|
على هامش إنتخابات مجالس المحافظات
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2547 - 2009 / 2 / 4 - 02:42
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
واخيراً ، جَرتْ الإنتخابات ، بحلوها ومُرها ، بأُمنياتها المُحْبَطة ، بتوقعاتها الخاطئة ، ببعض مفاجآتها التي لم تكن " مفاجأة " ! . " الديمقراطية " هذه الكلمة المُتَداوَلة منذ عشرات السنين ، يبدو ان الطريق اليها طويل ووعر ومُتْعِب . وليس هذا فقط ، بل ونحن ( نَحبو ) نحو الديمقراطية ، ونحن نخطو خطواتنا الاولى ، يظهر انها لن تحظى بمباركةٍ سريعة من الجميع ، فلا زال " الخاسر " عندنا يبحث عن أسبابٍ [ غير ذاتية ] لخسارتهِ ، فالخاسر يعتقد بأنه الأصح والأجدر والأنزه والأكثر شعبية ، ولكن " التزوير والخروقات " هي التي أدت الى حصولهِ على نتائج هزيلة ! - لا أحد يستطيع ان ينكر ، ما لل ( السلطة ) من تأثير كبير ، على كل مُجريات العملية الإنتخابية الاخيرة ، ففي فترة الدعاية الانتخابية ، ظهر جلياً ان " الإمكانيات المادية " المُتاحة ، للقوائم التي [ يرعاها ] مسؤولون كِبار ، تفوق بما لا يُقارَن ، إمكانيات القوائم التي ليس لها رعاة أقوياء في السلطة . وأبرز مثالٍ على ذلك ، إستغلال السيد نوري المالكي لمنصبهِ خيرَ إستغلال . حيث كان ( الوحيد ) الذي يتنقل بين المحافظات العراقية بالطائرة الخاصة المُهداة لهُ بإعتبارهِ رئيساً للحكومة العراقية ، للترويج للإنتخابات بصورةٍ عامة ولقائمتهِ " التي أبدعَ في تسميتها " : إئتلاف دولة القانون . فإسم القائمة مُحايد وليس فيه اي إشارة الى " الإسلام " او " الدين او الطائفة " . حيث ان المالكي وقيادة حزب الدعوة ، إكتشفوا ( مُسْبَقاً ) ، بأن الناخب مّلَ و لم يَعُد يثق كثيراً بالقوائم التي تحمل اسم ، الإسلامي ، او الاسلام ، او الدعوة ، او الشهيد ، بل انه يتوق فعلاً الى دولةٍ يسودها القانون ! ولا أعتقد ان السيد المالكي وَجَدَ صعوبةً في " توفير " الدعم المالي لحملتهِ الإنتخابية . فصُوَره كانت تملأ الساحات والجدران ، والمهرجانات الجماهيرية التي نّظمها في اغلب المدن ، والفضائيات التي يملكها حزبه ، والحمايات الكبيرة " المهيبة " التي تُرافقه في تنقلاته ، كل ذلك حدث بإنسيابية وسلاسة ، لأنهُ كان " يملك " السلطة وبالتالي المال ، وهذان الشيئان ( السلطة والمال ) هما اُس القوة . ( القوة ) التي إستعملها ببراعة من اجل فرض كلمتهِ في العديد من المحافظات ! - كما يقول المثل ، فأن للنجاح الف أب ، بينما الفشل هو لقيطٌ يتبرأ منه الجميع ! فها هو " تحسن الوضع الامني والقضاء على الإرهاب " ، لهُ ألف صاحب ، فالعشائر والقبائل تقول ، نحن فقط الذين قضينا على الارهاب والميليشيات ، ووزيري الدفاع والداخلية يتباريان على نيل شرف الريادة في هذا المضمار ، والامريكان قالوا ، لولانا لما إستطاع العراقيون ان يحسنوا الوضع الامني ، ووزارة الخارجية تقول ، نحن مَنْ ضغطنا على دول الجوار وأقنعناهم بالكف عن مساندة ورعاية الارهاب . وزير المالية يدعي ، ان زيادة الرواتب والاجور بدرجة كبيرة ، هو الذي ادى الى إنحسار الإرهاب . أما نوري المالكي ، فيقول ، ربما أنجز الوزير هذا او ذاك شيئاً هنا اوهناك ولكنهم جميعاً يعملون تحت أُمرتي انا ، ويصّر على انه " هو " قائد الشجعان ومُنّفِذ " صولة الفرسان " ، ومُوّقِع إتفاقية الانسحاب مع الامريكان ! يبدو ان الكثير من الناس يصّدقون المالكي ، وكافأوهُ في الانتخابات الاخيرة بسخاء . - كل السياسيين العراقيين الكِبار ، إنخرطوا في عملية إنتخابات مجالس المحافظات . فمعظم أعضاء مجلس الحكم البريمري ، ورؤساء الوزراء ، علاوي والجعفري والمالكي ، والغالبية العظمى من الوزراء في العهود الثلاثة ، وأعضاء مجلس النواب . كلهم إشتركوا بقوة في الحملة الانتخابية والدعائية لقوائمهم والترويج لبرامجهم . وكلهم تطرقوا الى الفساد وتعهدوا بالقضاء عليه . وكلهم بدون إستثناء قدموا أنفسهم بإعتبارهم نموذجاً للنزاهة والإستقامة والامانة . ولكن المُفارقة هي ان الفساد البالغ الضخامة الذي جرى منذ 2003 ولغاية الان ، حَصَلَ تحت حكُم وسلطة هذه الطبقة السياسية بالذات . فما عدا " ايهم السامرائي " و " حازم الشعلان " الوزيرين في الوزارة الاولى ، والهارِبَين الى الخارج ، ورئيس مجلس محافظة نينوى السابق القابع في السجن لإدانتهِ بالفساد ، وبضعة أنفار آخرين معظمهم في الخارج الان . مَنْ مارسَ الفساد المالي والاداري طيلة هذه السنين ؟ مَنْ أهدرَ مئات المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية ؟ مَنْ هّرَبَ النفط والمشتقات النفطية ؟ مَنْ عَقَدَ صفقات ضخمة مشبوهة ؟ لا أعتقد ان الموظفين الصِغار بإمكانهم او في متناول ايديهم ، القيام بإختلاس او سرقة المليارات . الطامة الكبرى ، هي في كيفية معالجة الفساد والفاسدين . إذ لم يسبق وان حُجِزَتْ أموال احد الذين ثبت عليهم الفساد وسرقة المال العام ، وخصوصاً إذا كان منتمياً الى احد احزاب السلطة . أسوأ ما ينتظر الفاسد او السارق او المختلس ، هو " نقلهِ الى وظيفة اخرى او إحالتهِ على التقاعد " ، وهذا يعني من الناحية العملية ( مكافأة ) المتهم على جريمتهِ التي إقترفها بحق الدولة والمجتمع . عندما يبادر " الفائزون " في إنتخابات مجالس المحافظات الجديدة ، الى تطبيق القانون بحق فاسدي وسُراق المرحلة السابقة ، وإسترجاع المال العام المسروق ، " حتى لو كان الجُناة من نفس احزابهم وكتلهم " ، عند ذاك سيصبح الامل في غدٍ أفضل ، واقعياً وقابلاً للتصديق والتطبيق . - مساء امس وفي برنامج " ساعة حرة " ، سأل مقدم البرنامج سالم مشكور ، سأل القيادي في حزب الدعوة عضو المكتب السياسي صلاح عبد الرزاق : هل تعتقد ان الجماهير ومن خلال النتائج الاولية للإنتخابات ، لم تعد تؤيد الاحزاب الاسلامية كما في السابق ؟ أجاب القيادي : بالعكس ، فكما هو واضح فأننا في قائمة " إئتلاف دولة القانون " حصلنا على اكبر عدد من الاصوات ، وحزب الدعوة الاسلامية هو الذي يقود القائمة . - يعتقد الكثيرون ان المالكي ، لم يكن ليحصل على هذه النسبة العالية من الاصوات ، لو دخل الانتخابات تحت اسم حزب الدعوة الاسلامية ، ولو لم يركز على " فرض القانون في دولة القانون " . التحدي الكبير الان هو ، في تحويل الشعارات الى واقع ملموس . ارى ان المالكي وحزبه ، ينبغي ان لا ينساق وراء نشوة " الإنتصار " الذي حققه . فكلنا نتذكر كلمات " عبد العزيز الحكيم " بُعَيدَ أنتخابات 2005 حيث قال : لقد حققنا فوزاً ساحقاً ماحقاً ... . ينبغي الإبتعاد عن كلمات السحق والمحق . وكما يبدو لحد الان فأن المالكي وقيادة حزب الدعوة ، أكثر حنكةً ودراية ، بحيث لن يقعوا في مثل هذه المطبات التي ربما ستستفز الآخرين . ان التوفيق ما بين تطبيق الدستور ، وإرضاء الشركاء في العملية السياسية ، وتنفيذ الوعود الإنتخابية ، سيكون من اهم المهام الملقاة على عاتق المالكي ، خلال سنة 2009 . فإذا إستطاع فعلاً القيام ولو بجانب مهم من هذه المسؤوليات ، فأنه وحزبهُ يستحقان لعب دورٍ قيادي بعد الانتخابات العامة في مقتبل العام القادم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعارات المالكي .. بين النظرية والتطبيق
-
مليون صوت مُجّيَر مُسبقاً لأحزاب الاسلام السياسي
-
حرب المُلصقات : - مَديونون - و - شنو الداعي ؟ - !
-
- مبايعة - أوباما والدروس المستخلصة
-
القائمة الوطنية العراقية ..تدمير من الداخل
-
دعايات نصف مُغرضة !
-
أهالي ضحايا حلبجة ينتظرون الجواب
-
الإصلاح السياسي في اقليم كردستان .. ضرورة مُلّحة
-
إستثمار نَزْعة العمل الطوعي الجماعي
-
ميزانية 2009 ، تحتَ رحمة سعر برميل النفط
-
شعب غزة .. بين همجية إسرائيل والسلطات المغامرة والفاسدة
-
لِيِكُنْ عيد رأس السنة الإيزيدية ، عطلة رسمية في الاقليم
-
محمود المشهداني ..نهاية مسيرة رَجُل.. بداية مرحلة جديدة
-
إنتخابات مجلس محافظة نينوى .. إضاءة
-
تكافؤ الفرص في إنتخابات مجالس المحافظات
-
علي الدّباغ ومواعيد عرقوب !
-
حذاء خروتشوف وقندرة منتظر الزيدي !
-
في ذكرى تأسيسهِ الثلاثين .. تحية الى pkk
-
عودة العشائرية
-
بين الإصلاح السياسي والإتفاقية
المزيد.....
-
أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع
...
-
فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب
...
-
بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي
...
-
شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته
...
-
علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط
...
-
-تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
-
-ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك
...
-
روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
-
-نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
-
الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان
...
المزيد.....
|