إنهض يا عبد الله

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2590 - 2009 / 3 / 19 - 10:19
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

إسمعني يا عبد الله :
لايوجد عِرق مصطفى وصناعته أصليةٌ, وعِرق غير مصطفى وصناعته نخب ثالث, أو (إستكات) أو أمةٌ سوبر ..أو (خير أُمةٍ أخرجت للناس) لا يوجد كل ذلك بل توجد شعوب تنهض ومن ثم تموت لتنهض من بعدها شعوبُ أخرى وحضارة أخرى .
ولقد إنتهى إقتصاد الحظ والصدفه منذ زمن بعيد, ونحن أمام إقتصاد تطوير أدوات الإنتاج وزيادة الإنتاج وتحسين ظروفه , كل هذا من أجل تحسين ظروف الحياة العامة , والتي إذا ما تحسنت جداً فإن الشعب حتماً سيحصلُ على حقوقٍ جديدة ٍ وإن لم يحصل عليها سيطالب بها :
لذلك الحُكامُ العرب لايريدون لظروفنا أن تتحسن , بل يريدوننا على القديم والقديم لا يمكن أن يطالب بحقوق جديدة .
إنت يا عبد الله (صعبان) عليّ جداً جداً وحابب أساعدك بس إنت ما بدك يا أخي نهائياً أن تساعد نفسك ...أن تريد أن تجلس في زاوية من زوايا المسجد وأن تتطلع للسماء وتنتظر حدوث المعجزات ,,وتشكر الله على البلاء والفقر الذي أنت به لأنه نعمة من الله .

إسمعني يا عبد الله :
كبر عقلك ..كن جبلاً من التنوير ,ولا تعتقدُ أنك الإله أطلس الذي يحمل الكرة الأرضية على رأسه وقرنيه.

أترك الدين وربي أبناأك على المجتمع المدني , على دين المدنية الحديث , وحاول أن تصحو

لم تكن البروتستنتية قد أفلحت بعد في إنهاض أوروبا ,وهذا الكلام مش رايح يزعل المسيحيين , زي ماراح إنت تزعل , أنا مُتأكذُ أنك ستغضب :
فالبروتستنتية والتي تدعو إلى التقتير والإقتصاد وتقليل حجم النفقات وتحريم الفن الكاثوليكي وتحليل الموسيقا , هذه البروتستنتية ومبادؤها , لم تنهض بأوروبا بل كانت هنالك عوامل أخرى أهمها :
دعم البحوث العلمية..
ونقل نتائج البحوث إلى أرض الواقع...
وتحويل معامل البحث العلمي التكنولوجي إلى معامل صناعية ضخمة نتج عنها بناء المصانع والمدن الصناعية الكبرى .لقد كانت الصين في القرن الثامن عشر أكثر تقدماً من أوروبا بكاملها : كانت تسيطرُ على صناعة الصابون والورق والحبر والحرير , وبنفس الوقت كان الملك جورج الثالث ملك إنكلترا ,يرسل بمبعوثين دبلوماسيين إلى الصين من أجل إشراك لندن في التجارة مع الصين العظمى والتي تعتمد على إقتصاد تجاري قوي جداً , ولكن الصين كانت تنظر بإحتقار إلى القوم الصفر الوجوه ويستبعدون مشاركتهم في التجارة إلا في عام 3000ميلادي , متهكمون على أوروبا وعدم قدرتها في اللحاق بركب الصينيين .بمقابل ذلك كان الله لا ينظرُ إلى دين الصين وعقيدتهم المثلى ولم يكن الله مكترثاً كعادته بصلاة الرجل الصيني وقيامه الليل وصومه في الصحراء , حتى أن الله لم يطلب من الصينيين أن يحجو لا إلى بيت لحم ولا إلى مكة .
وليس التمسك بالمسيحية أو الإسلام هو الذي ساعد على النهضة , وإنما قبول مبدأ التطور التكنولوجي وما رافقه من إنباعث روائح حقوق الإنسان ونشر الوعي والعلم وبناء المصانع قبل بناء المساجد والكنائس .
أما لندن فقد إعتمدت على التطور التكنولوجي ونقلت المعامل العلمية إلى أرض الواقع وبالتالي تغيرت حياة الناس بفعل تغير الصناعات المذهلة , فأصبح مناويل يصنع جرابات وكلاسين في لندن أكثر من كل عمال الصين أو الهند , وبالتالي تحولت موازين القوى الإقتصادية إلى الإنكليز التي لم تغب عنها الشمس يوماً.وجلبت لندن العبيد من أفريقيا , وقاموا بتشغيلهم في المصانع والمزارع, وإستغلوا فائض إنتاجهم بإرساله مرة أخرى إلى بلدانهم , ليستبدلوه مرة أخرى بالعبيد , وهذا النوع من الإقتصاد الكلاسيكي , عُرفَ فيما بعد بإسم الإقتصاد الثلاثي , إشارة إلى العبيد الذين ينتجون الصناعات في لندن , ومن ثم إعادة إرسالها إلى أفريقيا وإستبدالها بالعبيد , وهؤلاء أصبحوا فيما بعد عمال في المصانع الضخمة علماً أنهم كانوا في المصانع ولكن بنسب ضئيلة حيثُ كانت الغالبية منهم في المزارع النباتية والحيوانية .
أما في الولايات المتحدة الأمريكية (أنكل سام) فقد تحول العبيد الشماليون بسرعة إلى المصانع لأنهم غير زراعين, وأما الجنوبيون فقد إحتاجوا الى ثورة مسلحة لكي يتحرروا فقدم لهم الشماليون السلاح والبارود , كانت هذه أول الحروب العسكرية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التحرر وحقوق الإنسان , وقدم الشماليون المساعدة للعبيد الجنوبيين نظراً لأنهم بحاجة لهم للعمل في مصانعهم .إن الله لم يكن يطالب بالصلاة والحج بل يطالب بتنوير العقول ودعم البحث العلمي وحركات التنوير وإطلاق الحريات العامة وبناء المراكز الصحية والمطارات والموانىء البحرية والمائية .

سمعت كلامي يا عبد الله ؟
إنهض وخذ بيدك كتاباً وادخل به مكتبتك أو غرفة نومك وطالعه وتعلم وتثقف , وانهض من سباتك وحلمك , وقاوم التخلف وانشر محطات المعرفة في كل مكان .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل