مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2566 - 2009 / 2 / 23 - 10:21
المحور:
القضية الفلسطينية
كان جورج حبش ابنا لمرحلة كان كل شيء فيها يختزل في أشخاص , زعماء , و توقف الكثير لذلك في نهاية الأمر على صفاتهم الشخصية و إرادتهم , شجاعتهم , و إصرارهم , هنا لدينا الكثير لنحكيه عن الحكيم , و عن ياسر عرفات مثلا , لكن هذا يوقظنا على حقيقة أن عددا محدود جدا من البشر كانوا يملكون حرية التصرف المطلقة بقضية ملايين الفلسطينيين الذين اقتصر دورهم على تقديم التضحيات و الصبر و في النهاية السمع و الطاعة لقادتهم "التاريخيين"....الموت هنا يصبح للأسف استكمالا لعملية تأصيل زعامات تاريخية فوق البشر الواقعيين و لنقل إرث تلك الزعامة إلى زعامات قائمة تصبح محتكرة و مسؤولة وحيدة عن ذلك الإرث , بعيدا عن الشعب نفسه , و فوق الشعب..من هنا يختلف تأبين تلك الزعامات للحكيم عن تأبين الناس الأكثر صدقا له , تماما كما تباين تماما وداع محمود درويش الجمعي و الفردي الذي مارسه كل فلسطيني عن المشهد الكوميدي الرسمي سيء الإخراج و الذي ركز على أصحاب السيادة أكثر من فقيد الناس و الأرض و الجليل..فكرة الزعامة النخبوية بحد ذاتها لا تثير مشكلة لدى النخبة المتلبرلة , هذه النخبة التي تزعم أنها تلبرلت هذه المرة و أنها تخلت عن أفكارها الشمولية بذات السرعة التي تخلت بها شعوب الاتحاد السوفيتي عن الستالينية ما أن تراخت قبضة النظام الحديدية , لا تزال تبحث عن ستالينات جدد , لكن بشرط أساسي , أن يكون متنورا مثلها و بشرط أن يكون كل ضحاياه من خصومها السياسيين أو الفكريين , لذلك هي تمارس السياسة وفق ذات الشرط الستاليني : المفاضلة بين الستالينيات الموجودين بالفعل , و دعوة الناس لممارسة أقصى درجة من السمع و الطاعة السلبية لمن يرشحونهم من بين الديكتاتوريات القائمة...عند تأبين جورج حبش كزعيم يخسر جورج حبش الإنسان بالضرورة , بل و يخسر تاريخه و يخسره الناس الذين ناضل من أجلهم , يستحق منا جورج حبش الإنسان و المناضل تأبينا أفضل من استخدامه لتكريس فكرة الزعامة النخبوية فوق البشر اللا ديمقراطية و الأسطورية في نهاية الأمر , يستحق منا تأبينا جديرا بالبشر , العاديين , الذين استجابوا لتحديات عصرهم بشجاعة الإنسان المناضل المتمرد على واقعه......
مازن كم الماز
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟