ما بدهمش يعملوا حفلة

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2551 - 2009 / 2 / 8 - 09:57
المحور: كتابات ساخرة
    

طبعا بقي ما يقرب من 5 ساعات على بدأ الإحتفال العائلي الذي نظمته عائلتنا , ويبدو أن الغالبية العظمى متفقون على أنهم لا يريدون ضجيجا ولا عويلا أي أنهم يريدونها حفلة عائلية مصغرة (بارتي صغير) , ولا يريدون إحداث ضوضاء ولا يريدون إستدعاء كثير من الناس وهذه الحفلة على ما أظن مصغرة جدا يحضرها فقط أبناء العم ..والخال ..والخالة ..والعمة , والأنسباء (النسايب الأصهار) فقط لاغير
ولو أنهم قاموا بعملية إحتفال كرنبفالي منظم لكانت تكلفته أقل بكثير من تكلفة حفلة نجاح الطالبة إبنتهم في الثانوية العامة بتقدير جيد جدا .
ولماذا تريدونها هكذا ؟
- ما بدناش كركبه وعجقات .وما بدناش إنوسع البيكار , يعني لو بدنا نستدعي الناس والأصدقاء كان بدنا ما يقرب ُ من 200دينار أردني لإتمام عملية الإحتفال.
- صح ..هذا كلام صحيح 100%.
ولكن تقدم الولد البكرُ من أبيه وقال له :
-بابا صحيح هي حفلة بسيطة بس كمان أصحابي مش غريبين عننا إحنا, وبعدين هم فرقه موسيقية , بدي أستدعيهم هيك على نطاق ضيق وما بدي أستدعي غيرهم .
- ما شي بابا إلبتشوفه مناسب إعمله .
وكذلك شقيقته الوحيدة وهي صاحبة الحفلة وليس من المعقول , أن يحضر أحاب أخيها ولا تُحضرُ هي أصحابها , وكذلك أمها الوالدة التي تستدعي بعض النسوة من الحارة .
- صحيح إحنا ما بدنا نعمل حفله بس كله هيك رايح يصير , ومش رايحين يأثروا على حدى .
- ماشي إلبدكم تعملوه إعملوه .
وإتصل بعض الأصدقاء والأقارب البعيدين معاتبين :
- شو مش عيب عاملين حفلة وما بتستدعوناش .
- لالالا كيف ما بدناش نستدعيكم , أنا الآن كنت أطلب كل واحد فيكم بس كانت الخطوط بالإتجاه المطلوب مشغولة .
وكل الحارة والأقارب يعرفون أنهم لا يريدون عمل حفلة , ولكن هل تعلموا أن ما فعلوه كلفهم ماليا أكثر من كلفة حفلة طبيعية ؟
كان من المفترض أن تبلغ تكاليف الحفلة الرسمية 200-300 دينار أردني , ولذلك إختصروها على 200 أو 100 دينار أردني ولكن النتيجة كانت مذهلة أكثر من ذلك أي أن الحفلة بلغت تكاليفها أكثر من 500 دينار أردني .

طبعا لم يكونوا مخططين لفرقة موسيقية مجوقلة بعتاد ثقيلة , ولكن إحدى الجارات قالت أنها رخيصة جدا وحين حضرت الفرقة , كان معها : أورج ..عود..إيقاع ..وثلاث مطربين , يعني تخت شرقي كامل .

وكانت حاجتهم من عبوات الببسي والكولا ما يقربُ من 100 عبوة وإذ بهم يحضرون 500 عبوة .
لماذا كانت النتائج هكذا ؟
أعتقد أن الفضول والتطفل ميزة تميز حفلات الفلاحين في القرى والمدن الريفية الصغيرة , فالذين حضروا من غير المدعوين كانوا ما يزيدُ على نصف العدد الطبيعي .
هذا وهم لا يريدون إنشاء حفلة !!, هذا وكيف لو أرادوا حفلة طبيعية عادية !!!

طبعا أنا لا أشارك أقربائي فرحتهم في مواسم الفرح , وهذا ليس كرها بهم ولكن كُرها بنوعيات الإحتفالات التي غالبا ما تنقلبُ إلى غم ونكد .كأن تنفجر عبوة ناسفة في وجه منفذها الذي يريد إطلاقها في السماء لتحدث الوانا متعددة من طيف قوس قُزح.
وكثيرة هي المشاكل التي تحدثُ من هذا القبيل وأغلبها شجارات عائلية .
وآخر فرحة حضرتها طبعا , حدثت هنالك شجارات كبيرة بين أهل العروس وأهل العريس , إنتهت بالمستشفيات والسجون والشكاوى الكيدية , وغالبا على ما أظن أغلب الأفراح في بلدتنا تنتهي بمأساة شكسبيرية .

ولم يكن هذا الشتاء باردا كعادته , والأمطار لم تسقط بكثافة كما سقطت في العام الماضي , لذلك وجد الناس اليوم وقتا ليمارسوا أفراحهم , فبمجرد أن أعلنت نتائج الثانوية العامة الأردنية , تعالت أصوات إطلاق العيارات النارية في الهواء , وطبعا دائما ما يصاب أهل الفرحة بإنتكاسة نفسية حين تظل إحدى الرصاصات طريقها لتستقرّ غالبا في جوف أحد المشاركين في الفرحة .

وبالرغم من أن مديرية الأمن العام , حذرت المواطنين من أن العقوبة ستطال أي إنسان يقوم بحركات بهلوانية في الشوارع تعبيرا عن الفرح , فأذكر أنه كان في العام الماضي حوادث متعددة من هذا النوع.

وبدأت الحفلة ومارس بها المحتفلون كل المحضورات , وتجاوزوا بها كل التعليمات , وخالفوا اللوائح والقوانين والتعليمات بموجب المواد القانونية , والتي تحضر بها إطلاق العيارات النارية , وظهرت بالحفلة أنواع جديدة من الأسلحة لم تظهر ولا حتى في غزة , أو الفلوجة .
وجلستُ أنا بعيدا عن الأعين وأكلت ُ الكُنافة النابلسية , وشربت مشروبا باردا , وخرجتُ من الإحتفال وأنا معصوب الرأس من الأصوات العالية المضخمة للصوت والصدى , وسمعتُ كثيرا من النشاز الغنائي والتكسيرات الإيقاعية ...وعدتُ لمنزلي مثل كل مرة أذهبُ بها لأي إحتفال وأنا بيني وبين نفسي أقول : شو هذا ولا بحياتي بروح على حفله أصحابها ما بدهمش يعملوا حفله , بس هيك على الضيق ’ يشارك بها نصف أهل البلد , وتستعملُ بها كافة أنواع الأسلحة , وفي النهاية عراك ومشاكل ومخافر (أقسام بوليس) وسين وجيم وفتح محاضر .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات