أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - انتفاخ














المزيد.....

انتفاخ


عدنان الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2516 - 2009 / 1 / 4 - 04:03
المحور: الادب والفن
    


لم يفلح الماء المنهمر على كفيَّ من فوهة الصنبور الذهبي في إخماد رائحة الطعام العالقة بهما, فاكتفى الماء بمرافقة رغوة الصابون المعطر إلى الحوض الرخامي الموشى بخطوط ذهبية متوازية, نفضت قطرات الماء العالقة بإطراف أصابعي وهممت بالتقاط الفوطة القطنية المعلقة بجوار المرآة الفخمة فلاحت لي أبخرة الطعام تتصاعد من مسامات وجهي لتتجمع فوق هامتي كسحابة بهيئة قبعة عريضة الحاشية.
لم اكترث كثيرا بمخالب السحابة الناشبة في ثآليل مخي الذي خُرّم وتشبع بالعطن منذ أن مُسخت كلماتي, وفي كل الأحوال فان وجعها أيسر من نزف روحي التي ستراق بعد قليل على أحذية الفُتاك.
لا بد لي من حقن جميع تجاويفي بأكبر قدر من الخمور لعلي أنجو من كابوسي المعتاد الذي ما انفك يداهمني بعد كل حفلة من هذا النوع, كنت أرى رأسي سلة نفايات ممتلئة تماما بحروف متفسخة نتنة فأفيق مرعوبا لأهرع إلى حيث افرغ محتويات معدتي.
أخذت موقعي بين زملائي، متحلقين حول انتفاخ التصق بنهايته العليا رأس كأنه نتوء عشوائي تافه, كان الرجل يرحب بنا بصوت أجش وبابتسامة أطفأ توهجها شرر عينيه الماكرتين, تمنى لنا من صميم كرشه سهرة ممتعة في داره العامرة ثم عرج إلى برنامج الحزب في مواجهة أعدائه، والحركة الثورية والعملاء المرتدين من أصحاب الأقلام المارقة وعن واجباتنا الوطنية في مواجهتهم وتشخيصهم.
تحسست بطني الناتئة وأنا انثر على مضيفي سبائك المديح الصدئة فتعالى صراخ زملائي المخمورين مع تصفيق يصم الأذان , أعدت المقطع الأخير تلبية لطلبهم ثم ختمت نفاقي بعهد رق طوقت به عنقي وفاءا للقائد الفذ, كانت النشوة قد أخذت مأخذها من الحضور واهتز كرش مضيفنا إعجابا وسعادة ومضى يجتر بيت شعر من تلك القصائد التي طالما أحرقت في مباخر العهر.
أدلى زملائي بدلائهم في بئر التملق الذي اغترفت منه قبل قليل لكن استجابة مضيفنا المناضل بدأت تخبو تدريجيا فنهض احد شعراء البلاط وتقيأ قصيدة عهر مثقلة بشبق غير معهود أعادت الحماس لمضيفنا المناضل وفجرت عاصفة تصفيق.
تبدد تلعثم مضيفنا فجأة وانطلق من غير انقطاع يروي قصص فتوحاته الجسدية وأحكامه الصائبة عن لذائد الأرداف الثقيلة والشفاه والصدور المكتنزة ثم تحدث عن أصناف اللحوم حسب الفئات العمرية والأجناس المختلفة إلا انه اقتطع وقتا أطول لخصائص الأجساد الغجرية ثم توقف ليشير إلى احد الخدم, غاب الخادم قليلا ليعود برفقة فرقة مؤلفة من خمس فتيات سمان ورجلين.
اشرأبت عيوننا النهمة لنهش اللحوم البيضاء الرخيصة التي كانت تتلوى من غير انسجام مع طرقات (الرق) وزعيق (الربابة) وحمحمة مطربة الفرقة التي أجهدت ردفيها بحركات محورية فاضحة.
-ليتني اعرف الذين فضوا بكارات هؤلاء الفتيات؟
التفت إلى مصدر الصوت فتصادمت عيوننا ببعضها, كان يعرب صديقي الاريب الأديب المرهف الذي هوى به جبنه إلى منزلقنا المشترك هذا.
-يعرب أنت سكران!!
-أرجوك اجبني!
-يعرب ألا تعرفهم حقا؟
-قل أرجوك, سيقتلني الفضول!!
-هم الذين اغتصبوا حروفنا يا يعرب, أعرفتهم الآن؟


د.عدنان الدراجي
[email protected]




#عدنان_الدراجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق الأمراض
- مواسم الأقنعة
- أسورتك لا بأس بها
- الأستاذ
- عيون
- بشارة سبتمبر
- انزوى صامتا
- احذروا التجهم
- الملجأ
- قيلولة النصر
- هوية
- جسد مجنون
- قصة صولة العواء
- قصة اغتصاب ظل
- صعلكة
- سياحة
- الوطن البكر
- نزوة شجرة
- قصة أنفاس الفجر
- قصة رائحة بلدي


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - انتفاخ