أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - البصيرة














المزيد.....

البصيرة


عدنان الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


تهشمت نظارتي فوقعت في متاهات العمى, لم احسبها قط مجرد عدسات ولدائن, كنت احترم بصيرتها واعلم يقينا أن ما يقع على شبكية عيني ليس محض حقائق بل انعكاسات للأشياء اجتهدت نظاراتي في تنقيتها و ترشيدها وتزويقها وفي بعض الأحيان تشويهها حسب المقتضى.
كنت أرى من خلالها فقط لأني آمنت بأسلوب تعاطيها مع محيطي, كنت سعيدا بتوافقها مع تقاطيع وجهي, لكن بفقدها فقدت الأشياء وقعها المعتاد, ليتني أعلم سبب انتحار ملهمة رؤيتي المفجع.
في محل صانع النظارات جلست كئيبا في ركن قصي بعيدا عن تجمع الزبائن في واجهة المحل, كانت تحيط بالمكان مرايا عملاقة, كم امقت ارتسام صورتي على صفحة المرايا الكبيرة ليس لأني اكره شكلي بل بسبب تلاعبها بأبعاد الأجسام كيفما تشاء.
مئات من هياكل النظارات فاغرة المحاجر كانت تطل علي كأنها تتوسل لإطلاقها من أقفاصها الزجاجية, هربت ببصري نحو واجهة المحل الرحب لكن من غير فائدة فالمحاجر الفاغرة تحيط بنا من كل الجهات, كم تمنيت مصارحة هذه المحاجر بان بصري لا يقدر على مشاركة أكثر من نظارة بالوقت ذاته.
كان الليل أرخى سدوله فساورني القلق من احتمال تأجيل استلام نظاراتي إلى اليوم التالي, كان احتمالا مزعجا إذ أن بصري لا يقوى على قيادتي نهارا فكيف سيكون حالي لو سرت في هذا الليل البهيم من غير نظارة.
أخيرا جاء الفرج إذ اقبل صاحب المحل وبيده اليمنى نظارتي الجديدة وباليسرى قطعة قماش قطنية, ناولني النظارات ودس قطعة القماش بمحفظة جلدية بنية اللون وقال:
-لا تنسَ وضع نظارتك في هذه المحفظة الجميلة عندما تتحرر منها كيلا تفجع بها سريعا.
- عاشرت النظارات الطبية منذ بواكير شبابي ولم أكسر واحدة قط فلا توصِ حريصا.
- لكنك حطمت الأخيرة!
- لا لم أحطمها, كان حادثا عجيبا, لم أكن أنا احد أسبابه.
- كيف حدث ذلك إذن؟
-كنت أتصفح كتابا مملا وسرعان ما قمت لأعيده إلى المكتبة فانزلقت نظاراتي وارتطمت بالجدار ثم بالبلاط فتهشمت تماما وسط ذهولي التام.
-ما اسم هذا الكتاب الذي حطم نظارتك؟.
- لم يعلق اسمه بذاكرتي, لكن فصوله تتحدث عن الجمال والسلام والقبول بالآخر وتدعو إلى الحوار البناء وما إلى ذلك من المفاهيم الجافة!!
- كن أكثر حذرا في المرة القادمة, والآن جرب نظارتك الجديدة.
- هذه مختلفة قليلا! لكن سأعتاد عليها حتما, فقد تطبّعت على الاتكاء على بصيرة العدسات.

د.عدنان الدراجي
[email protected]



#عدنان_الدراجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندليب المتفائلين
- المذياع
- انتفاخ
- منطق الأمراض
- مواسم الأقنعة
- أسورتك لا بأس بها
- الأستاذ
- عيون
- بشارة سبتمبر
- انزوى صامتا
- احذروا التجهم
- الملجأ
- قيلولة النصر
- هوية
- جسد مجنون
- قصة صولة العواء
- قصة اغتصاب ظل
- صعلكة
- سياحة
- الوطن البكر


المزيد.....




- فيديو.. 24 دقيقة تصفيق لفيلم -صوت هند رجب- في مهرجان فينيسيا ...
- فيلم -صوت هند رجب- يهز مهرجان فينيسيا
- بطل فيلم -صوت هند رجب- يحكي ردود الفعل الغربية
- وزير الثقافة الفلسطيني السابق أنور أبو عيشة: لا حل غير الاعت ...
- خدعوك فقالوا: الهوس بالعمل طريقك الوحيد للنجاح
- بـ24 دقيقة من التصفيق الحار.. -صوت هند رجب- لمخرجة تونسية يه ...
- تصفيق حار استمر لـ 14 دقيقة بعد انتهاء عرض فيلم -صوت هند رجب ...
- -ينعاد عليكم- فيلم عن الكذب في مجتمع تبدو فيه الحقيقة وجهة ن ...
- رشحته تونس للأوسكار.. فيلم -صوت هند رجب- يخطف القلوب في مهرج ...
- تصفيق 22 دقيقة لفيلم يجسد مأساة غزة.. -صوت هند رجب- يهزّ فين ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - البصيرة