أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مازن كم الماز - هكذا تفهم الحروب و هكذا تنتهي















المزيد.....

هكذا تفهم الحروب و هكذا تنتهي


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2565 - 2009 / 2 / 22 - 08:46
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ليست الحروب مجرد نتيجة للجشع , بل هي أكثر أشكال التعبير عن هذا الجشع دموية و أكثرها صراحة و تطرفا في عدائها للإنسان , الحرب هي أكثر أشكال ممارسة الحياة سخفا و غرابة و لا عقلانية و جنونا , إنها أكثر حالة عبثية اخترعها الإنسان و مارسها حتى اليوم , لكنها طالما ادعت و تدعي أنها ابنة شرعية للعقل , للوطن , للرغبة السامية في التضحية بالنفس و الغيرية , و ليست للجشع أو للعبث....كانت الحرب العالمية الأولى أكبر مذبحة في التاريخ حتى ذلك اليوم قادت إليها الحكومات البرجوازية الأوروبية "الوطنية" شعوبها على وقع طبول الدعاية الوطنية , لكن هذه المذبحة كشفت بشكل فاجر عن حقيقة العقلانية البرجوازية , كان حجم المجزرة هائلا بسبب التكنولوجيا المتطورة للمدافع والرشاشات التي زودت بها الصناعة البرجوازية الرجال على جانبي الخندق , كانت هذه هي الإضافة الخاصة للبرجوازية لملاحم القرون المنصرمة...كان الرد على كل هذا الموت المجاني بالكامل في حروب التكنولوجيا العقلانية ساخرا بالضرورة , مفعما بالعبثية التي أخذت تنضح من كل صوب , بدأت القصة بالدادائية ثم بالسوريالية , رفض لكل شيء , رفض غاضب معاد للفن و للسياسة بشكلها السائد , يسخر من كل شيء "عظيم و جدي" , ربما كان رفضا بلا شواطئ , لكنه كان رفض أو هدم بغرض إقامة بناء مختلف , آخر , أقل إثارة للسخرية و الموت على الأقل....لكن كانت هناك ردود أخرى , ردود كانت قادرة على أن تحتفظ بعقلانية الأصل بل و تطورها في اتجاهات مختلفة , أو في اتجاهين مختلفين كي نكون أكثر دقة , من جهة كانت الماركسية قد بدأت تشهد صعودا جماهيريا كبيرا بعد الحرب بين الجماهير التي فاجأها حجم الخراب الذي انتهت إليه الكارثة..و كابنة شرعية لفكر الأنوار البرجوازي العقلاني , كانت الماركسية تدعو نفسها اشتراكية علمية , و انتهت أخيرا إلى الستالينية في روسيا و إلى تمددها أوروبيا و عالميا من ثم مع نهاية المذبحة العالمية الثانية..على الجهة المقابلة كانت العقلانية البرجوازية تحاول إعادة تأسيس شرعيتها اعتمادا على العلم "البرجوازي" , كانت حلقة فيينا تدفع نحو تأسيس الوضعية المنطقية , معتمدة على الأعمال الأولى للودفيغ فيغينشتاين , معلنة أنها بذلك تعمل على إخضاع المعرفة الإنسانية للأسس العلمية و المنطقية باستخدام لغة العلم المعيارية الوحيدة كلغة للفلسفة..كانت قصة صعود التجريبية أو الوضعية المنطقية في أمريكا الإمبريالية قصة سياسية بامتياز : هاجر إليها بعض الوضعيين المنطقيين هربا من الاضطهاد النازي فقط ليصبحوا هتافين و مصفقين للوضع السائد في بلادهم الجديدة , و مقدمين لها مبررات جديدة لسياساتها..و عندما انتقل تمويل التجارب العلمية و إدارتها من الشركات الكبرى إلى شركات الصناعة العسكرية تحديدا كان هؤلاء الوضعيين يعلنون هذا "العلم" الخاضع للشركات الكبرى قيمة أساسية و اجتماعية وفكرية وحيدة...دافع تحالف البراغماتية مع الوضعية المنطقية , الذي سيطر على الفكر الأمريكي حتى السبعينيات من القرن العشرين , عن شكل سائد من "الطبيعية" الذي استخدم لأغراض عنصرية و محافظة و كضد للمساواة , و استخدم كمبرر لسيطرة الشركات الكبرى على إنتاج العلم و تسخيره لخدمتها*..انتهت العقلانية البرجوازية لعصر الأنوار إلى إنتاج القوتين السياستين و الفكريتين الأكبر في الحرب العالمية الثانية و ما تلاها من حرب باردة , اللتين أصرت كل منهما على التصاقها بالعلم و أنها نتاج مباشر له , و كان استخدام كل منهما للعلم يمثل امتدادا لاستخدام الحكومات البرجوازية الوطنية له في المذبحة الأولى , كان سباق التسلح و التنافس في اختراع و تخزين ما سمي بأسلحة الدمار الشامل أي الأسلحة القادرة على تدمير كل البشرية هو الذروة الحقيقية لهذه العلموية المكرسة للدفاع عن القوى التسلطية , كان هذا ذروة "العقلانية" , قمة جنونها و عبثها , قمة غرورها و استعدادها للمضي في صراعاتها حتى النهاية , نهاية البشرية , دون تردد , وحده سقوط العملاق السوفيتي وضع حدا للجنون الذي وصل مع ريغان إلى درجات غير مسبوقة ربما منذ أيام جنكيز خان..مثل بوش قمة أخرى أكثر سخفا و غباءا و ضحالة لكن من حظ البشرية أنه كان يكتفي بمحاربة طواحين الهواء فاقتصرت الخسائر على مليون عراقي و عدد آخر غير محدد من الأفغان..أنجبت حروب الغرب الاستعمارية و ابنته غير الشرعية إسرائيل , في عمق عقولنا و وجودنا , أنجبت الضدين مرة أخرى : ضد نخبوي علموي لدرجة أنه لا يكتفي بالصمت على المذابح التي يقوم بها الغربي المستعمر "العقلاني" , بل و يهلل لها و يعتبرها خلاصا من كل آثار التخلف و التأخر "اللاعقلاني" الشرقية بامتياز , و ضد لا عقلاني شعبوي يرفض تلك العقلانية القاتلة لكن دون أن يتمتع بروح السخرية و بالرغبة في الهدم التي رافقت الحركات اللاعقلانية أو حتى المضادة للعقل التي ظهرت عادة بعد الحروب الكبرى , لا عقلاني بمعنى أنه ذا فهم أصولي للحقيقة و الهوية , و هو يشكل ضدا لا يقل رغبة في القتل و احتقاره للإنسان , إنسانه بدرجة لا تقل عن الآخر , من خصمه العقلاني الغربي...هذا ليس دليلا على نقص في روح السخرية و العبث لدينا , بقدر ما يشير إلى تواطؤ رهيب شنيع و فاجر ضد الإنسان في منطقتنا , في مجتمعاتنا..بقدر ما يدل على حالة رهيبة تتناقض تماما مع الحديث الدارج عن الإنسان , و حتى عن حقوقه , من احتقار الإنسان و تمجيد كل ما يحط منه , بل و تمجيد قتله علانية , هذا يعني شيئا واحدا , خاصة أمام مجازر كالتي جرت مؤخرا في غزة مثلا , أن الصمت هو أكثر من تبرير للقتل , إنه مشاركة كاملة في القتل , أن لا مساومة مع أي تبرير للموت و القهر..هذا الإنسان المحشور من جديد في المنتصف , المسلوب حتى من قدرته على السخرية من كل هذا العبث المميت بأوامر و فتاوى مختلفة , يملك مبدئيا الغضب , الرفض , الهدم , كرد مباشر على موته المجاني , على قهره غير المحدود , بينما يمكننا الحكم بموضوعية أنه لا يستطيع تحمل كل هذه القذارة بل و ينخرط في تمجيدها , كما كان يفعل محازبو الستالينية أو الإمبريالية في الحرب الباردة , إلا بشر بلغوا مرحلة البلادة , بشر يحملون إيديولوجيا "أكبر" من كل البشر , لا يبصرون إلا السادة , سادتهم , الذين يرونهم فوق البشر , أكبر من كل البشر.........


مازن كم الماز

* How positivism made pact with post-war social sciences in America , Philip Miroski , from //galileo.fcien.edu.uy/individualismo.htm



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تصاعد قمع الأكراد في سوريا و محاكمات جرائم الأكراد الفيلي ...
- في المفاضلة بين القتلة و الحرامية
- أمريكا من الرأسمالية إلى الإمبريالية
- الأخلاق : فضائل الدولة لميخائيل باكونين
- عن الشهادة و الشهداء
- لا تسجد
- جدل مع مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح عن المجتمع المكشوف
- في مديح الديكتاتور مهداة للرفيق ستالين
- محمود درويش من أحمد الزعتر ( 1977 ) إلى خطبة الهندي الأحمر ( ...
- المعارضة الليبرالية الديمقراطية للأناركية
- عن هويتنا كبشر
- تعليق على دفاع الأستاذ غياث نعيسة عن الماركسية الثورية
- لا دولة واحدة و لا دولتين , بل لا دولة
- وا معتصماه ! : أمجاد الجنرالات و عالم الصغار
- ملحمة غزة
- استخدام البشرة السوداء لكينغ و أوباما لتحسين الحلم الأمريكي
- بيان أممي شيوعي أناركي عن الوضع في غزة إسرائيل
- مولاي قراقوش
- الحقيقة عن غزة
- أموت خجلا يا غزة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مازن كم الماز - هكذا تفهم الحروب و هكذا تنتهي