أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - جدل مع مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح عن المجتمع المكشوف















المزيد.....

جدل مع مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح عن المجتمع المكشوف


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ريب أن الأستاذ ياسين من أبرز المساهمين في دراسة ظاهرة الأنظمة الاستبدادية القائمة , و من المؤكد أيضا أن يستطيع بتحليلاته أن يفرض على العقل المعارض أن يبتعد بتفكيره عن السياسوي الآني..هنا أحاول فقط أن أجادل مقالته الأخيرة عن المجتمع المكشوف , و هي مقالة هامة جدا كما أزعم , و ثرية جدا...

- أولا عن تسمية حالة النظام السوري القائم بحالة الاستثناء , من المؤكد أن هذا النظام الحاكم بجحيمه السياسي الاقتصادي و القمعي حالة استثنائية و لا شك إنسانيا و سياسيا و اجتماعيا و أخلاقيا , لكن ما أود ملاحظته هنا هو أنه تاريخيا كانت الأنظمة الحاكمة و طوال قرون طويلة عبارة عن أنظمة استثنائية بهذا المعنى , هناك وله خاص يحمله اليسار و الليبراليون لفترة الخمسينيات ما قبل الوحدة الأمر الذي يمنح هذه الفترة وضعية السلطة المثال , و ربما كان المجتمع السوري بالفعل قد انتقل من حالة مجتمع منكشف بالكامل أمام السلطة السياسية , و باقي السلطات كالدينية مثلا , مع سقوط الحكم العثماني إلى حالة أقل انكشافا أمام السلطة السياسية هذا إذا اعتبرنا النخب هي الجزء المركزي من المجتمع , كانت النخب المسيطرة , الإقطاعية و أرستقراطية المدن المرتبطة بالوجود العثماني الطويل و التجار المدينيين و رجال الدين , تلعب منذ بداية الحكم الفيصلي دورا ما متفاوتا في الحد من هيمنة السلطة و كانت هناك آليات تعود للقرون الوسطى لتأمين حماية اجتماعية ما للتجار مثلا و حتى للفقراء مع التشديد طبعا على بقائهم في حالة تبعية كاملة للإقطاع و المؤسسة الأرستقراطية و أحيانا الدينية المرتبطة بالسلطة , لكن تقليديا و على امتداد التاريخ كان المجتمع منكشفا بالكامل أمام السلطة القروسطية التي تعاملت معه كغنيمة تنهبها كما تشاء , كانت هناك دوما نخب ما بين الدولة و المجتمع كالمؤسسة الدينية مثلا لكنها كانت مستقلة عن المجتمع و غالبا تابعة , و لو بالقوة , للسلطة , اعتبرت مثلا تلك الفترات التي تمتعت فيها هذه النخب بدور استثنائي إلى جانب الدولة أو في مواجهتها , كما في تمثيل الشعب المصري مثلا في مواجهة الحملة الفرنسية من قبل مؤسسة الأزهر الدينية أو فترة صعود الحركة الوطنية العرابية في مصر المرتبطة بصعود دور النخبة المثقفة و الاقتصادية العسكرية و المدينية , استثناء للحالة التقليدية من انكشاف المجتمع و أقرب إلى نموذج للعلاقة البديلة عن تبعية المجتمع المطلقة للدولة , ما أعنيه هنا هو الحاجة إلى إعادة كتابة نقدية لتاريخنا بحيث يعاد تشخيص وضعية الدولة التاريخية , هذا ضروري لتشخيص راجع و آخر مستقبلي عن شكل العلاقة "الصحيحة" بين الدولة و المجتمع...
- ثانيا , أعتقد أن الأستاذ ياسين كان على حق تماما عندما تحدث عن المثال الذي يصبو إليه مقاومو حالة العزلة التي يفرضها النظام على أفراد المجتمع و عدم تهديده لحالة الاستثناء التي يمثلها النظام , فغايات هذا المثال تتعلق بالحاجات المادية المباشرة , هذا في الحقيقة لا يشكل خطر مبدئي على النظام و لا يهدد حالة العزلة التي يفرضها على أفراد المجتمع الذي يضطهده , إن أنظمة رأسمالية الدولة بصيغتها ما قبل السياسات النيو ليبرالية تعتبر نفسها المسؤولة عن خير أفرادها مقابل استسلامهم الكامل لها , هذا شاهدناه في شعارات العمالة شبه الكاملة لقوة العمل المتاحة و أيضا التعليم العام للجميع و غير ذلك كمهام أساسية ألزمت بها أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية نفسها ( قبل مرحلة تبنيها سياسات نيو ليبرالية ) كجزء من تبرير سيطرتها المطلقة على المجتمع , و قد عملت من خلال مركزية تخطيط و إدارة الاقتصاد ليس فقط على تكريس سيطرتها المجتمعية المطلقة بل أيضا على تدجين الناس من خلال ربط رفاههم و إحساسهم بالأمان بوجودها , من جهة أخرى قد يضطر النظام للتسامح مثلا مع بعض الأشكال المحلية , غالبا الطائفية أو العشائرية كما أشار الأستاذ ياسين , لفضاءات موازية لمؤسسات النظام كبديل عابر عن عجز و فشل مؤسساته أو عن قصور دورها الوظيفي الذي يقوم أساسا على تلبية مصالح السلطة على حساب المجتمع عادة , هذا لا يشكل كما أشار الأستاذ ياسين مقاومة جدية أيضا , هو بالتأكيد طاقة كامنة , ربما لحالات عزلة جديدة , إما تتعايش مع العزلة الأوسع الأعم التي يفرضها النظام , أو عزلة منفصلة عن بقية الفضاءات الموازية داخل المجتمع المقهور و مشروع لعزلة أعم تنتظر أن تتجسد بمجرد سقوط النظام الذي يبدو بمؤسساته البيروقراطية , القادرة من حيث كم السلطة المتاح لها و السطحية جدا و الشكلانية و العاجزة عن أداء أية وظائف اجتماعية أو عامة , كرابط وحيد بين فضاءات معزولة عن بعضها , ساهم هو بخلق عزلتها هذه و يزعم أنه يجمعها معا بوجوده فوق المجتمع و قهره و كبته له كمعطى لا عقلاني بالضرورة تشكل حريته عامل خطورة يهدده قبل أن يهدد النظام , هذا التخريف الذي لجأت إليه عادة الأنظمة فاقدة الشرعية و العاجزة لا يحول النظام , أساس الأزمة , إلى جزء من الحل , على العكس , فحالة التشظي ستستمر دون توقف بدرجات متفاوتة نتيجة لمنطق وجود النظام و سياساته القائمة على كبت المجتمع نفسه و تجاهل حاجاته الفعلية و اختراع حاجات وهمية مرتبطة بالنظام , النظام يفقد القدرة أكثر فأكثر على التحكم بمجرى الأحداث الذي يسبقه و بالأزمات التي يخلقها بعبثيته و بدائية نهبه للمجتمع , إن الأزمات المتتالية و المتصاعدة تقترب من درجة خطيرة جدا قد تجعل من سقوط النظام من الداخل عبر تفكك سريع لمنظومة أجهزته التي يتباهى باستقرارها رغم الانشقاقات داخل الطغمة الحاكمة و رغم الضغوط الخارجية , ضرورة لاستمرار الملايين من السوريين في الحياة و لعقلنة نسبية ضرورية لنهبه المنفلت للمجتمع بغرض إعادة التوازن بين نهب السلطة و إمكانية ضحايا النظام على الاستمرار بالحياة بالحدود الدنيا , هذا الشرط الضروري لاستمرار أية سلطة ( هذا عو عمليا واقع كل الأنظمة العربية , أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية ) , ينحط النظام اليوم إلى ممارسة قمع استباقي , على الطريقة البوشية , بقمع أية إرهاصات لبديل في إطار النخب إما بإلحاقها بمنظومته لنهب المجتمع أو بقمعها خاصة في مواجهة ضغوط الخارج التي يتوهم البعض أنها تهدف إلى استبدال النظام ببديل نخبوي موالي و مضمون أو بمحاولة السيطرة على أية وسائل للتعبير و لتبادل الآراء خارج إطار أجهزته كالانترنت مثلا رغم نخبويتها و محدوديتها , يبقى المجتمع السوري , تبقى الطبقات التي في أسفل المجتمع مكشوفة على الآخر أمام النظام و أمام أية سلطة قادمة محتملة و غائب تماما عن الحراك داخل جزء محدود من النخبة الذي نشط لفترة قصيرة مع تصاعد الضغوط على النظام , هناك ذعر عام في النظام و النخبة و الخارج الأمريكي الإسرائيلي أساسا من عملية السقوط غير المحسوبة هذه , النخبة و الخارج تفضلان "تغييرا" ينقل السلطة مباشرة إلى سلطة بديلة و دون أي اضطراب في الشارع , أي دون أية أحداث في الشارع تخرجه عن عطالته وتمنحه أية قدرة على الفعل و التأثير , شاهدنا أن المسار العراقي باستخدام الخارج يناسب النخب بالتأكيد التي تعتقد أنها ستحل مكان النظام لكن ليس المجتمع الذي لن ينهي مثل هذا الحل حالة عزلته الداخلية , بل سيكرسها لصالح نخب جديدة حاكمة , رغم أن هذا لا يلغي الفوارق النسبية بين سلطة و أخرى , نخبة و أخرى, طغمة و أخرى , فروق تبقى في الكم و ليس في النوع..
- أنا أحترم جدا المخرج الذي تحدث عنه الأستاذ ياسين , لسبب أساسي هو أنني لا أجد ببساطة مخرج بسيط , سهل المنال , لحالة الاستثناء التي يمثلها النظام , لكني أعتقد بصدق أن أي مخرج لا يكون فيه الإنسان السوري بكل تفصيلاته هو أساسه , و أداته , هو مخرج مزيف , لنذكر أن النظام القائم , مع الأنظمة القومية الأخرى , و لنذهب شرقا لنشمل أيضا ما كان يسمى بالأنظمة الاشتراكية سابقا , قد نشأت من حلول فوقية نخبوية , مفروضة من خارج المجتمع عليه باسم خلاصه , إن هذا يعزز ما قاله الأستاذ ياسين من أن خلاص المجتمع , ناسه , لن يكون بيد نخبة من مثقفي الطبقة الوسطى , و لا بيد أية نخبة ما , و لا هي مهمتها التاريخية كما جرى الافتراض سابقا , لهذا بالتحديد لا أعتقد أن مشكلتنا هي فقط في مأسسة علاقة السلطة بالمجتمع بل في طبيعة هذه المؤسسات المقترحة أساسا , هذا إذا كنا نقصد منح الناس , المجتمع , و لو بعض الحماية أو الوسائل الدفاعية أمام السلطة , بسبب ظروف موضوعية لا معنى لأية مأسسة كهذه في ظروف سيطرة مطلقة لنخب اجتماعية و اقتصادية و تقليدية على المجتمع , لا في العراق و لا في لبنان و لا في دول أوروبا الشرقية أدى التغيير المشوه النخبوي إلى حماية من هذا النوع , ما جرى مأسسته هو سلطة النخب و صراعها على السلطة و الثروة , الفارق لا يتجاوز شكل إنتاج سلطتها على المجتمع , أما درجة نهب المجتمع و تهميشه من قبل هذه النخب فقد كان هائلا و منفلتا بشكل لا يصدق إذا أخذنا بعين الاعتبار الشعارات التي رافقت استبدال أنظمة الاستبداد بنخب بديلة , هذا يؤكد شيئا واحدا فقط : عندما تكون السلطة ممثلة لنخبة فوق المجتمع لا مكان لأية وسائل دفاعية جدية بيد المجتمع , في السياسة كما مورست حتى اليوم يدور كل الجدال حول الاختيار بين النخب المؤهلة للسلطة أو الموجودة في السلطة بالفعل , حول أكثرها أهلية و شرعية للحكم , المؤسسات الوحيدة التي يمكنها أن تثبت وجود الناس في مواجهة السلطة , أية سلطة , يجب أن تتجاوز الطبيعة النخبوية الفوقية إلى طابع قاعدي لا مركزي مباشر يمنح المجتمع بالفعل السيطرة على مصيره و حياته........

مازن كم الماز





#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مديح الديكتاتور مهداة للرفيق ستالين
- محمود درويش من أحمد الزعتر ( 1977 ) إلى خطبة الهندي الأحمر ( ...
- المعارضة الليبرالية الديمقراطية للأناركية
- عن هويتنا كبشر
- تعليق على دفاع الأستاذ غياث نعيسة عن الماركسية الثورية
- لا دولة واحدة و لا دولتين , بل لا دولة
- وا معتصماه ! : أمجاد الجنرالات و عالم الصغار
- ملحمة غزة
- استخدام البشرة السوداء لكينغ و أوباما لتحسين الحلم الأمريكي
- بيان أممي شيوعي أناركي عن الوضع في غزة إسرائيل
- مولاي قراقوش
- الحقيقة عن غزة
- أموت خجلا يا غزة
- أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية : مقاربة
- لقطات من الحرب على غزة
- موت الليبرالية العربية
- الطريق الثالث بين الاستسلام و مقاومة تدعو إلى شهداء بالملايي ...
- السمع و الطاعة
- حقائق بسيطة جدا عن الحرب على غزة
- نحو موقف يساري تحرري من الحرب على غزة


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - جدل مع مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح عن المجتمع المكشوف