أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فضيلة يوسف - جنون العظمة (ابتسامة ليفني)















المزيد.....

جنون العظمة (ابتسامة ليفني)


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 09:15
المحور: القضية الفلسطينية
    


قبل 169 عاماً من حرب غزة كتب الشاعر Heinrich Heine شعراً تحذيرياً. الشاعر الألماني اليهودي كتب عن ألمانيا أو ربما عن جميع المسيحيين في أوروبا، هذا ما كتبه:
لألف سنة وأكثر
كان عندنا إدراك
أنك تسمح لنا بالتنفس
أنا تقبلت غضبك الجنوني
أحياناً عندما تكون الأيام أكثر قتامة
ومزاجك غريب
ترسم على مخالبك
بالدم الحي من شراييني
الآن صداقتنا ثابتة
وتقوى مع الأيام
الآن بدأت أغضب
يومياً مثلك وأكثر

الصهيونية التي بدأت بعد خمسين عاماً من كتابة هذا الشعر حققت هذه النبؤة. نحن الإسرائيليين أصبحنا قوماً مثل بقية الشعوب وذكرى الهولوكست جعلتنا من فترة لأخرى نتصرف مثل أسوأهم. قلائل من قرأوا هذا الشعر منا ولكن إسرائيل كلها تعيشه.
في هذه الحرب أعاد السياسيون والعامة كلماتٍ "لقد جُنّ الرئيس". وهي عبارة يصيح بها بائعي الخضار في السوق وتعني أن الرئيس جُنّ وسيبيع البندورة بخسارة.
ولكن هذا الشعار تحوّل إلى شعار قاتل يظهر غالباً في المجتمع الإسرائيلي وهو إذا أردنا أن نهزم أعداءنا يجب أن نتصرّف كالمجانين نأخذ بالثأر ونقتل وندّمر دون رحمة.
وفي هذه الحرب أصبح هذا دوغما سياسية وعسكرية: فقط إذا قتلناهم، نقتل ألف منهم مقابل عشرة منا وسوف يفهمون أنه لا يمكن لهم المس بنا. وسيدخل هذا إلى عقولهم الباطنية. وهو شعار مفضل هذه الأيام وبعد ذلك سوف يفكرون مرتين قبل إطلاق صاروخ قسام ضدنا مهما كان رد الفعل على ما قمنا به.
ومن المستحيل فهم بشاعة هذه الحرب دون النظر إلى الخلفية التاريخية. الشعور بأننا ضحايا بعد كل ما حدث لليهود عبر الأجيال والعبرة أنه بعد الهولوكست لنا الحق في فعل أي شيء للدفاع عن أنفسنا دون أية عوائق قانونية أو أخلاقية.
عندما بلغ القتل والتدمير في غزة حداُ عالياً حدث شيء بعيداً في الولايات المتحدة لا علاقة له بالحرب لكنه قريباً منها. حصل الفيلم الإسرائيلي Waltz with Bashir على جائزة وقد أظهرت وسائل الإعلام هذا الخبر بفخر وفرح لكنها وبحرص لم تنوّه إلى موضوع الفيلم. وهذه ظاهرة مهمة الاحتفال بالفيلم وتجاهل محتواه موضوع هذا الفيلم أحد أقتم الفصول في تاريخنا (مجزرة صبرا وشاتيلا) خلال الحرب اللبنانية الأولى قامت القوات المسيحية تحت أنظار الجيش الإسرائيلي بقتل المئات من اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين في مخيمهم، رجالاً نساءً وأطفالاً وصف الفيلم هذه المجزرة بدقة ودورنا فيها.وهذا لم تنوّه له الأخبار عندما تحدثت عن الجائزة وخلال الاحتفال ضيَع المخرج فرصته للتظاهر ضد الإحداث في غزة ومن الصعب معرفة كم امرأة وطفلاً قتلوا خلال هذا الاحتفال لكن من الواضح أن المجزرة في غزة أسوأ بكثير منها عام 1982 التي جعلت 400 ألف إسرائيلي يتظاهرون في تل أبيب في هذا الوقت تظاهر 10 ألاف فقط. وجدت لجنة التحقيق الرسمية أن لإسرائيل مسؤولية غير مباشرة عن مجزرة صبرا وشاتيلا، أتهم عدة ضباط أحدهم عاموس يارون ولم يتهم أحد آخر لا وزير الدفاع شارون ولا رئيس الأركان ايتان لكن يارون عبّر عن أسفه في كلمته للضباط وأقرّ (أصبحت مشاعرنا ميتة) المشاعر الميتة ظهرت في غزة.
انتهت حرب لبنان الأولى بعد 18 سنة وموت 500 من جنودنا مخططوا حرب لبنان الثانية صمموا على منع حرب طويلة وضحايا كثيرون منا واخترعوا مبدأ (الرئيس المجنون): تدمير المناطق بأكملها تسوية الأراضي تدمير الأبنية في 33 يوم من الحرب قتل حوالي ألف لبناني معظمهم مدنيون وتم تحطيم هذا الرقم القياسي في اليوم السابع عشر للحرب في غزة في تلك الحرب عانى جيشنا من خسائر على الأرض والرأي العام الذي دعم الحرب بحماس في ذلك الوقت تغير بسرعة.
دخان حرب لبنان الثانية حلّق فوق حرب غزة. كل واحد في إسرائيل اقسم أن يتعلم الدرس وكان الدرس: عدم المخاطرة بحياة جندي واحد. حرب بلا خسائر (من طرفنا) والأسلوب: استخدام مفرط للقوة النارية لتدمير كل شيء أمامها وقتل كل من يتحرك فيها ليس قتل المقاتلين في الجانب الآخر لكن كل إنسان قد يكون يبحث عن ملجأ له حتى لو كانت بوضوح سيارة إسعاف، سائق شاحنة أغذية أو طبيب، تدمير أي بناية يمكن أن يطلق علينا النار منها. حتى لو كانت مدرسة مليئة باللاجئين المرضى والجرحى، قصف وتدمير جميع المناطق، البنايات، المساجد، المدارس، قافلات الأمم المتحدة وحتى الأطلال التي دفن الجرحى تحتها.
كرّست وسائل الإعلام عدة ساعات لتغطية سقوط صاروخ قسام على منزل في اشكلون (عسقلان-المترجمة) حيث أصيب ثلاثة مواطنين بالهلع ولم تكرّس سوى كلمات قليلة لثمان وأربعين ضحية في مدرسة وكالة الغوث (لقد تم إطلاق النار علينا منها) والتي ثبت وبسرعة أنها كذبة.
استخدمت القوة النارية أيضاً لزرع الإرهاب (قصف كل شيء من مستشفى إلى بناية الأمم المتحدة، من مراكز إعلامية إلى مساجد) والجملة المعيارية –لقد تم إطلاق النار علينا منها-.
هذا مستحيل لم تصب جميع البلاد بعدوى (المشاعر الميتة) فقد صدم الناس بمنظر قتل رضيع أو أطفال تركوا لأيام مع جثة والدتهم لأن الجيش لم يسمح لهم بالخروج من المنزل ويبدو أن أحداً لم يعد يهتم بعد ذلك لا رجال الإعلام ولا الجنود لا الطيارين ولا السياسيين وحتى الإنسانية الأخلاقية التي يمثلها باراك .وقد تفوقت عليه تسيفي ليفني التي ابتسمت وهي تتحدث عن الأحداث المخيفة. حتى Heinrich Heine لم يتصور ذلك.
الأيام الأخيرة تأثرت بمتلازمة أوباما، نحن على متن طائرة وفجأة ظهر جبل أسود بين الغيوم في غرفة القيادة كان سؤال كيف تمنع التصادم.
اختار المخططون توقيت الحرب بعناية خلال العطلات كان الجميع في إجازة وما زال بوش موجوداً ولكنهم لم يأخذوا بالاعتبار تاريخ آخر، الثلاثاء القادم سيدخل أوباما البيت الأبيض، هذا التاريخ ترك ظلاله على الأحداث فهم باراك الإسرائيلي أنه إذا غضب باراك الأمريكي فهذه كارثة والاستنتاج –الجرائم في غزة يجب أن تتوقف قبل التنصيب- هذا الأسبوع عطّل جميع القرارات السياسية والعسكرية وليس........ "عدد الصواريخ"...... ليس "النصر" ...............وليس "سحق حماس".
عندما يقف إطلاق النار؟ السؤال الأول: مَن انتصر؟ في إسرائيل الحديث عن "صورة نصر" وليس النصر بذاته، لكن "الصورة "وهذا أساسي لإقناع الرأي العام أن الشغل كان ذو قيمة. وفي هذه اللحظة ألاف الإعلاميين متحفزون لرسم "الصورة" والطرف الآخر بالطبع سيرسم صورة مختلفة. سيتحدث القادة الإسرائيليين عن إنجازين: إنهاء الصواريخ ومنع التهريب على الحدود المصرية مع غزة.
إنجازات (مشكوك بها) لقد كان بالامكان وقف الصواريخ بدون هذه الحرب القاتلة إذا كانت حكومتنا مستعدة للتفاوض مع حماس بعد فوزها في الانتخابات الفلسطينية ولم تكن الأنفاق ستحفر على الحدود المصرية مع غزة لو لم تفرض حكومتنا الحصار القاتل على القطاع.
لكن الإنجاز الرئيس لمخططي الحرب البربرية والذي يكذبون بشأنه. سيحتفظ الشياطين من وجهة نظرهم بتأثيرهم الرادع لفترة طويلة.
حماس على الطرف الآخر سوف نقول أن صمودها في وجه آلة الحرب الإسرائيلية (داوود الصغير مقابل جاليت العملاق) هو نصر عظيم. تبعاً للتعريف العسكري التقليدي المنتصر في الحرب هو الجيش الذي يبقى في ميدان المعركة بعد انتهاء الحرب. حماس بقيت وبقي حكمها في غزة رغم كل المحاولات لإزاحتها هذا إنجاز مميز.
وستقول حماس أيضاً أن الجيش الإسرائيلي لم يتجرأ على دخول البلدات الفلسطينية حيث يوجد مقاتليها وتضيف: أن الجيش أخبر الحكومة أن احتلال غزة سيكلف حياة 200 جندي ولم يكن أحد من السياسيين مستعد لذلك في أمسية الانتخابات وحقيقة أن قوة جوريلا من بضعة آلاف مسلحة بأسلحة خفيفة صمدت ثلاثة أسابيع ضد جيش من أقوى جيوش العالم وذو قوة نارية عظيمة، سيبدو لملايين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين وغيرهم أيضاً بأنه "نصر غير مؤهل".
في النهاية سيتم توافق: بنوده واضحة، لا يوجد دولة تقبل أن تطلق الصواريخ على مواطنيها من حدود مجاورة ولا يوجد شعب يقبل أن يرزح تحت الحصار ولذلك
1. على حماس أن توقف إطلاق الصواريخ
2. على إسرائيل فتح المعابر بين قطاع غزة والخارج
3. يجب أن يتوقف تهريب الأسلحة إلى غزة (بأقل قدر ممكن).

وكل ذلك كان سيتم بدون حرب لو لم تقاطع حكومتنا حماس. على كل حال فإن النتائج الأسوأ لهذه الحرب غير مرئية ويمكن الشعور بها بعد سنوات. صورة إسرائيل المرعبة في العالم سينظر البلايين في العامل ألينا كوحش دموي ولن ينظروا لإسرائيل أبداً كدولة عدل وسلام وتقدم.
يتحدث إعلان الاستقلال الأمريكي عن احترام آراء الآخرين وهذا مبدأ حكيم.
والأسوأ هو الأثر على ملايين العرب حولنا: ليس فقط أنهم سينظرون إلى مقاتلي حماس كأبطال. بل سيتعرّى ديكتاتورييهم امامهم كجبناء وفاسدين وعملاء
هزيمة العرب على 1948 أسقطت الكثير من الطغاة العرب وأوجدت جيل جديد من القادة الوطنيين مثل جمال عبد الناصر.
وحرب 2009 يمكن أن تؤدي لسقوط طغاة عرب وظهور قادة جدد من الأصوليين الإسلاميين الذين يكرهون إسرائيل والعرب.
في السنوات القادمة سيظهر أن هذه الحرب كانت جنون عظيم ، لقد جنّ الرئيس بمعناها الأصيل
يوري أفنيري counterpunch.org



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملية (رصاص لا يُعاقَب)
- غزة :أسئلو وأجوبة 3
- غزة :أسئلة وأجوبة 2
- غزة :أسئلة وأجوبة
- الوحش الدموي يدخل غزة
- لعبة اللوم في غزة
- العقوبات الجماعية الاسرائيلية ضد غزة
- فهم كارثة غزة
- 100 عين مقابل عين واحدة
- العمليات الاستخبارية في العراق 2
- العمليات الاستخبارية في العراق
- إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي -نموذج بوش
- دراسة الإرهاب
- الإرهاب العالمي - قائمة المطلوبين -
- قتل المدنيين : نموذج بوش للعولمة
- الفتيان من بغداد (كوماندوز عراقي يدرّبه المتعاقدون)2
- الفتيان من بغداد ( كوماندوز عراقي يدرّبه المتعاقدون) -1-
- حرب خفية جداً 1
- الجنود الأمريكيون العائدون من العراق : شاهد عيان3
- الجنود الأمريكيون العائدون من العراق : شاهد عيان2


المزيد.....




- ما أوجه التشابه بين احتجاجات الجامعات الأمريكية والمسيرات ال ...
- تغطية مستمرة| إسرائيل تواصل قصف القطاع ونسف المباني ونتنياهو ...
- عقب توقف المفاوضات ومغادرة الوفود.. مصر توجه رسالة إلى -حماس ...
- أنطونوف: بوتين بعث إشارة واضحة للغرب حول استعداد روسيا للحوا ...
- مصادر تكشف لـ-سي إن إن- عن مطلب لحركة حماس قبل توقف المفاوضا ...
- بوتين يرشح ميشوستين لرئاسة الوزراء
- مرة أخرى.. تأجيل إطلاق مركبة ستارلاينر الفضائية المأهولة
- نصائح مهمة للحفاظ على صحة قلبك
- كيف يتأثر صوتك بالشيخوخة؟
- جاستن بيبر وزوجته عارضة الأزياء هيلي في انتظار مولودهما الأو ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فضيلة يوسف - جنون العظمة (ابتسامة ليفني)