ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 00:42
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تبخرت المصالحة العربية أو كادت كما بشر فسطاط الممانعة ، فلم يمض وقت طويل على إعلانها الذي توجته قمة الكويت الاقتصادية ، لوقف الدم الفلسطيني المسفوح ، إلا وعادت جحافل الممانعين بالتصدي لهذه المصالحة والعمل على إسقاطها ، لكونها لا تخدم المصلحة الإيرانية المتمثلة في زيادة شقة الخلاف بين العرب ، ولأنها ، أي المصالحة ، تقطع الطريق على إيران ، أو قد تكون فاجأت محور الممانعة الذي عدّ العدة جيداً في اجتماع الدوحة الطارئ ، لمواجهة استحقاقات ما بعد الحرب على غزة ، فإذا ظن الممانعين أنهم انتصروا ثانية على إسرائيل ، فالأكيد أنهم أهدروا فرصة ذهبية بتجميدهم المصالحة ، ظناً أنهم الطرف الأقوى الذي لا يستجدي المصالحات من أحد .
كما كان متوقعاً منذ البداية ، تبخرت المصالحة العربية بحسب التعبيرات الدارجة في إعلام دمشق ، رغم الآمال العريضة التي انتابت القيادات العربية ، فإن صيغة البيان الختامي الذي تجنب الخوض في عمق التفاصيل ومحاولة الوقوف عليها ، بددت هذه الآمال وتركت الباب مفتوحاً لعودة الخلافات إلى سابق عهدها .
فأين المصالحة والانقسام في الصف الفلسطيني يتسع مداه يوماً بعد آخر ، وما مدى التزام الأطراف العربية المختلفة بروحية هذه المصالحة وكي لا نقول نصها أو ما انطوت عليه من نقاط بعينها ؟ نستطيع القول إن جهود بناء المصالحة العربية بددتها شكوك الممانعين ، أما حالها فقد ذهبت أدراج الرياح ، وهو ما كان مرجحاً في الأساس ، لكن لماذا جاءت هذه المصالحة في هذا الوقت بالذات ؟ .
سيقول البعض إنها جاءت للتخفيف من هول وفظاعة ما حدث لغزة ؟ قد يكون هذا التصور صحيحاً ، غير أنه ليس كافياً للتدليل على المغزى الحقيقي الذي من أجله انطلقت المصالحة من وحي القمة ، فهل هذه المصالحة ، استباق وتمهيد لآتٍ أعظم بدأت معالمه تلوح في الأفق ؟ يبقى هذا التساؤل في إطار التكهنات المشروعة ، لكنه من المرجح أن يكون أحد الأسباب الجوهرية التي دفعت نحو الإعلان عن المصالحة ، والتي عنت مد اليد للآخر في الوقت الضائع ، قبل انتهاء الجولة الأخيرة من جولات الصراع الصامت بين المعتدلين والمتشددين العرب .
والسؤال الأكثر إلحاحاً ، لماذا لم تصمد المصالحة طويلاً ، ومَن الذي أفشلها ؟ في الواقع ، أن الأساس الذي قامت عليه هذه المصالحة ، مبادرة شخصية ، وبالتالي انطوت على وجهة نظر بحتة في فهمها وقراءتها لواقع الخلافات العربية ، وهو ما سهّل عملية تبخيرها في اللحظات الأولى من انفضاض شمل العرب ، وكأن شيئاً لم يكن ، بالفعل لم يكن ثمة شيء يمكن تصحيحه أو تغييره ، ما لم تتوقف عمليات التصعيد الإقليمي في أكثر من ساحة ، ولن توقفها اللقاءات والمصافحات الودية وحدها.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟