمات اللاجئين الخطيرة نتيجة اطلاق النار المستمر عليه ،الا انه كان سعيداً بزخم المشاركة . في بداية كتابه الجديد ، "اطلق النار على عراقي" ، يشير بلال إلى أنه "يريد التوصل الى ما وراء العادي عالم الفن". وهو ما فعله : على مدار الشهر ، تلقى الموقع 80 مليون زيارة ، وأطلق النار عليه 65000 من الأفراد من 136 بلداً مختلفاً. وفي حين أنه قد يكون من الصعب تمييز أثر ذلك على المشاركين ، هل بعد الدخول الى الانترنت واطلاق مدفع الألوان يحقق فهماً أعمق للحرب؟ على أقل تقدير يمكن أن نرى الشعب العراقي في حياته اليومية التي تأثرت بأفعال الاخرين ، القادمين من بعد آلاف الأميال.ولهذا قدر من الأهمية ، في وقت كان فيه الحوار العام حول الحرب كثيراً لا يزيد عن حافة الصفر مثل" هل العملية تسير كما يرام؟" ،"لعبة" بلال تطلبت المزيد من الأسئلة الأساسية (من هو العدو؟) وذكرتنا بالألم المقتضب المتعذر فهمه والذي يجعلك تغض النظر عن اكثر من وجبة الافطار وراء تلك العناوين الرئيسية على سبيل المثال " ضربة في العراق تقتل 15 مدنيا" . فقدان العديد من الأصدقاء والعائلة في الصراع المسلح ، وبلال يعرف ان الحرب ليست لعبة. ولكن جر الناس إلى منطقة القتال في لعبة ربما هي أفضل طريقة للتنبيه الى هذه القضية.

ومع ذلك فان الجدير بالملاحظة ليس المشروع الذي حاز على اهتمام عالمي ، ولكن القصة الخلفية.فقد نسج وسط سرد احداث 31 يوما من التجربة مذكرات من حياته في العراق ثم رحلته الى الكويت والمملكة العربية السعودية ، ثم في محاولة بناء حياة جديدة في الولايات المتحدة.

كمهاجر مجاهد نسي الحدود أينما ذهب ، كانت حياة بلال المهنية في شيكاغو تسير على ما يرام حتى كثفت الولايات المتحدة من حربها على بلاده. قام بتدريس الفن ،وعمل بالفن ، واعتاد على وسائل الراحة في الحياة الأميركية ، مع كامل العضوية في النوادي الصحية وحفلات الاستقبال. ثم وفي عام 2004 ، علم أن شقيقه حاجي قد قتل على يد طائرة امريكية من دون طيار . خبر أرسله إلى دوامة من المشاعر ، والتي تراوحت بين الغضب والشعور بالذنب ، ولكن قبل كل شيءتزايدالسخط على كيفية إبعاد معظم الامريكيين عن المجزرة التي كانوايمولونها.

تبلورت مشاعر بلال في عام 2007 بينما كان يشاهد مقابلة في التلفزيون مع مجندة أمريكية ، والتي مهمتها اسقاط القنابل على اهداف عراقية بضغطة على الكمبيوتر في كولورادو. وعندما سئلت عما اذا كانت تشعر بالقلق من امكانية ارتكاب خطأ أجابت بسرعة انها تثق بقادتها . أي انه من غير الضروري ان تسائل نفسها.
قتل أخي من متفجرات أسقطتها طائرة هليكوبتر أمريكية بعد ان حلقت طائرة بدون طيار من الولايات المتحدة وراقبت المنطقة" ، كتب بلال. وقال "دهشت لأن وفاة الحاجي كان وراءها شخص ما مثل هذه الفتاة ، يضغط على الأزرار من بعد آلاف الأميال ، يجلس في كرسي مريح امام الكومبيوتر ، غافلين تماماً الرعب والدمار الذي يسببونه لأسرة -للمجتمع كله - في جميع أنحاء العالم ".

"التوتر الداخلي" كان محاولة "لمعالجة الفجوة بين مناطق الراحة ومناطق الصراع ،" الهوة التي ردمها بلال في حياته الشخصية. نشأ في المدينة القديمة " مدينة الكوفة" ، كان والده مريضاَ عقلياً ، وتوفيت جدته بسبب الافتقار إلى اللوازم الطبية خلال الحظر الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق.وعندما كبر ودرس الفن كانت لوحاته مثيرة للجدل.فهي واقعية تصور الفقراء مما سبب له مشاكل مع نظام صدام حسين ، وعلى حافة حرب الخليج الأولى ، طلب منه البروفيسور امام الطلاب ان يتطوع للقتال ، رفض ذلك ، وعلى الفور غادر جامعة بغداد ، مدركاً أن أيامه معدودة.
عاد الى الكوفة ، وقضى وقته في رسم اللوحات في حين دمرت القنابل الاميركية البنية التحتية للمدينة. واحد المواقع المفضلة لرسمه هو جسر الكوفة ؛ لحسن الحظ ، في اليوم الذي تم قصفه - قتل في الحادث مشاركون في حفل زفاف - كان في المنزل. "اسرعت نحو الجسر وقلبي ينبض ، وانضممت الى حشد يصرخ وينوح حول موقع الانفجار.... وفي حالة صدمة جماعية ، جمعنا قطع اللحم والملابس الممزقة وألقيناها في النهر ".

بعد الحرب ، وصلت الى الكويت وعشت في مخيم للاجئين ، وبعد أقل من شهرين ، نقلت الى معسكر آخر في المملكة العربية السعودية ، وبقيت هناك لمدة عام. لم توفرالمخيمات الامان : تشتبك مختلف الفصائل على الإحكام والسيطرة القديمة وأسلحة القتل والاغتصاب.عمل بلال ما بوسعه للحفاظ على عدمالخروج عن الطريق ، وقضى وقته في الرسم على قماش يقطعه من الخيام وانهمك في بناء كوخ من الطوب مع الماء والتراب ، الذي أصبح مؤقتاً استوديو الفن للسكان. هذا النوع من المبادرة العلمانية لم ترق للأصوليين الشيعة ، الذين وصفوا بلال نفسه وهو شيعي بأنه شيوعي. وثمة ملحوظة ان بلال ذو الإرادة القوية ، والشخص العنيد ، أجبر على رسم صورة لزعيم ديني شيعي من أجل تفادي هجوم عنيف عليه "وقد سحبها احد الزعماء الدينيين من يدي حين كان الطلاء ما زال رطباً ، ثم رفعها واحد منهم فوق رأسه ، وداروا في موكب في محيط المخيم مع أتباعه يهتفون الله أكبر". انها لحظة اذلال بالنسبة لي. إجبار مواهبي الفنية على ممارسة البغاء وما زال طعم الهزيمة في فمي ".
ومن الجدير بالملاحظة أنه في المذكرات عمن كبروا في العراق في ظل نظام صدام ، هذا هو الموقف الوحيد الذي اضطر فيه بلال للكذب، وهو يقدم مفتاحاً لفهم طبيعة عمله كفنان في العراق، والآن في منطقة آمنة نسبيا في الولايات المتحدة ، وهو ليس مضطر لتعديل ارائه ،واي جدل لا يمكن مقارنته بالصراع مع المسلحين المتعصبين دينياً وجهاً لوجه .إذا كان العمل الفني يريح بعض الأميركيين ، كل ما هو أفضل : الناس المرتاحةلا تسأل أسئلة.

وهو شهادة لكتاب بلال ، الذي شارك في تأليفه كاتب حر Kari Lydersen ، أنه يقدم الكثير للقارئ الذي يعرف القليل في ألعاب الإنترنت ، والروبوتيات ، أو حتى فن الأداء. وانا لم العب مطلقاً لعبة على الانترنت ، وانا واحد من الناس اعرف ان بلال من غير المحتمل أن تطأ قدماه داخل مرمى النيران. ومع ذلك ، يمكن الحصول على وصف للحياة اليومية في العراق المقتضبة والمتحركة ، المنتجة في ظل أشد الظروف قسوة. وعجزه عن كتم آرائه سواء كان تخريب صورة صدام في الكوفة أو استفزاز المواطنين في الولايات المتحدة ، أو حتى احتجاجه على الأجور التي يتلقاها الفقراء في مصنع للمجوهرات بعد فترة قصيرة من إعادة توطينهم في الولايات المتحدة ،مما جعل حياته مجهدة في أكثر مما يلزم. إلا أن هذه الطبيعة القتالية والقدرة الحاسمة نحن في أشد الحاجة إليها وعلى وجه التحديد عندما يتدفق تيار الرأي العام بقوة في اتجاه واحد.

احدى هذه اللحظات وقعت خلال الانتفاضة الشيعية في العراق بعد حرب الخليج الأولى والتي تم اخمادها بعد ذلك من قبل صدام. انجرف العديد من العراقيين في أعمال العنف ، ورغم ان بلال يتفهم غضب الشيعة الذين عانوا طويلاً من الاضطهاد ، الا انه رفض المشاركة. هنا يصف بلال صديقه قاسم : "خرج قاسم والكوفية ملفوفة حول رأسه وبندقية 47 تتدلى على ظهره وهو يشبه "المجاهد" أنا استغربت كيف انه سرعان ما تحول من فنان إلى محارب ديني .نظر الى احدى اللوحات وسألني لماذا قضيت الكثير من الوقت في عمل لوحة هذه الظروف الصعبة. وهذا ليس الوقت المناسب للفن ، وأضاف إن هذا هو وقت الحرب. قلت لا يوجد ابداً وقت للحرب ، ولكن الوقت دائما للفن ".

وأحياناً اللعب.
http://www.alternet.org/waroniraq/109275/would_you_%22shoot_an_iraqi%22_in_cyberspace/





#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا سيفعل اوباما مع KBR
- الدفاع الليبرالي عن القتل
- الولايات المتحدة والمأساة الأفغانية
- أمير الظلام ينفي وجوده
- متى وكيف اخترع الشعب اليهودي؟
- تعليم العلوم والرياضيات من وجهة نظر النظرية البنائية
- تضمين القضايا الاجتماعية في تعليم العلوم
- تعليم العلوم بالاستقصاء العلمي
- تأثير الاختبارات على المناهج
- من يأخذ كمبيوتر فريدمان قبل ان يكتب جملة اخرى
- انت تقرر: مقاتلو الحرية إرهابيون أم ابطال
- حماس (حقيقة في الشرق الاوسط )
- إحباط فرص السلام (ما وراء حمام الدم في غزة )2
- إحباط فرص السلام (ما وراء حمام الدم في غزة)
- إذكاء جذوة الكراهية
- حماس بعد الحرب
- إبادة المتوحشين 3
- إبادة المتوحشين 2غزة 2009
- إبادة المتوحشين 1
- جنون العظمة (ابتسامة ليفني)


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فضيلة يوسف - هل تطلق النار على عراقي في الفضاء الالكتروني